د. خليل الياس مراد
نائب رئيس المجلس العربي للاكاديميين والكفاءات
مظاهرالفشل الأمريكي في غزوالعراق نهاية حقبة الهيمنة في المنطقة
خلال الاعوام العجاف الماضية التي اعقبت غزو واحتلال العراق , طرات تغييرات وتبدلات عديدة على التجربة الامريكية . يمكن من خلالها رؤية ملامح اوافاق الاعوام القادمة , فقد ولدت الحرب على الإرهاب عام 2001, ثقافة الخوف في أمريكا واحدثت تاثيرا مدمرا على الديمقراطية الامريكية والنفسية الامريكية , وعلى مكانة أمريكا الدولة العظمى الوحيدة في العالم . وادت المخططات التي رسمها المحافظين الجدد في عهد الرئيس بوش الابن التي تمثلت بغزو واحتلال العراق , الى اضطرابات سياسية وفوضى في المنطقة العربية كلها والى تهديدا أساسيا للاقتصاد العالمي . ومنذ ذلك الوقت لم يعد ممكنا تجاهل الفجوى المتزايدة بين اهداف أمريكا الكونية المعلنة . وبين القدرات العسكرية المستنزفة على تحقيق تلك الأهداف وقصور مواردها عن الوفاء باحتياجات المشروع الامبراطوري الأمريكي الذي طرحته ادارة بوش , وضع النهاية لحقبة تفرد الهيمنة في مشروع الشرق الأوسط الجديد.
ان التحولات الجوهرية الخطيرة في الأولويات الاستراتيجية الامريكية من احتواء روسيا والصين الى اخضاع دول المشرق العربي , تفسيرها الوحيد هو تسخير الستراتيجية الامريكية لخدمة اهداف الكيان الإسرائيلي , لحل الصراع العربي- الصهيوني وتهويد الهوية الفلسطينية وتشجيع التطرف الاصولي الاسلاموي في البلدان العربية . وتدمير النسيج العربي . كل ذلك دفعت إدارة بوشن لاحتلال العراق واسقاط نظامه الوطني , وفتح أبواب المنطقة امام احتواء امريكي واسع .
فالحرب التي اختارتها إدارة بوش في العراق , لم تكن لتنال دعم الكونكرس بدون الارتباط النفسي بين صدمة 11 ايلول داخل أمريكا والوجود المزعوم لأسلحة الدمار الشامل في العراق . وان الدعم الذي تلقاه بوش في انتخابات عام 2004 الرئاسية ,قدمت تبريرا لشن الحرب على العراق .اذ اوهمت الأمريكيين ان عراق صدام حسين , هو الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب . بينما الحقيقة هي العكس تماما . هي توريط أمريكا في حرب عبثية لايمكن كسبها باجتياحها للعراق وتدميرشعبه , تاكدت هذه الحقيقة بعد 7 أعوام من الاحتلال نجد ان أوهام المحافظين الجدد بشان إمكانية تحقيق انتصارات سريعة تبددت تماما.
والسؤال الذي يرد الى الاذهان . كيف يمكن للحرب على الإرهاب ان تمنح الإدارة لنفسها توريط الطبقة السياسية الامريكية ومعظم الشعب الأمريكي , بان هناك
-1-ضرورة لغزو بلد امن لا يشكل تهديد للمصالح الامريكية اوما كان يجري في المنطقة من العاب درامية أمريكية لاستمرار هيمنتها وتحقيق أحلام وردية غير قابلة للتحقيق . وطالما ان الامر كذلك , فماذا يبرر انفاق نحو 700 مليار دولارعلى تلك الحرب العبثية التي دمرت دولة , كانت تشكل ضمانا استراتيجيا لتوفير الامن والاستقرار في منطقة المشرق العربي .بعد وقوع الاحتلال وبعد خمسة اعوام , اعلن الجنرال جون ابي زيد قائد عسكري مكلف من قوات الاحتلال في العراق . ان الجيش غير قادر على زيادة قوته في العراق وان القوات البرية الامريكية وصلت حدود طاقتها في العمل العسكري الى ادنى مستوى , ولم تعد قادرا لخوض حروب طويلة لانها معدة لتحقيق نصربسرعة , وهذا لم يكن جائزا في ظروف العراق , بسبب قوة المقاومة العراقية وقدراتها على الحاق الخسائر بالقوات الارضية المتحركة كما حذر الجنرال الامريكي بيتر شميكو رئيس اركان الجيش المحتل , ان الجيش الامريكي سينكسر وان امريكا تخسر الحرب بالعراق , اذا لم توقف تاثير المقاومين خلال عدة اشهر .حيث كان لجهود المقاومة العراقية تاثيرعلى تلف وتاكل المعدات العسكرية الامريكية . واضاف شميكو : اذا انتهت الحرب وتم اعادة المعدات والاليات الى معسكراتها في امريكا فانها ستكون بحاجة الى 128 مليا ر دولار لاعادة تجهيزها وصيانتها . لان اغلبها خرجت من الخدمة بفعل هجمات المقاومين المستمرة. وخلص تقرير لمجموعة الازمات الدولية وهو يتحدث عن مزايا المقاومة العراقية في قتال القوات التي احتلت بلادها الى النقاط التالية :
1-واشنطن لا تزال تقاتل عدوا في العراق لاتعرف الكثير عنه, وتعيد تكرار تقديراتها عن قوة وقدرة المقاتلين العراقيين رغم سقوط حكومتهم مستخدمة وصف المقاتلين بالجيش المدرب .
2-هناك نوع من الثقة بالنفس يدور داخل المجموعة المقاتلة وزرع الاحساس بطرد القوات المحتلة وهزيمة امريكا على ارض العراق.
3- المقاومة العراقية منظمة تنظيما مركزيا قويا وتستخدم نظام اتصالات تفني متقدم ولا تعرف الفوضوية في تنقلاتها . كما تستخدم الحرب النفسية واصدار البيانات الاعلامية التي تثير قلق الجنود الامريكيين .
4- ان رسائل المجفرة لا تنساق وراء حرب طائفية وتؤكد على حماية المدنيين من الهجمات ومحاصرة الاليات الامريكية والهجوم المباغت عليها والحاق خسائرفي الياتها وجنودها .
5- الجماعات المقاتلة واعية لدور الراي العام وتحرص على نقل اخبار العمليات العسكرية الناجحة ونشرها بين الناس في المقاهي و التجمعات رياضية وغيرها .
-2-
6- تاثير المقاومة على الارض , يصفها جبفري وايت , محلل في وكالة استخبارات الدفاع الامريكي في مركز واشنطن بالقول :نستطيع فقط ان تسيطر على بقعة تستقر فيها القطعات . وعندما تغادرها تسقط وتتعرض الى قوة صاروخية هجومية على اليات الجنود الخلفية .
7- من اهم مااورده التقرير الامريكي حول الاسلوب القتالي للمقاومة العراقية والذي ادى الى تراجع قدرات الجيش الامريكي القتالية , تعزى الى الاتية :
اولا, تنفيد المقاومة سلسلة من الكمائن والعمليات .
ثانيا ,اعتماد تنوع تسليح اثناء الهجوم منها الاسلحة الاوتوماتيكية وقذائف الهاون والمهاجمة من مواقع نائية ومتقدمة واستخدام تجهيزات موقوته .لاحداث ارباك في صفوف القوات المحتلة .
ثالثا , ايجاد شبكات غير رسمية موزعة لاغراض القيادة والسيطرة والاتصالات واجهزت الحاسوب بطريقة متعددة واستغلال نقاط الضعف في وسائل عمل المخابرات الامريكية .
رابعا, المراوغة في استخدام انظمة اتصال وبث الرسائل النصية على الهواتف الخلوية في محاولة تجنب التنصت الالكتروني الامريكي على تحركات المقاومين .
خامسا , استخدام اسلوب الهجمات التكتيكية بالشكل الذي ينهك امكانات المخابرات والاستطلاع والتعقب الامريكي.
سادسا , حسن اختيار الاهداف التي تترك اثرا سياسيا واعلاميا وتحديد مواقع واهداف هجماتهم بطريقة سريعة وخاطفة.
سابعا , استخدام القنص الاحترافي .
و كشف تقرير مركز التقدم الامريكي عن الخسائر الامريكية في العراق منذ ظهور المقاومة عام 2004 وحتى انسحاب القوات الامريكية من العراق في صيف عام 2011 كالاتي:
( 187دبابة طراز ابرايمر- 30 دبابة طراز تي62 - 67 الية عسكرية طراز برادلي – 120 الية قتالية طراز ستركر ويلي -93 مدرعة حاملة جنود ام 113 -250 عربة طراز همغير – 38 الية قتالية طراز استيلر - 500 عربة بين كاسحة الغام واليات ثقيلة ومتوسطة وقاطرات - 118 طائرة هليليكوبتر من انواع شينوك كرج وبيج وكيوا وارير كوك واباشي – 50 طائرت ذات جناح ثابت ومتعدد وتشمل طائرات استطلاع وطائرات قتالية اف 14 واف 15 و اف 16 ) .
تاسعا , بلغت الارقام الحقيقية المسجلة من الرصد العراقي للمقاومة وارقام المواقع العربية قبل انسحاب القوات المحتلة قتل ( 14564) جندي وجرح (28577) جندي اما اثر الاحتلال الامريكي على مشروع الهيمنة في الشرق الاوسط , يحدثنا ريشارد هس ,رئيس مجلس العلاقات الخارجية ومدير التخطيط في وزارة الخارجية ومسؤول سابق في مجلس الامن القومي لادارتين امريكية ديمقراطية , ان حقبة الهيمنة الامريكية المسيطرة على المنطقة العربية خلال منذ 4 عقود مضت , انتهت مع غزو واحتلال العراق في عام 2003 وبدات حقبة جديدة
-3-من التراجع الامريكي في المنطقة , بفقدان استخدام القوة المفرطة في الصراعات الدولية , تمثلت بسلوك ادارة الرئيس الديمقراطي اوباما وادارة الرئيس الجمهوري ترامب , اضطرت اللجوء الى استخدام القوة الدبلوماسية في العلاقات الدولية والابتعاد عن منطق الحرب .
وان عوامل انتهاء حقبة التفوق الامريكي في المنطقة , مرده قرار ادارة بوش الابن , باللجوء غير المبرر لعسكرة علاقاتها مع دول المنطقة ,ادى الى تراجع مشروع التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني وفشل الانظمة العربية الموالية لامريكا في مواجهة الاسلام السياسي الذي انتشر في دول المنطقة بسرعة غير متوقعة . وحسب تقدير هانس , ان المنطقة تعاني من فوضى وتصاعد ادوار الدول الاقليمية غير العربية وخاصة تركيا وايران واستمرار الاضطراب وعدم الاستقرار في العراق , بسبب التغلغل الايراني بمباركة امريكية , وتهميش جامعة الدول العربية وضعف النظام الرسمي العربي في تحقيق التضامن العربي كما كان فاعلا , وياتي التصريح الاخير للرئيس ترامب قبل ايام بالقول , بان ما يجري في المنطقة من فوضى واخلال في توازن القوى , مرده القرار الامريكي في غزو واحتلال العراق بانه خطا استراتيجي ارتكبته الولايات المتحدة في تاريخها الحديث .
1140 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع