د. مؤيد عبد الستار
يمتد تاريخ العلاقات الاخوية بين الكورد في كوردستان العراق وابناء الوسط والجنوب الى عمق تاريخ بلاد الرافدين ، فالشعب الكوردي كونه من شعوب الشرق الاوسط العريقة كانت تربطه علاقات حميمة بشعوب بلاد الرافدين وعلى الاخص تلك التي ازدهرت بين السومريين والبابليين في الوسط والاراميين في المناطق الاخرى .
وزاد التحام الكورد مع اشقائهم في الوسط والجنوب الظلم الذي تعرضوا له على ايدي الحكومات المتتالية التي حكمت العراق باساليب متخلفة واستبدادية لم تخلف سوى الخراب والدمار على مر العقود التي امتدت بين اعلان العراق دولة عام 1921 وسقوط نظام العصابة الصدامية عام 2003.
ومن بين المآثر التي لن ينساها الشعب الكوردي الموقف التاريخي للمرجعية الشيعية اواسط الستينات من القرن الماضي و التي حرمت في فتوى شهيرة محاربة الكورد فكانت بادرة شجاعة اثبتت عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين العربي في العراق والكوردي في كوردستان .
ومن خلال التغييرات التي حصلت في العراق وسقوط نظام العصابة الصدامية قبل عشر سنوات ، حاولت العديد من الدول الاقليمية والقوى السياسية العراقية تخريب العلاقة التاريخية بين الكورد وعرب وسط وجنوب العراق من اجل مكاسب محلية واستمرار غمط حقوق الشعب الكوردي من خلال نهب ممتلكات الكورد واراضيهم في المناطق التي انتزعتها السلطة الغاشمة لنظام العصابة الصدامية وعلى الاخص في كركوك وديالى ونينوى ، والاستمرار في تجاهل الحقائق التاريخية التي تثبت حقوق الشعب الكوردي في مناطق كوردستان التي عربت وهجر اهلها وسكانها الاصليين واستولت عصابة الطغمة الحاكمة على بيوتهم واموالهم واراضيهم .
لا مناص من الاعتراف بما شاب العملية السياسية خلال العشر سنوات الماضية من سلبيات ومنها ما عكر صفو العلاقات بين المركز والاقليم ، اذ نشبت العديد من الخلافات حول مجموعة من القضايا المتشابكة مثل الميزانية والنسبة التي يستحقها الكورد منها ، رواتب البيشمركة ، قانون النفط والغاز ، استخراج وتصدير النفط ، واخيرا وليس آخرا المماطلة في تنفيذ المادة 140 .. الخ
ان تراكم الخلافات بين المركز والاقليم وعدم السعي الى معالجة الاشكالات بصورة جادة ، والتعويل على تراخي المطالب باطالة امد المشاكل ، تسبب في ازدياد الجفاء بين المركز والاقليم وانعكس على العلاقة الحميمة التي كانت بين رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ورئيس الاقليم السيد مسعود البرزاني ، حتى توفرت الفرصة اخيرا بالرغبة في اعادة المياه الى مجاريها من خلال عقد جلسة لمجلس الوزراء في اربيل بحضور قادة الاقليم ناجيرفان البرزاني وعماد احمد ، على امل ان يلتقي المالكي والبارزاني بهذه المناسبة في لقاء تاريخي يساهم في ازالة كتل الجليد التي جمدت العلاقات بين المركز والاقليم .
لا يخفى ان بعض الدول الاقليمية و القوى السياسية المحلية تحاول اذكاء نار الخلافات بين المركز والاقليم وعرقلة عقد اللقاء المرتقب بين المالكي والبارزاني ، فانطلقت التصريحات التي تحاول القاء الحجارة في المياه الجارية لتعكير صفوها وقطع الطريق على عودة المياه الى مجاريها ، والتلميح الى ان البرزاني سوف لن يستقبل المالكي، وفي الوقت نفسه يطالبون المالكي بعدم تقديم الامتيازات او التنازلات للاقليم في محاولة يائسة لابقاء العلاقات متوترة بين المركز والاقليم ، ومن المؤكد ان هذه الالاعيب لن تمر على الطرفين سواء حكومة السيد رئيس الوزراء المالكي او حكومة الاقليم ورئيسها البارزاني .
وارى ان السيد مسعود البارزاني سوف يستقبل السيد نوري المالكي بكامل تقاليد الضيافة الكوردية التي اعتادت اسرة البارزاني على الالتزام بها رغم الظروف الصعبة التي مرت عليها منذ ارسى اسسها في السياسة الزعيم الخالد مصطفى البارزاني .
793 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع