مصطفى محمد غريب
"حتى تولد بغداد كعشتار الحب".. ديوان جديد للشاعر العراقي مصطفى محمد غريب عن دار النخبة المصرية
صدر حديثا عن دار النخبة ديوان “حتى تولد بغداد كعشتار الحب” للشاعر العراقي مصطفى محمد غريب، يقع الديوان فى ٢٢٠ صفحة من الحجم المتوسط.
يتميز الكتاب بغلاف منمق مزدان بصورة تعبيرية عن الإنسان وعلى ظهر الكتاب، خط المؤلف أبياته .. المطر العازل في سنوات التيه أصبح مألوفا ورفيق المطر المتقطع أصبح عنوانا لمجانيق النار من أجساد التخمين فعراق الدم لا ينتج غير الدم وهياكل من جبصين لا ينتج في الوقت الراهن في زمن المومياء الجزارين.
يذكر أن المؤلف صدرت له ١٠ دواوين شعرية و٤ مجموعات قصصية و٥ روايات يحتوي الديوان على 37 قصيدة تنوعت في مضامينها وموضوعاتها إلا أن الشيء المميز فقد ظهر في التداخل ما بين قصيدة التفعيلة والنصوص الحرة التي أصبحت ظاهرة إبداعية في قصائد شعراء معروفين في بداية مشروعهم الثقافي الشعري انحيازهم لقصيدة التفعيلة واعتبار قصيدة شعر الحر طارئ على الشعر إلا أن التطور الذي صاحب عملية الخلق الإبداعي لقصيدة الحر اثبت أن مضامين داخلية مع الامتياز في الشكل الجمالي أوجد قناعة واسعة بان قصيدة الحر بما فيها موسيقى متشعبة تربطها بالنوتة الموسيقية للغة رابطة الإبداع يختلف عن المقال الثري وعن الخواطر النثرية التي نشرت حينها ولا بد من الإشادة بما كتبه المرحوم الشاعر حسين مردان في " الربيع والجوع " ونشيد الأناشيد " اللذان كان بمثابة مشروعان لقصيدة الشعر الحر الذي تطور بعد ذلك إلى الواقع الحالي.
الديوان الشعري "حتى تولد بغداد كعشتار الحب " يحمل هموماً عديدة مرتبطة بالواقع العراقي إضافة إلى موضوعات حسية تمتزج برومانسية لا تخلو من العديد من الصور الجمالية التي تأخذ القارئ إلى أبعاد تتشعب فيها الواقعية وعناصر الخيال البشري.
لقد حمل الديوان " 37 " قصيدة تحتاج إلى قراءة ثاقبة لكي تظهر القيمة الفكرية والثقافية للقصائد المنفردة وفي الوقت نفسه المرتبطة بما هو عام وهادف..
مثلما جاء في قصيدة ثقافة الانتظار" سترةٌ من رصاصْ/ ورصاصٌ تقيل /ورؤوسٌ تميلْ/ تثمل في الطريق/ من الزعيق"
يجمع الديوان قصائد للعراق ولمدنه وقصائد للنرويج كما أن هناك قصائد ذات طابع غزلي معين / "كلما تشتاق ظنوني " وزمن التداول والتحول " و " والعبرات " و " سيدتي خريف عمرك المرئي " وغيرها وجاءت قصائد إلى العراق تداخلاً مع ما عم من دمار وتهجير وغربة مثل " كلما أمد قامتي إلى العراق " و " إلى نجوم العراق في ساحة التحرير " و صدى يضيء دم العراق" و " هندال البصرة مطلوب" وهذا النص يحاكي بطولة مناضل عمالي في ميناء البصرة أواخر الستينات الذي أعطى مثالاً رائعاً للدفاع عن مصالح الكادحين حيث يبدأ النص " الذي يعتبر ما قبل الأخير ترتيبه 36 " قف.. لا تتحرك إلا من ثقب الإبرة/ وانظر كم من زرافات البط البري/ تهجر ذاك النهر الجاف/ وتسافر تبحث عن ماء/ الماء " جلجامش " يطفو فوق هبوب الروح / وارورو تخلقُ انكيدو لبدائل أخرى / معقولٌ تأتي كوكوكتي " لشباك الغرفة" ثم يبدأ النص يحاكي البصرة " لا تستعجلي يا بصرتي/ تعالي خلصي خاصرتي/ فالوقت طويل" وبالتالي " هندال الجالس ما بين الميناء وبين الشط المالح/ سيقوم... فلهُ أبياتْ / ولهُ سلامٌ كالآياتْ"
على العموم أن القصائد الأخرى المتنوعة تستحق المتابعة ليجد القارئ نقلة نوعية يظهرها الشكل فضلاً عن المضمون الفكري والثقافي الهادف.
آخر المطاف فقد جاء مقطع من قصيدة نصوص - خواطر متباعدة المقطع الخامس باسم 3 - الزمان " عبارة عن تعدد في الرؤيا وما تم بها من أحداث تتعلق ببعضها شكلاً ومضموناً فأعطت فسحة للتأمل والفحص بالمفردات مجتمعة بمعنى الجمع المترامي الأطراف حيث يبدأ النص الخامس
"هو الزمان يدور كالناعور زائر/ باقٍ وان دبّ عليه مسافر / وجهٌ ينوح باكياً ومُغامرْ/ وآخرٌ في درب قُطبٌ مُغاير/ يهتز ثُعبان الخداع مُقامر / صدقْ ففي القسمين ماهر / إن جاءتْ الأقوال وافر / إن غابتْ الآمال عاقر / هو الزمان واقف وطائر"
من قصيدة العنوان "حتى تولد بغداد كعشتار الحبّ "
"تستيقظُ هذي المخلوقات/ في الدفء وفي البرد على لحظات/ لترى في الخلوةِ قانوناً
ترى في الخلوةِ قانوناً / الصمتُ العاهر في دَرَجاتْ
يقدم أحياناً
في غفلةِ عمرٍ مُتَغيّر
تصعب فيه الرؤيا والتشخيص
يأخذ منا ما نملك أولا نملكْ
لحظات النشوة والفكرة
نأخذ منه قسطاً من تعبٍ مضنٍ
في غرف النسيان
وكهوف مظلمة معزولة
من موعودٍ في القربان المنسي
قربان الأجساد
فيقول المترف عمداً
أن الغفلةَ كاملةُ العقلِ
بمصادفة الوقت
يتحكمُ فيها الموروث من الماضي
لتضيع حدود الأطراف
عند خطوط الظنّ
لكن المستغرب في الفطرة
أن الأمر الآخر
مقسومْ
في شطرين من العالم "
صدرت المجموعة عن دار النشر النخبة في مصر الطبعة الأولى 2019
1097 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع