في تاريخ العمل السياسي العربي المعاصر لم يتسن لأي مسؤول عربي من الدرجة الأولى فرصة إمتاع الجمهور و المشاهدين والمتابعين بتقديم إستقالته وتنحيه عن المسؤولية بعد أي فشل كارثي لسياساته أو طريقته في التصرف؟
وهنالك إستثناء يأتي على إستحياء وهو مافعله الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في التاسع من حزيران/ يونيو عام 1967 من تقديمه لخطاب التنحي المتلفز بعد معرفته بالهزيمة الفضائحية لجيشه في سيناء و تدمير سلاحه الجوي على الأرض!! وهي إستقالة يبدو أنها كانت مرتبة وكانت نتائجها تحت السيطرة ؟ وماعدا ذلك النموذج اليتيم فإن العالم العربي كان حقلا خصبا للمسؤولين المهزومين والمنتصرين على شعوبهم!! ، وللعراق بطبيعة الحال حصة الأسد في ذلك السجل السلطوي المخزي منذ عام 1958 وحتى اليوم ، فالكوارث تتهاطل على رؤوس العراقيين من قرارات السياسيين العراقيين الخاطئة ولا أحد يحاسب أو حتى يفرمل خطواته ، أما نظام البعث البائد السابق فقد كانت أخطائه القاتلة بمثابة جرائم تاريخية ومع ذلك فقد مرت ولو لم يتدخل الجانب ألأمريكي بشكل مباشر ويغير عناصر اللعبة السلطوية في العراق لكان نظام صدام حسين قائما حتى اليوم
أما الكوارث التي حلت على العراق بعد الإحتلال الأمريكي عام 2003 ومن ثم تنامي الظاهرة الإرهابية و تدخل العديد من الأطراف الإقليمية و الدولية في الشأن الداخلي العراقي و تغير معادلات الصراع الداخلي في العراق ، فهي كوارث تاريخية كميا و نوعيا ، فتحت ظلال الديمقراطية المشوهة المزيفة التي أنشأها الإحتلال وهيأ قواعدها ورسخ أسسها الحاكم المدني الأمريكي بول برايمر تسللت أحزاب عميلة وفاشلة تاريخيا وتضم الشوارد و الهوائم من الطفيليات الطائفية المتخلفة لسدة السلطة وجميعها مرتبط بالمشروع الطائفي الإيراني إرتباطا جينيا و سلوكيا لا يقبل الإنفصام مارست من الخطايا و الأخطاء و الجرائم ما أدخلها أكبر سجلات الفشل في التاريخ ومع ذلك فما زالت حية تسعى بل تبشر و تدعو وتعمل لبناء نموذج سلطوي يراد له التعميم و الإستمرار ، وحزب الدعوة بالذات ستذكره سجلات التاريخ العراقي و العربي بكونه الحزب الأفشل في التاريخ العراقي و بكون قياداته الطائفية المكونة إيرانيا هي الأكثر قدرة في التخلي عن حمرة الخجل وعن الشعور بالمسؤولية و عن الروح الفاشية الطائفية الحاقدة التي تسيرها و تؤطر تصرفاتها ، ففي فترة حكم الدعوي الأفشل وهو الحملدار والطبيب الفاشل المتقاعد لأسباب نفسية إبراهيم الجعفري و الذي تحول حاليا لزعيم حزب الإصلاح!! كانت للكوارث طعم الشمولية الرهيبة وجميعنا يتذكر مأساة ( جسر الأئمة ) المروعة في شباط 2005 والتي ذهب ضحيتها أكثر من ألف إنسان عراقي غرقا في نهر دجلة دون أن نعرف حتى اليوم حقيقة ما حصل أو تتم محاسبة من تورط و سبب كل تلك الخسائر البشرية الغير مقبولة في كل دول العالم ماعدا في العراق.. فلا أحد يسأل أو يستفسر فضلا عن أن يتذكر ؟ و المعادلة الغريبة في العراق هي أن بعض العراقيين يتذكرون ويحرصون على تذكر و إحياء مآسي حدثت قبل 1500 عام من الزمان ولكنهم لا يشعرون أو يتذكرون مأساتهم الراهنة!!! وتلك معضلة غريبة وليس لها حل لا في عوالم علم النفس و لا علم الإجرام ؟ وقد أزيح الجعفري مشيعا بلعنات التاريخ و تلاحقه أشباح الغرقى و المصابين ولكنه مع ذلك لا زال قياديا يخطط و يمارس اللغو الفارغ ويحاول إستعادة الملك الذي كان بل ويتزعم و يرسم خططا مضحكة للإصلاح الذي لن يتم أبدا ، أما خليفته الذي جاء وفقا للوصفة الإيرانية فهو الرفيق نوري المالكي والذي منذ عام 2006 لم يحقق إنجازا واحدا حقيقيا يستطيع به الرد على خصومه ، بل إن نجاحاته الكبرى كانت في توسيع مساحات الفتنة الداخلية وزيادة المقابر المفتوحة عبر زيادة الأعمال التخريبية التي يتفرج ووزرائه البلخاء عليها ، إضافة لدوره الكبير في السماح لكبار الحرامية من حزبه الدعوي و من الدعاة الوزراء بالإفلات من العقوبة كما حصل مع وزير تجارته العتيد البريطاني الجنسية عبد الفلاح السوداني الذي شفط الملايين وهرب بحمولته تاركا الجماهير تندب حظها العاثر و تنتظر عودة غودو لحل مشاكلها ، إضافة لدور المالكي المفزع في الفشل الدبلوماسي وفي الوقوف بجانب القتلة والطغاة في دمشق وتحديه حتى للأسياد الأمريكان الذين أوصلوه للسلطة وجعلوه يغني على أعتاب البيت الأبيض بينما ولاءه الحقيقي لمشغليه القدامى في طهران ، و اليوم حينما يوسع المالكي تنفيذ أحكام الإعدام الجزافية فهو إنما يباشر فعلا إرهابيا عرف به و تميز ، أما فشله التاريخي وإيصاله العراق لحالة الفوضى الدموية فذلك آخر ما يمكن الإعتراف له.. إستقالة أو إقالة المالكي هي الحل و البلسم وهي خطوة لن يقدم عليها أبدا ، فهو يريد تحويل السواد لبستان لحزب الدعوة..؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
799 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع