محمد حسين الداغستاني
عام جديد خال من الانتهاكات ضد الصحفيين
استبشر الصحفيون خيراَ عندما أقر البرلمان العراقي بعد جهد جهيد قانون حقوق الصحفيين رقم 21. لسنة 2011. لما احتوته من مواد مهمة خاصة تلك التي تقضي بإلتزام دوائر الدولة بتقديم التسهيلات للصحفي لإداء عمله ، وضمان حقه في الحصول على المعلومة، وعدم مساءلته عما يبدي من آراء، وعدم التعرض لأدوات عمله ومعاقبة كل من يعتدي عليه أثناء أدائه لعمله.
بعد مرور عشرة أعوام على تشريع القانون فلا يزال تطبيقه يصادف صعوبات وعراقيل جدية ، فهناك غياب تام لحماية الدولة للصحفيين، ووقوفها دون حول ولا قوة أمام الانتهاكات التي تطالهم وخاصة المستقلين منهم والذين يبدون آراءً قد تخالف قناعات الجهات المهيمنة على الوضع العام مما يمنح صحافة الحكومة والأحزاب والتيارات فرصة الأستفراد بالمواطن وضخ سيل من الآراء والأفكار والأخبار والتقارير المنحازة للعقائد أو البرامج السياسية التي تتبناها مقابل قمع الرأي الآخر ، وحرمان الصحفي من بيئة آمنة لممارسة وظيفته المهنية والقيام بدوره الرقابي والنهوض بمسؤوليته التأريخية تجاه شعبه .
وبإستعراض واقع الصحافة والاعلام في العراق خلال العام المنصرم فإنه وفق التقريرالسنوي للمنظمة الدولية (مراسلون بلا حدود) الصادر في 14 كانون الأول 2020 فإن التصنيف العالمي لحرية الصحافة أدرج العراق في المركز 162 (من بين 180) دولة ، كما أكد التقرير ذاته على كون العراق واحداً من أخطر خمسة بلدان في العالم بالنسبة للصحفيين إضافة إلى المكسيك وأفغانستان والهند وباكستان ، كما أكد المرصد العراقي للحريات الصحفية في نقابة الصحفيين العراقيين مصرع إثنين من الصحفيين في البصرة برصاص مسلحين مجهولين فيما لا يزال مصير عدد من الصحفيين المخطوفين مجهولاً وهذا مجرد غيض من فيض لعدم إتساع المجال لسرد كل الانتهاكات، ومع ذلك فإن ما تم ذكره يشكل محصلة مؤسفة تبين جسامة الانتهاكات التي مورست في العام المنصرم ضد الصحفيين فضلاَ عن تفاقم حالات الاعتداء الجسدي عليهم وتحطيم أدوات عملهم واختطافهم أو تهديدهم وحرق ومهاجمة المؤسسات الصحفية والإعلامية المختلفة التي يعملون فيها ، وكتم الأصوات الداعية إلى محاربة الفساد وإنتشال الدولة من أزماتها بل وحتى إغتيال العديد منهم تحت مبررات مختلفة من قبل جهات مجهولة (معروفة) .. وقد تصاعدت هذه المظاهر مع إشتداد التظاهرات الشعبية ضد الفساد وإهدار المال العام والمطالبة بضرورة تأمين فرص التعبير الحر والمستقل للصحفيين والجدية في ملاحقة الجناة والمعتدين واعتماد الحزم لوقف العنف ضدهم بكافة أشكاله وتوجيه القضاء للإعلان عن نتائج التحقيقات القضائية المتعلقة بالكشف عن قتلة الصحفيين والجهات التي تقف وراء تغييبهم عن ساحات عملهم بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في الأول من تشرين الأول من العام 2019.
ان الحكومة العراقية مع الدخول إلى العام الجديد، تواجه إختباراَ حقيقياَ لمصداقيتها
ومزاعمها الخاصة بحرصها على توفير الأمن والأمان والاستقرار للمواطن العراقي و للمجتمع، وعليها بهذا الشأن أن تتعامل بصدق وحرص مع أهمية وقف الانتهاكات ضد الصحفيين ومؤسساتهم . وإعادة الروح الى قانون حقوق الصحفيين ، والمبادرة إلى تشكيل هيئة مستقلة للصحافة والاعلام، تتولى توفير كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي للصحفي لكي تؤمن ديمومة وإستمرار وسائل إعلامية وطنية، وحيادية، ونزيهة لا صلة لها بالمحاصصة وهيمنة الاحزاب والتيارات وذلك لكي توفر للمواطن حق الاطلاع على الحقيقة من خلال افساح أجواء الحرية وإحترام الرأي الآخر في سياق التأكيد علي حرية التعبير، والعمل على ترجمة تطلعات الناس المشروعة، ووضع المعالجات الحاسمة لمشاكلهم واحتياجاتهم وهمومهم المتراكمة .
قد لا يختلف عامنا الجديد عن سابقاته فيما يتعلق بإستمرار الانتهاكات ضد الصحفيين إن لم يكن أسوء ، وقد يكون أمنياتي في أفضل الأحوال مجرد حلم، لكن ليس على الحلم ضريبة !!
3400 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع