بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة العنكبوت -الجزء الثاني
لمن لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول بامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط
https://www.algardenia.com/maqalat/44459-2020-05-22-16-13-32.html
فرغت مريم من وجبة العشاء وختمتها بقنينة كوكا كولا ثم تركت الطاولة ورجعت الى جناحها بالطابق الـ 12. فتحت الباب ودخلت لتسمع الهاتف يرن بالحاح، رفعت السماعة فسمعت موظفة الاستعلامات تقول،
لديك مكالمة هاتفية يا سيدتي،
مريم : حسناً اوصليها لو سمحت.
على الطرف الآخر سمعت صوتاً يقول " السلام عليكم سيدة مريم. انا المحقق فؤاد أسكلݘ اود ان اتحدث اليك لو سمحتِ، هل لديك الوقت؟"
مريم : اجل، اجل بالتأكيد سيد فؤاد، متى؟
فؤاد : انا الآن بالاسفل في بهو الفندق. هل بامكانك النزول لمقابلتي؟
مريم : اجل بالتأكيد، ساحضر بعد آه لحظة... 5 دقائق من الآن.
فؤاد : وانا ساكون بانتظاركِ سيدتي.
دخلت مريم الحمام وتفحصت مكياجها في المرآة ثم اضافت اليه احمر الشفاه الذي توارى قليلاً بعد الطعام ووضعت نفحات من العطر الجديد "ماذا كان اسمه يا ربي؟ اللعنة نسيت يبدو انني اصبت بالزهايمر المبكر دعني ارى! اجل، اجل ايلي صعب". خرجت مسرعة كي تقابل المحقق المأجور فؤاد. دخلت بهو الفندق بالطابق الارضي فوجد رجلاً وسيماً امام باب المصعد ينتظرها ويبتسم بوجهها فقالت له،
مريم : انا اسفة على التأخير، تفضل سيدي انا جاهزة. دعنا نجلس في المقهى الذي هناك.
اشار فؤاد بيده كي يعطيها الاولوية في السير ومشا الى المقهى فاختارا طاولة بجانب نافذة تطل على فضاء المسبح. بعد ان جلسا بدأ فؤاد بالحديث،
فؤاد : في البداية ساسألك عن تفاصيل رحلتكما انت والمرحومة ديلارا من اسطنبول الى انقرة.
هنا بدأت مريم تقص عليه التفاصيل بحيث لم تترك اي معلومة كبيرة و صغيرة الا وذكرتها. لكنها لاحظت انه ركز باسئلته عن الرجل الذي كان يجلس بنفس الكبينة معهما اثناء الرحلة لانه سألها عدة اسئلة عنه وعن اوصافه والمواضيع التي تحدثوا بها معه. وبآخر المقابلة سألها إن كان بامكانه ان يصطحبها الى مركز الشرطة في اليوم التالي كي يقف على آخر مستجدات القضية فوافقت على طلبه. في صباح اليوم التالي خرج الاثنان بسيارة فؤاد قاصدين مركز الشرطة. دخل فؤاد ومريم المركز وطلبا مقابلة الضابط المسؤول عن القضية فاخبرهم شرطي الاستعلامات ان الضابط ارطغرل هو المسؤول وسيقابلهما بعد قليل، لذا عليهما الانتظار بعض الشيء خارج مكتبه. جلست مريم على احدى الكراسي خارج باب مكتب الضابط بينما بقي فؤاد واقفاً يدخن سيجارة. كانت مريم تنظر حولها وتتفحص كل شيء حولها إذ شاهدت اثنان من رجال الشرطة يقتادان رجلاً ينزف دماً من عينه وجبينه. بحلقت فيه وانتابها بعض القلق. بعد ذلك شاهدت امرأة دخلت المركز ويتأبطها شرطي، ترتدي تنورة قصيرة جداً وتضع مكياجاً مبالغاً فيه، تمضغ علكة بملئ فمها. كانت تصرخ وتقول، "انتم تعتقلوني لاني عاهر لكنكم تتمنون ان تعاشروني إن سنحت لكم الفرصة ايها الخنازير السفلة". بعد قليل شاهدت مريم ثلاثة من اعوان الشرطة يركضون باتجاه باب المركز. تتبعتهم بعينها حتى خرجا وتوارا عن الانظار. وبينما هي تقلب تركيزها يمين شمال ومن منظر لآخر بدافع الفضول لا غير انفتح باب مكتب الضابط ارطغرل قليلاً بشكل تلقائي بحيث استطاعت ان تشاهد ما بداخل المكتب من خلال الفتحة الصغيرة. رأت رجلاً يتحدث مع الضابط ويصرخ عليه بصوت مرتفع لكنها لم تتمكن من معرفة الكلام الذي كان يدور بينهما. تفحصت ذلك الشخص جيداً فبدى لها وكأنها تعرفه لكنها لم تتذكر متى واين. بقيت تقول لنفسها "اين رأيت ذلك الرجل يا مريم؟ اين، اين، اين فكري جيداً؟" لكنها لم تتمكن من ذلك. انغلق الباب تلقائياً بتأثير الريح ولم تستطع ان تراهما ثانيةً.
بقيت مريم والمحقق فؤاد ينتظران لمدة نصف ساعة اخرى حتى يقابلا الضابط حتى جائهم شرطي وقال، "بامكانكما الدخول الى مكتب الضابط الآن"
فرحت مريم وقالت ساحاول ان اتفحص وجه ذلك الرجل الذي رأيته مع الضابط علّني استطيع ان اتذكره عن قرب. ولكن عندما دخلت الى المكتب كان الضابط يجلس وحيداً في المكتب فاستنتجت ان هناك باب آخر يكون قد خرج منه. "لا بأس ساحاول ان اتذكره فيما بعد"
قدّمت مريم السيد فؤاد وقالت بانه المحقق الشخصي للسيد اصلان بهجت والد المرحومة ديلارا. رحب به الضابط ودعاهما للجلوس. سأل فؤاد الضابط عن سير القضية فاجابه بانهم ما زالوا يحققون بها ولم يعثروا بعد على اي دليل يرشدهم للقاتل وانهم يطلبون من مريم عدم مغادرة انقرة حتى الانتهاء من التحقيق. فطمأنه فؤاد بانها باقية بفندق راديسان الازرق واعطاه رقم الجناح الذي تسكن فيه. شكرهم الضابط وودعهم بكل احترام.
خرجت مريم وفؤاد وركبا سيارته البيجو ذات الدفع الرباعي وبدأ السير في الشوارع. لاحظ فؤاد ان مريم هادئة جداً وانها لم تنطق بكلمة واحدة منذ خروجهما من مكتب الضابط فسألها،
فؤاد : ما الامر يا مريم؟ هل هناك شيء ازعجك؟
مريم : كلا ابداً يا فؤاد بيك.
فؤاد : بامكانك ان تناديني فؤاد بدون القاب. لقد لاحظت انك هادئة جداً وامراً ما يشغل بالك، ماهو يا ترى؟
مريم : ربما هو شيء تافه ولكن عندما كنا جالسين ننتظر الدخول الى مكتب الضابط، انفتحت الباب تلقائياً ولاحظت رجلاً يتحدث مع الضابط بداخل الغرفة. لقد تهيأ لي اني رأيته سابقاً لكني لا اتذكر من واين ومتى. قد اكون مخطئة لكني متأكدة من اني سبق ورأيته.
فؤاد : قد يكون ذلك بغاية الاهمية. عليك ان تُصَفّي ذهنك وتحاولي ان تتذكريه باي طريقة لانه قد يكون المفتاح الفاصل للقضية.
مريم : قلت لك اني قد اكون مخطئة.
فؤاد : اجل، اجل اعلم ذلك ولكن يجب علينا ان نطرق جميع الابواب يا مريم.
مريم : حسناً ساحاول ان اصفّي ذهني واتذكره يا سيد... اقصد يا فؤاد.
اوصل فؤاد مريم الى الفندق واعطاها بطاقته الشخصية وفيها رقم هاتفه النقال وطلب منها ان تتصل به باي وقت مهما كان الوقت حرجاً. ثم ودعها ورحل عنها. دخلت مريم الى الفندق وتوجهت مباشرة الى طابق الميزانين. هناك دخلت متجر الملابس حيث بدأت تتفحص بدلات السباحة ذات القطعتين حتى رسى خيارها على بدلة بكيني صفراء مثيرة لا تترك للمخيلة اي مجال للشك وكذلك اشترت بدلة رياضة (تراكسود) من نوع بوص. اخذتهما وصعدت الى جناحها كي تستعرض بدلة السباحة امام المرآة. لبست البدلة ووقفت تنظر الى صدرها الكبير المنتفخ والذي يكاد يخرج من حمالة الصدر تلقائياً والسروال الذي بالكاد يغطي الاشياء كونه مربوط بالخيوط فقالت، "لو ان امي رأتني بهذه البدلة لغرست خنجراً في قلبي وبعثت باقي جسدي للجزار ليعمل منه كباب اسكندر دون ان تتناقش معي" وبينما هي تنظر الى جميع انحنائات جسدها وكيف تبدو ببدلة السباحة تذكرت اين شاهدت الرجل الذي كان بمكتب الضابط. يا الهي انه هو. بدأت تتذكر منظر القاتل بعد ان اطلق الرصاص على ديلارا بداخل سيارة الاجرة المنكوبة وحاولت ان تطابق وجهه مع وجه الرجل الذي ساعدته في القطار والذي كاد ان يسقط على ارض القطار فكان الجواب (تطابق مئة بالمئة) اجل انه هو. ولكن ماذا كان يفعل عند الضابط ارطغرل؟ دعني اخبر المحقق فؤاد لعله يستطيع ان يفهم ماذا يجري"
فتشت مريم عن رقم الهاتف فوجدته في محفظتها اخرجت هاتفها النقال وطلبت رقم فؤاد، فرد عليها قائلاً،
فؤاد : انا فؤاد أسكلݘ تفضلي يامريم.
مريم : فؤاد، لدي معلومة جداً مهمة. الا اتيت الى هنا فوراً؟
فؤاد : ساكون عندكِ في غضون ساعة او ساعة ونصف.
مريم : حسناً انا بانتظارك. ستجدني عند بركة السباحة.
حملت مريم اغراضها ونزلت الى الطابق الارضي ومنه الى فضاء بركة السباحة فوجدت بعض السواح الاجانب يسبحون ويمرحون مع اطفالهم. وضعت امتعتها ومنشفتها على احدى الكراسي ثم ذهبت الى الجزء العميق من بركة السباحة وغطست برأسها في الماء ثم صارت تسبح ذهاباً واياباً عدة مرات حتى شعرت بالتعب فتوقفت لترتاح قليلاً. واصلت بعد ذلك السباحة لربع ساعة اضافية ثم خرجت وصارت تطلي جسدها بواقي من اشعة الشمس وبقيت مستلقية على كرسي مسترسل لتتشمس حتى غفت قليلاً. وفجأة سمعت صوتاً يقول لها، "يا مريم؟"
حجبت اشعة الشمس بكف يدها ونظرت الى المنادي قائلة،
مريم : اجل فؤاد سامحني، كنت انتظرك وغلبني النوم.
فؤاد : ما الامر؟ ما هي المعلومات المهمة التي لديك؟
قالها وهو يجلس بجانبها على الكرسي المسترسل.
مريم : ذلك الرجل الذي حدثتك عنه والذي رأيته يتحدث مع الضابط في مكتبه بمركز الشرطة. لقد تذكرت انه نفس الرجل الذي رأيته بالقطار عندما كنا في طريقنا لانقرة. كان سيسقط على الارض من اثر رجة قوية بالقطار فاسندته وحميته من السقوط. لقد كان بالقرب من كابينتنا. وبعد ان ركزت بذاكرتي بتمعن وجدت انه هو نفسه الذي اطلق النار على ديلارا بذلك اليوم المشؤوم. لقد وعدتك ان اخبرك بكل التفاصيل مهما كانت بسيطة.
فؤاد : اجل، اجل ساحقق بالامر والآن، الا وصفتيه لي؟
مريم : انه نحيف طويل القامة في عقده الرابع، بامكاني ان اتعرف عليه وسط الاف الرجال.
فؤاد : حسناً اتركي الامر لي يا مريم. استمتعي بوقتك هنا ولا تخرجي من الفندق نهائياً ساتصل بك هذا المساء كي نتحدث باسهاب عن هذا الموضوع ولكن تذكري ان لا تخرجي من الفندق مهما حصل. ساضاعف الحراسة عليك.
غادر فؤاد فضاء بركة السباحة فوقفت مريم فوراً كي تقوم بغطسة اخيرة بالماء قبل ان ترجع الى جناحها لترتاح قليلاً. وبينما هي تنهظ من الكرسي المسترسل تصادف مرور احد النوادل بجانبها حاملاً صينية ملئى بالاطعمة والعصائر فاصطدمت به وسقط ما كان يحمله في الصينية من طعام وشراب على جسمها. لقد تغطى صدرها وبطنها ويدها اليسرى بالشكلاطا والمايونيز والكاتشوب وعلقت بعض قطع الخس على شعرها وصارت رائحتها تفوح بالبيرة. بقي النادل يعتذر لكنها طمأنته بان ذلك مجرد حادث غير مقصود ولم يكن ذنب احد. هنا قررت ان تذهب مباشرة الى غرفتها كي تغتسل وتنظف جسدها من الاوساخ التي علقت به والرائحة المقززة للبيرة. تركت فضاء بركة المسبح ودخلت من الباب الزجاجي الذي يؤدي الى القاعة الرئيسية بالفندق حيث توجد المصاعد الاربعة. وما ان خطت خطوتان بداخل القاعة صارت تجد صعوبة في الرؤيى لأن الانسان يصاب بحالة اقرب الى العمى المؤقت عندما ينتقل من مكان مشمس الى مكان معتم وبالرغم من كل ذلك رأت من بعيد شبح فؤاد جالساً يتحدث بهاتفه النقال. لقد كان ظهره اليها ولم يكن يراها فاقتربت منه اكثر كي تسمع ما يقول لتتأكد من انه هو فعلاً فؤاد، وبعد ان سمعت صوته تأكدت يقيناً من كونه المحقق فؤاد دون شك. قالت لنفسها، "بما انني دخلت الآن وهو مازال بالفندق فدعني ادعوه الى وجبة طعام قبل ان يرحل فقد حرمته من الغداء في منزله بسبب مكالمتي الهاتفية". ولما اقتربت منه اكثر اصبح كلامه اكثر وضوحاً إذ سمعته يقول،
فؤاد : اسمع مني يا ارطغرل، ان مشاهدة مريم لامره في مكتبك وتعرفها عليه اصبح يهددنا جميعاً. علينا التخلص منه فوراً. لقد اخبرته مراراً وتكراراً ان يسافر بعيداً عن انقرة لان وجوده سيشكل خطراً على العملية برمتها. هذا الاحمق لا يسمع ما يقال اليه. آن الاوان ان نتخلص منه، يجب عليه ان يموت.
سكت قليلاً يستمع الى محدثه على الهاتف ثم اكمل قائلاً،
فؤاد : انا لا يهمني كيف، اريد منك ان تقوم بالتنفيذ باسرع وقت ممكن، افهمت؟ حاول ان تتخلص منه والا فكلنا سنتورط معه.
ثم اغلق الهاتف بعصبية. هنا توارت مريم خلف عامود ضخم كي لا يراها فؤاد فيعلم انها سمعت حديثه وكشفته على حقيقته. انتظرت مريم بعض الشيء حتى سار بعيداً باتجاه الباب الرئيسي للفندق ثم اختفى متجهاً نحو المراب.
"يا الهي ما هذه المصيبة؟ كيف اصبح كل هؤلاء الرجال متورطون بقتل ديلارا؟ فالضابط ارطغرل والمحقق الشخصي فؤاد متآمران مع القاتل الذي اشار اليه للتو. ماذا كان اسمه يا ربي؟ اهو امير ام امارا ام... اعتقد انه قال... اجل، اجل (امره). إذاً القاتل هو امره ولكن من الذي استطيع ان اثق به كي اخبره بالامر؟ يجب علي ان اخبر اصلان بهجت والد ديلارا وهو سيتصرف فانا قليلة الحيلة وغريبة وليس بيدي اي سلطة استطيع من خلالها مجابهة كل هؤلاء المجرمين القتلة العتاة. دعني اتصل به من غرفتي فهذا المكان مفتوح وقد يسمعني احد وانا اتحدث بهاتفي النقال"
صعدت مريم الى الطابق الـ 12 ودخلت جناحها ثم اغلقت الباب ورائها ثم رفعت سماعة الهاتف وطلبت اصلان بيك والد ديلارا فسمعت على الناحية الثانية صوت نسوي يقول،
السكرتيرة : مكتب السيد اصلان بهجت تفضلوا.
مريم : السلام عليكم يا مدام. اريد التحدث مع اصلان بيك.
السكرتيرة : من المتحدث لو سمحتِ؟
مريم : انا مريم نعمان آيدن من فندق راديسان الازرق.
السكرتيرة : اهلاً بك انسة آيدن. ان اصلان بيك باجتماع بالوقت الحالي، هل تريدين ترك رسالة؟
مريم : نعم، ارجو منك اخباره ان يتصل بي باسرع وقت ممكن لامر ضروري وعاجل جداً.
السكرتيرة : ساخبره بذلك.
علقت مريم الخط وهي في غاية القلق، لا تعلم ماذا تفعل بكل الاحداث المتسارعة حولها. دخلت الحمام واغتسلت بعد ان ازالت كل الاوساخ التي علقت بها من اثر تصادمها بالنادل عند بركة السباحة. وعندما فرغت من الحمام لفت فوطة بيضاء حول جذعها كتب عليها اسم الفندق وخرجت الى الصالة. جلست على الاريكة وصبت لنفسها كأساً من عصير البرتقال الطبيعي الذي جائت به من الثلاجة وترشفت منه قليلاً فشعرت ان جميع احاسيسها رحبت بذلك السائل البارد المنعش. نظرت الى الشباك الكبير المطل على المتنزه وقررت ان تجلس في الشرفة كي تستمتع بالمنظر الخلاب بعد ان ترتدي ملابسها. واثناء ارتدائها لحمالة الثدي رن هاتفها النقال فقالت، "هذا اصلان بيك بلا شك"
رفعت السماعة وهي تكمل ارتدائها لباقي ملابسها الداخلية.
مريم : الو، من الطالب؟
اصلان بيك : انا اصلان يا مريم، هل طلبتني لامر ضروري؟
مريم : اجل اصلان بيك، طلبتك لاني اريد ان اتحدث معك وجهاً لوجه انه امر مهم جداً.
اصلان بيك : لماذا لا تتحدثين مع فؤاد، فهو انسان بامكانك الوثوق به.
مريم : كلا يا اصلان بيك، اريد ان اتحدث معك انت مباشرة. فؤاد لا يصلح.
اصلان بيك : اخبريني يا مريم، ما المشكلة؟
مريم : اتضح لي ان المحقق فؤاد متآمر مع ضابط الشرطة الذي اسمه ارطغرل وكلاهما متآمرين مع قاتل ديلارا الذي يدعى امره.
اصلان بيك : هل انت متأكدة من كلامك هذا؟
مريم : اجل سمعته باذني وهو يتكلم بالهاتف مع شخص ما ويخبره بتفاصيل الجرائم.
اصلان بيك : حسناً ساحضر اليك فوراً لا تتحركي من مكانك.
مريم : اجل انا بانتظارك في جناحي. لا تتأخر ارجوك.
اصلان بيك : حسناً، الى اللقاء.
اغلقت الهاتف مع اصلان بيك وارتدت بدلة الرياضة وفكرت مع نفسها بانها لا تريد البقاء بالجناح بل ستقابل اصلان بيك في القاعة الرئيسية بالاسفل. حملت هاتفها النقال وخرجت من الغرفة فقابلها الحارس الشخصي امام الباب. حياها فقالت له،
مريم : انا سانزل الى طابق الارضي فقط.
الحارس : هل تريدين ان اسطحبك يا انسة؟
مريم : كلا، هذا لن يكون ضرورياً، ساراك لاحقاً.
ركبت المصعد الفارغ وضغطت على المفتاح G وما هي الى ثوانٍ وتوقف باحدى الطوابق الثانوية فانفتح الباب ودخل رجلان الى المصعد. حالما انغلق باب المصعد حاصراها بينهما من الجهتين وتأبطاها بقوة وقبل ان يتسنى لها ان تدافع عن نفسها. وضع احدهما منديلاً ابيضاً على فمها وبغضون ثواني قليلة فقدت الوعي من اثر المادة المخدرة التي في المنديل.
حلّت مريم عينيها بعد فترة لا تعرف امدها لتجد نفسها بمكان غريب لم تعهده من قبل. كل شيء حولها كان مصنوعاً من خشب، الابواب والشبابيك والطاولة والكراسي. يبدو انها بداخل غرفة صغيرة ولكن اين هذه الغرفة ومتى جيئ بها الى هنا ومن الذي احضرها وكم مكثت قبل ان تسترد وعيها؟ كل هذه التسائلات كانت تراودها ولم تجد لها اجوبة مقنعة شافية. فتارة تقول ان الشرطة ربما قامت بالقاء القبض عليها واحياناً تقول ربما هي تعيش بداخل كابوسٍ مزعج سوف ينجلي متى ما استيقظت من نومها. ارادت ان تقف على ساقيها لكنها لم تتمكن. هناك شيء مسك بيديها وساقيها. نظرت اليه واذا به وثاق من حبال ثخينة ربطت حول معصميها وكاحلها. إذاً هي محبوسة رغماً عن انفها ولكن اين ولماذا ومن الذي فعل ذلك؟ بقيت تفكر حتى صارت تتذكر. "اجل تكلمتُ مع اصلان بيك بالهاتف لاخبره بما علمت عن المحقق المأجور فؤاد أسكلݘ وصِلَتُهٌ بالضابط ارطغرل والقاتل امره ثم ركبت المصعد كي استقبله في بهو الفندق. يبدو انهم كانوا يتنصطون على المكالمة الهاتفية بيني وبين اصلان بيك ثم قام الرجلان بتخديري بالمصعد آه اجل تذكرت كل شيء الآن ولكن من الذي استطيع ان اثق به؟ فالكل متورط بهذه المؤامرة الدنيئة التي راحت ضحيتها المسكينة ديلارا؟ فقط اصلان بيك هو الذي استطيع ان اثق به لانه والد ديلارا ومن المؤكد انه يريد التوصل الى المجرمين الذين تآمروا على قتل ابنته ولكن لماذا وما هي دوافعهم؟ بهذه الاثناء سمعت وقع اقدام تدنوا منها فنظرت صوب الباب وإذا برجل بدين قصير القامة قبيح الوجه يدفع الباب بعنف ويدخل الى الغرفة ثم ينظر الى مريم ويقول،
الحارس : اصحيت ايها الاميرة النائمة؟
مريم : من انت؟ واين انا؟ ولماذا قمتم بربطي؟
الحارس : انا اسف ايتها الاميرة لكننا اردنا ان نريحك قليلاً قبل ان يأتي معالي الملك. هاهاها
مريم : ما هذا الجنون؟ تكلم اين انا؟
الحارس : انت في بيت صغير في منطقة لا يستطيع الجن الازرق ان يعرف مكانها. اغلقي فمك واكرميني بصمتك والا اذقتك طعم الالم الحقيقي.
مريم : اصلان بيك سينال منكم جميعاً، الواحد تلو الآخر. انتم الذين تآمرتم على قتل ابنته يا ايها المجرمون السفلة. انا متأكدة من انه سينتقم منكم جميعاً وستقادون الى حبل المشنقة.
الحارس : انت تثرثرين كثيراً يا غبية. اغلقي فمك ودعيني اشرب الشاي بينما استمتع به مع الكثير من السكر.
قبل ان ترد على وقاحته سمعا وقع اقدام تتجه نحوهما فابتسم الرجل ابتسامة صفراء وقال،
الحارس : ها قد جائك الفرج يا حلوة.
نظرت الى باب الغرفة فانفتح ودخل اربعة رجال الواحد تلو الآخر. تعرفت عليهم جميعاً. الاول كان الشرطي ارطغرل الثاني المحقق المأجور فؤاد أسكلݘ الثالث قاتل ديلارا المدعوا امره واخيراً المليونير اصلان بهجت والد ديلارا.
"ماذا؟ كيف جاء اصلان بيك الى هنا؟ ربما لا يدري حقيقة هؤلاء المجرمين المتآمرين عليه. لقد اخبرته بالهاتف عن خيانتهم لكنه جاء معهم وكأن شيئاً لم يكن. ماذا يجري بحق السماء؟"
صرخت مريم باعلى صوتها،
مريم : اصلان بيك. ماذا يجري؟ احذر من هؤلاء الرجال الذين معك فكلهم اعدائك. هم الذين قتلوا ابنتك ديلارا. يجب عليك ان تأخذ حذرك منهم.
نظر اليها اصلان بيك وصار يقهقه بصوت عالي ولم يتمالك نفسه فبقي يضحك ويضحك حتى بدأ الرجال الباقون يضحكون معه. نظر اليها وقال،
شكران : كم كنت اتمنى ان تقضي معنا بضعة ايام في الفندق ثم تعودي من حيث اتيت دون ان تسببي لنا المشاكل ايتها الغبية التافهة.
مريم : ولكن يا اصلان بيك...
قاطعها وقال،
شكران : انا لست اصلان بل انا شكران والملقب بـ (العنكبوت) منحوني هذا اللقب عندما كنت بالسجن لان كل من يقع بشباكي يموت افهمت يا مريم يموت؟ اما اصلان الخائب فهو اخي التوأم. هناك تشابه كبير جداً بيننا بحيث ان امي كانت لا تفرق بيننا احياناً وكان ذلك هو الذي منحني الفرصة كي استطيع ان استولي على كل شيء يملكه اخي. انا مدين بكل شيء لصديقي العزيز هذا الذي يقف امامك. انه علي ايدن حارسك الامين. استمتعي بالنظر الينا جميعاً قبل ان تلتحقي بصديقتك ديلارا.
مريم : إذا كان اصلان بيك اخاك فهذا يعني انك عم ديلارا فكيف استطعت ان تتآمر كي تقتلها؟ انها ابنة اخيك وانت عمها.
شكران : انا مستعد ان اقتل امي وابي لو وقفا في طريقي ايتها الوقحة. والآن سآخذك الى اصلان الحقيقي حتى تذهبان معاً الى القبر.
فك امره وثاق مريم ثم توجه الجميع نحو الباب الا ان شكران اشار لهم بيده بالتوقف واراد ان تذهب مريم وحدها الى الغرفة التي حبس فيها اصلان بيك. فكر انه ربما يستطيع ان يسمع بعض الاسرار من اصلان. دخلت مريم الغرفة الثانية فوجدت اصلان بيك مستلقياً على الارض وهو بحالة صحية يرثى لها. تقربت منه ونادته،
مريم : اصلان بيك، اصلان بيك، هل تسمعني؟
فتح عينيه بصعوبة ونظر بعين واحدة وسأل،
اصلان : من انتِ؟
مريم : انا مريم، صديقة ديلارا في اسطنبول لقد اتينا سوية بالقطار كي نزورك.
اصلان : انا مسجون هنا منذ فترة طويلة وقد تدهورت صحتي بعد ان اعتقلني اخي شكران كي يستولي على كل ثروتي. ولكن ما دخلك انت بكل هذه المشاكل؟
مريم : لقد جئت مع ديلارا من اسطنبول لكنها لم تبلغك بقدومها لانها ارادت ان تعملها مفاجئة. المجرمون تتبعونا وقتلوا مريم بالطريق. والآن هم يريدون ان يقتلونا هنا كي يستولوا على ثروتك يا اصلان بيك.
اصلان : انا اعرف ذلك يا ابنتي فقد اعتقلني اخي واستغل الشبه الذي بيننا شكلاً وصوتاً كي يستولي على كل ثروتي وشركاتي وفندق الراديسان الازرق. لقد اراد ان يحرق كل الخيوط التي حولي ومن ضمنها ديلارا كي ينتحل شخصيتي بالكامل ويستحوذ على اموالي فقتل ابنتي الوحيدة ديلارا. حسرتي عليك يا حبيبتي ديلارا.
مريم : ولماذا يعمل كل ذلك؟
اصلان : لانه انسان فاشل. اختار طريق الحرام والسرقة والجريمة حتى قضّى معظم حياته محبوساً. التقى بعلي ايدن في السجن وخططا لمؤامرتهما الدنيئة. وبعد ان خرجا من السجن نفذ اخي شكران وغريمي علي الذي كان يملك فندق الراديسان سابقاً والذي كان اسمه... كان اسمه...
اعانته مريم بقولها،
مريم : (ستاد اوتيلا). اجل اخبرني اخوكَ شكران بذلك عندما كنت اعتقد انه انت.
اصلان : اجل فبدأوا بقطع كل الخيوط ابتداءاً بزوجتي ثم المرحومة ابنتي ديلارا. حسرتي عليك يا حبيبتي ديلارا.
هنا صار يبكي بكاءاً مراً. فهونت عليه مريم واحتضنته ثم قالت،
مريم : ولكن لماذا لم يقتلك شكران لحد الآن يا اصلان بيك؟ ما السر وراء ذلك؟
اصلان : لانه لازال يريد مني بعض المعلومات عن ارقام سرية لحساباتي في سويسرا. لكني لم اخبره بها لذلك سجنني هنا ومنع عني الطعام كي افقد عزيمتي واتكلم. لقد عذبوني كثيراً واستعملوا معي كل اساليبهم الدنيئة لكنني صمدت ولم اخبرهم بشيء.
وبهذه الاثناء دخل عليهم جميع الرجال الاشرار من الغرفة الثانية فقال العنكبوت،
شكران : هاهاها يبدوا انكما تعرفتما على بعضكما جيداً قبل ان تموتا سوية. اوه انه لمنظر رومنطيقي محزن. لقد سالت دموعي.
اصلان : انت تعلم انك لا تستطيع قتلي لانك مازلت لم تحصل على اسماء البنوك بسويسرا ولا الارقام السرية بعد.
شكران : لكني حصلت على كل شيء في تركيا ومنه منزلك وشركتك والفندق ولو كانت زوجتك حية لاستوليت عليها وعاشرتها هي الاخرى هاهاها. إذا لن تعطني الارقام فسوف اكتفي بما لدي وسارسلك الى ارض الخلود هاهاها.
امره : هل تريدنا ان نقتل مريم اولاً يا شكران بيك؟
شكران : اجل خذوها واقتلوها الآن فوراً. اما اخي فساقطعه باسناني.
الضابط ارطغرل : دعنا نستمتع بها اولاً. اتسمح لنا بذلك يا عنكبوت؟
شكران : ولم لا؟ تفضلوا ايها الرجال استمتعوا بها كما تشاؤون فهي شابة جميلة وانتم تستحقون القليل من المتعة.
مريم : ان رجالك جبناء مثلك بالضبط يا شكران. كلهم يختبؤون وراء اسلحتهم.
شكران : هاهاها وهل تستطيعين ان تقاوميهم ايتها الفتاة الصغيرة؟ فانت بالكاد لا تزيدين عن متر ونصف. هاهاها
مريم : دعهم يرمون اسلحتهم خارج البيت ويجابهونني إن كان لديهم ذرة من الرجولة.
شكران : وهل تريديهم ان يجابهوك الواحد تلو الآخر يا فتاة؟
مريم : بل كلهم سوية يا شكران الجحش الجبان.
لم تعجبه كلمة الجحش الجبان فغضب وصرخ باعلى صوته.
شكران : ارموا اسلحتكم بالخارج وخذو مسدسي معكم ثم فكوا وثاقها وقطعوها ارباً امامي. هيا اريد ان استمتع بدمها فوراً.
امره : انا ضعيف بالقتال اليدوي يا شكران بيك اعذرني من هذه المهمة.
شكران : انها مجرد فتاة صغيرة وانت معك ثلاثة آخرون من الرجال يا جبان هيا شارك زملائك.
اعطى شكران مسدسه لامره فاخذه مع باقي اسلحة الرجال واخرجها خارج الغرفة ثم عاد. وقفت مريم وصارت تعمل بعض حركات الاحماء كي تليّن عضلاتها وقالت لنفسها "لحسن الحظ اني لبست بدلة الرياضة اليوم سيكون استعراضاً ممتعاً هيا يا ثيران دعنا نرى رجولتكم. الذي يستطيع منكم ان يسقطني ارضاً سيجامعني مرتين قبل ان يعطيني الى زميله.
ابتسم الضابط ارطغرل وقال لزملائه. "ارجوكم دعوها لي اولاً ساجعلها تنسى اسمها"
تقدم الضابط نحوها وسدد لكمة مفاجئة على وجهها. تراجعت قليلاً الى الوراء اثر ضربته وصار الدم ينزف من فمها ثم نظرت اليه وقالت،
مريم : انت تضرب كالنساء يا ارطغرل مع انك ضابط بالشرطة. حسرتي على من أسماك بهذا الاسم العظيم الاسم الذي يخلده التأريخ. استلم مني هذه الضربة إذاً يا ارطغرل الجبان.
سددت له لكمة على وجهه فنفر الدم من فمه وانفه بآن واحد ثم لحقتها بلكمة قوية اخرى على صدره ادت الى كسر ضلعه ثم قامت بصفق اذنيه بكلتا يديها تسببت بفقدانه الوعي وسقوطه على الارض.
صرخ شكران وقال،
شكران : ليس لدينا الوقت لابراز البطولات اليوم. اهجموا عليها الآن سوية واقتلوها امامي.
هجم الرجال الباقون على مريم من كل الجهات. هنا صارت مريم تدور بوسطهم كالزوبعة، تكيل لهم الركلات واللكمات الموجعة فقد ابتدأت بفؤاد إذ سددت له لكمات ثلاثة سريعة متتالية بوجهه ثم ركلته بقدمها على منطقته الحساسة بين ساقيه فسقط على وجهه ارضاً وهو يتلوى من شدة الالم فاكملت عملها بكوعها على رقبته فراح مغشياً عليه. وقبل ان تلتقط انفاسها هجم عليها امره فلكمته لكمة قوية على وجهه تبعتها بقصة كفها على رقبته فوقع فوق الضابط ارطغرل فاقداً للوعي. مسك يدها علي ايدن بقوة فدارت عليه ولوت ذراعه خلف ظهره ثم ادارته وواجهته فلطمته برأسية على انفه ملأت وجهه بالدماء واسقطته ارضاً مغشياً عليه. نظرت مريم الى الرجال المستلقين على الارض فابتسمت وهي تنفض يدها وتنظر لشكران باستهزاء كبير. علم شكران ان قراره كان غبياً فقرر ان يتسلل الى خارج الكوخ كي يأتي بمسدسه ويقتلها. الا انها احست بحركته الجبانة فصرخت باعلى صوتها "هيّا" وقفزت قفزة طويلة في الهواء فاصبحت امام الباب غالقة الطريق امامه فصار يتمسكن ويقول،
شكران : ارجوك يا مريم، هل تريدين ان تؤذي رجلاً مسناً مثلي يا ابنتي؟
مريم : الآن اصبحت ابنتك ايها المجرم القذر؟ اين ضحكتك التي سئمنا منها؟ اين حبك للاجرام ايها السافل؟ اين حقدك على ديلارا؟ يا، يا، يا عنكبوت الجبان.
شكران : انا امرتهم بعدم قتلها لكنهم قتلوها وعصوا اوامري.
مريم : كم انت كذاب ومخادع وحقير. اتريدني ان اصدقك الآن؟
نظرت اليه بحقد شديد وركلته ركلة دائرية بقدمها الايمن ادخلت امعائه في فمه فسقط على الارض مغشياً عليه. ذهبت الى اصلان بيك وقالت له "ان كل شيء على ما يرام الآن" ثم فكت وثاقه واستعملت الحبال التي كان مربوطاً بها وصارت تربط الرجال بعضهم ببعض حتى اصبحوا على شاكلة سلسلة. احضرت بعض الماء وصارت تنظف جروح اصلان بيك وتسقيه من الكأس الذي بيدها.
مريم : هل تقوى على الوقوف يا عمي؟
اصلان : اعتقد ذلك. اسنديني كي اقف لو سمحتِ.
وقف اصلان بيك ونظر الى اخوه شكران الذي صار يستعيد وعيه ببطئ وقال له،
اصلان بيك : لقد كنت دائماً تبحث عن المشاكل يا شكران وها هي المشاكل الآن ستلف حبل المشنقة حول عنقك يا سافل. كيف تجرأت ان تقتل ابنتي ديلارا؟ انا لا اصدق انك ابن الحاج بهجت. انت شرير ومجرم وستنال عقابك بالقانون.
ادار رأسه نحو مريم وقال،
اصلان بيك : دعنا نوصل هذه القمامة الى الشرطة المركزية كي تنال عقابها يا ابنتي.
مريم : وهل تثق بالشرطة المركزية؟
اصلان : اجل، اجل لدي هناك اصدقاء حميمون اعرفهم منذ اكثر من 40 سنة. سيتولون ايداع هذه العصابة السجن.
مريم : كما تأمر يا عمي.
قادت مريم الرجال المقيدين بالحبال الى سيارة وجدتها واقفة بالخارج من نوع GMC وقامت بربطهم باحكام في اجزاء السيارة ثم رجعت لاصلان بيك واسندته الى كرسي القيادة فقال لها،
اصلان بيك : لماذا لا تقودين السيارة بنفسك؟
مريم : لاني لا اعرف قيادة السيارات يا عمي.
اصلان بيك : اوتستطيعين ان تتغلبي على عدة رجال كبار اشداء بقوة خارقة كما لو كنتِ (بروس لي) وتطرحينهم ارضاً كالجرذان ولا تستطيعين قيادة السيارات؟ هذا اول درس ستناليه مني بعد ان نعود الى البيت هذا وعد مني.
جلس اصلان بيك امام المقود وجلست مريم بجانبه ثم قاد السيارة وسلم المجرمين للشرطة فاعتقلوهم فوراً بعد ان سمعوا اقوال اصلان بيك ومريم. اخذ اصلان بيك مريم وذهب بها الى المقبرة كي يزور قبر ابنته ديلارا ويقرأ الفاتحة على روحها هناك. صار اصلان يبكي بكاءاً مراً ويودع ابنته. خافت مريم عليه كثيراً وصارت تحاول ان تهون عليه المه لكنه قال لها، "ليس من السهل علي ان انتزع الحزن الذي خلّفته ديلارا في قلبي يا مريم فهي ابنتي الوحيدة".
بعد ان انتهوا من زيارة قبر ديلارا ذهبا الى قصر اصلان بيك وهناك خصص لها غرفة كبيرة وقال لها،
اصلان بيك : ستكون هذه غرفتك الدائمية متى ما جئت الى انقرة. والآن اريد منك رقم حسابك بالبنك يا مريم.
مريم : سوف لن تجد فيه شيء يذكر يا سيدي. فانا مصابة بالفقر المزمن منذ ان خُلِقْت.
اصلان بيك : بل اريد ان اودع فيه هدية بسيطة تعينك على مصاريف الدراسة يا مريم.
مريم : ارجوك يا عمي، هذا غير ضروري. انا لم افعل ذلك مقابل المال.
اصلان بيك : وانا لا اعطيك المال كجزاءً لما فعلتِ. بل لانك الآن بمكانة ابنتي التي فقدتها للتو.
وافقت مريم على مضض واعطته معلومات البنك ففتح هاتفه النقال وطلب سكرتيرته وامرها بان تودع مليون ليرة بحساب مريم. لم تصدق مريم حجم المبلغ الذي ذكره عصمان بيك بالهاتف فصرخت،
مريم : مليــــــــــــون ليرة؟
اصلان بيك : اهو مبلغ قليل يا مريم؟ حسناً اودعي مليوني ليرة يا فريدة..
مريم : كلا، كلا يا عمي، مليون ليرة تكفي وهي جيدة جداً اشكرك من كل قلبي.
اصلان بيك : على العموم، إذا احتجت للمزيد فما عليك سوى ان تتصلي بي وساحول لك المبلغ فوراً.
بعد ثلاثة اسابيع قضتهم مريم في انقرة رجعت الى اسطنبول بطائرة اصلان بيك الخاصة من نوع (لير جت) محملة بثلاثة حقائب ملئى بالملابس والعطور والمجوهرات وحساب مصرفي فيه مليون ليرة وورقة ملكية لشقة بعمارة ذات ثلاث حجرات بمنطقة بويلوك دوزو المنطقة الارقي باسطنبول ومفتاح لسيارة مرسيدس جديدة آخر موديل تقف على اهبة الاستعداد امام العمارة. وشيء آخير مهم جداً، وضعت مريم في حقيبتها رخصة جديدة لقيادة السيارات باسم مريم نعمان آيدن.
1714 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع