مصطفى محمد غريب
الحلول الجذرية مع الإقليم للتمتع بالاستقرار والأمان والبناء
ان حق الأمم في تقرير مصيرها أصبح الزاماً عالمياً، سياسياً وانسانياً واخلاقياً، على الرغم من الغل والحقد والتحايل العنصري الشوفيني ضده بحجج واهية لا يقبلها العقل الحضاري ولا المنطق الإنساني ولا جميع القوانين التي تقر بحق الانسان فيما يعتقد ويفكر ويعتنق بكل حرية او حق المجوعة في اختيار ما تؤمن به من عقائد وايديولوجيات واديان وقوميات...الخ
فالأرض أمنا الجميلة والعراق بضمنها تعتبر رحم الطبيعة بجميع موجوداتها من الواجب الحفاظ عليها، الحفاظ على موجوداتها المتمثلة
1 ـــ اولاً بالإنسان وعلاقته الإنسانية
2 ـــ الموجودات الاخرى النباتية والحيوانية وغيرها.
فعلينا احترامها وحبها وابعاد الحروب والدمار عنها، كل شيء فيها يدل على قيمة ومعنى الحياة، المياه، الأشجار، الجبال، الوديان، السهول، الحقول، الصحاري الحيوانات البرية والبحرية، الحشرات، وأخيراً الإنسان هذا المخلوق صاحب العقل الذي لديه القدرة على التغيير والبناء والتطور، هذا المخلوق من دون المخلوقات الأخرى يستخدم عقله وأحاسيسه وهو صانع التاريخ والتقدم والحضارة..
ــــ كيف يمكن أن يعيش هذا المخلوق الذكي بدون الحرية والديمقراطية والخبز؟ بدون السلام والأمان وبعيداً عن الحروب والأسلحة الفتاكة، في ظل القوانين العادلة التي تخدمه وتحافظ على حقوقه الطبيعية، وبالضد من القهر والظلم والإرهاب والقتل والسجون والميليشيات المافيا والإعدامات لمجرد مطالبته بحرية الرأي والعقيدة والفكر
ــــ كيف يمكن ان تستغل فئة قليلة انانية التفكير وعدائية لملايين من البشر بسبب الجشع والسرقة وحب السيطرة .
ــــ كيف يمكن ان يسعر العداء ضد الشعوب والقوميات وبحجة اللون واللغة.
ان مشكلة الحرية وحقوق الانسان الذي سن في الإعلان العالمي للائحة حقوق الانسان هذه المشكلة التي أسسها الانسان المُستغِل نفسه وتعامل معها بشكل غريب وغير حقوقي، جابهت البشرية منذ التشكيلات الاجتماعية المستغِلة وبمجرد ظهور القهر والاستغلال نشأت فكرة الاستعباد والعنصرية بمختلف اشكالها وطرقها ومفاهيمها القهرية، لقد اشارت الديباجة للائحة الإعلان على ما يلي " لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة." وأشارت المادة (1) "يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء."
واضحة هي الديباجة، وواضحة المادة (1) من لائحة حقوق الانسان وهناك وضوخ تام بأكثرية مواد اللائحة، إلا أن البعض ظل لا يؤمن بحقوق الانسان ولا بحق تقرير المصير للأمم والشعوب والقوميات وهذا ما حدث في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية باستثناء البعض من الأوقات القصيرة وبخاصة بعد ثورة ( 14 تموز 19585 ) ، كمثال لنضال الكرد والقوميات الأخرى وامتناع الحكومات العراقية بالاعتراف بهذه الحقوق بشكل كامل، تلك الحكومات التي تدعي تمثيلها للقومية العربية كذباً، الكرد ليس وحدهم عانوا من العقليات الشوفينية وحرمانهم من الحقوق المشروعة فهناك العديد من الشعوب والقوميات عانت الكثير من الاضطهاد وحرمان الحقوق ، هؤلاء البشر الذين يعيشون سوية في هذه المعمورة من المفروض ان يتمتعوا بكامل الحريات وحق تقرير المصير، وحقوق الانسان.
لقد كانت الخلافات ما بين الحكومات العراقية والكرد العراقيين ثم لاحقاً مع إقليم كردستان تاريخية تمتد الى ما قبل الحكم الذاتي الذي اقر بعد قتال شرس في عام ( 11 / اذار / 1970 ) فقد كان القتال يستعر تارة ويخف تارة أخرى حسب ظروف العلاقات وواقع المفاوضات بين الحركة الكردية وبين الحكومة المركزية في البداية متمثلة بالحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني " البارتي " ثم الأحزاب الأخرى التي قامت بعد ذلك، ومجرد التوقيع على اتفاقية ( 11 / اذار/ 1970 ) حتى عادت الأنظار الى الخلافات بعد تنصل حكومة البعث الصدامي من تنفيذ البقية الباقية من الاتفاقية وعاد القتال المسلح مرة ثانية لكردستان العراق واستمر سنين طوال، وهذه المرة مع اكثرية الأحزاب الكردية العراقية بما فيهم الحزب الشيوعي العراقي الذي حمل السلاح بعد عام 1979 على الرغم من الحرب العراقية الإيرانية وايقافها التي كلفت الشعب العراقي الكثير من المآسي والتضحيات وبمجرد وقوفها حتى قام النظام الدكتاتوري بحملة اضطهاد همجية مما أدى الى فقدان عشرات الآلاف ارواحهم وتهجير الآلاف منهم ولا نريد الاطالة في قضية الحقوق والتضحيات فهي معروفة وفضحت بشكل واسع من قبل الاعلام المقروء والمكتوب والمسموع والرؤيا، ولهذا نقول بعد سقوط النظام الدكتاتوري بالاحتلال الأمريكي البريطاني فقد كانت الحقب السابقة زاخرة بالتضحيات الجسام البشرية والمادية بما فيها استخدام الأسلحة الكيمياوية من قبل حكومة البعث بقيادة الدكتاتور صدام حسين، وبسقوط النظام الدكتاتوري تنفس الصعد ليس الكرد فحسب بل أكثرية الشعب العراقي باعتبار ظهور مرحلة جديدة من العلاقات وتفهم جيد لحقوق الشعب الكردي وباقي القوميات الأخرى، وخلال الحقبة الأولى تم سن الدستور وكانت المادة 140 واضحة وسارت الأمور بشكل طبيعي لإنهاء حقب سابقة مملوءة بالخلافات والقتال والبدء بمرحلة جديدة بأمل أن تنتهي فيها الخلافات وتتحقق فيها طموحات ليس الكرد والقوميات الأخرى فحسب بل الشعب العراقي بجميع مكوناته ولتبدأ مرحلة البناء والتطور والحرية والديمقراطية والتخلص من الإرث القديم، الا ان ذلك تبخر مرة أخرى بسبب سياسة المحاصصة الطائفية ثم النهج العدائي الشوفيني الذي سلكه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ولم يبخل باي وسيلة لزيادة الشقة والخلاف والتنكر للاتفاقيات وتجميد المادة ( 140 ) من الدستور التي تنص على حل الإشكاليات حول كركوك والمناطق المشتركة المختلف حولها، لا بل أنهُ سعى الى تأجيج العداء لاي حل بين المكونات والتخلص من المحاصصة الطائفية ولم تقتصر رئاسة نوري المالكي على وضع العصي في عجلة الحلول الطبيعية بل تواصلت سياسة المشاكسة والتنكر للحقوق والاتفاقيات المتفق عليها في حقبة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي واستمرت بهذا الشكل في عهد عادل عبد المهدي الذي ساهم عهده في تعميق الازمات وعدم إيجاد حلول للمشاكل التي دمرت أكثرية الشعب العراقي مما أدى الى تواصل الاحتجاجات والمظاهرات حيث تكللت بانتفاضة تشرين التي ساهمت في استقالته من رئاسة الوزراء ثم اخيراً وليس اخراً تكليف السيد مصطفى الكاظمي بتشكيل الوزارة الجديدة ، ونجد ان السيد مصطفى الكاظمي يواجه عدة قضايا تحتاج الى حلول البعض منها على وجهة السرعة والأخرى وضع خططاً زمنية للمباشرة في ايجاد الحلول لها، ومن بين هذه المشاكل العلاقة مع الإقليم والتفاهم بخصوص العديد من القضايا وبخاصة الفساد والنفط ثم المادة ( 140 ) والمناطق المشتركة وقضية كركوك وقضايا أخرى وليس عن طريق قطع رواتب حوالي مليون وربع عائلة في ظروف وباء " كورونا" وعلى ما يبدو انه يدل على المضي في المشاكل بدلاً من إيجاد الحلول لها، واذا كانت قضايا النفط واللغط الدائر حولها وكيل الاتهامات بشكل لا مسؤول ومغرض احياناً فهي شماعة لا نعفي حكومة الإقليم من البعض من تصرفاتها الخاطئة، لكن نضع المسؤولية على عاتق الحكومة المركزية لأنها تستطيع إيجاد الحل العادل متعاونة مع حكومة الإقليم، اما قضية الخلاف حول النفط وغيره فكما أشار رئيس الجمهورية برهم صالح "ضرورة الاحتكام إلى الدستور، والالتزام الكامل بقانون الموازنة واستحقاقاتها والمصلحة الوطنية للوصول إلى تفاهمات مؤسساتية غير مرهونة بالاعتبارات السياسية، وتحفظ حقوق العراقيين كافة".
كما يجب على الحكومة الجديدة التفكير الجدي في قضية معاناة آلاف العاملين في القطاع الخاص البالغ عددهم وحسب الإحصائيات وما أكده رئيس الجمهورية برهم صالح حوالي (8 مليون عامل هؤلاء ليسوا كرداً فقط) الى جانب الموظفين والالوف من العائلات التي لا تتقاضى اية مساعدة من حكومة الإقليم، وبدلاً من المضي في إيجاد الحلول الصحيحة خلق مشكلة جديدة.
ان الحل الحضاري لقضية الخلافات مع الإقليم والقوميات المتآخية الأخرى هو الايمان بالحقوق المشروعة والتفاوض السلمي وخلق المناخ للثقة بعد ان تزعزعت جراء السياسة الخاطئة التي مارستها الحكومات المركزية السابقة والبعض من الممارسات التي قامت بها حكومة الإقليم، الثقة يجب ان تعود اقوى وأكثر عمقاً لان المخاطر المحدقة بالعراق سوف تضرب عميقاً في كل الكيانات والقوميات وفي الاستقلال الوطني وعند ذلك ستكون الكارثة بما فيها التدخل الخارجي في شؤون البلاد تصيب الحكومة المركزية ومعها حكومة الإقليم اي بالمعنى الواضح جميع مكونات الشعب العراقي.
2308 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع