سباق الإشاعات للإعلام في زمن الكورونا

                                                      

                           د. فاضل البدراني*

سباق الإشاعات للإعلام في زمن الكورونا

لمجرد أن تقع الأحداث أو الكوارث، تبرز الإشاعات وتنتقل كالنار في الهشيم ،وتتجاوز المسافات وتتخطى الحواجز والحدود في محاولة دمج مجتمعات لها في غاية تشكيل رأي عام تؤثر به وتتصرف معه وفق أجندة خططت لها الجهة التي أفتعلت الإشاعة بهدف تحقيق نجاحات تصبو اليها سواء على مستوى الجماعة الصغيرة أو المجتمع أو الدول، بحثا عن مكانة مؤثرة ،أو تحقيق مصالح مهمة على حساب الجهات والأطراف الأخرى المنافسة لها ،وأول ما تفكر به البحث عن الآليات التي تمكنها من تحقيق التوسع والانطلاق،وجائحة كورونا من أبرز الموضوعات التي وفرت الفرصة للشائعات لافتراس عقول الناس عالميا. 

الإشاعة بديل الإعلام
الإشاعة أو الشائعة هي خبر أو مجموعة أخبار مزيفة ومفبركة بطريقة ذكية تستثمر في ظروف ملائمة لانطلاقها وبقدر ما هي مزيفة وفاقدة للمصدر الأصلي أو المعني فأنها تمتلك جزئية بسيطة من المعلومات الدالة على الحادثة فتستثمرها لتكون فرصة للنفخ بها حتى تتحول الى بالونة يتوقعها البعض تحمل من الخطر بأبعاد عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ما يجعلهم يبحثون عن مكان انفجارها وخطر تشظيها، وبنفس الوقت فأنها مشوقة ومرغوبة لدى الناس، وهي تهدف الى زرع بذور الشك والخوف والرعب سبيلا للاستسلام، والإشاعة هي " اصطلاح يطلق على قدرة توظيف جزئية معلوماتية محدودة ليؤمن بها من يسمعها" ولا يمكن للإشاعة أن تتخطى مديات بعيدة ما لم تحقق فعل ملموس على سبيل نسبة وفيات فيروس كورونا وصلت الى عشرات الآلاف من البشر فأصبحت كل الإشاعات مقبولة ومرغوبة التداول، لذا فأن بروز الإشاعة دليل غياب الإعلام الفاعل في كشف الحقائق ودحض الافتراءات، وفي أمور غامضة بعيدة عن أجواء وغرف التحرير الصحافي أو قدرة الصحافيين بالوصول اليها، فأن عقولا سياسية ذات توجهات إستراتيجية على مستوى مهم للتأثير بالعالم،تمارس طبخات وفبركات أو إشاعات تتماهى مع أحداث تتعلق بالصحة العامة أو الاقتصاد أو حروب طاحنة على مستوى كونين وفي هذه الحالة تنتعش الإشاعة وتنتقل بسرعة البرق متجاوزة حدود دول وقارات عدة، ولمجرد الوصول لهذه المرحلة تبدأ تلك العقول بجني نتائج ما خططت له، ولا أستبعد أن تكون حالة العالم اليوم في أزمة جائحة كورونا من هذا القبيل، لكن لا أستبعد أيضا أن تتمخض عنها نتائج إيجابية تجعل العالم أكثر عدلا وعطفا واستقرارا من حيث توفير خدمات التربية والصحة والعدالة الاجتماعية، مقابل اضمحلال القوى الاقتصادية المادية إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار، أن "حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر".
والإشاعة لم تعد لوحدها متهمة من قبل المختصين وخبراء الإعلام بل هناك توجهات أخرى لوسائل الإعلام تتعامل مع أخبار كاذبة لا تختلف كثيرًا عن الإشاعات والبروباغاندا، وإن أسباب انتشارها يعود الى ما بات يسمى ب" النموذج الاقتصادي الجديد لوسائل الإعلام" الذي يجبر وسائل الإعلام تلجأ للفت انتباه القراء والمتابعين لتمويل ديمومة تواصلها ، فالمعلن بالوقت الحاضر لم يعد يبحث عن الصحيفة الأكثر مبيعا وتوزيعا بل يبحث عن الوسيلة الأكثر متابعة من القراء التي توفر أخبارا مثيرة ،الأمر الذي يجعل عددًا من هذه المواقع تلجأ لاختراع الأخبار وتكذيبها في آن واحد "الجدلية الإخبارية " من أجل تحقيق عدد أكبر من المتابعات بأقل عدد من الصحفيين تفاديا من زحمة تكاليف تشغيلهم. كما توجد جدلية أخرى تتمثل في حجم المواد والتقارير الإخبارية التي يتم نشرها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما في الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية؛ فهي تنتمي الى مدرسة إعلامية جديدة " عاجل وخطير" وهذه تركز على الأخبار العاجلة والقصيرة والمقتضبة بدون أي محتوى، وهي من سمات وسائل التواصل الاجتماعي التي تحاول الهروب من الملل مع لفت الانتباه إلى مدى تأثيرها على نسبة المقروئية، وأمام هذا فالقاريء يبحث عن المصداقية بالأخبار والتقارير،ما يجعله يتشبث بالصحافة الجادة بتقاليدها القديمة لكن على الانترنت لصعوبة توفر الصحيفة الورقية. ويكاد يكون موقع فيسبوك المتهم الأكبر بالترويج للأخبار المفبركة، وتقول شركة "جمب شوت" المعروفة بالتحليلات الشهيرة ،في تقرير لها في ديسمبر/كانون الأول 2017، حول المواقع التي تتعامل بالأخبار المضلِّلة، والتي تعتمد بشكل كامل على موقع التواصل فيسبوك، للحصول على أعلى معدل زيارات لها، وبحسب التقرير فأن المواقع الوهمية تحصل على أكثر من 70% من حركة المرور الخاصة بها من خلال زيارات المستخدمين القادمة من فيسبوك، وعلى النقيض من ذلك، تحصل المواقع الإخبارية المهمة على أقل من 30% من عدد الزيارات الخاصة بها، مثل "نيويورك تايمز.
الإشاعة الرقمية وعصر الانفلات
عندما سئل الرئيس الصيني شي جين بينغ عن التدابير التي إتخذتها بلاده في مواجهة جائحة كورونا قال "أن الخوف والهلع والمبالغة من المرض هو أوجع وأخطر من المرض الفعلي" لذلك فإن ممارسة التضليل والتفنن في فبركة الإشاعة عبر توظيف التكنولوجيا الحديثة قد تسبب انتكاسات اقتصادية واجتماعية ونفسية على مدى بعيد، واستغلال الإشاعات والضخ الذي تعرض له الإنسان عبر (Social Media) ومنها فيسبوك وتويتر ويوتيوب،وتطبيقات واتساب وفايبر، جعلت الكثير من الناس يتحول طبيب أو عشاب أو طبيب نفساني أو منتج فكري هدام، وكثيرا من الناس تحول الى عراف وساحر وفنان في اختلاق الإشاعة بما يعزز مكانته بين الناس أمام الهلع والرعب الذي يسمح بإشاعة الأساطير والخرافات في ظل أزمة كورونا، ولكن التفكير المنطقي للدول يتطلب منها أن تتحلى بالحقائق وأن تسخر الإعلام لخدمة القضايا الإنسانية والوطنية،ويمنح ميكانزمات المواجهة ليكون لسان ناطق معبر عن متطلبات الجمهور ويحقق حاجاتهم حتى لا تختلق فجوة معرفية تسمح للإشاعات أن تتناقل كالطفيليات حين تعتاش في المياه الآسنة والراكدة.ويقينا أن أزمة كورونا أنتجت خوفا من نتاج الإشاعات يفوق أضعاف المرات المخاطر الصحية الحقيقية، وفرضت الحرب النفسية والقلق بدرجة كبيرة،وكاد بالإمكان ألا تكون بكذا حال، بدليل أنه في بعض السنوات الماضية أن إحصائيات صحية أميركية تشير الى أن نحو 12 مليون شخص يموت بالأنفلونزا العادية،هي أكثر من ضحايا كورونا بكثير،بينما لم تركز عليهم التغطيات الإخبارية من دون أن تلاحقهم الإشاعات؟.
ومع التحولات الرقمية والتقنيات الحديثة المذهلة في عالم الاتصال والتواصل والتوسع في مواقع التواصل الاجتماعي والأشكال المختلفة من (Social Media) وبروز دور الصحفي الرقمي، تحول العالم جميعا الى أرض خصبة مهيئة وبقدرة مؤثرة في تداول وقبول هذه الإشاعات والأخبار المفبركة مع سهولة الانتشار، ويمكن تسميته ب" البؤرة الملغومة من الخطر الفكري" فكثرة الضخ من الإشاعات تسبب خروج الإنسان عن سلوكه ليقع ضحية وفريسة لصاحب الهدف، وبغض النظر عن أنواع الإشاعات إن كانت رمادية أو سوداء أو بيضاء أو غيرها، لكن من الضروري تصنيف طبيعة الأهداف في ذهنية الجهة التي أطلقت هذه الإشاعات.والإشاعة يمكن أن يطلقها شاء من شاء لكن تحديد آليات وقدرات ومستلزمات نجاحها تكاد تكون صعبة للغاية فهي حتما ذات توجهات إما اقتصادية أو سياسية أو عسكرية أو إجتماعية وربما جميعها، فالإشاعة إن لم تكن قد حققت أهدافها، قد تعود بالضرر على جهة إطلاقها ، كونها في واقع الحال حرب شرسة سلاحها القدرة على تسويق الكذب والتلفيق المتعمد بحثا عن تحقيق غاية معينة في صدر أصحابها. وربما تنطلق الإشاعات بشكل متأخر، تكاد تكون الإشاعة الحقيقية أو الأساسية نجحت في الوصول لمديات واسعة من تحقيق الغايات التي انطلقت منها.
أصل الشائعات ؟
تنطلق الشائعات في ظل حالتين، الحالة الأولى عندما لا تتوافر مصادر رسمية صادقة للأخبار ،تحصل فجوة معلوماتية وتظهر شهية الجمهور باحثة بفضول لإشباعها عن تفاصيل ما يجري من أحداث فتقوم جهات الفعل بممارسة دورها باستغلال تلك الحاجة لدى المتلقي بإطلاق الشائعات والأخبار الملفقة ،والحالة الثانية عندما لا تتمتع المصادر الرسمية بثقة الجمهور فتكون الشائعة قد أخذت مكانتها في الانتشار بين أوساط المتلقين لواقع فرضته حاجة الجمهور بالبحث عن الأخبار والمعلومات حول تطورات الأحداث خاصة في حالات الكوارث والحروب، عندها يتشكل الرأي العام ممثلا عن الشائعة.ولا اتفق مع رؤية بعض الدول بمحاسبة المواطنين عند قيامهم بممارسة إعلامية بحتة تهدف توعية الناس بالمخاطر المحدقة، بينما تعدها السلطات الحكومية على انها إشاعات مغرضة،وتلجأ للمحاسبة القانونية والتكميم كما فعلت الصين مع ثمانية متخصصين بالإعلام الصحي مع بداية انتشار جائحة كورونا في ولاية ووهان، عندما حاولت إخفاء الكارثة عن مواطنيها حتى أنهم كانوا آخر من يعلم بالوباء، حيث تجاوزت العمل بالوعي الإعلامي بشفافية ومصداقية ومكاشفة حقيقية لشعبها، وكبح جماع الشائعات فقط بإشباع الرأي العام بالمعلومات الدقيقة عبر ماكنة الإعلام الخدمي. والإشاعات اللاحقة الواردة من مصادر ثانوية التي تتعلق بالأحداث هي من تكون في كثير من المرات مصادر للإشاعات المربكة للناس.وفي قضية فيروس كورونا على سبيل المثال احتدم التناقض بالآراء ،إذ تحدثت طبيبة مصرية تعيش في أميركا في فيديو، متهمة الجانب الأميركي باختلاق الإشاعات لأغرض تجارية،وانتقدت كل من يستخدم الكمامات والقفازات لعدم وجود مبررات لهان معتبرة الموضوع مجرد فبركات الغاية منها تحقيق مصالح اقتصادية دولية، بينما طالبت طبيبة لبنانية ظهرت في فيديو باستخدام الكمامات والقفازات للوقاية من فروس كورونا الذي سيصيب العالم جميعا،وبنفس الوقت قالت منظمة الصحة العالمية بأن الهواء غير ناقل للفيروس ثم تراجعت عن رأيها، في حين حذر طبيب عراقي في مقابلة تلفازية من أن الهواء ناقل للفيروس، حتى انتعشت التغريدات عبر تويتر على أن فيروس كورونا جبان لا يتمكن من فتح باب منزلك لكنه يتربص بك خارجه.
شائعات كورونا
السؤال من يعرف حقيقة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19 " الذي بدأت وسائل الإعلام تتناقله منذ نوفمبر 2019 إن كان حربا بيولوجية مقصودة أم قصة ذات أغراض سياسية واقتصادية مفتعلة بين الولايات المتحدة والصين، ومن الطرف المعتدي والمعتدى عليه منهما، ثم لا ندري إن كان هناك خطأ تكنولوجي ناجم عن خطأ بشري متعمد أم غير متعمد ؟ وهل هذا الخطأ حصل في الولايات المتحدة أم في الصين أم في إيران أم في ايطاليا ؟ من يعرف حقيقة وأصل الجائحة، وبالرغم من تزايد المقالات العلمية حول الفيروس،لا يزال هناك العديد من الغموض يكتنف أصل الموضوع، في أي الحيوانات نشأ ؟ هل نشأ في الخفاش أم آكل النمل الحرشفي أم أنواع برية أخرى؟، هل هو غاز ينتقل عبر الهواء أم فقط عبر الاتصال البشري الناقل له ؟ ومن أين أتى؟ هل جاء من كهف أو غابة في مقاطعة هوبي الصينية ؟ مرت خمسة شهور على عمر الجائحة لكن للآن نصادف التناقض بين تقارير منظمة الصحة العالمية في بداية الوباء وفي نهايته، نشك في روايات طبية أميركية وصينية وغيرها ،لذلك قد أوصلتنا النتائج الى انه يوجد خطر حقيقي لكن لم نتعرف على مصدره أو منشأه،ومن الطرف الذي يقف وراءه؟ لذلك يمكن الوصول لنتيجة بأن هذا الوباء هو حقيقة ثابتة، لكن قد يكون ناجم عن فعل بيولوجي خارج فعل الإنسان،أو هو من فعل الإنسان، وفي الحالتين فأن الشائعات أصبحت مادة الإعلام الإجتماعي،وتشكل خطورة أكثر من المخاطر الحقيقية للفيروس بدليل أن الإنسان يحتاج أن يتمتع بمعنويات عالية كوقاية للوقاية وكذلك تحمل المرض.وفي مرات عدة يدفع الفضول البعض لمن يعشق بث الشائعات، ومنها على سبيل المثال أن مدينة الطب ممتلئة بجثث ضحايا كورونا،أو مستشفى النعمان ببغداد وصلت له 16 إصابة بكورونا ومستشفى النجف مليئة بالمصابين والجثث وغير ذلك،وعند التحري يتبين أنها مجرد معلومات ملفقة لا صحة لها، قد يكون الغاية منها سوى خلق الإرباك، دون أن يدرك أن مشاعر الناس مهتزة ومرعوبة، لغرض معين وربما في غالبيتها ناجمة عن مجرد فضول بشري يتكيف بالتعامل مع ثقافة الشائعات في الظروف الاستثنائية، لكن بالمجمل فأن "كوفيد-19 " شكل زخما كبيرا في اختلاق الشائعات والدعاية المغرضة،كما روجت بظروفه الأخبار الكاذبة والملفقة لسببين الأول يتمثل بالبطالة والحجر المنزلي الذي دفع الناس لاختلاق الإثارة والتشويش والسبب الثاني ، بتوقف الفعاليات والنشاطات غابت المصادر الحقيقية للأخبار فحلت بديلا عنها الشائعات.

نظرية المركب المرعب
بغض النظر عن نتيجة التساؤلات المطروحة عن مخاطر وباء كورونا إن كانت بهذا المستوى من الخطورة أو أقل من ذلك، وإن كانت ناجمة عن خطأ مقصود أو خطأ بيولوجي في مختبرات لتطوير الفيروسات بشكل غير مقصود، لكن وراء كل ذلك ظهرت إشاعات مرعبة ومخيفة ليس على مستوى الإنسان بل على صعيد الدول الكبرى مثل أوروبا التي فشلت في مواجهة الجائحة وإدارة المجتمع صحيا وتغذويا واقتصاديا، فتولد لدينا شك يقود الى ما هو خلف المعلن والمكشوف من خفايا مستقبلية قد تواجهنا لما بعد انتهاء هذه الأزمة إن كانت هي فعلا حرب بيولوجية بين الولايات المتحدة والصين أم لا،وربما تستند الظنون على رأي سابق يقول "إذا أميركا عطست فالعالم يصاب بالإنفلونزا"، وإذا "الصين توقفت لحظة من الإنتاج فأسعار البضائع ترتفع كثيرا في السوق العالمية". كل هذه الآراء تجعل من الضروري أن يتوجه الإعلام الى تبني مسؤوليته الاجتماعية في حماية الإنسان والمجتمع من الخوف والحرب النفسية التي يعاني وطأتها العالم، مع التركيز على ما بعد نشر الأخبار من حيث التحليل والتمحيص بما قيل ويتصدى لما سيقال بالتحليل والتفسير والنقاش بغية حماية التوازن الفكري الذي يديم استقرار المجتمعات والدول واستقرار الحياة سيما أنه بالإمكان الأخذ بنظرية" المركب المرعب" ذلك الرأي الذي يصور العالم في مركب غير متوازن يسير في بحر هائج وكل من عليه يعيش لحظات الخوف من الغرق والموت، فالظروف الاستثنائية عندما تحاصر شعور الناس جراء الحوادث والكوارث والأمراض الوبائية تعد استثنائية، ينبغي أن تستحضر لها منهجية في العلوم الاجتماعية والنفسية والاتصالية في قياس طبيعة تفكير الإنسان وسلوكه على أن يكون لوسائل الإعلام جهود استثنائية ومنهجية نوعية تتطابق مع النظريات المعدة، تفوق ما هي عليه في الظروف الاعتيادية، ذلك بخلاف الظروف الاعتيادية التي يمكن الأخذ بنظرية "كرة الثلج" المتدحرجة بالمعلومات في عالم التفاعلية والتواصلية ويوصف ب"عالم شريحة الموبايل" الأكثر دقة من مصطلح "عالم القرية الصغيرة"أو حتى "الشاشة الصغيرة"،وهو نتاج جديد يعيد للأذهان ما أنتجته ظروف الحربين العالميتين الأولى والثانية من نظريات وأفكار خدمت العلوم الإنسانية والاجتماعية.
أن واحدة من مهام الإعلام المرتبط بدوائر القرار السياسي الفاعل دوليا في ظروف أزمة كورونا،تسخير الشائعات لتحويل الأنظار عن الحقائق،والأطراف المستهدفة واجب عليها أن تحافظ على التوازن ما بين دفاعها عن مواردها البشرية من جهة،ومواردها الاقتصادية والخدمية من جهة أخرى، مع الملاحظة أن العالم الرأسمالي، وكذلك العالم الآخر الذي يطمح بمنطق الظهور بالقوة الاقتصادية، فقد تبنى فلسفة الخاصة به للمعالجة تقول ليس بالضرورة أن تهدر الموارد المالية كلها لأجل حياة عدد من الناس، فمستقبل بلدانهم يعد الأهم،وهذه جزئية مهمة رصدت في تعامل البريطانيين والايطاليين والألمان والأسبان،وحتى رصدت في خطاب "الرئيس الصيني شي جين بينغ" لشعبه في أزمة ووهان عندما قال "أن الأرواح غالية وعزيزة ولكن مستقبل الصين غالي وعزيز أيضا، لن نسمح للمرض أن يقتل مستقبلنا وأن نستمر بحياتنا كما هي"، وهو يرى بأنه لا يمكن التضحية بملايين البشر من بلاده بالمستقبل ،من أجل حماية ألف ألفي شخص بالوقت الحاضر من الموت.وحتما ستنتهي جائحة كورونا وستكون هناك آراء وفلسفات مستقبلية تقال بحق الإعلام الدولي الذي لحد اللحظة نعده يتدحرج في كرة ثلج انغمس الإعلام الاجتماعي بالشائعات أكثر مما كان للإعلام الجاد ممارسة مهنية في إنقاذ المجتمع الدولي من الغرق وهو يسير على مركب واحد في مستنقع كورونا.
(*) أستاذ الإعلام – الجامعة العراقية

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

673 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع