اسماعيل مصطفى
عندما تتشابك الخيوط
تفرز تعقيدات الحياة أزمات متعددة في مجالات مختلفة نتيجة تضارب الآراء تارة والاختلاف في طريقة مواجهة التداعيات تارة أخرى.. وعندما يحصل هذا التعقيد وتتشابك الخيوط إلى درجة يصعب معها التوصل إلى حلّ للأزمة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو في غير ذلك من المجالات تبرز أمامنا عدّة خيارات لابدّ من الأخذ بأحدها كي لا تبقى الأزمة تراوح مكانها من جانب، ولكي ننتقل إلى مرحلة أخرى يفرضها الواقع لمواجهة أزمات من نوع آخر في ذات الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وغير ذلك.
لتوضيح ما قصدناه نضرب مثالاً من الواقع الاجتماعي المرتبط بأزمة مالية واقتصادية معيّنة والتي نجمت بدورها في أغلب الأحيان عن أزمة سياسية أو أمنية أو أي أزمة أخرى نتيجة الاضطرابات التي تعيشها الدولة وما يصاحب ذلك من تخبط في اتخاذ القرارات وفشل في تحديد الأولويات وتلكؤ في تنفيذ الإجراءات المطلوبة لتسوية الأمر والخروج بنتائج طيبة تحول دون تفاقم التحديات من جهة وتقود للتوصل إلى منظومة قيمية وإدارية قادرة على استيعاب أي طارئ قد تفرزه الأحداث المستقبلية ونؤكد هنا على ضرورة أن تتمتع الحلول بديناميكية عالية تفضي إلى حلحلة التعقيدات بانسيابية عالية دون الاضطرار لهدر مزيد من الوقت والجهد والذي ربّما يؤدي بدوره إلى مزيد من عدم الوضوح في رؤية الهدف المراد تحقيقه والذي ينبغي أن ينطوي على نتائج إيجابية تأخذ بالحسبان الظروف الموضوعية التي نشأت فيها الأزمة وكذلك التطورات والتداعيات التي فرضت نفسها خلال وقت معالجة الأزمة.
من خلال ما تقدم نود التأكيد على حقيقة مفادها أن تطويق أي أزمة واختزال أضرارها إلى أقل حدّ ممكن يتطلب توفر عاملين؛ الأول يكمن في فهم الاسباب التي أدت إلى ظهور الأزمة، والثاني: السبل الكفيلة بمعالجة الأزمة بشكل يضمن عدم اتساع نطاقها فضلاً عمّا ينبغي من ضرورة أن تكون الحلول المطروحة مستندة إلى مقدمات ومعطيات علمية صحيحة ورؤى عملية ناضجة تحول دون بروز آثار سلبية لا يمكن تجاوزها بسهولة وقد تؤول إلى تشابك الخيوط أكثر من السابق وحينها تعود الأزمة إلى ما قبل المربع الأول ويصعب بعدها إيجاد تسوية لهذه الأزمة خصوصاً أذا تدخلت فيها أطراف غير نزيهة تتصيد في الماء العكر لتحقيق أغراض فئوية أو مآرب شخصية لا علاقة لها بالهدف المنشود لا من بعيد ولا من قريب وهذا يمثل بحدّ ذاته مشكلة اضافية تزيد من حدّة الأزمة ولن يسهم في توفير أجواء طيبة للخروج منها بحلول مقبولة وسليمة بعيداً عن أي ملابسات ومنغصات لا تخدمنا في تفكيك الخيوط المتشابكة خصوصاً في حال ضياع الخيط الأصلي الذي يقود عادة إلى معرفة الطريقة الصحيحة لإنهاء هذا التشابك المربك في أسرع وقت وبأقل مستوى من الخسائر على كافّة الأصعدة.
ملاحظة: كتبت هذا الموضوع في إطار الجهود المبذولة لتسوية الأزمات التي نعاني منها منذ زمن طويل وفي كافة المجالات دون بصيص أمل ودون أن تلوح في الأفق أي بوادر إيجابية لحلحلة هذه الأزمات بطرق سليمة تجنبنا مخاطر الانزلاق في متاهات وظلمات لا يُعلَم مداها كما حصل في السابق للأسف الشديد.
816 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع