بسام شكري
كيف أصبحت أوروبا بؤرة كورونا؟؟
بداية تفشي وباء كورونا في أوروبا كانت في الحي الصيني في مدينة ميلانو العاصمة الاقتصادية لإيطاليا وعاصمة المودة في العالم حيث أكبر تجمع صيني في أوروبا من مصانع وشركات الملابس والاحذية والحقائب الصينية ومحلات بيع بالمفرد وصالات أزياء وحتى مطاعم البيتزا الإيطالية في الحي الصيني في ميلانو صينية تقدم اجود وأرخص من المحلات الإيطالية نفسها حيث قمت بتجربتها أكثر من مرة.
لقد انتقل فايروس كورونا مباشرة من الصين الى ميلانو عن طريق انتقال الصينيين الناقلين للفايروس في رحلاتهم الاعتيادية وبقي بين الجالية الصينية وبين عدد قليل من الايطاليين المخالطين لهم لغاية يوم 19 -2-2020 حيث مباراة كرة القدم بين نادي اتلانتا بيرغامو ونادي فالنسيا الاسباني عندما تجمع الاف المشجعين من كلا البلدين في الملعب في تلك الليلة المشؤومة وكما أوضح خبير كرة قدم الى صحيفة لوبارزيان الفرنسية ان تلك المباراة قد تكون احد اهم الأسباب والتفسيرات في تفشي الفيروس في إيطاليا بشكل واسع حين خاض الفريقان مباراة الدور ثمن النهائي لدوري ابطال أوروبا في ملعب سان سيرو في ميلانو وبدأت المأساة عندما فاز فريق انتلانتا بيرغامو على ضيفه فلنسيا 4 مقابل 1 حيث بدا المشجعون يصرخون ويعانق بعضهم البعض وجميعا كانوا في فرحة عارمة وانتقل الفايروس بين المشجعين الذين بلغ عددهم 43 الف متفرج حيث يقول احد الأطباء المتخصصين في جهاز المناعة في مقابلة مع مجلة كوربير ديلو سبور انه وبعد شهر من تلك المباراة الصاخبة تفشى المرض وتمت إصابة الاف الناس ويرى الدكتور فرانشيسكو لو فاش " ان وجود الاف الأشخاص على مقربة من بعضهم البعض حيث كانوا يصرخون ويعانقون بعضهم البعض في تلك المباراة قد اسهم بشكل مباشر في تفشي الوباء وقد أصبحت تلك المباراة قنبلة بيولوجية حقيقية .
وبعد انتشار الوباء في بيرغامو وضواحيها حيث يعيش21% من الأشخاص الذي يزيد أعمالهم عن 65 عاما أعلن نادي فلنسيا الاسباني ان 35% من لاعبيه وموظفيه مصابون بفيروس كورونا.
عمدة بيرغامو السيد جورجيو غوردي وصف مباراة اتالانتا وفالنسيا التي أقيمت في 19-2-2020 بالقنبلة البيولوجية في تصريح نشرته معظم الصحف الإيطالية وأضاف في حسابه على الفيس بوك حينها لم نكن نعلم ما الذي حدث هل بدأ الفايروس بالانتشار وهل أصيب الاربعون ألف مشجع او لا , ولا أحد كان يعلم ان الفايروس كان قد انتشر خلال وبعد المباراة بين المشجعين الذين قاموا بنقله الى كل البيوت والشوارع
كيف تصرفت الحكومة الإيطالية في مواجهة الوباء
اول تصريح رسمي إيطالي كان من السيد نيكولا زينغاريتي زعيم الحزب الديمقراطي الحاكم في إيطاليا يدعو الإيطاليين الى الاستمرار في حياتهم العادية بشكل عادي وذلك في يوم 27-2-2020 أي ان الفايروس كان في بدايته وقد مضى على مباراة فريقي انتلانتا وفالنسيا سوى أسبوع واحد فقط حيث كان عدد المصابين في الفايروس 560 شخص فقط وعدد الوفيات 20 وفاة وبعد ذلك صرح باولو جينتاوني مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي لا يوجد سبب للتضامن مع الضحايا الذين فقدناهم خلال الأسبوعي الماضي بسبب كورونا وفي ذلك الوقت بدأ الفايروس بالتفشي في مقاطعة لومبارديا وخصوصا في عاصمة المقاطعة ميلانو وبدأت الحكومة باتخاذ إجراءات طارئة واغلاق مدن شمالية لحصر الانتشار وفي نفس الوقت حذرت الكثير من الدول مواطنيها من السفر الى إيطاليا والتخوف من قدوم الإيطاليين الى أراضيها بسبب الوباء لكن رد الحكومة الإيطالية كان مزيدا من التمادي وعدم الشعور بالمسؤولية وقال رئيس الحكومة بالنص ان إيطاليا بلد آمن ويمكن السفر اليه وممكن ان تأتون للسياحة وان الوباء موجود في مناطق محدودة جدا من أراضينا وتخضع لقيود على حركة الأشخاص وفي نفس ذلك الاسبوع ظهر زعيم الحزب الديمقراطي الحاكم نيكولا زينغاريتي على الاعلام وصرح بانه مصاب بفايروس الكورونا وهو نفس الشخص الذي دعا الايطاليين قبل أسبوع الى الاستمرار في حياتهم العادية كما ذكرت أعلاه .
استمر الوباء في التفشي في إيطاليا تزامنا مع اهمال الحكومة الإيطالية حيث أعلنت الحكومة بعد اول تصريح بأول إصابة وبعد شهر صدر تصريح بان عدد الإصابات وصل الى 53 الف إصابة وعدد الوفيات التي كانت اثنين تجاوز 5000 الاف وفاة وفيما بلغ عدد الحالات التي شفيت 6000 الاف فقط وبعد ان أصاب الفايروس 9000 شخص بدأت الحكومة الإيطالية على استحياء وبشكل بطيء إجراءات الحجر وبدأ النظام الصحي في إيطاليا بالانهيار واصابات كثيرة بين العاملين في المجال الصحي وأول اجراء قامت به الحكومة الإيطالية في سبيل الحجر الصحي ان أعلنت وفي تمام الساعة الثامنة مساء انها سوف تعلن عن اغلاق مقاطعة لومبارديا اعتبارا من منتصف الليل وهذا التصريح الغبي والغير مسؤول دفع الاف الايطاليين من سكان مقاطعة لومبارديا الى الهرب باتجاه الجنوب وظهرت أفلام فيديو في جميع انحاء العالم نتذكرها جميعا عن تلك الليلة التي هرب فيها الناس باتجاه الجنوب بالقطارات والحافلات وعند ذلك فقط ساهمت الحكومة بإصابة كل إيطاليا بالوباء جراء ذلك الهروب الجماعي وكان من الاجدر لها ان تعلن الحجر فورا بدون مقدمات وعدم إعطاء الفرصة للهرب من المقاطعة ونشر المرض وفي اليوم التالي يمن ذلك الهروب الجماعي اعلن رئيس الحكومة ان إيطاليا كلها تحت الحجر والفايروس قد انتشر في كل مكان.
الصين من جانبها أرسلت رئيس الصليب الأحمر الصيني الى روما في زيارة لمدة أربعة أيام للمساعدة وتقديم النصائح والارشادات في كيفية مواجهة الفايروس لكن المفاجأة الكبرى ظهرت في نهاية زيارته وخلال مؤتمره الصحفي الأسبوع الماضي عندما قال : ليس هناك حجر صحي والمواصلات مكتظة بالناس ولا احد يرتدي الكمامات وليس هناك حظر للتجول في إيطاليا وهذا التصريح يأتي بعد تصريح الحكومة الإيطالية بانها وضعت كل الأراضي الإيطالية تحت الحجر الصحي فكيف ستسير الأمور في ظل هذه الحكومة التي لم تقدر خطورة الموقف ومازالت إجراءاتها البطيئة لا تلبي متطلبات مواجهة الخطر.
هناك أسباب أخرى لتفشي الفايروس وعدد الوفيات الكبير في إيطاليا وهو ان إيطاليا ثاني بلد في العالم بعد اليابان بارتفاع معدل الاعمار وان الذين يموتون بأعداد كبيرة نتيجة لضعف نظام المناعة لديهم والسبب الثالث هم الثقافة والتقاليد الإيطالية في الترابط الكبير بين الشباب وكبار السن من عوائلهم وعادات التقبيل بين الجميع والكلام الكثير وتقارب الأشخاص في حياتهم اليومية مما يسهل انتشار رذاذ الفايروس.
البؤرة الثانية لتفشي الوباء في أوروبا هي اسبانيا التي انتقل اليها الفايروس بعد مباراة كرة القدم والذي أصاب إيطاليا أصاب اسبانيا بأعداد الإصابات والوفيات متقارب نسبيا ولنفس الأسباب تقريبا وهي التقارب بين الناس عند الكلام والتقبيل والمصافحة وعدم تقدير الحكومة الاسبانية للخطر والتأخر في الحجر الصحي وعزل المدن.
سيكون العالم ما بعد كورونا مختلفا كليا عن ما هو عليه الان , كان يفترض ان تعلن الصين عن الفايروس بشكر سريع ومنذ شهر نوفمبر سنة 2019 حتى يتمكن العالم من مواجهته وهذا سيضع على الصين مسؤوليات تعويض هائلة سواء في الارواح التي فقدت او بالاقتصاد العالمي الذي سينهار في مفاصل متعددة , لقد اثبتت معظم الدول العربية مسؤولية كبيرة في الحجر الصحي وإجراءات حماية المواطنين وفي المقابل فقد استمرت دول عربية أخرى في اسلوبها في الكذب على العالم بان ليس لديها أي إصابات مثل نظامي الحكم الطائفيين في العراق وسوريا التي يتوقع خبراء الصحة العارفين بحال البلدين وعدم توفر نظام صحي فيهما إصابات تتجاوز معدلاتها ما أصاب الصين وإيطاليا واسبانيا مجتمعة .
ان روسيا لن تتمكن من انقاذ إيران وإيران لن تتمكن من انقاذ سوريا والعراق بل على العكس كل واحد من هذه السلسلة الفاسدة من الأنظمة سوف يفكر في نفسه وسلامته الشخصية ولا يفكر حتى في شعبه فكيف سيفكر بحلفائه وشركائه في الفساد؟
ولغاية الان وعلى الرغم من الانتشار السريع للفايروس في المنطقة لم تقم تلك الأنظمة الفاسدة باي إجراءات حازمة او حقيقية بل على العكس فقد انبرت قياداتها في نشر الخرافات والخزعبلات بين الناس للترويج لمعتقداتها المتخلفة.
العالم بعد كورونا سيكون انظف واجمل وأنظمة الحكم ستكون افضل مما عليه الان فنحن الان في موسم الربيع وسيهب على كل العالم ربيع كورونا الذي سيهز عروش لم يتصور الكثير منا في يوم من الأيام انها سوف تصبح في مهب الريح.
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1070 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع