الكويتيون قصارالنظر..الذئب لن يموت

                                  

                        صبري الربيعي

سؤال جدير بالإهتمام نجد أنفسنا بحاجة الى طرحه , وربما يعتبره البعض ثانويا , في خضم ظروف تسيل فيها دماء العراقيين, وتتعرض خلالها وحدة البلاد الى التشظي  , والخضوع لسياسة (التقسيم الناعم)التي أشرنا اليها أكثر من مرة ,المعتمدة من قبل (اليمين الأمريكي) و(اسرائيل) بالتعاون مع دول اقليمية , وبأيدي عراقية عربية وكردية  مدفوعة بشهوة السلطة والمال , ورؤية الذات على غير ماهي عليه من الدونية !

لم نلتفت حقيقة الى  القضية القديمة المتجددة , وأعني بها ( تحطيم) العراق بأيادي كويتية..واذا كان العراق الدولة والإرادة الشعبية قد ارتأى السكوت على مضض , حيال أستمرار الحكومة الكويتية في منهج ابتزاز العراق , واستغلال القرار الدولي الظالم المتعلق بترسيم الحدود والتعويضات الخرافية ,فإن الأمر لايخلو من الغام صنعتها وتصنعها السياسة الكويتية , التي بجد المراقبون انها تنظرب( ازورار) الى قضية العلاقة مع العراق , ويتمثل ذلك في اصرار الحكومة الكويتية انطلاقا من (طبع) الطمع المتجذر في الشخصية الكويتية , الذي (عجن) بحقد عميق , كان خوفا ورهبة, من كل شيء يتعلق بالعراق في مختلف الظروف السياسية , ليتحول الى حقد وكراهية , تجدها تطل بأعناقها من خلال جميع القرارات التي اتخذتها ونفذتها وتتخذها الحكومة الكويتية . ابتداء من ممارساتها في استغلال ظروف (الحرب العراقية الإيرانية) المؤسسة لجميع  التطورات اللاحقة ..ففي الوقت الذي خصصت فيه (الكويت) 10%من عائداتها البترولية ( وهو مايوضع في صندوق الأجيال القادمة)  , من أجل تغطية جانب مهم من تكاليف الحرب ضد (ايران) لتفادي امتدادها العقائدي في (تصدير) الثورة , كانت  أجهزة حفر الآبار النفطية المائلة , تنشط وتعمل ل(شفط) النفط العراقي من حقول (الرميلة) , وغير ها من الحقول في المناطق الحدودية,  والتي كانت أحدى النقاط الأساسية المثارة من قبل النظام  السابق ضد (الكويت ) ,باعتبارها سببا رئيسا لإحتلاله , وتصعيد مسلسل برنامج تدمير القدرات العراقية كافة .

وعندما وجد أمير (الكويت) السابق, وخلفه الأمير صباح الأحمد الحالي وبعض الشخصيات الكويتية قصيرة النظر , أن بين ايديهم قرارات تخيلوا أنها ستقصم ظهر العراق , مارسوا (أخس) مستوى من الممارسات المشروعة وغير المشروعة لإضعاف العراق , وتهيئته لمشروع الإحتلال الأمريكي الغاشم , فسخرت مياهها الإقليمية , وفتحت حدودها لتدفق واقامة وانطلاق القوات الأمريكية وتحالفها ,لإحتلال بلد عربي طالما تباهوا (ظاهريا ونفاقا له) بعزه ومجده وشجاعة أهله ,على وفق المثل العراقي ( الكرعة تتباها بشعر أختها ) , رغم دعاوى (تحرير العراق من ديكتاتورية صدام حسين ) الذي (شتتهم خير مشتت) لتسعة أشهر, تذوقوا خلالها مرارة اللجوء والضياع ,وكان لهم الحظ في وجود ارادة (امبريالية) كالولايات المتحدة الامريكية ,التي خاضت الحرب ضد العراق بمشاركة انظمة عربية  فقدت قرارها المستقل أسقطتها شعوبها في مصر وتونس وسوريا (على الطريق الوعر), واخرى تعلقت بذيول الأمن الإقليمي.

ونقول ..منذ عشر سنوات مضت ..سقط نظام صدام حسين (المعادي للكويت)..وبدأت مرحلة سياسية جديدة , ووجد الشعب العراقي فيها نفسه أمام مهمة بناء البلاد المدمرة , بفعل ذلك الإحتلال الفريد, رغم التقاطعات والخلافات بين السياسيين العراقيين, المدفوعون في غالبيتهم من قبل دول الجوار ودول الإقليم..ولم  يعد (الجيش السادس) في العالم يهدد(الكويت),  حيث جاءت حكومات من بين أعضاءها وزراء  ونواب , يحملون الجنسية الكويتية , أعدتهم (الكويت) لمثل هذه الأيام  ..فمن اين يأتي (الخطر الذي تتصوره (الكويت ) من العراق ؟

إذن الأمر ببساطة , وعلى الكويتيين الإعتراف بتلك الحقيقة بشجاعة ..أنهم يعملون من اجل رؤية عراق فقير متشظ  , لاتتوفر له مقومات الدولة الحديثة ..ويحار المرء في تفسير ذلك ! صحيح ان صراعات الدول المتجاورة قديما وحديثا ترتكز على رؤية (سايكولوجية الدولة الأقوى) في نفسها , التي لاتقر بسياسات التوقف عن اضعاف الجار , الاّ حين يتعلق الأمر بالمصالح الإقتصادية المرحلية !

وفي نظرة سريعة , سنجد ان (الكويت ) , قد أسست , ورشت دولا ,وشخصيات دولية , وعملت المستحيل ,لأستصدار قرارات وسّمت ب(الدولية) لتضم اليها نصف قضاء (أم قصر), كما زحفت 225 كليومترا من الحدود البرية , في مراحل متعددة , نسينا خلالها ان (مخفر الجهرة) ,كان هو المركز الحدودي بين العراق و(الكويت) في الستينات .

وهي تواصل منذ عقدين من الزمن, في عمل دؤوب ليل نهار لسحب النفط العراقي من المناطق العراقية الحدودية ..وفي مشروع يستهدف خنق المنفذ العراقي الوحيد على الخليج يجري تنفيذ (ميناء مبارك) , تجاوزا على تقاليد مفترضة فيما بين الدول المتشاطئة والمتجاورة  ,التي تقضي مصالحهما المشتركة التشاور والتنسيق في تنفيذ المشاريع من دون (ضرر وضرار)..ولانريد الخوض في تفاصيل كثيرة تتعلق بهذا الأمر وغيره الا أننا نتسائل ..أين كل ماتفعله الحكومة الكويتية من اعمال مؤذية للشعب العراقي من الكلام الكثير الذي تحفل به تصريحات أمير الكويت ووزراء حكومته واعلامها ؟

المحفز لكتابة هذه السطور, ما أعلنه وزير الخارجية العراقي في مؤتمره الصحفي بتأريخ 30/ مايس الجاري من أن " علينا دفع ماتبقى من تعويضات الكويت لامحالة اذا أردنا رفع العقوبات الإقتصادية عن العراق " !

مجمل التعويضات بحدود 52مليار من الدولارات , سدد منها العراق لحد الآن 41 مليار , والمتبقي 11 مليار $..سؤالنا .. ترى , هل تتوقف حياة الكويتيين واقتصادهم  على 11 مليار$ , يمكن ان يشترون بها استقرارهم النفسي , وأمنهم , وأحساسهم بعد ظلمهم  وابتزازهم بتعوبضات ذات ارقام خيالية  مقصودة , اشقاء لهم بينهم وبين البعض علاقات قربى ودم ومصاهرة , ويتخلون عن  ممارساتهم وسياساتهم السابقة , ليجتمعوا على كلمة حق , لبناء علاقات رصينة , قوامها اخلاقيات الجوار ورابطة العروبة ..الا يضع البعض من الساسة الكويتيون في اعتبارهم مايمكن أن يحمله لهم الزمن القادم من مفاجئات ؟ ال(الكويت)لن ترحل من جوار العراق , والعراق لن يرحل من جوار (الكويت)..وهذه (ايران) بصواريخها وقنبلتها النووية , تنتظر الوقت المناسب لسيطرة لايعرف أحدا نتائجها على المنطقة .. أما (اسرائيل) فهي اليوم (ولي حميم) , و(حامية الحمى) الولايات المتحدة الأمريكية , لن تكون خارج سياقات وما (يحبل) به الزمن القادم , من تحولات عالمية سياسية واقتصادية , في ظل أزمات خطيرة متعددة تخنق الإقتصاد العالمي, في وقت تعاني هذه الدولة (العظمى) من ارهاصات وتحديات اقتصادية تطال حياة الشعب الأمريكي , الممول لحيز كبير من اقتصاد بلده بضرائبه..فأميركا خلال العقدين القادمين وما تشيراليه مراكز الدراسات الإستراتيجية , لن تبق كما هي أميركا اليوم في استراتيجياتها الخارجية والإقتصادية , ولن تكون حماية (الكويت ) وغيرها في تسلسل اولوياتها , في وقت تتنامى القوى الأقليمية ..لتجد (دول صغيرة) نفسها من دون حماية .

لايظن أحدا من المغرورين بالمال او اتفاقيات الحماية الغربية ل(لكويت),  انها ستمنع اي نظام عراقي وطني قادم , من التحرك لإستعادة كل مايراه العراقيون اليوم اغتصابا ماديا , وتجاوزا على العراق كدولة وشعب عريق , لم تقذف به الصدفة الى الواجهة السياسية .

لاشك ان الشعب العراقي , بكافة قواه , وأطيافه الفكرية والعقائدية , لايرى في الجهد الحكومي العراقي ملبيا لمصالحه الوطنية, وهوالمتمثل بالتنيفذ الأعمى لقرارات دولية ,اتخذت في ظروف استثنائية طابعها شعار المجرم (بوش الأبن معي او ضدي) لتلوى وتزيف وتبتكركثير من الطروحات المنحازة الى (الكويت) , في زمن كان خلاله (حاكم العراق معتديا  وخطرا على جيرانه ),  ومثل هذه القرارات والمفروضات ربما يتاح استغلالها ولكنا بالتأكيد لن تكون حاسمة وجازمة في علاقات بلدين متجاورين ..وكان ينبغي للحكومات المنصبة اميركيا العمل الدبلوماسي الحثيث , بعد أن أصبحوا صبيان المحتل الأمريكي .

صحيح ان أمر العلاقة مع (الكويت) , ينطوي على مصالح سياسية واقتصادية مهمة بالنسبة ل(الكويت ) ,ولكن عليها شراء أمنها واستقرارها, كما فعلت وتفعل كل وقت , وان اي إمعان في الإساءة الى العراق, مما حدث و يحدث في تفاصيل كثيرة  ,لم يحقق ل(الكويت) فوائد على المدى البعيد , وما يمكن لما تدعيه من سياسات تبيح لها الحق , فيما تقاضت او زحفت او عملت  ,فان هذا  الحيازات والمكاسب تجانب الحق والعدل, اذا مانظرنا اليه من زوايا اخلاقية  ,لجهة روابط الشعبين الشقيقين ..وما خسارة عامل الثقة وهذه الروابط , الّا دليل على افلاس مبين , سيدرك الكويتيون نتائجه في زمن لن يطول انتظاره !

ورود الكلام ....

في مؤتمر القمة العربي الإستثنائي عام 1990 المنعقد ببغداد ..كان سمو الأمير جابر الصباح مثل يائس , مذعور , تاهت عيناه بين الحضور , خافيا ملامح وجهه خلف ابتسامات قلقة ..وعندما يخرج من (قصر المؤتمرات ) ,حيث عقد المؤتمر, كان يغمض عيناه بالتأكيد, في محاولته عدم مشاهدة نماذج الصواريخ المنتشرة في شوارع بغداد, المؤدية الى قصر المؤتمرات ..وهي محاولة (ذكية ), طابعها رمزية لم تخفى على اللبيب !

في كتاب (اوراقي في الصحافة والحياة ) الصادر حديثا , سطور عن ذلك المؤتمر والرؤساء العرب , وبينهم (سمو امير الكويت ) جابرالصباح !

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2186 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع