الكل يعرف أن الحرية والعدالة الاجتماعية تنشأ عن رأي كل إنسانٍ حول سلامته وراحته ، التي تقوم علی اطمئنان النفس ... ولنيل هذه الحرية والعدالة الاجتماعية يجب فصل السلطات الثلاث واحدة من ركائز بناء الدولة الحقيقية ، ان تمنع على عدم جمع السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية في التسييس من قبل جهة واحدة وثم بيد شخص واحد ، لا بد ان يخلق الدكتاتور وحينذ تفتقد الحرية والعدالة الاجتماعية وخصوصيتهما المطلقة أي تقضي على الديمقراطية في البلد ، وتحاول هذه الجهة أن تحقق لنفسها مائة بالمائة من السلطة والنفوذ ، وتحرم الشعب من حقوقه .
عندما تتوزع السلطات التنفيذية والتشريعية على الهيئات المتعدة وبها من الاشخاص الكفوء سوف تضع جميعها مصالح الشعب نصب عينها ، وفوق مصالحها الفئوية والحزبية والشخصية ، وتحاول بقدر الإمكان لتوفير المستلزمات الضرورية للمجمتع وتحقق شكلا من أشكال الديمقراطية وتقضي على الفساد جميع مرافق الدولة ، الى جانب الاستقرار الأمني ، وتمحي المحسوبية والمنسوبية في دوائر الدولة ومؤسساتها في التعامل مع الأفراد ، وعدم وضع العراقيل امام تطبيق القرارات التي تتشرع من قبل السلطة التنفيذية او التشريعية او القضائية .
يواجه العراق تداعيات جديدة للمحاصصات الطائفية التي هي من ركائز العملية السياسية في العراق منذ سقوط النظام البائد في سنة 2003 والتي لا تتناسب مع المفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية التي يسعى الشعب العراقي الى تجسيدها . ولكن صراع محصصات اصحبت هي المعرقلة لمسيرة العراق نحو الديمقراطية ، وتدمير البلد بسبب مشاكلهم تحت امر المحاصصة إلى حد أنها باتت تهدد وجود الشعب العراقي ، لذلك نرى القوى المنفذة داخل الحكومة مع فترات صعود وهبوط في خطها البياني في أزمة دائمة تحت ذرائع مختلفة . لذا فمن الصعوبة إقناع احد الاطراف بالتخلي عن امتيازاته في احتكار السلطة والنفوذ وصنع القرار السياسي ، والمشاركة العادلة في الحكم مع بقية مكونات الشعب وفق ما تفرزه صناديق الاقتراع ، فهل هذه الديمقراطية الحقيقية التي تأملها الجماهير العراقية ؟!
لقد أدخلوا هؤلاء العراق في تركيبة محاصصة معقدة لا يمكن الفكاك منها بيسر ، وهذه المحاصصة تخدم المسؤولين في الدولة وتفتح لهم آفاق العبث بمقدرات الشعب بعيدا عن طائلة القانون . وها نحن نرى الفساد المالي والإداري يدب في جسد العراق كأذرع الإخطبوط وينمو كالفطر في كل ركن من أركان هياكل الدولة ، وهل من الحكمة ان يصدق الشعب بحرص هؤلاء على الديمقراطية ، واتجاه العراق الى بر الامان ؟! .
ولذا نرى المسؤولين وبطانتهم الذين أصبحوا عبئاً ثقيلاً على بلد ، يستغلون وظائفهم ويعلون انفسهم فوق القانون وفوق المحاسبة ، لأن اعتبروا أنفسهم معصومين عن الخطأ ، ومن ينتقدهم فهو خائن وعدو لدود لهم وللتغيير في العراق ، ولديهم تهم حاضرة ومزيفة ازاء كل من يحاول انتقاداتهم بمختلف المسميات من بعثيين الى ارهابيين وغيرها ، لذلك نجد تفشي الفساد والانهيار الامني في معظم مفاصل الدولة ، إلى حد أن صار هدف كل مسؤول وموظف في الدولة هو النهب وجمع المال ، إذن من الضروري على الشعب العراقي الى العمل بروح واحدة في مواجهة حكومة المحاصصة ، ان يتخلص من الناهبين لثروات البلد ومن الشلة الذين لا يعرفون ألف باء السياسة ، سوف يذهب البلد بسبب هؤلاء الى الجحيم والضياع . لانهم يضعون مصالحهم الضيقة ومطامحهم الأنانية فوق أسس الديمقراطية ومبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية .
للأسف نرى الى جانب الحكومة الحالية مركب اصلاً على محاصصة مقيتة وتقاسم للنفوذ جيشا من الوعاظين من حملة الأقلام لخدمة مشروع طائفي عن طريق نشر البلبلة الفكرية ، وخلط الأوراق لتضليل الرأي العام ، إضافة الى فقدان الثقة والشكوك ومخاوف بين الكتل المتنفذة ، ونرى ما يمر به عراقنا من أزمات متتالية لاتكفي لهذه الكتل كي تضع مصلحة الوطن والشعب في الأساس ، وتتخلى عن بعض من أنانيتها وتفردها وهيمنتها .
في النهاية احذر هؤلاء المحاصصين من الاستمرار في الوقوع في الأخطاء المستمرة والإخفاقات سوف يحاسبون امام الشعب والوطن في نهاية المطاف كما حدث للأنظمة المستبدة جميعا بعد انتهاء القرن العشرين ، وبعد ان عاثوا في بلادهم قهرا وفسادا وإفسادا وتخلفا. وأقول لحكامنا إن عليهم أن يقرأوا تاريخ الحكام الماضية ويحاولوا استخلاص الدروس منه ، حتى لا يقعوا في ما وقعت فيه الحكام المستبدين . وعليهم أن يستخلصوا الدروس من تجربتهم الخاصة ، وأن يضعوا برنامجاً حقيقياً وواقعياً للمرحلة المقبلة ، تخلصا من العفوية وارتقاء متعاظما بالوعي عندهم .
879 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع