د. فاضل البدراني*
لا مبرر للتأخير
لأجل كل هذا التأخير اندفعت للكتابة عن الإشكالية التي جعلت العراق لحد الآن، يسابق الأقوياء بالتصريحات، لكنه يتأرجح عنهم بالفعل الملموس، وهذا ما لا نرتضيه، فبلادنا دولة كبيرة وعريقة، وكثير من الناس تتساءل إن كان السبب يكمن في محددات مادية أو لوجستية أو ضعف في التعاملات الدولية، وفي بداية كل شهر يكون الموعد في منتصف، وعند حلول المنتصف، يتم ترحيله الى نهايته، وحتى يومنا هذا.
في آخر تصريح للحكومة العراقية عقب الاجتماع الأسبوعي لها في 22 شباط الحالي، أعلنت عن تخويل منحته لوزارة الصحة بالتعاقد مع شركة "سينوفارم " لتوفير كميات كافية من لقاح كورونا، وان كميات اللقاح ستأتي تباعاً وليست على دفعة واحدة. لكن الذهنية العراقية ترى بأن ذلك قد يكون موعدا غير ثابت بل وغير دقيق، فتصريحات من هذا القبيل طالعتنا بها وسائل الاعلام نقلا عن مصادر حكومية، وأولها ما حصل في 12 كانون الأول 2020 عندما كشفت الحكومة بانها حجزت 8 ملايين جرعة من لقاح شركة " أسترازينيكا " ضد كورونا، ثم رصدنا على شاكلتها، لكن بتاريخ مختلف ونوع مختلف عندما ذكرت وزارة الصحة في 10 /1/2021، أن لقاح كورونا يصل إلى البلاد مطلع الشهر المقبل (شباط)، وحددت بأن كوادر شركة "فايزر" المصنعة للقاح ستتبنى عملية تدريب الملاكات الصحية للوزارة على طرق اللقاح، ولن نكتفي عند هذا القدر من الكم الهائل للتصريحات، ففي 22 كانون الأول أفصحت الوزارة عن أجندة نشاطها بتوقيع اتفاق أولي للحصول على 1.5 مليون جرعة من لقاح "فايزر- بيونتينك" المضاد لكورونا.
لحد هذه اللحظة وبغض النظر عن كمياته وأنواعه أو مصادره، فالتلقيح مازلنا نسمع به ولن نتلقح به، وهو عبارة عن تصريحات تخدير للناس لا أكثر ولا أقل، في حين لو أجرينا مقارنة لأقرب دولة تتشابه معها بلادنا في كثير من التفاصيل العامة كدولة عربية وهي الأردن، لكننا نختلف عنها من حيث أن عدد سكان بلادنا 40 مليون في حين يبلغ تعداد سكانها 10 مليون، وموازنة بلادنا لعام 2020 بلغت 112 مليار دولار، أما هي فتبلغ 14 مليار دولار، لكن أول تلقيح يحصل عندها في 13 يناير / كانون الثاني 2021 بلقاحي "فايزر" و"سينوفارم"، في حملة استهدفت كبار السن والكوادر الطبية.
وحيال هذا السرد، نرى بانه إذا كانت المعوقات مالية فالعذر مرفوض، لأن الأولويات الصحية وحياة الناس تتراجع أمامها قيمة المال، واذا كانت المعضلة تكمن في ضعف تعاملات وعلاقات العراق مع الشركات العالمية، فهذا مؤشر مرفوض أيضا، فالدول تتعامل عبر شركاتها ومؤسساتها مع نظيراتها عبر بروتوكولات راسخة، ببعد زمني طويل تعكس رصيدا من الخبرات والتجارب التي تذلل المعوقات، وانقل راي الشارع العراقي الذي يعزو ذلك الى انه التخبط الحكومي واللامبالاة بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية ،، ومع ذلك نكرر متى يأتينا اللقاح ؟.
*كاتب وأكاديمي عراقي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
903 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع