المهندس هامبرسوم أغباشيان
الصيدلي نيكوغوس ابكار الكساندريان( صاحب اول صيدليه اهليه في السليمانيه)
- ولد عام 1910 في قرية جارداخ في مدينة اورميا شمال ايران.
- تركت عائلته القرية مع بقية العوائل الارمنية والاثورية التي كانت تسكنها في بداية العشرينيات من القرن الماضي بعد اضطهادهم من قبل الاترك الاذريون، وبعد الانتقال الى عدة محطات وصلوا اخيرا الى مخيم اللاجئين في بعقوبة ، ثم انتقلت عائلته بعد فترة الى بغداد.
- بدا حياته العملية مبكرا مثل بقية ابناء اللاجئين لمساعدة ذويهم في توفير متطلبات الحياة اليومية، وكان شجاعا ، محبا للعلم وحريصا على متابعة الدراسة، ويصبوا دائما للتقدم الى الامام.
- قدم للدراسة في كلية الصيدلة وفي نفس الوقت عمل في صيدلية (دوزيان) في شارع الرشيد بصفة مساعد في الثلاثينيات من القرن الماضي. ولقد استفاد لاحقا فائدة كبيرة من الخبرة التي اكتسبها في عمله كمساعد في صيدلية (دوزيان) والتي فتحت امامه افاقا كبيرة في المستقبل، و بعد ان اكمل دراسته وحصل على شهادة في الصيدلة تم تعينه من قبل الدولة للخدمة في مكان بعيد عن العاصمة في مستشفى السليمانية، وهناك تاقلم بسرعة مع المجتمع الجديد وعمل بجد ونشاط واحسن معاملة المرضى وساعدهم وكسب محبة الجميع وبات المرضى يدعونه الصيدلي المنقذ.
- قرر تاسيس صيدلية اهليه في السليمانية ليعمل فيها بعد الدوام كما هو السياق المتبع وذلك بالاضافة الى الوظيفة الحكومية كصيدلي في مستشفى السليمانيه، ولعدم توفر المال اللازم لديه طلب مساعدة الاصدقاء ونفذ الفكرة وكانت صيدليته اول صيدلية اهلية في السليمانية.
- اشتهر في مدينة السليمانية وبات الناس يدعونه (اسكندري آزاجي - الصيدلي اسكندر)، واصبحت صيدليته مكان تجمع الوجوه البارزة في المجتمع من المثقفين والعسكريين بعد الدوام الرسمي وكان يستقبل الاصدقاء والمعارف والضيوف وحتى الغرباء في دارة وعرف بكرمه وسمو اخلاقه.
- توسعت دائرة معارفة واصدقائه في المدينة وبالاضافة الى عمله كصيدلي اتجه الى الاستثمار في الزراعة، وانشأ مع الشخصيه الكرديه المعروفه والوزير المخضرم بابا علي الشيخ محمود الحفيد الذي اكمل دراسته العليا في الاسكنديه في مصر وفي الولايات الامريكية المتحده، انشأ معة مشاريع زراعية كبيرة ومتنوعة، ولكونه رجلا ديناميكيا فقد كان ينهض في الصباح الباكر ويتجه الى المزارع لرعاية اعماله هناك ثم يرجع الى عمله في المستشفى.
- خلال سنين الحرب العالمية الثانية كانت هناك كتيبة عسكرية بولندية معسكرة في منطقة قريبة من ابار النفط في كركوك ، ولقد ازداد الطلب في تلك الفترة على المشروبات الروحية من قبل افراد الكتيبة ، وبحسه التجاري قام الكساندريان بانشاء مصنعا صغيرا لانتاج النبيذ في السليمانية لتغطية الطلب المتزايد وكان المصنع هو الاول من نوعه هناك.
- كان يبحث دائما عن مجالات جديدة للاستثمار، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية انشأ دارا للسينما في السليمانية واستورد احدث المعدات الفنية للتشغيل من اوربا ولقد ظلت دار السينما تعمل لحين انتقال صاحبها الى بغداد.
- كان عدد العوائل الارمنية في السليمانية في الاربعينيات من القرن الماضي في حدود 30-40 عائلة وكان يقودهم بنفسه ، ولم يكن لهم نادي للتجمع العائلي او كنيسة للصلاة فيها وكانت هذه العوائل تحتفل بالاعياد الوطنية والدينية خارج المدينة في المناطق الخضراء. خطط الكساندريان لتاسيس مدرسة تفتح ابوابها نهاية الاسبوع لتعليم اللغة الارمنية لهذا العدد الصغير من ابناء الطائفه وقام بتمويل المدرسة من ماله الخاص واستدعى مدرسة من بغداد لتقوم بالتدريس.
- بالاضافة الى تعدد اعماله كان من المهتمين بالسياسة ان على الصعيد القومي او على الصعيد الوطني. فقد كانت صيدليته ملتقى للشباب المثقف الذين كانوا يلتقون لمناقشة الاوضاع السياسية وتبادل الاراء وكان يتعاطف مع الاكراد وهذا النهج ادى به ان يلتقي زعيم الحركة الكردية المرحوم الملا مصطفى البارزاني وحصل بينهما تقارب وصداقة دائمة.
الصورة اعلاه في شمال العراق
الواقف في الصورة الصيدلي نيكوغوس الكساندريان مع اثنين من اولده الاربعة وهم يحملون بنادق صيد.
الجالسون، الرابع من اليمين بابا علي الشيخ محمود الحفيد ثم الملا مصطفى البارزاني .
في تلك الفترة ، فترة الملكية، كان المرحوم الملا مصطفى البارزاني مطلوبا من قبل السلطات العراقية الرسمية وكذلك من قبل المخابرات البريطانية داخل العراق لكونه قائد الحركة الكردية في العراق، ولقد قام نيكوغوس الكساندريان باخفاءه مرة في داره وانقذه من الاعتقال وفي مرة اخرى هيا له حصانه الشخصي ورافقه في احدى الليالي الى خارج مدينة السليمانية وانقذه ايضا من الاعتقال وفي كلتا الحالتين غامر بمستقبله ومستقبل عائلته ، ولكنه كان صاحب مبدأ ومخلصا مع اصدقائه. - بعد فشل ثورة قاضي محمد وسقوط جمهورية مهاباد الكردية في ايران ، تم في 31 اذار 1947 اعدام قاضي محمد وشقيقة صدر الذي كان عضوا في المجلس النواب الايراني واخرون من قبل سلطات الشاه في ساحة عامة في مدينة مهاباد، واستطاع الملا مصطفى البارزاني الذي كان رئيس الاركان في جمهورية مهاباد الانسحاب مع مجموعة من مقاتليه من المنطقة، وبعد اشتباكات عنيفة مع القوات الايرانية ثم العراقية والتركية قام بتامين العوائل البارزانية في شمال العراق وانتقل مع العديد من اتباعه الى الاتحاد السوفيتي بعد عبور نهر اراكس (آراز) على الحدود بين ايران وارمينيا (السوفيتية انذاك) والوصول الى روسيا حيث منح هناك رتبة جنرال ومكث هناك لغاية عام 1958.
- بعد 14 تموز 1958 وتغيير النظام الملكي في العراق وتاسيس النظام الجمهوري عاد الملا مصطفى البارزاني الى الوطن بدعوة من الحكومة العراقية والتقى الزعيم عبد الكريم قاسم في بغداد، وكان الكساندريان قد استقر مع عائلته في بغداد قبل مدة فزاره الملا مصطفى في داره تقديرا لوفائه له.
- في الخمسينيات من القرن الماضي وبعد انتقاله الى بغداد اسس الكساندريان مع بابا على الشيخ محمود الحفيد مذخرا للادوية وكانا يقومان باستيراد وتوزيع الادوية وخصوصا الامريكية ولكون الاخير شخصية مرموقة ومعروفة في البلد وله علاقات واسعة مع الشركات الامريكية وموضع ثقتهم فلقد حصلت الشركة على وكالات استيراد وتوزيع الادوية من العديد من الشركات العالمية ومنها شركة فايزر المشهورة للادوية.
- في بداية حقبة الحكم البعثي قررت الحكومة ايجاد حل للمشكلة الكردية وكخطوة اولى عزمت على دعوة المرحوم الملا مصطفى البارزاني الذي كان متحصنا في جبال كردستان لزيارة بغداد ووقع الاختيار على الشخصية الكردية المعروفة والموثوقة من قبل الطرفين بابا على الشيخ محمود الحفيد، ونيكوغوس اليكساندريان لكونه صديقا شخصيا للملا وموضع ثقته، للسفر الى شمال العراق وايصال الدعوة اليه. ولقد استغرقت الرحلة للوصول الى المكان المتفق عليه عدة ايام على البغال في الجبال الوعرة، وعنما وصلوا الى المكان المتفق عليه لم يجدوا الملا مصطفى البارزاني هناك، وتم نقل الوفد الى قرية قريبة لقضاء الليل ، وفي الصباح الباكر عندما استيقضوا التقوا به وكان قد وصل الى المكان بدون موعد وبعد التاكد من الاجراءات الامنية.
- انتقل الكساندريان كما ذكر سابقا في الخمسينيات من القرن الماضي مع عائلته الى بغداد واستقر في منطقة المسبح في العاصمة في محيط اجتماعي وعملي جديدين وكان له بعض المعارف من ابناء جلدته وغيرهم في بغداد . وهنا ايضا استطاع ايضا بفضل شخصيته الكاريزمية القوية وعقله التجاري وخبرته العملية ومثابرته ان ينجح في اعماله التجارية وخصوصا في اعمال المذخر الذي اسسه مع بابا علي الشيخ محمود الحفيد. ومن ناحية اخرى كانت هناك نقطة تحول في حياته الاجتماعية حيث ان المجتمع الارمني في بغداد كان كبيرا مقارنة بالسليمانية فانخرط في المجتمع الجديد بقوة واصبح مهتما بشؤون الطائفة ، وفي تلك الايام كانت هناك حياة ثقافية نابضة في بغداد حيث كان مجموعة من المثقفين يشاركون باصدار صحيفة ارمنية باسم (كويامارد) وقد اوجدوا وسطا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا نشيطا، شئ كان يفتقد اليه اثناء وجوده في كردستان ، ولانه كان يميل الى هذا الوسط بقوة ، علية اصبح احد الاعضاء البارزين في هذا التجمع الثقافي واصبحت صحيفة (كويامارد) جزء منه. وجدير بالذكرهنا بانه اصبح لاحقا صاحب امتياز الصحيفة وكان يسند الصحيفة ماديا.
- في نهاية الستينيات من القرن الماضي اضطر الى نقل عائلته الى بيروت بسبب مرض زوجته. وفي بيروت ايضا لم يتوقف عن النشاط التجاري وعمل في تجارة الاراضي السكنيه .
- توفي نيكوغوس الكساندريان في بيروت عام 1982.
-------------
المصادر:
- عائلة الكساندريان- مراسلات في ايلول 2019.
- بابا على الشيخ محمود الحفيد ( https://ar.wikipedia.org/wiki )
- ثورة قاضي محمد في ايران (https://ar.wikipedia.org/wiki/)
682 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع