معارك مينائي البكر والعميق -ح٢

                                                     

                         د علوان العبوسي

        

         معارك مينائي البكر والعميق - ح٢

معركة تحرير الميناء العميق الثانية ليلة 12/13 أيلول 1986 

                      الحلقة الثانية

24 /11 /2019

نستكمل في الحلقة الثانية معركة تحرير الميناء العميق الثانية( المصدر دور القوة البحرية في الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988)

الموقف العام

إن احتلال العدو لقاطع الفاو أدى إلى حدوث تغيير في الموقفين السوقي والتعبوي. فعلى الصعيد السوقي أدى احتلال الضفة الغربية لقناة خور عبد الله إلى تمكن العدو من السيطرة والتحكم بالممر المائي الوحيد الذي تسلكه القطع البحرية عند تنفيذها للواجبات المختلفة المكلفة بها. وكذلك أثر على المجال الجوي الذي تستخدمه السمتيات البحرية. أم بالنسبة لمينائي البكر والعميق فقد أدى إلى حالة من العزل بينها وبين الساحل العراقي فأصبحت بالنتيجة كجزر معزولة في عرض البحر.

أما على الصعيد التعبوي فقد استفاد العدو من وجوده في قاطع الفاو لنقل قطعات بحرية (لواء على بن أبي طالب) الذي يتألف من عدد كبير جداً (بحدود مائتي قطعة بحرية خفيفة) مسلحة بمختلف أنواع الأسلحة ابتداءً من المدفعية الخفيفة والراجمات والرشاشات الثقيلة وانتهاء بغيرها من أسلحة المشاة المتنوعة. مما سهل عليه السيطرة شبه التامة على خور عبد الله وخاصة نهاراً.

نتيجة للموقفين السوقي والتعبوي وعزلة الميناءين وبعدهما عن القاعدة الرئيسية (حوالي 120 كم) وامتلاك الميناءين لمختلف أنواع الأسلحة ومحطات المراقبة والإنذار المبكر إضافة إلى إمكانية استخدامها كمناطق تمركز متقدمة لزوارق الصواريخ والمدفعية للمحافظة على السيطرة على الممر الملاحي الحيوي في خور موسى. وإن بقاء الميناءين خارج سيطرة العدو سيمنعه من تحقيق أهدافه الحيوي في خور موسى. وإن بقاء الميناءين خارج سيطرة العدو سيمنعه من تحقيق أهدافه السوقية التي أرادها من وراء عبوره إلى الفاو خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار إن صمود قواتنا البرية في هذه المنطقة أدى إلى حرمانه من تطوير هجومه باتجاه الشمال واحتلاله لأي من الأهداف السوقية الموجودة في هذه المنطقة وخاصة قاعدة أم قصر البحرية أو ميناء خور الزبير. إن ذلك ولد انطباعاً لدى العدو بإمكانية القيام بالهجوم على الميناءين واحتلالهما وبالتالي إحكام السيطرة على منطقة شمال الخليج العربي. وإنهاء دور القوة البحرية خاصة فيم يتعلق بإيقاف الهجمات على مجمل حركة الملاحة قبالة السواحل الإيرانية والمنشآت الأخرى في هذه المنطقة وخاصة فيما يتعلق باستئناف حركة القوافل البحرية إلى الموانئ الإيرانية في أقصى الشمال (بندر خميني وبندر ما شهر) التي توقفت تقريباً نتيجة للخسائر الكبيرة التي حصلت فيها اعتباراً من بداية عام 1985.

بالساعة 0200 من يوم 12 أيلول 1986 شن العدو هجوماً واسع النطاق على الميناء العميق مستخدماً عدداً كبيراً من الزوارق المحملة بالقوات الخاصة والضفادع البشرية مستغلاً ظروف جوية سيئة رافقها سوء تقدير من قبل آمر قوة الواجب على الميناء العميق الذي لم يستفد من القوة الكبيرة نسبياً (قياساً بحجم الميناء) وبما متوفر لديها من أسلحة من كافة العيارات (57 ملم ورشاشات رباعية 1207 ملم وهاونات) وغيرها من الأسلحة. إذ استطاع العدو التسلل إلى تحت الميناء بهدوء وتسلق منشآت الميناء العميق بكامله وترصين مواضعه بالاستفادة مما متيسر على الميناء من أكداس مواد التحكيم والأسلحة والتحصينات الموزعة عليه.

كان العدو يستهدف من احتلاله للميناء العميق إيجاد قاعدة ينطلق منها إلى الصفحة الثانية وهي احتلال ميناء البكر وبذلك يستطيع تحقيق الهدف السوقي بالسيطرة على المنطقة ويحقق عزل اتصال العراق بالعالم الخارجي من خلال البحر وإنهاء العمليات البحرية العراقية في المنطقة، وخلق حالة من التأثير والضغط على دول الخليج العربي.

قوات الطرفين

قواتنا

تتمركز معظم قواتنا في قاعدة الخليج العربي أما السمتيات البحرية فتتمركز في قاعدة الوحدة الجوية عدا طائرتين منها إحداهما مسلحة بصواريخ اكسوزيت والأخرى للإنقاذ تتمركزان في شقة نزول أم قصر وكتائب الصواريخ الساحلية المفتوحة في أم قصر ومظلة جوية في قاطع الدفاع الجوي/3.

قوات العدو

· تتمركز معظم قوات العدو البحرية في القواعد ونقاط التمركز الكائنة في قاعدة بوشهر البحرية وجزيرة خرج ومنصات حقول النفط المنتشرة في الجزء الشمالي الشرقي في الخليج.

· يتمركز لواء زوارق علي بن أبي طالب بين الفاو وخور عبد الله.

سير المعركة

بالساعة 0230 يوم 12 أيلول 1986 أخبر رئيس أركان البحرية قائد القوة البحرية الذي كان مكلّفاً بواجب في بغداد بأن العدو شن هجوماً على الميناء العميق وأن قوة الميناء تقوم

بالدفاع عنه. فصدرت له التوجيهات وأهما دفع قوة مرتبة من زورق صواريخ وعدد من زوارق المدفعية لتقديم الإسناد للميناء وتدمير زوارق العدو القائمة بالصولة والمحافظة على الاتصال بآمر القوة بهدف رفع معنوياته وإخباره بالإجراءات المتخذة لإسناده للحفاظ على حالة الصمود في الميناء أمام الهجوم المعادي كما تم إخبار رئاسة أركان القوة البحرية، بأن القائد سوف يتوجه حالاً إلى مقر القيادة حيث تمت مغادرته بالساعة 245. والوصول إلى مقر القيادة المتقدم بالساعة 0830. يوم 12 أيلول 86 حيث اطلع على الموقف وعلم بأن العدو تمكن من الاستيلاء على الميناء.

صدرت الأوامر إلى اللواء البحري السابع واللواء البحري الخامس المباشرة بتهيئة قوة مؤلفة من زورقي صواريخ وثلاث زوارق مدفعية وأربعة زوارق دورية وعدد من زوارق الروتورك مع سرية ق خ ب من ف 1 ل مش ب/ 440 على أن تكون هذه القوة جاهزة للحركة عند الضياء الأخير ليوم 12 أيلول 1986.

بالساعة 1000 يوم 2 أيلول 1986، تم استدعاء قائد القوة البحرية إلى القيادة العامة للقوات المسلحة وتمت مناقشة الموقف على عجل وصدرت توجيهات ق ع ق م بعقد مؤتمر في قاطع البصرة يحضره رئيس أركان الجيش وقائد الفيلق السابع وقائد القوة البحرية، ومدير التخطيط، ومعاون قائد القوة الجوية للعمليات وضابطي ركن من ق ع ق م. وقد عاد الجميع بطائرتين سمتيتين إلى قاطع البصرة. وبالساعة 1600 من نفس اليوم عقد المؤتمر وكان هناك رأيان في المناقشة:

· الرأي الأول يتبناه رئيس أركان الجيش والذي يتلخص بأن هذه العملية لا تعدو أن تكون غارة، الغاية منها تدمير الموضع الدفاعي على الميناء وأسر القوة الموجودة عليه والعودة قبل الضياء الأخير من اليوم التالي.

· الرأي الثاني وقد تبناه قائد القوة البحرية، والذي أيده قائد الفيلق السابع ويتلخص بأن العدو يهدف من وراء استيلاءه على الميناء العميق إيجاد موطئ قدم عليه ثم الوثوب إلى ميناء البكر مستغلاً الوضع النفسي لقوة ميناء البكر الناجم عن احتلال الميناء العميق، وعليه يجب الإسراع في استعادة الميناء العميق وتحريره قبل الليلة اللاحقة.

بالساعة 1700 يوم 12 أيلول 1986، استقل قائد القوة البحرية إحدى السمتيات البحرية إلى منطقة الميناءين وقام باستطلاع مفصل للمنطقة والميناء العميق واستفزاز القوة فيه لمعرفة الأسلحة الفعالة على الميناء سواء الأسلحة الموجودة أصلاً أو التي جلبها العدو بعد استيلاءه على الميناء وقد ظهر نتيجة للاستطلاع بأن مدافع 57 ملم لا زالت فعالة ومؤثرة بشكل كبير حيث استخدمها العدو في الرمي على السمتية البحرية المذكورة.

لغرض تدمير أكبر عدد ممكن من أسلحة الميناء العميق ولغرض إضعاف معنويات العدو على الميناء مما يسهل واجب قوة استعادة الميناء، فقد صدرت الأوامر الفورية إلى كتائب الصواريخ الساحلية التي كانت مفتوحة في قاطع أم قصر بعد انسحابها من قاطع الفاو بإطلاق عدد من الصواريخ الساحلية بمعدل صاروخ واحد على فترات 3-4 ساعات على الميناء العميق.


بالساعة 1800 يوم 12 أيلول 1986، اتصل القائد العام للقوات المسلحة بقائد القوة البحرية مستفسراً عن الإجراءات المتخذة وفيما إذا كانت هناك حاجة تدعو إلى تدخله لتذليل الصعوبات والمعوقات إن وجدت. وتم تطمينه على رصانة الموقف واستعداد القوة البحرية لاستعادة الميناء. وهنا أكد على ضرورة تنفيذ الواجب بالاعتماد على إمكانياتنا الذاتية بعدم الاستعانة بأية جهة وعدم إحراج الجانب الكويتي في أية طلبات ومنها عدم طلب استخدام خور الصبية.

قدّر العدو من خلال الإجراءات التي اتخذتها القوة البحرية سواء الاستطلاع أو القصف الصاروخي للميناء العميق بأن القوة البحرية عازمة على استرجاع الميناء لذا قام بوضع خطة تقوم على أساس حشد أكبر عدد ممكن من زوارق لواء علي بن أبي طالب في قناة خور عبدالله ووضع بإسناده جميع نيران المدفعية الموجودة في قاطع الفاو والتي تسمح مديات رميها بتغطية قناة خور عبدالله وكانت خطة العدو تقوم على أساس إنشاء أربعة خطوط صد بين العوامتين (21) و (7) ويتكون كل خط صد من مجموعة من الزوارق المسلحة بالرشاشات الرباعية والقاذفات والراجمات، بحيث تعمل هذه الخطوط الأربعة كمصافٍ تحقق بالنهاية تدمير أكبر عدد ممكن من زوارق قوة الواجب، ولا يستطيع العدد القليل المتبقي منها من تنفيذ واجب تحرير الميناء وكان يؤكد كثيراً على هذه القوات قائلاً بأنه سيقوم بتدمير قواتنا وإنهاء الهجوم في القناة حتماً.

تم تشكيل قوة الواجب بإمرة العقيد الركن (ض. ب) مؤيد عبد الغفور الآلوسي، والذي حددت مهمته بتحرير الميناء العميق وتدمير قوة العدو الموجودة فيه بعد خرق وتدمير قوات العدو في قناة خور عبد الله وشمال الخليج العربي. وتكونت هذه القوة من ثلاثة مجاميع وكما يأتي:


· المجموعة الأولى: تتألف من زورق الصواريخ ((P-108 وزورق المدفعية (321-(P وزورق الدورية (3013-(P. 2

· المجموعة الثانية: تتألف من زورق الصواريخ ((P-106 وزورق المدفعية ((P -321 وزورق الدورية ((P-3014.

· المجموعة الثالثة: تتألف من زورق المدفعية ((P-328 وزورق المدفعية ((P-3017 وزورق الدورية (P-3018).

· حملت على زوارق المدفعية والدورية المذكورة أعلاه زوارق الروتورك وأفراد الضفادع البشرية وسرية القوات الخاصة البحرية المكلفة بإعادة مسك الميناء العميق.

بالساعة 2300 يوم 12 أيلول 1986، أقلعت قوة الواجب من قاعدة الخليج العربي في أم قصر باتجاه منطقة الميناء العميق سالكة قناة خور عبد الله. وبالساعة 5 000 من يوم 13 أيلول 1986، اصطدمت المجموعة الأولى بخط الصد الأول وحدثت معركة كبيرة استطاعت المجموعة الأولى خلالها من تدمير معظم زوارق العدو حتى أن آمر الزورق(P-108 )لم يجد أمامه -ونتيجة لكثرة عدد زوارق العدو-إلا أن يصطدم بأحد الزوارق المعادية ويغرقه بمن فيه، وهكذا تكررت المعارك مع خطوط الصد اللاحقة وفي كل مرة كانت القوة تستطيع اختراق خط الصد المعادي بعد أن تتمكن من تدمير أكبر عدد ممكن من الزوارق المعادية. وقد استطاعت قوة الواجب في النهاية أن تخرج سالمة عدا بعض الإصابات البسيطة في أبدان الزوارق وعدد قليل من الجرحى حتى وصلت العوامة (7) في مدخل قناة خور عبد الله حيث حشد العدو جميع نيران مدفعيته من الساحل على القوة إلا أنها كانت غير مؤثرة.

بالساعة 0800 يوم 13 أيلول 1986، وصلت القوة إلى منطقة الميناء العميق وبالساعة 0836 و 0838 تم إطلاق صاروخين من زورقي الصواريخ على الميناء وقبل المباشرة بالاقتحام لغرض إرباك العدو والتأثير على معنوياته فأصاب الصاروخ الأول الجزء الشمالي من الميناء بينما أصاب الصاروخ الثاني منصة التحميل مما أحدث خسائر كبيرة بالعدو تم تعرفتها من خلال الرسائل المسترقة وبالساعة 0900 باشرت القوة بالتقدم بعد أن تجمعت في ميناء البكر وانضم إليها زورق الصواريخ ((P-104 الذي كان متمركزاً على ميناء البكر وتم انفتاح زوارق الروتورك على شكل نسق أمام القوة بينما قامت القطعات البحرية بتغطية تقدمها بنيران المدفعية وقد ظهرت مشكلة خلال التقدم وهي بطء حركة زوارق الروتورك نتيجة لشدة تيار الجزر أثناء التقدم وعند ذلك أدخل تعديل على الخطة بتكليف زوارق الدورية بالانطلاق بأقصى سرعة ممكنة وإنزال القوة على الميناء تسندها زوارق المدفعية.

أثناء تقدم زوارق الدورية قام العدو بزج حوالي عشرين زورقاً للتصدي لزوارق الدورية ومنعها من الوصول إلى الميناء. وتوقفت القوة نتيجة لهذا الموقف حيث أخبر آمر قوة الواجب مقر القيادة بأن هناك عدد كبير من الزوارق الخفيفة المعادية تحاول التصدي لقوة الواجب ومنعها من تنفيذ أهدافها. عندها صدرت الأوامر إلى آمر القوة وبكل حزم على ضرورة المحافظة على زخم الهجوم وتكليف زوارق المدفعية وزوارق الصواريخ بواجب معالجة لزوارق العدو ومنعها من إعاقة تقدم قوة الواجب إلى الميناء. وبحركة سريعة قامت هذه القوة بالتصدي للزوارق المعادية وتدمير ستة منها وفرّت بقية الزوارق هاربة.

بالساعة 1130 تمكنت زوارق الدورية من الوصول إلى الميناء وباشرت بإنزال قوة مسك الميناء وكانت خسائرنا خلال المعركة جرح خمسة من مراتب القوة مع أضرار بسيطة في أبدان الزوارق.

الدروس المستفادة

لقد أمّنت قيادة القوة الجوية خلال سير المعركة إسنادا جوياً رائعاً، قامت خلاله حماية فائقة تجاه الهجوم الجوي المعادي.

المباغتة

إن إهمال آمر قوة الواجب على الميناء العميق وعدم تنفيذه لواجباته وخاصة عدم تفقد الخفراء والنقاط سواء من قبله أو من قبل ضباط قوة الواجب أدى إلى خلق حالة من التراخي مكنت العدو من تحقيق المباغتة الكاملة إذ تمكّن أفراد العدو من الإبحار والوصول إلى الميناء وتسلق منشآته بينما كانت جميع القوة نائمة.

ومما ساعد العدو على تحقيق هدفه في احتلال الميناء هو التصرف السلبي الذي اتخذه آمر قوة الواجب بعد اكتشافه لتسلق أفراد العدو منشآت الميناء إذ أمر بالتراجع أمام قوة العدو القادمة من الجزء الشمالي للميناء وتجميعه لقوة الواجب في الجزء الجنوبي من الميناء بدلاً من فتح النار فوراً وقتال العدو بكثافة نيران عالية في كل المواضع، مما كان سيخلق إرباكاً لدى العدو يجبره على التراجع أو على الأقل الاحتفاظ بأكبر مساحة ممكنة من الميناء لصالحنا لحين انجلاء الظلام والمباشرة بالتظهير حتى ولو أدى الأمر إلى تدخل مقر القيادة. والخلاصة إن عدم اليقظة والحذر وسوء رد الفعل وعدم تقدير الموقف بشكل جيد أدى إلى تمكن العدو من احتلال الميناء ويعتبر آمر قوة الواجب هو المتسبب الأول في ذلك.

التحشد

استطاعت القوة البحرية تحقيق عامل التحشد بالزمان والمكان وبحجم القوة المطلوبة إذ استطاعت أن تحقق التحشد بوقت قصير جداً من حيث لم تسمح لقوات العدو بالتحشد في الميناء العميق وتحقيق الصفحة الثانية وهي الوثوب إلى ميناء البكر واحتلاله.

الشؤون الإدارية

على الرغم من قصر الوقت المتيسر خاصة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار متطلبات تهيئة قوة مؤلفة من حوالي (14) قطعة بحرية وما يتطلبه ذلك من تأمين الصلاحية الفنية والتزود بالوقود والماء والعتاد فإنه أمكن تهيئة هذه القوة بوقت لم يتجاوز (6) ساعات وهذا يدل على المستوى العالي الذي وصلت إليه المنظومة الفنية والإدارية في قيادة القوة البحرية.

القيادة والسيطرة

تميزت إجراءات القيادة بدقة الحسابات والتحليل الدقيق لأعمال العدو خاصة فيما يتعلق بالنوايا اللاحقة لعملياته، وكذلك رد الفعل السريع المتمثل بالمباشرة بالإعداد لعملية استعادة الميناء منذ الدقائق الأولى للتعرض. وكذلك دقة القيادة والسيطرة في كافة مراحل المعركة منذ مغادرة القطع البحرية للقاعدة وحتى استعادة الميناء وما تبعها من أعمال ترصين الموضع الدفاعي على الميناء وتأمين الحماية والإسناد ليلاً في الليالي اللاحقة. وكذلك التدخل في سير العملية كلما كان ذلك ضرورياً مثلما حصل عندما توقفت قوة الواجب نتيجة لزج العدو لأعداد كبيرة من الزوارق لمنع القوة من الوصول إلى الميناء ففي حين مارست الحزم تجاه آمر قوة الواجب لمنع زخم الهجوم من التراخي أو عزت له بفرز قوة لمعالجة الموقف الناجم عن زج العدو لهذه الزوارق.

منع العدو من تحقيق أهدافه السوقية والتعبوية في المنطقة وإفشال كافة محاولاته اللاحقة لتكرار عمليات الاستيلاء على الميناءين أو أحدهما وفشلها مع ما نجم عنها من خسائر في الزوارق والأفراد إذ تمكنت ق ب في المعارك اللاحقة من إغراق والاستيلاء على عدد كبير من زوارقه وأسلحته وأسر مجاميع من أفراده وإفشال كافة أهدافه. كما أنها حافظت

على فعاليات القوة البحرية في منع العدو من استغلال موانئه المهمة في المنطقة شمال وشمال شرق الخليج العربي.

التعاون

تعتبر هذه المعركة من المعارك المهمة والنموذجية في تحقيق التعاون بين القوات المسلحة ففي حين قدّم الفيلق السابع الإسناد المدفعي في المرحلة الأولى من المعركة (خلال إبحار القوة من قاعدة الخليج العربي إلى مدخل قناة خور عبد الله) قامت القوة الجوية بتقديم الغطاء الجوي الملائم للقوة في منطقة الميناءين مما منع تدخل الطيران المعادي في المعركة.

المعنويات

عملت القوة البحرية ومنذ اللحظات الأولى لاحتلال الميناء العميق من قبل العدو على المحافظة على معنويات القطعات عموماً وذلك من خلال إشراك ضباط ركن مقر القيادة ميدانياً في كل مراحل التخطيط والإعداد والتنفيذ مع إعطاء أهمية خاصة لقوة ميناء البكر من خلال الزيارات وتأمين الاحتياجات والمتطلبات بشكل دوري العدو وتكبده خسائر كبيرة في خور عبد الله عاملاً مضافاً أدى إلى رفع معنويات القطعات المنفذة وهو ما سهل عليها تنفيذ الواجب.

توزيع الواجبات

كان لتوزيع الواجبات بشكل دقيق ومنذ الساعات الأولى للمعركة أثره الفعال في النتائج المتحققة لاحقاً من العملية فقد استطاعت كتائب الصواريخ الساحلية وزوارق الصواريخ تحقيق القصف الصاروخي التمهيدي لقوات العدو في الميناء مما كبده خسائر كبيرة في الأشخاص والمعدات وأثر بشكل كبير على معنوياته كما كان لزوارق المدفعية والدورية دوراً مهماً في المراحل النهائية للمعركة سواء بتدمير قوات العدو المعادية أو بمسك وإنزال القوة عليه.

--------------
1- جريدة الحرب لشهر أيلول 1986 وخرائط الأدميرالية البريطانية 1235.
2- تم تغيير أرقام زوارق الصواريخ خلال هذه المرحلة من الحرب.

يتبع...

للراغبين الأطلاع على الحلقة الأولى:

https://algardenia.com/maqalat/42208-2019-11-18-16-03-50.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2243 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع