بسام شكري
الاقتصاد العالمي بعد فايروس كورونا اقتصاد البيئة والطاقة المتجددة
أن ظروف التباعد بين البشر قد أدت الى خلق نظام حياة جديد فيه من الفوائد الاقتصادية والبيئية والصحية والنفسية الكثير , فالعمل عن بعد سيؤدي الى تطور كبير في صالح الاقتصاد حيث ان ما يزيد على 25% من موظفي القطاعين العام والخاص ليس بحاجة للعمل يوميا في مقر العمل وهذا سيوفر في استهلاك الطاقة ويوفر في استهلاك وقود التدفئة والتبريد وبنزين السيارات وسيطيل من عمر وسائل النقل والشوارع والمكاتب وسيقلل من مصاريف الأشخاص العاملين ففي البيت هم ليسوا بحاجة لارتداء ملابس رسمية او وضع عطور او مكياج وسيوفرون الاكل الذي كانوا سيشترونه من أماكن العمل وسيقلل من تعرضهم للحوادث وانتاجيتهم ستصبح بصورة افضل لانهم سيعملون بدون ضغوطات العمل والرؤساء ولن يضطرون الى ان يجاملون زملاء العمل او يكونون تحت رقابة مدراءهم وسوف يفكرون في الابداع وتطوير أساليب العمل اكثر من السابق لانهم اصبحوا خارج روتين وضغوطات العمل.
المدارس والجامعات أيضا ستختصر عدد أيام الدوام وسيقوم المدرسون بمتابعة طلابهم عبر الانترنيت وسوف توفر المدارس في الطاقة والاستهلاك نفس ما سيوفره القطاعين العام والخاص وسوف يقل عدد المدرسين بنسبة تصل الى خمسين بالمئة لان المدرس الواحد سيتمكن من متابعة والاشراف على ضعف عدد الطلبة الذين كانوا ضمن مسؤولياته قبل الوباء وسوف يستوعب الطلبة أكثر لأنهم سوف يكونون خارج ضغوطات المدرسين واحراجهم امام الطلبة الاخرين وسوف يبدع الطلبة في التوسع في المادة العلمية.
أن التحسن في البيئة وانعدام التلوث خلال فترة الحجر المنزلي قد أدى الى زيادة في تكاثر اعداد الحيوانات البرية وذلك للحرية التي تمتعت بها والتي حرمهم منها الانسان بحركته المقصودة او غير المقصودة وان التقاء تلك الحيوانات البريد مع مجموعات أخرى من نفس الجنس كانت حركة الانسان تعيق ذلك سيؤدي الى زيادة اعدادها وتحسن صحتها لأنها ستتمتع بما يكفيها من الطعام والشراب وهذا سنتمكن من التعرف عليه بعد انتهاء فترة الحجر الصحي وسوف تنتعش الغابات والحياة البريد بشكل كبير حالها حال الزراعة التي سيصيبها حظ وافر من صفاء الأجواء وسوف يظهر بشكل كبير الزيادة في الإنتاج الزراعي كالحبوب والنخيل والحمضيات والفواكه وذلك للزيادة في التزهير وتلقيح الثمار لما أصاب البيئة من نظافة خلال فترة امتناع الانسان عن تلويث البيئة , سيصبح الإنتاج الزراعي اكثر جودة إضافة الى عامل اخر هو التطور في أساليب التسميد ومكافحة الحشرات التي ستترافق مع تطور مكافحة الانسان للفايروسات التي تصيبه وستستفاد الثروة الحيوانية من نفس ذلك التطور وسوف تحصل طفرات جينية وراثية إيجابية في الحياة البرية كان الانسان بحاجة ماسة لها وسوف يتغير المناخ وسيصبح هناك شبه استقرار مناخي فلا تغيرات مناخية مفاجأة ولا رياح او امطار غريب في غير موسمها كل ذلك بسبب توقف الانسان عن تلوث البيئة . هناك من يقول من يضمن ان الدول الكبرى سوف لن تقوم بعمليات غزو وحروب في الكرة الأرضية وتعيد تدمير البيئة؟ الجواب هو ان عالم ما بعد كورونا سيكون عالما جديدا ستختفي تلك الدول التي كانت تعتبر نفسها قطب العالم الوحيد والتي كانت ترفض تطبيق قوانين الحفاظ على البيئة وسوف تختفي كذلك الدول اللقيطة الصغيرة التي تهدد جيرانها بانها تمتلك قنابل نووية يمكن ابادتهم بها وستختفي من العالم الكثير من الأنظمة التي كانت تكذب على شعوبها.
سيفهم الانسان ان الطبيعة جزء من جسده فاذا أهملها أهمل جسده وان صانها صان جسده وانه ليس سيد الأرض وانما هو جزء من المخلوقات التي تعيش على الأرض وان الحيوانات والارض وجدت لخدمته باستخدامه العادل لها وليس باستخدامه الهمجي الذي سيصيبها بفقدان التوازن البيئي وفي مجال تأثير الصناعة على البيئة فان الصناعة وما تخلفه من اثار على الانسان والطبيعة سيكون ضمن مواصفات محددة ومتوازنة وليست مفتوحه وبدون تنظيم وسترضخ دول رأسمالية كانت ترفض اتفاقيات المناخ المتعلقة بالانبعاثات الحرارية والتلوث وسيصبح عدم الالتزام باتفاقيات المناخ جريمة يعاقب عليها القانون الدولي وستعرف كافة الدول اننا جميعا نعيش في ارض واحدة تمثل بيتا واحدا للجميع وكلنا مسؤول عن نظافة بيتنا .
النمط التقليدي للحكومات وميزانياتها واولوياتها سيتغير حتميا بعد انتهاء الحجر الصحي فان الجانب الصحي سيكون له الأولوية في كل شيء فحياة الانسان ستصبح اهم من كل شيء ووزارة الصحة ستأخذ من جهد ومال الحكومات الكثير لان الانسان السليم سيقدم لنا انتاج افضل واكثر من الانسان المريض وستقوم الدول بالانتباه الى حالة الإهمال التي كانت سائدة في السابق لمراكز الأبحاث الطبية لان تطور الحياة البشرية سيطور أيضا الامراض والفايروسات لذلك سوف يسعى الانسان الى إيجاد علاجات مختلفة للأمراض الطارئة وسوف يتم التركيز على نظام المناعة وسيقوم الانسان ببذل جهود جدية في مكافحة امراض عديدة كانت تفتك بالبشر مثل الايدز والسرطان وكان هناك اهمال مقصود وغير مقصود في انتاج لقاحات مضادة لتلك الامراض وستدخل عوامل جديدة في صناعة الادوية بعد ان يتم دعم مراكز الأبحاث وتقديم التسهيلات اللازمة لها وسيتوقف بعض من جشع مافيات الادوية التي كانت تحول دول انتاج ادوية فعالية ورخيصة وسريعة النتائج لان مراكز الأبحاث الطبية ستصبح بمركز اقوى واكثر استقلالية وستصبح بعيدة عن جشع بعض شركات الادوية الكبيرة وسيكون هناك دور كبير في عملية انتاج وتطوير الادوية والفيتامينات في المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية وفي المقابل سوف تكون هناك حملة عالمية وتشريعات قانونية ضد الأغذية والصناعات التي تقوم بتدمير نظام مناعة الانسان والتلاعب بالمواصفات او الالتفاف حول القوانين وسوف تصدر قوانين صارمة تحدد طريقة استهلاك تلك الأغذية وفي نفس الوقت سوف تظهر شركات تعتني بصحة الانسان وتختفي شركات كانت تبيع الموت للإنسان على انه غذاء وهذا يعني ان شركات الأغذية ستصبح اكثر إنسانية .
ومثلما كان اختراع الاتصالات الفضائية وما تبعها من الاتصال عن طريق الانترنيت والموبايل والايميل في بداية التسعينات قد ساهم في تسريع حركة الاقتصاد وتوفير الوقت والجهد وجعل العالم قرية صغيرة فان هناك اختراعات جديدة سوف تظهر لتسرع في جوانب مختلفة من حياتنا وتعطي جودة أعلى للحياة وتوزيعا اكثر عدالة للموارد البشرية وسوف تنتعش الموارد الزراعية والحيوانية في دول كانت تعتمد على موارد أخرى كالبترول والمعادن , الثروة السمكية في الأنهار والبحيرات والبحار سوف يصيبها نصيبا اكبر من الانتعاش لعدم استعمال الانسان لتلك الأماكن والتكاثر الهائل للمخلوقات البحرية نتيجة لتوقف التلوث نتيجة للحجر الصحي للإنسان وسوف يكتشف الانسان كمية وأماكن التلوث التي كان يسببها مما يجعله اكثر فهما للغة الطبيعة وهذا الذي سوف يؤدي الى تكاثر الثروة السمكية في كافة انحاء العالم وسوف يدخل عالم البحار في صلب الحياة الإنسانية وسيكتشف الانسان موارد ومصادر للطاقة في البحار والانهار لم تكن معروفة من قبل.
أنظمة حكم كثيرة ستنهار وأنظمة حكم أخرى ستتطور لان تجربة مواجهة فيروس كورونا سوف تثبت من كان يكذب على شعبه ومن كان صادقا مع شعبه أحزاب عريقة سوف تخرج من عالم السياسة لان جمهورها ستكتشف انها أصبحت خارج الزمن وخارج مرحلة ما بعد الحجر الصحي.
سيكتشف العالم مدى الحب الذي كان يتمتع به البعض منهم ومدى الكره الذي كان يتمتع به البعض الاخر وهذا يشمل مستويات التضامن والمساعدة مقابل حرب الأسعار واستغلال الفرص ومستويات ارقى لفهم الشعوب للمفهوم الروحي للدين في المقابل سينفر الناس من مفهوم التعصب الديني الغبي الفارغ الذي كان يستغل بسطاء العقول والسذج وسيصبح الفكر الديني اكثر عقلانية وواقعية وتعقلا من ذي قبل وستترسخ مستويات الانضباط والالتزام بالتعليمات الحكومية وبالأنظمة والقوانين المختلفة عالية جدا في مقابل فترة التمرد والمعارضة المتطرفة والغير مبررة التي كانت سائدة في بعض المجتمعات , سيصبح العالم اكثر جدية وحرصا من السابق .
الدولة القوية في المستقبل ستكون الدولة التي يتمتع سكانها بأفضل صحة وأكبر معدلات للعمر وليس الدولة التي تمتلك جيوشا تحتل بلدان الاخرين بدون وجهة حق وبتهم باطلة.
من ناحية التعقيم والعلاجات الجديدة التي سيستعملها الانسان في فترة ما بعد الحجر الصحي فسوف يشهد العالم قفزة هائلة في عالم الوقاية والتعقيم في استخدام أساليب جديدة منها تكنلوجيا النانو مثلا في تعقيم المنازل والمحلات التجارية والطائرات والقطارات وتعقيم الانسان الذي سوف يستعمل تلك الوسائل في التنقل وسوف يتم استعمال تكنلوجيا النانو في تعقيم الحيوانات وحظائرها بشكل واسع مما سيطيل من عمر الحيوانات ويزيد من انتاجها وسيقلل من اصابتها بالأمراض بشكل كبير ومن جانب العلاجات التي سيستعملها الانسان لنفسه حيث ستدخل بفوة علاجات كانت مافيات الادوية تحاربها لرخصها ولفعاليتها ولأنها كانت ستغني الانسان عن استعمال الادوية التقليدية ودفع الكثير من الأموال لتلك الشركات مثل العلاج بالأوزون الذي شهد حربا ومقاطعة منذ اكتشافه في النمسا من فترة الخمسينات من القرن الماضي لغاية الان والعلاج بالهيدروجين الذي كان له نفس النصيب من تلك الحرب وسوف يتم استعمال اشعة السكلرويف على نطاق واسع في العلاجات المختلفة والاصابات الناتجة عن الحوادث المختلفة ومن الجانب التكنولوجي فان اشعة السكلرويف ستؤدي الى قفزة هائلة في حركة الانسان وتنقلاته واستخدام القطارات والطائرات والرحلات للفضاء .
صحيح اننا فقدنا الكثير من البشر لكن الدروس المستقات من فيروس كورونا سترفع من متوسط الاعمار في معظم الدول، كورونا أدت الى انهيار أسعار النفط وهذا سيؤدي الى انهيار اقتصاديات الدول التي كانت تعتمد على بيع البترول مما سيجبر تلك الدول الى الاتجاه نحو الصناعة والتكنلوجيا والزراعة وهذا كله سيكون في صالح البشرية.
انا لست متشائما من سنة 2020 بل في قمة التفاؤل لأنها كانت درسا بليغا للإنسانية وفي هذه السنة سيجبر الانسان نفسه من خلال حاجاته على تطوير اختراعات وأساليب جديدة ستكون قفزة في حياة الإنسانية , لقد كنا في امتحان عسير فقدنا فيه مئات الاف من الأحبة لكي نفهم قيمة النعمة التي ننعم بها، انها حكمة الله ودرس بليغ في الحياة، ولقد دخلنا في اختبار عسير وسنخرج منه اقوى وأكثر تفهما لمعنى الحياة.
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1682 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع