د. وليد الراوي
يذكر بعض الباحثين ان من اهم اسباب اقدام الدولة الصفوية (0215) على تغير المذهب الديني في ايران من مذهب اهل السنة والجماعة الى المذهب الشيعي يكمن في محاولة تجذير الصراع بين الدولة العثمانية "السنية" والدولة الصفوية واستمراره بعد ان اعطي بعدا عقائديا,
بالرغم من وجود عوامل مشتركة كبيرة بينهما , من اهمها انهم من اصول انثروبولجية واحدة حيث يأتون من السلالة الارية كما ان اسرة اسماعيل شاه الصفوي تعود في اصولها الى الاتراك الاذاريين ويدل ذلك على انهم من اصول قومية مشتركة,بالرغم من ذكر بعض الباحثين لاسباب اخرى لتغير المذهب في ايران.
في بحثنا هذا سنتطرق الى تاثير عامل الدين و الطائفية اذا استخدم بشكل" سيئ " في تجذير الصراع وضمان ديمومته.
تعمل بعض الدول والامم على خلق مبررات تراها مقنعة لخوض الصراع وترسيخ دعائم استمراره, ففي الحرب العراقية - الايرانية التي استمرت ثمان سنوات, صنع كل من طرفي الصراع اسس ونظريات لضمان استمرار الحرب وتامين الحشد الشعبي المطلوب.سوف لن نتطرق الى اسباب اندلاع الحرب واهداف كلا الطرفين, بل سيتم التركيزعلى العوامل التي خلقها النظامين العراقي والايراني لضمان ترسيخ الصراع وديمومته.
ركز العراق على البعد القومي في الصراع مقابل التركيز الايراني على البعد الاسلامي , وفي محاولة لاستعادة صراع العرب ضد الاطماع الفارسية منذ معركة " ذي قار" مرورا بمعركة "القادسية" أبان معارك فتح العراق بالرغم من اختلاف اسباب الحربين لكنهما كانتا حرب بين العرب والفرس, كما تم استعارة اسم " القادسية " اسما للصراع المعاصر بين البلدين, ركز العراق خطابه الاعلامي على تاسيس نظرية صراع جديدة معاصرة تجذر حالة العداء بين "العرب والفرس", وكان لهذا الفعل مبرراته , في المقابل وجه النظام الايراني خطابه بشكل اسلامي عام أول الامر سرعان ما انكمش ويتقوقع ليكشف عن نظرية جديد في محاولة لاستحضار الصراع بين ال البيت والدولة الاموية والعباسية فكان خطابا طائفيا بامتياز.
خاطب اية الله الخميني ورجال الدين في ايران, شيعة العراق في محاولة منهم لكسبهم الى جانبهم والانقضاض على النظام العراقي, بالمقابل جوبه هذا التيار بتيار الوطنية العراقية الشاملة والبعد القومي العربي , فلم يستطع النظام الايراني من كسب شيعة العرب الاصلاء
وكان لهم دورا مشرفا في مجابهة ايران وما أضرحة شهداء الحرب العراقية – الايرانية في مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف الا شاهدا و دليلا على ذلك.
جاء التركيز على الخطاب القومي لمواجهة الخطاب الاسلامي المتعاظم والذي تقزم لينحصر بأطر طائفية ضيقة. حيث جرى تعميق كلا الخطابين المتضادين, اصطفت بعض الدول العربية مع العراق في حربه يدفعهما البعد القومي وخوفهم من المشروع الايراني الاسلامي " تصدير الثورة" بالمقابل نرى ان القوى السياسية الاسلامية الشيعية والتي كانت متوازنة في اخطابها الاسلامي قبل نشوء الحرب , حيث لم يلاحظ في ادبياتها اي نزعة طائفية , نراها تلجا الى ايران وتبدا بالسير في نفس خط رحلة النظام الايراني من حيث تركيزها على البعد الطائفي وتعمق جذوره وتشرع في التثقيف عليه حتى نراها تتحول تدريجيا من قوى
سياسية اسلامية ثورية الى قوى طائفية ضيقة فكرا وسلوكا وقد تجذر هذا المنهج يوما بعد يوم حتى اصبح احد اهم اسسها العقائدية والاستراتيجية.
وعندما منحت الولايات المتحدة الاميركية الفرصة لهؤلاء لقيادة العراق بعد احتلاله , ظهر للعيان عمق الفكر الطائفي في عقائدها وسلوكها والذي تجلى في اقصاء المخالف بل الذهاب الى حد ابادته.
هذا المنهج لم يكن لولا تركيز هذه القوى والاحزاب في منهجها على البعد الطائفي واستحظار كافة الاحداث والوقائع الاليمية في التاريخ الاسلامي وصياغتها بصيغة معاصرة وطرحها ثانية امام جماهيرها ليعاد تاسيس الصراع بصيغة طائفية عقائدية مستديمة اصبحت لهم سلوكا ومنهج عمل مع ضمان استمرار الصراع عبر تجذيره طائفيا.
الدكتور/وليد الراوي
907 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع