جابر رسول الجابري
قصة قصيرة بعنوان : الصرح المهجور
سأقصُ عليكُم نبأَ صَرحٍ مطمور
هدَّهُ زِلزالٌ فدُفنَ بين الصخور
فكما التوراة كُتبت بقلمٍ معزور
نُقِشت قِصتهُ على مرّ العُصور
عن أرضٍ رحيقُ تُرابها الكافور
و ماءُ و خضراءُ والطلعُ مَٰوفور
و نخلٌ شاهقٌ والنهرُ و الناعور
وَطَنينَّ النحلِ غنت له الطُيور
و للتاريخ مَهدٌ و فيه فارَ التنور
به الطوفان و بابل ونمرود أور
وما كان لنبيٍ إلا و لهُ فيهِ جُذور
خطَّ الحرفَ ثُم كلمة ثم سُطور
ثُم إستوى فقصَها بلوحٍ منشور
و من طينهِ إبتَنى الهيكلَ الزَقور
فتجلى عَظيماً لهُ مُدنٌ و قُصور
وأَمسى مَلحمةً و صَرحاً مَذكور
على شفا حدودهِ تُذكّى النُذور
ثم بغى وتمادى وإمتطاهُ غرور
فتردّى و وَهنَ فأصابه الضُمور
و في غفلةٍ هجمت عليهِ نسور
فلا صريخَ لهُ أو لنصرتهِ حُضور
فإستباحت رُباهُ ومقيداً مأسور
و راحت غربانَ الفتنةِ به تحور
و الناس به يميناً و شِمالاً تَمور
و هُدِّمت مدنٌ و دارٌ به مَهجور
و بات العزيزُ فيه طريداً مقهور
وأضحى غوغائهُ سيداً وحَصور
و اللصُ بأموال آلهِ غنياً ميسور
و إمتلأت أرضهُ الخرابَ والقبور
وغدا الدِينُ سيفاً في ظُلمٍ يَجور
و الجهلُ سطا المحرابَ و السور
فما بقي النخلُ غير خَمطٍ منثور
وما بقيت دارُ إلا وبها ويلٌ وثُبور
وغير سديمٍ طغى نبضَ الصدور
ووطنٍ فتته محتلٌ فباتَ مهجور
عسى أَن يَفور تارةً أُخرى التَنور
*******
الخامس والعشرون من شباط 2021
1086 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع