الطاف عبد الحميد
1918 نهاية الحرب العالمية الاولى ، الحرب ضربت أطنابها في اوربا وساحت لتعبر المحيط وتستجلب الامريكان للعب لعبتها الحربية ،
امريكا التي جن فيها جنون النمو الاقتصادي والعمراني وظهور كينك كونغ الصناعة ، فيها، يتدفق عليها مهاجري القارات العتيقة من كل الاجناس ليصنعوا في بلد المهاجرين ماعجزوا عن تصنيعه في بلدانهم المترعة بالبيروقراطية المتقمقمة بالعنتريات الغبية المشابهة لداحس وغبراء العرب ، لفرنسا نابليونها ، ولالمانيا ، بسماركها ، ولروسيا قياصرتها من ال رومانوف وفيردينانز أرشيدوق النمسا والمجر، أربعة امبراطوريات اوربية تعامد عمرانها بتنضيد اسسها بالجماجم البشرية ، أوربا التي امتهنت الحرب ونحت الفكر والعقل تتصارع بتسارع هستيري للتدمير ، في احدى اعقد الحلقات الجيوبوليتيكة ، بالادعاء والادعاء المضاد بعائدية الاراضي ، بالعودة الى حال سابق كان سائدا قبل عقد أو قرن أو عدة قرون ، إنضمت الولايات المتحدة للحرب قبل نهايتها بعام واحد 1917 بعد ان قامت غواصات المانية باغراق سفينة امريكية في المحيط ، انتهت الحرب بسقوط اربعة امبراطوريات ، الامبراطورية الالمانية والامبراطورية النمساوية- المجرية وروسيا القيصرية ثم سقوط الامبراطورية العثمانية عام 1924 ، ولست هنا بصدد سرد أحداث الحرب العالمية الاولى ، المفجعة ولكني ساستل من مأسيها مأساة أب مفجوع أسمه الياس كوتنيز .
في محطة قطار نيو اورليانز كان الياس كوتنيز يقوم بتركيب ساعة كبيرة لمحطة القطار ويعمل بإنهماك لتشغيلها بعد أن انجز تركيبها ... دخل عليه أحد الاشخاص لينقل له خبر ثقيل الوطىء ومفجع ، قائلا له إن جثمان ابنه قد وصل الى المطار ، فقد قتل في الحرب الجارية في اوربا ، توقف برهة عن العمل ، ثم شرع بإكمال عمله وهو تشغيل الساعة ، لهول الصدمة التي أصابته تمخضت أفكاره عن عمل شيء يخفف به عن نفسه هول فجيعته ، كانت يداه تعمل بعجالة يفتح هذا ويرخي ذاك ويستبدل قطعة بقطعة اخرى يتحرك بعصبية ظاهرة والعرق يتصبب من جل جسمه واستمر بذلك قرابة ساعتين ، ثم ارتد الى الوراء وجلس على كرسيه بعد ان وضع مفتاح اللوالب على المائدة ، وأخذ شهيقا عميقا وعلت وجهه إنفراجة بسيطة وحدق في الساعة الكبيرة ، كانت عقارب الساعة تسير عكس اتجاه عقارب الساعات الاخرى ، ساعة تعيد الزمن المنصرم ليصل الى الزمن الذي سبق موت إبنه ، ليبث فيه الحياة من جديد ، بقي كوتنيز يراقب عقارب الساعة لعدة ايام حتى عادت الى الزمن الذي كان فيه إبنه حيا نظرالى الساعة والابتسامة ظاهرة عليه ، ثم
ارسل بطلب الطعام وشرع يأكل بنهم وشهية حتى شبع ، عاد كوتنيز الى بيته وعمل بساعة بيته مافعله بساعة المحطة وضلت الساعة تسير عكس اتجاهها ... عن ماذا يبحث كوتنيز ياترى ،
بعد تسعة عشر عاما توقفت الساعة بعد أن تدخل في ايقافها عمدا ، توقفت الساعة عند الساعة الذي ولد فيها ابن كوتنيز ، إبنه لم يخلق بعد ، فلما الالم
ضحك كوتنيز بملىء شدقيه وتنحى جانبا وانهالت الدموع على وجنتيه
بغزارة... سألت كوتنيز "في اللازمن" مايبكيك وابنك المقتول لم يولد بعد
لم يجبني وكانت نظراته الحزينة تصفعني ..تتابعت الصفعات وهويحدق فيٍٍَ
وكأنه يقول انا لست مجنون يامجنون.. وبعد برهة من الزمن سألني
كم الساعة الان ..اجبته فقام لتوه الى الساعة المعلقة على الجدار واعاد
لها حركتها الاصلية ثم سألني عن اليوم والشهر الذي نحن فيه..واجرى
التعديل المطلوب ،عاد الزمن الذي لايقهره أحد ،وقهر كوتنيز،كوتنيز لم يعد موجودا سحقته دوليب الزمن وكذلك ابن كوتنيز
كوتنيز لم يقل ماقاله ، ولكني ساقول مالم يقله
ايها القادرون على قتلنا توقفوا عن القتل)
852 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع