مطرقة داعش تحطم تمثال الملك عبد سميا

                                                     

                       د.صلاح رشيد الصالحي

مطرقة داعش تحطم تمثال الملك عبد سميا

                     

                    تمثال عبد سميا ملك الحضر

تقع مدينة الحضر جنوب غرب مدينة الموصل (80) كلم ويعتقد انها تأسست بداية القرن الثاني ق.م، والاسم الصحيح للمدينة (الحظر) كما نقول مثلا (منطقة محظورة) بمعنى انها منيعة، وهذا الوصف ينطبق عليها، فهناك سورين الأول يحيط بالمدينة يليه السور الثاني من الطين ثم يليه خندق، وهناك (163) برج للمراقبة، كما عرفت بانها مدينة الشمس (شماش)، وتكمن أهميتها بانها ذات موقع تمر من خلالها القوافل التجارية وبذلك فهي تشبه مدينة تدمر في سوريا فكلاهما موقع تجاري وعسكري في آن واحد، وجرت عدة محاولات رومانية للاستيلاء عليها ولكن بائت بالفشل مثل حملة الإمبراطور تراجان الذي فرض الحصار على الحضر عام (114) م ، كما فشل من بعده الامبراطور سبتيموس سفيروس الروماني في الاستيلاء عليها رغم محاصرته لها أيضا عام (195) م، ان سبب فشل القوات الرومانية في كلا الحملتين يعود لمناعة اسوارها ووفرة الماء داخل المدينة قياسا للجيوش الرومانية الذي كانت تعاني من العطش صيفا، ولهذا كانت القوات الروماني تنسحب مخلفة خسائر بشرية ومادية.
حكم عبد سميا (abd Samya) ملك الحضر (180-205) م، وهو ابن الملك سنطروق الأول (Sanatruces)، وخلفه على العرش ولده سنطروق الثاني، وهناك ثمانية نقوش تشير للملك عبد سميا منها نقوش وجدت في الحضر، يذكر أحدهم بأنه شيد رواق للملك في معبد شماش وهناك منحوتات لنسور على الرواق وهي ترمز بالتأكيد لإله شماش ويرجع تاريخه إلى (192-193) م، ونقش آخر على تمثال يرجع تاريخه إلى (201-202) م، اما تمثال الملك فقد عثر عليه خلال التنقيبات الاثرية في الحضر، والمعروف أن المدينة كانت قد شيدت في العهد السلوقي ثم خضعت للسيطرة الفرثية، ومع هذا أبقت اللغة والعملة المعدنية اليونانية في التداول، وعرفت عن المدينة بأنها بودقة انصهرت فيها مزيج رائع من الثقافات، فقد عبدت فيها جميع أنواع الآلهة إلى جانب بعضها البعض منها آلهة بلاد الرافدين القديمة واليونانية والفارسية.
اتخذ عبد سميا اسمه من الإله سميا (إله السماء) لكن الباحثين يرون ان سميا (Samya) قد يعني السماء أو (الراية) الحضرية المقدسة، فقد تأثر الحضريين بالثقافة اليونانية والرومانية التي غزت المجتمعات في الشرق الأدنى، ومنها تقديس (الراية المعدنية)، ومثل هذه القدسية كانت معروفه عند الاشوريين سابقا فقد كانوا يرفعون رايات تمثل إله آشور خلال عملياتهم الحربية، كما كان يتقدم الفيالق الرومانية (راية المعدنية) تمثل للإله جوبيتر كبير آلهة روما، ولهذا فقد قدس سكان الحضر الراية العسكرية، ويظهر ان لكل قبيلة في الحضر لديها إله سميا، وربما كانت كلمة (سميا) في الأصل آرامية تعني السماء، ومن المحتمل أخذ الكهنة رمز الراية الحضرية من الرومان واعادوا صياغتها كإله حضري عندما اصطدم الحضريون بالأطماع الرومانية اتجاه بلدهم.
نرى في تمثال الملك عبد سميا وهو من الحجر المرمر الموصلي بانه نحت بالمواجهة وهذا نموذج للنحت الفرثي، كما ان شكل الملابس فرثية هي الأخرى، ويرفع اليد اليمنى للتحية، بينما اليد اليسرى تحمل سعفة نخيل ونحن لا نعرف أهميتها، كما صور على الصدر الإلهة الحامية أثينا اليونانية التي تقابل الإله اللات (=عشتار) ، نجد بعد الحزام ذو المشبك على الخصر نقش الإله هرمس اليوناني رسول الإله زيوس وحامي التجارة وهو يمسك عصا، هذا التمثال وضع في متحف الموصل ومع دخول (داعش) للموصل عام 2014 انهالت المطارق لتحطم هذا الأثر الخالد وتحوله إلى قطع صغيرة!!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

785 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع