د. فاضل البدراني
العراق في عهد بايدن
ثمة من يطرح سؤالا منطقيا بشأن مستقبل العلاقة التي تربط العراق بالولايات المتحدة الأميركية بعد 20 كانون الثاني المقبل عندما يتولى إدارة البيت الأبيض الرئيس المنتخب جو بايدن، هل سيتخذ العراق ذات الاستراتيجية التي كانت سائدة في السنوات الأربع الماضية، أم سيختار سياسة أكثر دينامية تحقق قفزات نوعية تنعكس إيجابا على الواقع العراقي؟ هذه نقاط أساسية تشكل تساؤلات ملحة على بغداد لكي تتدبر أمر صياغة علاقتها وبما يبدل الحال العراقي الذي يشهد تعقيدا في ملفات عدة منها الاقتصاد والأمن والخدمات.
من المؤكد أن دارة الرئيس المنتخب جو بايدن تختلف كثيرا عن إدارة ترامب من حيث فهم الأول لطبيعة العلاقات والمصالح الأميركية مع بلدان العالم ومنها العراق وخبراته السياسية المتراكمة في السياسات الدولية، حيث كان المسؤول عن ملف العراق عندما كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، وصحيح أن الولايات الأميركية تمثل منظومة مؤسسات حكومية تشاطرها الخبرات منظمات وهيئات ومراكز أبحاث وشركات خاصة، وكلها تنظر لحجم المهام والمسؤوليات الجسام التي تهتم بها على مستوى العالم الجيو استراتيجي والمستوى الأميركي الجيو سياسي، وبالتالي تجعل الرئيس يشكل حصة محدودة من سياسات البلاد العامة، تقدر ب 20 % تعكس سياسة الرئيس والحزب الذي ينتمي له، لكن هذه السياسات الأميركية المؤسساتية وسياسات الرئيس وحزبه الحاكم بمجملها تشكل أيضا فاعلا مهما في العلاقات الدولية، يتطلب من الدول المرتبطة بها أن تمارس دورا فاعلا في كسب صداقتها، فأميركا بالنهاية تؤثر ولا تتأثر .
ويشير واقع العراق الحالي الى انه بلد مفكك ووضعه مقلق، يعاني جملة اختلالات وأزمات منها تدخلات خارجية وضعف في الإدارات المحلية في أغلب مؤسساته، والقوى السياسية فيه تتبنى منذ 17 عاما سياسة المحاور كونها وليدة هذه الحالة المرتبكة، وعليه ينبغي على الفاعل السياسي العراقي ان يغادر ثقافة الماضي الضعيفة وينطلق برؤية جديدة تكون ضمن أولوياتها المصلحة الوطنية، وأفضل وقت مناسب للبدء بهذه الخطوة ان تكون مع بداية إدارة بايدن واتخاذها كمرحلة جديدة للعمل الوطني العراقي.
وهذا التوجه الجديد يحتاج أن تسبقه خطوة تأهيلية للقوى السياسية تفضي الى خلق حالة من الانسجام والتفاهم مع بعضها بعض، على أن تغيب التصريحات الاستفزازية عن المشهد السياسي والإعلامي التي اعتدنا ان نسمعها من شخصيات ليس من مسؤولياتها الادلاء بها، وترك الامور الى الجهات المعنية بما يتعلق بصياغة علاقات العراق الخارجية بالعالم الخارجي بما فيها الولايات المتحدة التي لن تتأثر من حالة التشنج بقدر ما تراقبها وتبني عليها توجهات ومواقف مؤثرة ومضرة بمصالح العراق، بينما نحن بأمس الحاجة لمشروعات استثمارية كبيرة تساهم في خفض نسبة الفقر بين اوساط الشعب التي هي حاليا أكثر من 30 بالمئة ،وتوفير فرص عمل لاستقطاب الطاقات الشبابية، ويقينا ان الفريق الرئاسي العراقي معني بتحمل مسؤولية صياغة علاقة العراق بالولايات المتحدة، بالطريقة التي تخدمنا في المرحلة المقبلة ،فبلادنا ليس لها خيار سوى تحسين علاقاتها الخارجية مع العالم، ومنها الولايات المتحدة في عهد الرئيس القادم للبيض الأبيض جو بايدن ،وهي آخر الفرص، فواشنطن تؤثر بالواقع العراقي ايجابا وسلبا ،ولا تتأثر من سوء التعامل معها.
1054 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع