بسام شكري
النجدة ......... لقد سرقوا أفكاري
حدثني صديق قديم عمل فترة من الزمن دبلوماسيا في دولة أسيوية وخلال زيارة قام بها الى احد الاماكن الدينية الهندوسية مع صديق له فقد التقى رجلا فقيرا حافي القدمين يلف حول خصره قطعة قماش بالية هي كل ما يملكه من ملابس ويحمل في يده أقلام وقصاصات أوراق وكان يتجول هناك يحاول التواصل مع السائحين او زوار المعبد الهندوسي من اجل الحصول على مبلغ بسيط من المال او قليل من الطعام , وقد لفت انتباه الدبلوماسي بريق عيني الفقير الهندي ورد على تحيته وسأله ماذا تريد فأجابه الهندي انه يريد ان يقدم له خدمة وهذه الخدمة هي ان يقول له سر من اسراره وبلمح البصر اعطى الدبلوماسي ورقة وقلم وطلب منه ان يكتب اسم امه على الورقة وبعيدا عن انظاره ويلتفت الى الخلف وسوف يخبره الرجل بالاسم الذي كتبه , فما كان من ذلك الدبلوماسي الا ان سطر احرف امه وهو غير مقتنع بالنتائج وفي نفس اللحظة فقد أدار الفقير الهندي ظهره للدبلوماسي وكتب شيئا على الورقة وعاد الى الدبلوماسي وقال له نحن الاثنين نكشف اوراقنا مع بعض فما ان كشفت الورقتين حتى تبين ان نفس الاسم مكتوب في الورقتين , أصابت الدهشة الاثنين وخصوصا الرجل الثاني الذي اثارت تلك الحادثة فضوله وكان يريد ان يعرف كيف تمت تلك العملية وطلب هو أيضا ان يقوم الهندوسي بنفس ما قام به مع الدبلوماسي وسارع الى اقتسام ورقة اخرى منه وبسرعة بدا بكتابة اسم امه لكنه بدلا من كتابة الحرف الاول لاسم فاطمة فقد كتب حرف التاء بدلا من حرف الفاء ثم شطب عليه وكتب بجانبه حرف الفاء , ثم اكمل كتابة الاسم وما ان كشفت الورقتين حتى اصابت الدهشة الرجلين وتسمرا في مكانهما دون ان يعرفا ما الذي جرى فقد شاهد الاثنان أن البوذي قد ارتكب نفس الاخطاء وكتب وشطب واعادة كتابة اسم فاطمة , فكيف حصل هذا ؟
لقد قراء ذلك الساحر افكار الرجلين وسطر نفس الحروف وحتى الخطأ الذي أرتكبه الثاني فقد كتبه هو أيضا وقام بتصليحه كذلك، ولو افترضنا انهم كتبوا كلمة ملعقة او شباك او اي اسم اخر فما سيكون من الهندي الا ان يكتب نفس الشيء، ومن هناك نبدا رحلتنا مع قراءة الافكار وسرقتها وكيف تحصل في حياتنا اليومية؟ فالساحر لم يأتي بشيء جديد فالام موجودة والاسماء موجودة والذي أبدعه فقط هو قدرته العالية على التركيز التي مكنته من قراءة افكار الشخصين وسرقتها بخفة وسرعة.
أن القدرة العالية على التركيز التي يملكها البعض منا تعطيه القدرة على قراءة افكار الاخرين وقد يكون الشخص على وعي بقدرته لكنه لا يعرف كيف يطورها او حتى كيف يسيطر عليها بحيث يقوم باستدعاء تلك اللحظة التي قام بها بقراءة أفكار الاخرين ويكررها وفي الغالب لا يكون على وعي بذلك ويعزي تفوقه على الاخرين بعدة تبريرات دون ان يعرف اليه حصولها.
وقراءة الافكار هي قدرة بشرية تعتمد على عدة عوامل أهمها التركيز و الراحة الجسمية والفكرية والنفسية والتوازن الغذائي والجو العام ونمط الحياه أضافة الى توفر استعداد دماغي لدى الشخص المعني وهذه القدرات لا تكون دائميه او منتظمة خلال ساعات اليوم فقد تختفي لاي تغير يحصل وقد يملكها اشخاص عاديين لدقائق أو لحظات ثم تختفي منهم , فأنت عزيزي القارئ قد مرّت عليك أخلال حياتك اليومية عشرات المرات ان محدثك يريد ان يقول كلمة تأخر في نطقها فتخطر تلك الكلمة على بالك فتقولها له قبل ان ينطق بها أو أن يقول محدثك شيئا في نفس الوقت الذي تفكر انت في ذلك الشيء وكما تقول له المقولة الشعبية ( والله كانت على طرف لساني ) وهذه هي قراءة الأفكار البسيطة والتي تحدث معنا في الغالب.
أذن قدرة التركيز العالية يمكن ان يملكها أيّا منّا في لحظة غير أرادية في الوقت الذي تكون أرادية وغير أرادية لموهوبين قد يفقدونها في أي لحظة نتيجة للمتغيرات التي ذكرتها سابقا.
ولو أننا مثلا سمعنا بسيدة تقرا الفنجان وانبهرنا بما سمعنا وأصابنا الفضول فذهبنا اليها لتقرأ لنا الفنجان فهي سوف تسترسل ببطء في سرد المعلومات العامة وما أن يسود الهدوء على المكان ونصبح متلهفين لسماع المزيد عن مستقبلنا او عن مشاكلنا وتطمئن السيدة لنا والى أن ما تقوله لنا صحيحا وما ان يتآلف القلبان حتى تزداد سرعة ودقة التفاصيل التي توردها لنا , أن ما قامت به قارئة الفنجان هو قراءة لأفكارنا التي قد أعطيناها لها عن طيب خاطر فقامت هي بقولها لنا وفي نهايه الجلسة وعلى ضوء ما أعطيناها يقوم العقل الباطن بعرض تصوراتنا المستقبلة فتقوم هي بإخبارنا عنها بصوت مسموع ( بعدان كانت قد سرقتها منا), ولو ذهبنا الى شخص اخر لقراءة الفنجان ونحن نشك في قدرته أو لم يؤثر فينا ما سمعنا عنه بالقدر الكافي وطلبنا منه أن يقرا لنا الفنجان او اي وسيلة أخرى يستعملها فسوف يتلكأ كثيرا ويخطأ كثيرا وحتى لو جاء بمعلومة صحيحة فان اصرار عقلنا الباطن على أنه غير مؤهل على قراءة الفنجان فاننا سوف لن نقتنع بما يقول وقد يحصل هذا أيظا مع أصحاب الشخصيات القوية التي يعجز الكثير من قراء فناجينهم او من اختراق مساحاتهم السرية فيدعون بان هؤلاء الاشخاص نجمهم قوي أو يملكون حراسا اشداء وغيرها من التبريرات غير المنطقية.
اذن ان قارئ الفنجان الثاني الذي لم نكن مقتنعين به نحن لم نفتح له افاق افكارنا حتى يقرأها والخلل هنا ليس بقارئ الفنجان وانما بمدى قناعتنا وراحتنا النفسية بحيث نحن من يعطي الأفكار او يمتنع عن إعطائها.
نحن الذين نسمح للاخرين بقراءة افكارنا ونمنع البعض من ذلك وكل تلك الفعاليات تدخل في باب القدرات النفسية الطبيعية لدى كل انسان والمبرمجة في دماغ كل واحد منّا وفي غمرة الحياة اليومية كثيرا ما يخترق الاخرين أفكارنا وكثيرا أيظا ما ندافع عن محتويات أنفسنا ودواخلنا بالصمت أو بالتهرب أو بالكذب وغيرها من الاساليب.
أن التدريب على التركيز هو سر الحماية الشخصية وان قوة التركيز وقوة الارادة وتكامل الشخصية (بقدر الامكان) والثقة بالنفس هي الاساس في الخطوط الدفاعية التي يمكننا أمتلاكها لمواجهة أختراق قراءة وسرقة الافكار ومعرفة محتويات أدمغتنا فهل لدينا القدرة على مواجهة من يريد أن يسرق أفكارنا وبدون أرادتنا.
ما الفرق بين قراءة الافكار وسرقة الافكار؟
قراءة الافكار هي ضمن حالة من حالات القدرات النفسية الطبيعية للآنسان اما سرقة الافكار فهي حالة من حالات الباراسايكولوجي (الباراسايكولوجي هو علم الخوارق الذي يعني كل الفعاليات والنشاطات الروحية والعقلية والجسمية التي تقع في خانة ما وراء الطبيعة والتي يعجز الواقع المادي المعروف والاعتيادي عن أحداثها أو تكرارها).
والقدرة على قراءة الافكار قد تكون وراثية او قد تاتي بالتدريب لكن سرقة الافكار تبقى قدرة فائقة يتمتع بها البعض لاسباب وراثية ولاسباب أخرى لا مجال لذكرها في هذا المقال. ومثال على سرقة الأفكار اننا في بعض الأحيان نشاهد اشخاص خلال الاجتماعات او المفاوضات يجلسون بين المجتمعين لكن بدون ان يتكلمون وتبقى عيونهن تدور بين الفريقين وفي لحظة معينة عندما يحتدم النقاش او تصبح الهوة كبيرة بين الفريقين فيقوم هؤلاء الأشخاص بقول كلمة او فكرة لم تخطر على بال الجميع وهذا لا يعني فقط تفوقهم الفكري وانما سرقتهم لأفكار الفريق الاخر من خلال التركيز والصمت والاستماء.
أن أنسان اليوم يستعمل بين 9% الى 12 % من سعة الدماغ وذلك للتطور الصناعي والتكنلوجي والابتعاد عن الطبيعة والاعتماد على التكنلوجيا الحديثة في الحصول على المعلومات دون تعب، وفي الوقت الذي كان الانسان القديم يمتلك قدرات عالية من الاحساس والشعور كالإحساس بالأمطار والعواصف والزلازل والكوارث الطبيعية قبل حصولها فان انسان اليوم أصبح مقيدا بسجن الروتين اليومي المليء بالاجهزة اللالكترونية والمعدات التي تعطيه أكبر قدر من المعرفة المبرمجة وتحجب عنه المعلومات الحقيقة والعمق في فهم الطبيعة واسرارها وعلاقتها بالمخلوقات التي تعيش على الأرض وتمنعه من الابداع واستعمال ما تبقى من قدرته الدماغية الطبيعية .
أن القدرات الباراسايكولوجية هي قدرات فوق طبيعية يمتلكها البعض يتمكنون بها من سرقة افكار الاخرين واختراق عقولها ولا يمكننا من مواجهتهم الا إذا كنا نملك نفس القدرات او نكون قد تدربنا أساليب الحصانة الداخلية الذاتية والدفاع عن النفس وهذا يتطلب تدريبا خاص يسمى الدفاع والمراوغة والهجوم.
اختراق الزمن
الزمن كما معروف لدينا مقسم من ثلاثة أقسام الماضي والحاضر والمستقبل , فالماضي الذي عشناه ونتذكره وهو موجود باحداثه المادية والفكرية , والحاضر الذي نحن فيه نعرفه ونعرف كيف حصل نتيجة لامتداده من الماضي , أما المستقبل فنحن في هذه الحالة لا يمكننا من معرفته , فانا على سبيل المثال أعمل في الشركة ( س) وكنت قد وجدت أعلانا في الجريدة لوظيفة براتب اعلى من وظيفتي الحالية فتقدمت اليها وحصلت عليها وأنا الان في هذه الوظيفة ولو سألني أحدكم عن الزمن الماضي لذكرت له قصة الاعلان والجريدة والوظيفة السابقة والحالية وكم من التفاصيل والدراما لكن لو سالني أحدكم عن دقيقة واحدة بعد الزمن الحاضر فاني لا أتمكن من الاجابة على اي زمن يقع في المستقبل فقد يرن جرس التلفون وتكون الادارة على الطرف الاخر ويخبروني بانهم استغنوا عن خدماتي أو ان مالك الشركة قد مات أو انه قد تقاعد وقررت صرف كل الموظفين لديه ....الخ
اذن ما نعرفه نحن من واقع ومن ماضي فقط ونحن لا نعرف الزمن المستقبل ولا أحد يعرفه الا خالق الكون سبحانه وتعالى الذي نحن جزء من روحه، وكما في سورة الحجر الآية 29:
واذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (صدق الله العظيم) اذن فان صاحب الروح ومالكها فقط هو من يعرف اسرارها و لكننا في بعض الاحيان نتنبأ باشياء قد تكون بسيطة وقد تكون خطيرة كأن يرن جرس التلفون فنعرف المتحدث قبل ان نرفع السماعة , وقد يقول احدنا ( والله من زمان لم نسمع بفلان ) وما هي الا دقيقة حتى نسمع طرقا على الباب فيكون القادم ( فلان ) المذكور , وهذه هي قدرات باراسايكولوجية ( وهي قدرات طبيعية يمتلكها الكثير منا بدرجات متفاوتة ) وسميناها باراسايكولوجية لان ليس لها وجود مادي سابق ( كالماضي والحاضر ) ونحن خلقناها بانفسنا , وقد يتمتع البعض بهذه القدرات بنسب متفاوته وكلما تبرمجت وزادت واصبحت اكثر وضوحا وتكرارا يمكن تصنيف صاحبها بصاحب القدرة أو الموهبة في علم الباراسايكولوجي . واليه حصولها ان الطاقة الحيوية لذلك الشخص قد سبقته واخبرته بالحدث قبل حصوله والطاقة الحيوية هي الفيض الكهرومغناطيسي المحيط بجسم الانسان وقد يكون في الوضع الصحي والنموذجي مع صفاء النفس والغذاء الطبيعي تتطور تلك القدرات.
واليوم هناك معاهد وجامعات عالمية في بعض دول العالم تقوم بتدريس وتدريب وتفسير ودراسة علم الباراسايكولوجي الى جانب تجمعات ونوادي منتشرة في ارجاء العالم (وطبعا لا تخلو هذه النوادي من المزيفين والادعياء والنصابين حالها حال كل مجالات العمل في الحياة) , وهناك بعض الدول والشركات والشخصيات تستعين بأشخاص يمتلكون مثل هذه القدرات في أعمالهم كالمفاوضات ودراسة السوق وتحليل الشخصيات وحل الالغاز والامور المعقدة والجرائم الغامضة فقد نجدهم يجلسون على طاولات المفاوضات بلا كلام ويرسلون النظرات التي نعتقدها بليدة وقد يعتقد المفاوضون في جهة الخصم بان هؤلاء الاشخاص الصامتون قد حضروا المفاوضات لأغراض إدارية او لحفظ الامن أو انه تم فرضهم على وفد المفاوضين على الرغم من غبائهم وعدم قدرتهم من التفاعل مع الاجتماع.
الية العمل
يبدأ اصحاب القدرات الباراسايكولوجية بمحاولة قراءة الافكار اولا وإذا لم يتمكنوا وواجهوا مقاومة من العقل الباطن للطرف الاخر فانهم سوف يضطرون الى سرقة الافكار واقتحام الادمغة بالقوة وإذا لم يتوقف الطرف الاخر عن الدفاع أو انهم أرسلوا موجات أكثر واعلى من قدرة الطرف الاخر على التحّمل فان المسروق سيصاب بصداع او رغبة في التقيؤ واختلاف في درجات الحرارة وارتفاع ضغط الدم.
وسارق الافكار هو شخص غير عادي وهو غير موجود طبعا في كل مكان وزمان وقد يكون موجودا بيننا ونحن لا نعرفه وقد لا يعرف نفسه هو ايظا ويقوم بفعالياته بدون ارادة واعية ويدعي بانه محظوظ او انه يحمل حجابا للحظ والقبول بين طيات ثيابه او انه جميل فيقوم الاخرين بسرد اسرارهم امامه او من عائلة كبيرة والناس تحسب له حساب او تثق به والى غير ذلك من التبريرات وقد يكون سارق الأفكار شخص عادي حصلت معه اللحظة النموذجية فقام بالسرقة بدون وعي منه. يقول بعض علماء الباراسايكولوجي السوفييت ان قراءة الأفكار هي احدى فعاليات الروح وهذا قد يدخلنا في موضوع كبيرة عن ماهية الروح وتفسيرات كثيرة نحن في غنى عنها , لقد كانت هناك مجموعات باراسايكولوجية متعددة أيام الحكم السوفييتي لكنهم انقرضوا بسبب توقف الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي واليوم الصين تتصدر الدول التي تمتلك فرق بقدرات عقلية وفكرية عالية تستخدمهم في الغالب في تطوير صناعاتها او سرقة الاسرار التكنلوجية من الغرب او التجسس على الشخصيات المهمة في العالم.
وأفضل طرق الدفاع النفسي لسرقة وقراءة الافكار هي باسلوب الدفاع المغناطيسي (وهي نفس عملية الدفاع التي نستعملها للحيلولة دون تنويمنا مغناطيسيا، وهي التركيز العالي وترديد كلمة لا والنظر الى محدثنا، او النظر الى العين الثالثة بتركيز وارسال كلمات من العقل الواعي للخصم او ترديد كلمات غير مرتبة وكل تلك الفعاليات بشرط ان نكون قد تدربنا على نظام التركيز ونعرف كيفية الانتقال من الوضع العادي الى التركيز وبالعكس).
وكذلك يجب علينا التركيز على كل جملة نسمعها من الاخرين وعدم محاولة التبرير او الدفاع العشوائي عن أنفسنا والفهم العميق للكلام الموجه الينا ولما نسمع واخذ الوقت الكافي والتفكير قبل كل اجابة نعطيها. وهناك اساليب دفاعية اخرى سوف اذكرها في الموضوعات القادمة.
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
833 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع