تداعيات مرور عام على انتفاضة تشرين المجيدة

                                              

                     مصطفى محمد غريب


تداعيات مرور عام على انتفاضة تشرين المجيدة

ليس ممن الخطأ اعتبار انتفاضة تشرين 2020 امتداد للحركة الاحتجاجية الجماهيرية التي انبثقت قبلها بسنين والتي جرع المحتجون المتظاهرون الأمرين من سياسة وتوجهات الحكومة الأسبق والبعض من الأجهزة الأمنية وميليشيات مسلحة تخصصت بتوجهات خارجية وخصصت لغرض ضرب المتظاهرين السلميين والانتفاضة لإفشالها، هذه الاحتجاجات والمظاهرات السلمية قبل الانتفاضة التي جابهها بالعنف والاعتقال نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق وحكومته المتحالفة معه مثل ما جابه الاعتصامات والمظاهرات في المناطق الغربية في البداية بمواقفه السلبية الطائفية مما أدى الى ظهور داعش الإرهاب التي حلت كمصيبة دفع العراق وشعبه ثمناً باهظاً من الدماء والأموال والبنى التحتية وحتى التدخل الخارجي، وبعدها لم تسكت لغة الرصاص والاغتيال والاعتقال والعنف والرصاص المطاطي والحي والقنابل الدخانية القاتلة وإصابة العشرات وحتى القتل والاغتيال واعتقال المئات، وهذا العنف الدموي ضد الاحتجاجات السابقة لم تحرك الحكومات " حيدر العبادي وعادل عبد المهدي " ولا المتحالفين معهم من القوى المتنفذة اي ساكن، ما عدا البعض من الأصوات في مجلس النواب التي كانت تعلو محتجة وتطالبه بالكف عن استعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين، لأن العنف سوف يؤدي الى ردة عنف وعنف مضاد، وهنا لسنا مع المندسين الموجهين والجميع يعرف من وَجَههمْ ويوجههم الى الآن، وقد تم الكشف عنهم وعن أسمائهم وحتى القوى التي تقف خلفهمْ، ، مع ذلك فنحن مثلما ندين العنف الحكومي والميليشيات الطائفية التابعة لدول الجوار وهي معروفة بالوقائع ، فنحن ندين في الوقت نفسه اي عمل عنفي من قبل المندسين والفاسدين يهدف الى جر المظاهرات السلمية لاستعمال العنف ضد القوى الأمنية ومؤسسات الدولة بهدف ضرب الانتفاضة وانهائها واغراق الوضع العراقي بالدم وبمشاكل كثيرة اكثر مما هي عليه، ان انتفاضة تشرين ملحمة عراقية بغض النظر على ما اشاب البعض من الاعمال غير المنضبطة ولا يجب اخذها كما يفعل أصحاب العقول العدائية بانها تمثل الانتفاضة التشرينية والمتظاهرين السلميين، هذا التشبيه يراد منه تحريف الوقائع وطمس المطالب المشروعة وفي مقدمتها إنهاء الفساد والتبعية لدول الجوار وقضايا أساسية تهدف تثبيت أحقية المواطن ببلده العراق، وعدم تفريغ المحتوى الوطني والمطلبي من جوهرهما بحجة او تحت طائلة التهم السفيهة والمريضة والمقصودة الأهداف، تهم الارتباط بالخارج والإرهاب وهذان الاتهامان اصبحا شماعة تعلق عليها مخططات القوى المتنفذة والتوجه الديني الطائفي والميليشيات المسلحة التابعة وكل الذين يحملون العداء والكراهية للجماهير المنتفضة واكثرية الشعب العراقي، وهم يخططون على إبقاء حواضن ومستنقعات الفساد المالي والإداري والاضطراب الأمني وخلق الانقسامات والشقاق بين مكونات الشعب وبالأخص بين العرب والكر د، إضافة الى نهج المحاصصة الطائفية ولم يتركوا وسيلة او طريقة للإساءة واطلاق الاتهامات وتشويه المطالب والشعارات والاعتداء على رجال الامن ومؤسسات الدولة وغيرها وحرق المخازن مع العلم ان الحكومة تعرف جيداً العناصر التي اندست وتحركت بإرادات الخارجية لتشويه صور المتظاهرين والتظاهرات السلمية التي أعلنت على الملأ بسلمية الاحتجاجات والمتظاهرين ومثلما أكد الدكتور اياد علاوي رئيس ائتلاف الوطنية بشكل واقعي وصحيح ان "المتظاهرين السلميين اعلنوا ومنذ اليوم الاول التزامهم التام بالسلمية شعاراً ونهجاً " ولقد طالبت جميع القوى الوطنية والديمقراطية والجماهير الشعبية من جميع الكيانات توفير الحماية للمتظاهرين السلميين وليس للمجرمين القتلة الذي يجب محاكمتهم بشكل علني وفضح من يقف ورائهم ويحركهم ،ولم يفت الحزب الشيوعي العراقي في الذكرى السنوية للانتفاضة حيث اعلن " انتفاضة تشرين تبقى حية وسلمية " فأشار ان تمسك عموم المحتجين بالسلمية، كأسلوب للنضال من اجل تحقيق المطالب المشروعة، هو الرد القوي على كل حملات التشويه من جانب قوى الإعاقة للمنتفضين، الذين أكدوا مرة أخرى ان العنف والقمع لن يثنياهم عن التمسك بالاحتجاج السلمي."

ان دمى الميليشيات الطائفية والمافيا التابعة تتحرك وفق توجيهات عليا من مسؤولين وهذه العليا تتكتك بشكل ثعلبي كما يقال " قدم مع الحكومة وقدم مع الذين يحركونهم بالضد من الانتفاضة والمنتفضين ومطالبهم العادلة فقد اكمل المتظاهرون وانتفاضتهم التشرينية المجيدة عامهم الأول هذه الانتفاضة التي غيرت الكثير من معالم الأوضاع في العراق بعدما كانت ظلال اليأس تترجم كحالة مزمنة (مثلما كان اليأس من الأوضاع في عهد النظام الدكتاتوري بقيادة صدام حسين ) وانطلاق الانتفاضة بحلتها الراهنة عبرت عن التصميم في الإرادة لتحقيق المطالب التي طرحت وهي مطالب مشروعة وعادلة منذ بدايتها وتطورت بفعل النضال الجماهيري وهي.....

1ـــــ تخص وطنية العراق وتخليصه من الاحتلال والتدخل في شؤونه الداخلية

2ــــ القضايا المطلبية التي تخص حياة الشعب وبخاصة الجماهير الشعبية الكادحة

3 ـــ الفساد والمحاصصة والانتخابات التشريعية وتشريع القوانين التي تساهم في البناء والتقدم والأمان وانهاء ظاهرة انتشار السلاح خارج أطار الدولة وانهاء الميليشيات المسلحة التابعة وإنقاذ البلاد من الازمات التي ألمت به وخلفت له الكثير من الكوارث! هذه وغيرها من المطالب التي وقفت بالضد منها قوى لها مصلحة في بقاء البلاد في التخلف ومنع أي تطور يساهم في البناء والتخلص من تركة الماضي والمحاصصة اللعينة التي اعتمدت على التزوير وشراء الذمم والتمسك بالسلطة عن طريق التأجيج الطائفي والميليشيات المسلحة اللاوطنية، ان انتفاضة تشرين قدمت عشرات الشهداء والمصابين وهم شعلة تنير الطريق نحو تحرر العراق من الطائفية التي انتهجتها الكثير من القوى صاحبة المال والقرار هذه الانتفاضة الباسلة صحيح لم تتحقق طموحاتها وظلت بعض القضايا عالقة مثل قانون الانتخابات الذي أصرت القوى المتنفذة كي لا تخسر مواقعها من التصويت على الدوائر الانتخابية بدلاً من الدائرة الواحدة ، والآن ورغم الوعود من رئيس الوزراء والبعض من المسؤولين الكشف عن القتلة وتقديمهم للعدالة، لكن لم يتحقق تطبيق القانون والعدالة ليس على منفذي القتل والاغتيال واطلاق الرصاص فحسب بل للذين يقفون خلف إصدار الأوامر وتغذية المجرمين بالمال والوعود والتحريض الطائفي، لقد غيرت الانتفاضة النظرة الضيقة باتجاه التضحية وعدم الخوف من خوض النضال في مواجهة الرصاص والهراوات والاعتقالات بشجاعة وتضحيات كبيرة لتصبح القيمة الوطنية وهي الاتجاه السائد تقريباً بعدما فشلت أحزاب الإسلام الطائفي من كلا الطرفين في نقل البلاد الى شاطئ السلم والأمان الاجتماعي وتحقيق حتى جزء صغير من العدالة الاجتماعية وأصبحت الانتفاضة الجماهيرية أمل للنصر والتحول الديمقراطي والشيء المميز هو الدعم المنقطع النظير للمطالب الجماهيرية، بينما بقت الحكومة في وادٍ بعيد عن التنفيذ ومجرد اطلاق الوعود والعهود ولهذا ان احد المطالب التي طرحتها الانتفاضة هي تكليف حكومة وطنية تتحمل المسؤولية وتقف الى جانب الانتفاضة وتحاسب القتلة وشركائهم المسؤولين عن ضحايا الانتفاضة وتعويض الشهداء وعائلاتهم بالعدل، عام انقضى والطريق مازال طويل لتحقيق جميع المطالب ويحتاج هذا الطريق الى العزم والمضي بالرغم " من التسويف والمماطلة" في التحدي والنضال من اجل اهداف الانتفاضة وأشار المحرر السياسي لطريق الشعب " يوم ٢٥ تشرين الأول (أكتوبر) خرج الآلاف من أبناء شعبنا الرافضين للفساد والمحاصصة، شيبا وشبابا ، نساء ورجالا ، ليجددوا انتفاضتهم، ويقولوا بجلاء إن المنظومة المتنفذة المعزولة غير قادرة على معالجة مشكلات البلاد، وقد آن الأوان للتغيير الشامل بالضغط الشعبي السلمي والكلمة الحرة وتعبئة الرأي العام" هذا هو المعيار الحقيقي لاستمرار المطالبة بالحقوق لعدم مصداقية القوى المتنفذة المهيمنة على السلطة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2251 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع