المعماري أيوب عيسى أوغنا
خبير ومحكم دولي وخليجي معتمد .
مسقط / سلطنة عمان
اليخت السلطاني (القديم) الذي أشتريته و الأسطول البحري الذي بعته للبحرية الباكستانية
تاريخي كهاوي لأقتناء الأشياء ( كوليكتور) يعود لأيام دراستي في بريطانيا كطالب بعثة من الحكومة العراقية في ستينات القرن الماضي ولا أزال , وأقول كهاوي وليس كمحترف يتاجر بها كمهنة للربح !!..
بالرغم من أن المخصصات الشهرية للبعثة كانت محدودة = 40 باون تم زيادتها الى = 45 باون لكل شيء حتى السكن والمعيشة و الكتب واللوازم المدرسية , ولم أتمتع بمخصصات أضافية خاصة من الأهل , لذا كنت مقتصدا قدر الأمكان في المصروفات الغير الضرورية كالتدخين و الكحول و الأكل في المطاعم , فأول وجبة رز قمت بطبخها لي و زميلي في السكن سنة 1962 تحولت الى شوربة ولكن أكلناها بشهية , وهكذا تعلمت الطبخ بالتمرين وعن الذاكرة لما كانت الوالدة تقوم به , وعندما حاولت أول مرة طبخ الدولما لأبن خالتي المهندس منذر الحمندو وزوجته في شقتي في ليفربول سنة 1964 , كانت نجاحا باهرا وحصلت على الثناء لأشهى أكلة دولما على الأطلاق , هكذا تمكنت من الأدخار لشراء بعض الأشياء التي كانت تعتبر ترفيهية , من الطلبة حديثي التخرج قبل رجوعهم الى أرض الوطن وأولها كان جهاز راديو كهربائي ( لأن الترانيزتر بالبطاريات) لم يكن موجودا و الثاني كاميرا ألمانية ( زينيث) , ولقد سبق وأن نشرت ذكرياتي عن أول دراجة نارية أشتريتها ( سكوتر/ لامبريتا) , وأول سيارة ( موريس مينور) , وأحداث ذات صلة بهما على صفحات عنكاوة دوت كوم و الكاردينيا دوت كوم و الأنترنيت وبعضها على الفيسبوك , وهذه كانت البداية ولكن شغفي بتلك الهواية نضج حين تعرفت في ليفربول على عائلة أنكليزية من الطبقة العاملة , تعمل بتلك الحرفة و تم تعريفي بأهم تلك الأسواق و أشهرها سوق باديزماركيت المفتوح في عطلة نهاية
Auction Houses for Cars & Furniture . Paddy~s market , Scotland Rd., Liverpool
الأسبوع في شارع أسكتلندة ومحلات المزاد العلني سواء للسيارات أو الأثاث والمعدات المنزلية , لأن المشاركة في المزاد خطير لايقبل المساومة ويحتاج الى خبرة ودراية تعلمتها من شخص محترف , وقمت بشراء أول سيارة صغيرة للنقل ( فان) من شركة تصليح أجهزة التلفزيون ولاتزال صورة التلفزيون مرسومة على جوانبها وكانت تلك الشركات تعرضها للبيع بثمن بخس لأنتهاء عمرها التشغيلي , وعندما كنت أتنقل بها كانت النساء تلوح لي بالوقوف لطلب خدمة تصليح أجهزتهم , وبعد أن حصلت على تأجير الطابق العلوي لمبنى سكني غيرمؤثث مطل على أكبر بحيرة بقوارب ومنتزه في ليفربول ( سيفتون بارك)
Sefton Park, Rowing Boat Lake . Liverpool
, تمكنت من تأثيثها ونقل الأثاث والمعدات من محلات المزاد بسهولة ويسربتلك السيارة , بحيث أصبحت كمؤجر لشقق مؤثثة لطلاب من الجامعة والحصول على مورد أضافي سمح لي بلأنفاق على هوايتي المفضلة , بحيث تحولت شقتي الخاصة كمتحف لأنواع المقتنيات مثلا عدد 2 رؤوس غزلان محنطة بقرون كأغصان الأشجار ودرع جلد وعدد 2 رماح أصلية لقبائل الزولو الأفريقية , وجيتار كهربائي و أسلحة قديمة وخنجر فضي سعودي وغيرها و جميعها معلقة على الحيطان . ولقد سبق وأن ذكرت تفاصيل حصولي على سيارة سبورت رياضية ( بيرلس جي تي) من البرفيسور الذي كان يدرسنا تاريخ الفن
Peerless GT. 1960
والعمارة , في مذكراتي عن ( شبهي بالمغني أنجليبيرت همبردينك) في المواقع المشار أليها أعلاه , وكانت الأولى من نوعها في المدينة وكنت نتيجة لذلك أعيش حياة البلايبول , وأرتاد أرقى النوادي الليلية في ليفربول مجانا , ولا داعي لتكرارها هنا .
ولكن بعد تخرجي من الجامعة في ليفربول , أكملت دراسة الماجستير في جامعة لندن ولم أتمكن من نقل مقتنياتي الى شقة صغيرة غالية في لندن وخاصة وأنني كنت أدرس على حسابي الخاص , حيث قمت ببيعها مضطرا أيضا في بيوت المزاد العلني , وبعدها حصلت وظيفة كبير المهندسين في شركة عالمية للبناء و التعمير( تايلر وودرو انترناشنيونال والمشهورة بعلامة تجارية لأربعة عمال يجرون الحبل ) سنة 1973
Taylor Woodrow International
للتصميم والأشراف على أول مدينة عصرية ( مدينة قابوس) في مسقط / سلطنة عمان , وكانت مسقط في بداية عصر النهضة بعد تولي الحكم السلطان الشاب سنة 1970 ( خريج أكاديمية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا ) بعد سنوات مظلمة تحت سلطة والده السلطان سعيد بن تيمور وأشبه بالقرون الوسطى , وكانت الطرق المبلطة محدودة و عدد السيارات قليلة , وأول سيارة سبورت مكشوفة رأيتها معطلة ومهجورة على جانب الطريق (سن بيم
Sunbeam Rabier, 1970
رابيار) , والوحيدة من نوعها في مسقط , قررت أن أستفسر عن مالكها , وتبين أن فيها عطل لايمكن أصلاحه لعدم وجود قطع غيار وكعهدي بهكذا مشاهد وأحداث أشتريتها على الفور وبدون تردد عسى أن أتمكن من تصليحها وجلب قطع الغيار من لندن مهما كلف الأمر . وتبين بعد أن تمت معاينتها من قبل أحد الفنيين في تصليح السيارات بأن أكبر عطل فيها هو بما يسمى ( ذي بيج أند/ كرانك شافت) وهي قطعة واحدة تزن أكثر من 20 كلغم . وفي أحدى زياراتي للمكتب الرئيسي للشركة في لندن قمت بشراء جميع قطع الغيار و خاصة القطعة الكبيرة , ووضعها معي بالطائرة كعفش , ولكن لسبب ما تم تحويل مسار الطائرة للخطوط الجوية البريطانية الى بيروت / لبنان , وكانت الحرب الأهلية على أشدها سنة 1974 وتم الطلب من جميع الركاب حمل أمتعتهم باليد من الطائرة الى المطار بأنتظار طائرة أخرى , وبالرغم من الحمولة الثقيلة حاولت أعطاء الأنطباع بأن حملي خفيف وأنا أئن تحت وطأته أمام حراس الأمن المدججين بلأسلحة , ولم تكن أيامها كاميرات للتعرف على المعادن ونوعية العفش , ولكن الشكل الطويل لقطعة الغيار بدت وكأنها راجمة صواريخ , وفضحت أمري وتمت مساؤلتي عن ماهية هذا السلاح , وتم حجزي للتأكد من قصتي وطبيعة ما أحمله من معدن ثقيل , ونظرا لتأخر وصول الطائرة البديلة و كان هنالك الوقت الكافي للتأكد من الحقيقة , والسماح لي بمغادرة المطار مع بقية الركاب وأنا أتنفس الصعداء من خطورة الأوضاع في بلد في حرب أهلية يمكن فيها أتهامي بأخطر التهم وبدون أية وسيلة للدفاع عن نفسي . وبعد القيام بتصليحها كنت فخورا بسياقتها لعدة أشهر ولكن حادث أصطدام من قبل سائق عماني لايجيد السياقة , كمعظم السواق في تلك الفترة وكانت واقفة أمام بيت شقتي أدى الى أعتبارها من قبل شركة التأمين غير قابلة للتصليح ودفع قيمتها السوقية , وأدى ذلك بالنسبة لي كخسارة جسيمة لاتعوض بالمال , وخاصة أن السيارة كان لها قيمة معنوية لأنها أنقذت حياتي من موت محقق وتمكنت من تفادي وجودي كمهندس مشرف على ترميمات و توسيعات في قلعة ميراني الشهيرة في مسقط من أنفجار هائل نتيجة شرارة من عقب سيجارة لأحد العمال الهنود فجرت أطنان من البارود القديم المكدس في القلعة منذ زمن البرتغاليين الذين بنوا القلعة في منتصف القرن السادس عشر أثناء أحتلالهم لعمان , والتأخير في الوصول الى القلعة كان نتيجة الوقوف وقيامي بأزالة سقفية السيارة للأستمتاع بالشمس والذي أستغرق حوالي ربع ساعة , وعند نزولي من الطريق الجبلي القديم الى المدينة التي كانت ضمن سور كبقية المدن القديمة ( القصبة) , أهتزت سيارتي من قوة الأنفجار وأنا أرى أمامي كرة هائلة من لهب النيران و الدخان تعلو فوق القلعة , ودوي الصدى الهائل بين الجبال المحيطة , وأدى الأنفجار الى عشرات القتلى و الجرحى ونتيجة الأنفجار تطايرت الأشلاء و بعض الجثث في عرض البحر . أما الحدث الآخر الجدير بالذكر في موضوع السيارات , كانت الفرصة لعرض أحد ضباط الحرس السلطاني سيارتين للبيع سبق وأن حصلها كهدية من القصر وهي سيارة فراري وسيارة أستون مارتن , ونظرا لصعوبة أختيار شراء أحدها , قررت شراء الأثنين معا ولا أزال أحتفظ بهما كسيارات كلاسيكية
Ferrari Boxer 512 (5 liter Engine, 12 Cylinders / Carborators )1968
& Aston Martin Saloon, 1978
ولنرجع الآن الى موضوع القوارب البحرية , ولقد سبق وأن كتبت مذكراتي عن القارب الذي أنقذنا من تسونامي في بحر عمان في المواقع المشار أليها أعلاه , ولا حاجة لتكرارها , ولكن الأهم كانت الفرصة لشراء اليخت السلطاني (القديم) من شركة التأمين بعد تعرضه لحادث أصطدام بالصخور المرجانية والأستغناء عنه بعد تسرب مياه البحر الى المكائن وأنتشاله برافعة ونقله الى القاعدة البحرية في مسقط , وتم الأعلان عن البيع كما هو وفي حالته الراهنة , ولم أجد منافسة لشراؤه لصعوبة المهمة في تصليحه ولكنني كصياد لأقتناء هكذا كنوز لم أتردد في شراؤه , شريطة أبقاؤه في نفس المكان للفترة المطلوبة لتصليحه وأعادته الى البحر. وونظرا لكوني رجل المهمات الصعبة وأثبتت جدارتي في تخطي هكذا أوضاع , تمكنت من القيام بما يلزم من توظيف عمال مهرة و فنيين لآنقاذ ما يمكن أنقاذه من المكائن و الأجهزة و الذهاب الى مقر شركة مرسيديس الألمانية , التي تقوم بأنتاج مكائن ( أم تي يو/ ثمانية سلندر) الديزل البحرية الشهيرة وتعتبربمثابة مكائن الرولز رويز للطائرات . وأشتريت جميع قطع الغيار شخصيا لعدد 2 مكائن في
MTU , Motoren.und Turbinen.Union Friedrichshafen GmbH.
اليخت وشحنها بالطائرة الى مسقط , ولقد لاقيت الترحيب و المساعدة المطلوبة لأن اليخت السلطاني كان بهكذا نوع من المكائن لأنها عادة يتم أستعمالها في الأساطيل البحرية والسفن العملاقة , , اليخت الخاص والوحيد في العالم . ولهذا اليخت تاريخ حافل , حيث تم أهداؤه لجلالة السلطان قابوس سنة 1975 من قبل شاه أيران محمد رضا بهلوي , بمناسبة دحر و القضاء على التمرد الماركسي اللينيني في جبال ظفار من قبل ما يسمى جبهة تحرير عمان والخليج العربي بتمويل وتجهيز من نظام جنوب اليمن في عدن الماركسية و أيضا بمساعدات مالية من دكتاتور العراق صدام حسين , وكان للقوات الخاصة والكوماندوز الأيرانية الدور الرئيسي والفعال للقضاء على هذا التمرد الخطيرعلى أمن المنطقة . وبعد عدة أشهرمن العمل الدؤوب تم تصليح المكائن و الأجهزة الألكترونية و الرادار وأعادة تغليف الغرف الداخلية و المقاعد و الأفرشة , تم أعادته الى البحر بمساعدة منتسبي القاعدة البحرية لما لهذا اليخت من أعتبارات كونه اليخت الخاص لجلالة السلطان وكان تحت الخدمة لسنوات طويلة الى ان تم الحصول على يخت جديد أكبر و أضخم بدلا منه . ولقد أستمتعت أنا وافراد عائلتي و أصدقائي بهذا اليخت في سفرات بحرية عدة سنوات , ومن حسن الحظ تم أرساؤه في نفس المكان المخصص له سابقا في ميناء قابوس في مسقط , ألى أن حصلت على عرض مغري لشراؤه من قبل أحد شيوخ العرب ونقله الى الأمارات العربية المتحدة . وكما يقال بأن الفرحة في حيازة قارب مناسبتان الأولى في شراؤه و الثانية في بيعه , وأعتذرعن عدم نشر صور اليخت هنا للخصوصية التي يحملها لمالكيه السابقين والحاليين .
والحديث عن بيوت المزاد العلني يطول ولكنني سأكتفي بأهم المناسبات الجديرة بالذكر , أحدهما عندما أشتريت أول شقة لي قي لندن في منطقة تسمى ( لتيل أيتالي/ أيطاليا الصغرى) بالقرب من القناة المشهورة بعباراتها الطويلة و النحيفة المرسوة على جانبي القناة , وأثناء مروري في شارع أوكسفورد , رأيت أعلان عن البيع بالجملة لمحتويات معرض للسجاد الأيراني لغرض أقفاله , ورقصت من الفرح لذلك العرض , وبعد تأكدي من أن العرض حقيقي وليس مزيف , أختليت بمدير المعرض وعرضت عليه شراء عدد 50 قطعة سجاد صغيرة وكبيرة ولكن بسعر خاص وبدون أضافة ضريبة الشراء التي كانت تقدر ب 19% , أنني سأدفع ثمنها نقدا وبدون وصولات شراء , على أن ينقلها الى شقتي في لندن , وهكذا تمكنت من تأثيث الشقة ارضياتها و حيطانها بالسجاد الأيراني ودعوة أصدقاؤنا الى حفلة أفتتاح الشقة والجميع جالسين على الأرض ومتكئين على مخدات مكسوة بالسجاد الصغير الذي يستعمل أيضا كسجادة الصلاة و بجلسة عربية مريحة . وبعدها أكملت بقية الأثاث من دور المزاد المتعددة في لندن .
أما المناسبة الثانية , كانت عندما قمنا يشراء بيت في الريف الأنكليزي خارج لندن , وكان يوجد في المنطقة بيت مشهور للمزاد العلني كل يوم سبت من كل شهر , ونظرا لأن البيت كان يحتوي على حوالي 20 غرفة , كنت في عجلة من أمري لتأثيث البيت في نهاية عطلتي السنوية عندما كنت لاأزال أعمل في شركة تايلر وودرو في مسقط سنة 1975 , ومشاركتي بالمزاد في تلك المناسبة أحدثت ضجة ومشهد لم يتعوده الحضور في هكذا مناسبات , حيث لم أترك أي مادة سواء قطع أثاث أو أنتيك أو أواني خزفية وزجاجية وكهربائية وحتى الدراجات الهوائية , دون أن أنافس الحضور بزيادة سقف العروض , والنتيجة كانت أمتعاض عدد منهم و مغادرة الصالة وهم يشتكون من المنافسة الغير الشريفة , والنتيجة بعد عدة ساعات تمكنت من شراء ربما 70% من المعروضات في القاعات المختلفة من المعرض , وتمكنت من نقلها وتأثيث البيت بأسرع وقت ممكن قبل مغادرتي , والجدير بالذكر أن هذا الحادث لم يمر مرور الكرام , لأن أسمي أصبح مشهورا في تلك المعارض كنار على علم , وبعد حضوري في مناسبات عديدة لبيوت المزاد المختلفة كان أسمي معروفا ويتم الترحيب بي بأعلان أسمي ( ويلكوم مستر أوجانا) , ويتردد بعضهم للدخول في منافستي لأقتناء حاجة معينة لعلمهم أنني سأزيد عليهم , ويتركون لي الفرصة لشراؤها بسعر معقول . ويجب على المشارك في المزاد أن يسجل أسمه حسب شروط كل مناقصة ويحصل على رقم .
أما المناسبة الثالثة فكانت في معرض للسجاد الأيراني في فندق المطار في مسقط في سنة 1985 , وبعد التجول وألقاء النظر ألى المعروضات وكان ذلك في فترة عصيبة لأيران وبحاجة الى العملة الصعبة أثناء الحرب العراقية الأيرانية , فأتفقت مع المسؤول عن أقامة المعرض , بأنني أرغب في شراء ما تبقى من أنواع السجاد المعروض , بسعر أجمالي تسهيلا لبيعها ولعدم الحاجة لأعادتها الى أيران بعد أنتهاء المعرض وما يترتب على ذلك من أدخار كلفة أرجاعها . وكانت النتيجة حوالي 45 سجادة كبيرة وصغيرة بعضها من الحرير الخالص الكاشاني , وتم توزيعها على صالات و غرف الفندق الذي أملكه ( فندق شاطيء القرم) وغرف بيتي ومكتبي أيضا .
أما المناسبة الرابعة , فكانت في سنة 1994 , حين تم عرض أعمال فنية للوحات زيتية لفنانين عراقيين لجمع أموال مساعدات للعراق أثناء الحصار الجائر والمدمر لأقتصاد العراق , وأقيم من قبل السفارة العراقية في فندق قصر البستان الفخم في مسقط , وبعد زيارة المعرض , قررت أقتناء عدد من تلك الرسومات والمشاركة في تلك المهمة الأنسانية و الوطنية , ولكنني لم أتمكن من الأختيارلأن معظمها كانت رائعة ومن فنانين مشهورين , لذا أبديت رغبتي للسفير العراقي / الدكتور خالد السامرائي ( الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة هندية في فلسفة حزب البعث العربي الأشتراكي) بشراء جميع اللوحات الباقية بعد أنتهاء العرض , وكانت النتيجة حتى بالنسبة لكوليكتور مثلي مرعبة للعدد الهائل من اللوحات ويبدو أن العمانيين لم يفهموا الكثير عن الفن والفنون التشكيلية , لأن الباقي كان عدد = 92 لوحة صغيرة وكبيرة ولم أتردد في دفع قيمتها الأجمالية , مساهمة مني في المساعدة المطلوبة , و وفاؤا لما تعهدت به لسعادة السفير, وتمكنت من توزيع اللوحات في غرف الفندق الصغير وبيتي , وعدد كبير منها في مكتبي الذي أصبح كمعرض وبينها لوحة كبيرة لصدام حسين و جلالة السلطان قابوس , وحتى العديد منها تم الأحتفاظ به في المخزن , ومن عادتي عدم بيع ما أقتنيه لو تسنى لي ذلك . ولقد فكرت بأقامة معرض خاص لتلك اللوحات الغير المطلوبة , ومشكلتي هي عدم الرغبة بالبيع وعادة أطلب أسعار تعجيزية ينتهي المطاف بلأحتفاظ بها
ولنرجع الى بيت القصيد وهو الأسطول البحري , بتاريخ 11/4/2005 تم الأعلان عن مناقصة بعروض مكتوبة لشراء عدد 23 من القطع البحرية لخفر السواحل لشرطة عمان السلطانية الخارجة عن الخدمة , ويتراوح طولها بين 15 و 28 متر ومكائن العديد منها 12 سلندر ديزل ( أم تي يو الألمانية التي تمت الأشارة أليها أعلاه ) , وكاتربيلار و كمينجز و بيركينز و الراسية في ميناء قابوس , ونظرا لأشتياقي لركوب البحر بعد بيع اليخت , قررت المشاركة الفعالة , وأقول الفعالة لأنني لم أرغب في خسارة الفرصة الثمينة لشراء على الأقل أحد تلك الزوارق لتحويلها الى يخت شخصي بدلا من السابق , ولذا أشرت على جميع ما هو معروض للمزاد والسعر لكل واحدة منها , عسى أن أفوز بأحدها , وبعد تقديم العروض , أنتظرت بفارغ الصبر للنتائج , ولم تستغرق فترة الأنتظار سوى أسبوع واحد , حصلت على مكالمة هاتفية للحضور الى مكتب رئيس العمليات في مقر خفر السواحل ومعي بطاقة الهوية الشخصية , و فرحت فرحا شديدا بأن هذا يدل على نجاحي في الفوز على الأقل بواحدة منها , فأستقبلني الضابط وهو ينظر ألي بأمعان وطلب مني الجلوس , بعد فترة صمت بدت وكأنها ساعة من الزمن وأعاد النظر في الأضبارة أمامه , وأخذ منها الصفحة المطلوبة و وضعها أمامي دون أن ينبس ببنت شفة وبعين فاحصة , فعندما نظرت الى الصفحة لم أصدق عيني للكارثة والورطة التي أوقعت نفسي فيها , من نصيبي عدد = 17 من مجموع = 23 , أصبحت ملكي , ولا فرصة للتراجع , فبدلا من البكاء بدأت بالضحك الغير الأرادي , ونزع الضابط عن وجهه الصرامة وبدأ بالضحك أيضا مما أدى الى الحضور الفوري لعدد آخر من الضباط وهم مستغربين , وأن لم يشاركونا بالضحك لعدم ألمامهم بالموضوع و خاصة بتفاصيله !!..
ولكن مشكلتي العويصة لم تكن دفع القيمة الأجمالية للصفقة وأنما المطلوب نقل القوارب من الميناء خلال أسبوع أو دفع كلفة رسوها في الميناء ولكن لفترة لاتتجاوز 3 أسابيع . وبعد أن رجعت الى رشدي والتفكير في جدية الوضع الذي لايمكن لأحد أن يحسدني عليه , والتعرف على المشكلة والتي حلها كان من الأمور التعجيزية , تم بعدها بالأتفاق عل أعادة المزاد على حسابي , أي بيع أسطولي البحري من عدمه , والحمد لله لم تتم عملية المزاد وانما طلب أحد رجال الأعمال الباكستانيين في مسقط لشراء الأسطول بثمن لم أتردد في قبوله على الفور وخاصة وانني ربحت ما لايقل عن 15% من القيمة التي أشتريت بها الأسطول , واقول أشتريت لأنني تعهدت بدفع القيمة الأجمالية حسب العرض الأصلي الذي قدمته . وتبين أن شراء الأسطول كان بطلب من السفارة الباكستانية لصالح البحرية الباكستانية , ويبدو أنه كان لهم الرغبة ولكن لم يتمكنوا من الدخول بالمناقصة لأنها كانت مقتصرة للعمانيين فقط , وأما صاحب الأسطول ( داعيك) فلم أحدد جنسية من يقوم بالشراء , وكعهدي كخبير في المزادات , تمكنت من أعطاء الأنطباع بأنني لست مضطرا للبيع , وأنه لي أفكار معينة للتصرف ومعالجة الموضوع !!..
وكنت خلال تلك الفترة أمزح مع أصدقائي العراقيين , طالبا منهم مشاركتي لغزو الكويت مجددا ولكن من البحر بأسطولي البحري , هكذا كانت النهاية هزلية و بدايتها كانت مأساوية . وكانت هذه آخر تجربة لي في المشاركة في المزادات العلنية لحد كتابة هذه السطور, ولكنني أعترف بأنني لا أشتري أية حاجة لي شخصيا أن لم تكن معروضة في تخفيضات لاتقل عن 25% من قيمتها الأصلية , وأحتفظ حتى بملابسي القديمة وأتمتع بأرتداء مثلا سروال/ بنطلون سبق وأن أشتريته قبل 20 أو 30 سنة وخاصة ملائمته لمقياس خصري / بطني فرحا بأن كرشي لم يزداد كثيرا طيلة تلك الأعوام , وأنا لا أزال على رشاقتي السابقة !!؟..
أرجو أن تكونوا قد أستمتعتم بقراؤة هذه السطور و العديد من المقالات عن ذكرياتي القديمة , وسيتبعها المزيد من الكتابة أن شاء الله , عن تجاربي في الحياة عسى أن تخرجوا ولو بأنطباع أو عبرة مفيدة تستفيدون منها أو تتجنبوها في حياتكم الشخصية , متمنيا لكم الموفقية .
وما هي لذة هذه الحياة الفانية أن لم نختبرها ونستمتع بحلوها ومرها أيضا ؟؟!!.
ملاحظة :-
هذه عدد من اللوحات الزيتية , وعدد من قطع الأسطول البحري .
1347 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع