من يحلٌ الفزورة: حشدنا أم حشدهم؟

                                                     

                             علي الكاش

من يحلٌ الفزورة: حشدنا أم حشدهم؟

أنشد الفضل العبَّاسي اللهبي:

لَا تَطْمَعُوْا أَنْ تُهينونَا وَنكرِمَكُمْ ... وَأَنْ نكُفَّ الأَذى عَنْكم وتؤْذُوْنَا
( ديوان الفضل اللهبي/42).
لا نريد رفع سقف التوقعات حول دور ايران في تحقيق الأمن والإستقرار في المنطقة فقد عبر عنها المرشد الايراني الخامنئي بوضوح مؤخرا بقوله" ان حضور ايران الأقليمي في المنطقة مهم ولن يتوقف، وان سياسات ايران في المنطقة لن تتغير". يعني إستمرار الأمن والإستقرار في المنطقة على حد تعبيره. واستطرد " ان لإيران إلتزامات بدعم حلفائها في المنطقة، وان تواجدها الإقليمي الغرض منه تعزيز الثبات والإستقرار في المنطقة".
أما الدعم فيقصد به دعم الميليشيات الإرهابية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهي الدويلات الخاضعة لنفوذه، وهذا ما كشف عنه (رحيم صفوي) المستشار العسكر للخامنئي، في حديثة عن أرث المقبور سليماني في المنطقة " يتمثل الأرث السليماني بإنشاء (82) لواء في سوريا والعراق، في سوريا فقط (70000) ألف مقاتل، من قوات التعبئة الشعبية السورية". وهي القوات التي تتلقى صفعات اسبوعية من اسرائيل، ولا تستطيع ان ترد، لا هي ولا مؤسسها الخامنئي، مجرد ترديد الإسطوانة المشروخة (سنرد في الزمان والمكان المناسبين). الغريب في الأمر ان ذيول ايران ينهقون بهذه الإسطوانة أكثر من المسؤولين الإيرانيين أنفسهم، اليس من الغرابة أن يدافع الوكيل بشراسة عن مصالح الأصيل؟ وأن يكون دور الذيل أكبر من دور الرأس، حالة فريدة فعلا. عملاء الولي الفقيه عملاء من طراز خاص فعلا.
الولايات المتحدة واسرائيل توجهان ضربات تحت الحزام لإيران، وايران تهدد دول الخليج العربي، ويهين الشيطان الأكبر واسرئيل زعماء ايران، فتلعق الإهانات، وتتقيأ بأهانات على زعماء دول الخليج العربي. بمعنى ان دول الخليج هم أعداء ايران وليس الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل، وهذا ما عبر عنه الإرهابي المقبور ابو مهدي المهندس، عندما سأله مراسل ايراني عن الإنتصار القادم على اسرائيل، فأجابه، بل الإنتصار على السعودية. كلام واضح. لكن المفاجأة ان الذيل المقبور تمنى ان تدفن فطيسته في ايران، لكن ايران رفضت، لأنه لا مكان للعملاء وحتى ان عملوا لصالح ايران، هذه رسالة واضحة لذيول ايران في الدويلات الأربع الخاضعة للولي السفيه.
استطرد صفوي" ان ايران انشأت مدرسة سليماني في المنطقة"، بالطبع هي مدرسة حقيقة، لدراسة وتخريج الإرهابيين الدوليين، وكوادرها العلمية مختصة بعلوم التفجير، والإغتيال والإختطاف، وقمع التظاهرات، و انشاء السجون السرية، وطرق السيطرة على القضاء، وفنون تركيع الشعب عبر القمع، وأفضل الأساليب التزوير والرشاوي، ووسائل وتمويل وتسليح الميليشيات وعلوم أخرى ذات صلة بالإرهاب الدولي. من الحري ان تسمى (مدرسة سليماني لإعداد الإرهابيين). مما لا شك فيه إن تنظيم القاعدة والدواعش والحشد الشعبي وحزب الله اللبناني والحوثيين والشبيحة السوريين هم من خريجي المدرسة السليمانية.
لكن بعد أن قُبر مدير المدرسة الفريق سليماني، يبدو ان المدير الجديد إسماعيل آقاني غير قادر على ضبط كلابه (قصدت طلابه، ولكنه خطأ طباعي، ووجدت انه لا يغير كثيرا من المعنى فأبقيته، مع الإعتذار للكلاب غير المسعورة). لذا تلاحظهم يتصرفون دون الرجوع لمدير المدرسة، بل يتصرفون عكس توجيهاته تماما، كما حصل في الهجوم الصاروخي الأخير على السفارة الامريكية، بعد ان أمرهم المدير بالهدنة، لحين إنتهاء رئاسة ترامب، وتسلم بايدن منصب الشيطان الأكبر.
الحقيقة لا المرشد ولا مستشاره صفوي أتوا بشيء جديد، فزعماء الميليشيات أنفسهم يعلنون بكل وقاحة انهم أذرع للخامنئي، وولائهم المطلق لإيران وليس لأوطانهم، وهم لا يجدون حرجا، عندما يعلن المسؤولون الايرانيون عن ولاء هذه الميليشيات لإيران، بل يتفاخرون بها، كما تتفاخر البغي بكثرة زبائنها.
وغالبا عندما يتحدث المسؤولون الإيرانيون عن الحشد الشعبي في العراق، يقولون (حشدنا) وهذا ما عبر عنه مرارا وتكرارا السفير الايراني في العراق، وأخيرا صرح المتحدث باسم الخارجية الايرانية (سعيد خطيب زادة) في 11/1/2021 "من غير المرجح أن تترك الإدارة الأمريكية المفلسة إرثا آخر في الأيام الاخيرة، هذه الاجراءات مدانة، الاجراء الأمريكي ضد انصار الله وفالح الفياض قائد الحشد الإيراني المقاوم واحد سيوف خامئني لتحرير القدس والعراق من الاحتلال الامريكي الصهيوني.ان استهداف رئيس حشدنا الشعبي بهذه الطريقة من قبل الولايات المتحدة ليس مدان فحسب، بل إنه محكوم عليه بالفشل ايضا".
انه فعلا حشد السفارة، وليس حشد العراق، مع ان الحكومة العراقية وذيول ايران وابواقعها يزعمون ان الحشد عراقي، والايرانيون يزعمون ان الحشد ايران، الحقيقة هي ما يقوله الإيرانيون وليس الذيول العراقيين.
غالبا ما يصف زعماء الميليشيات الولائية ثوار تشرين بأنهم أبناء السفارات، علما ان زعماء العراق بلا استثناء هم من ابناء السفارات خلال المعارضة وبعد ان تسلموا الحكم من المحتل الامريكي، وكان السفراء الأمريكان هم من يعطونهم الأوامر، وكان الواحد منهم يتشرف بأن ينزل الى اقدام السفير الامريكي ويمسح حذائه، وربما وضعه فوق عمامته ان كان من رجال الدين، فحذاء بريمر كان مقدسا، ويتعاملون معه كتاج رأس. اما العلمانيين منهم فيكتفوا بتقبيل حذائه والتبرك به. كانوا أشبه بذي الحمار" كان للأسود العنسي الكذاب المتنبئ حمارا أسودا معلما يقول له: اسجد لربك، فيسجد له، ويقول له: ابرك، فيبرك". (القاموس المحيط2/13).
ان جميع من حكم العراق هم من أبناء السفارتين، فقبل الإحتلال كانوا من ابناء السفارات الامريكية والأوربية والسورية وغيرها، وبعد الإحتلال غيروا وجهتهم الى السفارة الإيرانية، كانوا ومازالوا وسيبقوا ابناء سفارات.
كلمة أخيرة
قيل التأريخ يعيد نفسه، وبصور أخرى، قال عباس العزاوي عن أحداث عام 1916" انهمك والي بغداد خليل بك انهماكا شائنا في بعض المومسات فتسلطت عليه، وسلبته لبّه، أو أنها ألهته عن الأمر المهم، وشاع أنه قال لها: أنا قائد الجبهة وأنت الحاكم المطلق عليٌ". (تأريخ العراق بين احتلالين8/350). لو استبدت الوالي برئيس الحكومة العراقية، والمومس بالوليه الفقيه، والجبهة بمحور المقاومة، لتوضحت الرؤية.

     

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

869 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع