د. مؤيد عبد الستار
عاش الاديب الراحل عبد الغني الخليلي في ستوكهولم سنوات شيخوخته بعد تهجيره من وطنه العراق ومدينته النجف الى ايران خلال حملة التهجير التي شنها النظام الصدامي عام 1980 على المواطنين الذين ابوا ان يكونوا ابواقا لنظامه ورفضوا أن يكونوا طوع دعايته الغوغائية وعناصر ذليلة في سلطته التعسفية .
هـُجـّر الاديب عبد الغني الخليلي مع والدته الفاضلة من مدينته النجف الاشرف الى ايران فاضطر الى حمل أمه على ظهره عبر الحدود العراقية الايرانية ، ولم تحتمل البقاء تحت سماء الغربة فاسلمت روحها الطاهرة ودفنت هناك على أمل ان تنقل الى وادي السلام في مدينتها الحبيبة النجف .
والدته كان الجميع يناديها بكنيتها ام عبد الغني ، وحين اراد أن يكتب رثاء في ذكراها ، سألني ما تقول في أن اكتب المقال بعنوان : الى ام عبد الغني ، كان سؤاله يفتح افاقا رحبة من الذكريات عن الصورة التي احتفظ بها الاديب لامه الفاضلة ، فكتب رسالة مؤثرة خطها فيما بعد الخطاط الفنان محمد سعيد الصكار في خط بديع ما زلت احتفظ بنسخة منها .
انتقل الاديب الراحل الى دار الخلود قبيل سقوط النظام الصدامي باشهر قليلة وكان في اواخر سنوات عمره الحافل بالاحداث السياسية والادبية شعرا ونثرا يغمر الاصدقاء والمعارف بالحـُب والامل من خلال علاقاته الثقافية الواسعة .
استطاع بعض زملائه حثه على جمع بعض نتاجه في كتاب كي يكون في متناول ايديهم بدل سماع ما يجود به من حكايات وقصص عن طريق الرسائل او الهاتف فكان ان نشرت له دار المنفى الجزء الاول من كتابه سلاما ياغريب ، ومن ثم نشرت دار المدى الجزء الثاني منه .
وحين أعود الى الكتاب استعيد فيه ذكريات الاديب العزيز عبد الغني الخليلي ، تطالعني كلماته الرقيقة التي اهداها الى . كلما اطالعها اخشى أن تطويها يد القدر فتضيع في زحمة الاوراق والكتب التي بدت تثقل كاهل رفوف مكتبتي ، فصممت على نشرها كي يطلع عليها القراء الكرام ويلمسوا فيها دفء الكلمات التي تمثل روح الاديب الكبير عبد الغني الخليلي ابن النجف البار الذي كان رغم قساوة المنفى نخلة باسقة يستظل بظلها الوارف كل من اغترب وعاش يتلظى في نيران الغربة والبعد عن الوطن والاحبة والاهل والاصدقاء ، فراق ربوع الطفولة والصبا والشباب ، فراق الذكريات الجميلة والليالي المقمرة وصباحات الفراتين وهديل الحمام الذي تغنى به الاديب الخليلي كثيرا .
كتب عنه زميله القاص والروائي ابراهيم احمد على غلاف كتابه سلاما ياغريب ج 1 : عبد الغني الخليلي شاعر وناثر مبدع جاوز السبعين ولم يكترث لمواصلة شعره ونثره او حتى جمعه قدر اكتراثه بان يشيع في زمن المحنة ، الحب والجمال والامل بين من حوله ، بكلماته في مقالة او جلسة او على الهاتف او بالرسائل الخاصة لاصدقائه ومعارفه الذين تغربوا في انحاء الدنيا.
*انشر رفقة هذه المقال صورة لاهدائه وصورة ما كتبه عنه القاص ابراهيم احمد على صفحة غلاف كتابه سلاما ياغريب تعبيرا واجلالا للاديب الراحل عبد الغني الخليلي بمناسبة الذكرى 33 للتهجير القسري للعراقيين من وطنهم الى ايران عام 1980 .
888 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع