د.منير الحبوبي
مشاهدات عالقه بالذهن لا تنمحي
قبل 35 عاما وصلت الى فرنسا وأنا لا أعرف الا بعض الكلمات القليله بالفرنسي منها بونجور اي صباح الخير وبونسوار اي مساء الخير وصادف يوما حيث كنت مع زوجتي في مدينة فيشي حيث كنت اتعلم اللغه الفرنسيه وحيث نحن سائرين بالشارع وأذا بأمرأه كبيرة السن يتجاوز عمرها العقد الخامس تبكي بشكل مؤلم جدا فأردنا مساعدتها وبدأت أحدثها بالأنگليزيه ولكنها لا تتكلم الانكليزيه بشكل جيد وأخيرا ومن خلال النقاش الصعب لمعرفة اسباب بكاؤها وما الذي نستطيع ان نقدمه لها ففهمت اخيرا بأن ابنها سحقته االسياره فتألمنا كثيرا لحالها وأخذنا نأخذ بخاطرها ونهدء من روعها وتمكنت من جلب كرسي لتجلس عليه بعد ان كانت جالسه على الرصيف بالشارع وما هي الا دقائق وأذا بأحدهم يأتي للمساعده ايضا ويخبرني من خلال الحديث معه انه كلبها هو الذي سحقته السياره وهنا انصدمت انا وام علي من هذا الكلام لأننا لم نكن نتوقع ان الكلب يستحق كل هذا العذاب والآلام والبكاء ومن خلال النقاش مع زملاء فرنسيين عرفت منهم ان من يربي كلبا او قطه فهي تعامل كالأبناء واذا ارادوا ان يتكلمون عنهما فيقولون ولدي وبنتي عليهما وهنا لا اريد ان اقول او اتذكر معاملاتنا في بلادنا العربيه ودول العالم الثالث للحيوانات فما بالك ونحن الآن نعامل الأنسان اسوأ معامله وحتى نحلل قتله وان قتلناه فلا رحمة والقتل يكون بأشنع وسائل القتل,
وفي سنه من السنوات لاحظنا ان فاره بدأت تعبث بالمخزن بالبيت وكل يوم نشاهد انها قد عبثت اما بأكياس الحبوب او بمواد غذائيه او بأوراق فتضجورنا منها وقررنا معاقبتها فاشترينا مصياده وفرحنا كثيرا لأننا حال نصبها تمكنا باليوم التالي من اصطيادها فالمسكينه لم تعرف كيف تسرق الجبنه دون ان تنمسك كحال الفيران عندنا بالعراق, ولكننا هنا تفاجئنا بمشكله اخرى وهي كيف نتخلص منها فلم نجد طريقه الا وهي كما كنا نعمل بالعراق وهو سكب الماء الحار عليها وطبعا هذا الماء تم تفويره بالطباخ بدرجة حراره تتجاوز ال 100 درجه مئويه فماتت على الفور ولله الحمد ولكننا لم نكن نعلم بأننا قمنا بجريمه لا تغتفر فأولادنا حينما سمعوا بهذه الحكايه واكبرهم عندها لا يتجاوز العاشره من عمره فهم قد عنفونا على هذا العمل الشائن وأننا لا نستحق محبتهم وكيف يمكننا ان نغتفر من هذا العمل المرعب لأننا قتلنا روحا زكيه ولا اطيل عليكم المشهد حيث كنا مصدومين من كلامهم وتعنيفهم وحينها حسسنا بأننا فعلا قتله ومجرمين والصدمه الأكبر هو انهم لا يعرفون كيف نتعامل بيننا نحن البشر وخاصة خلال العقود الاخيره حيث الكراهيه والخلافات الطائفيه والقتل على الهويه في مرحلة ما,
من الأمور او الحكايات التي لا انساها ايضا والتي تبقى عالقه بالذاكره الى ابد الآىبدين هو انه في يوم من الأيام مات لأبننا الصغير وكان عمره آنذاك 8 سنوات مات له حيوان صغير من فئة القوارض شبيه بجريدي النخل او الأرنب ويسموه بالفرنسي كوشون داند وفي يوم من الأيام مات هذا الحيوان الأليف بعد ان عاش معنا لعدة سنوات وفعلا حزنا عليه حيث حزننا مبرر بحزن ابننا عليه والخطوه الأخرى التي كان ان نقوم بها هي التخلص من الجثه فكان تفكيرنا هو رميها بالزباله بعد ان نضعها بكيس ما وهنا كانت الطامة الكبرى وهذه هي من اشنع الجرائم التي قمنا بها فحسب ابننا كيف يمكننا ان نفكر بهذا الاسلوب الوحشي في التعامل مع هذا الكائن الذي عاش بيننا لعدة سنوات وكان يشاركنا الحلوه والمره كما يقولون ولكن هذه المره استمحناه عذرا وقمنا بأكرام الميت وهو بدفنه بسرعه في حفره بالارض بعد ان ذهبنا الى غابه مجاوره لبيتنا,
من حينها بدأنا نتغير وننتبه الى تصرفاتنا نحن الوالدين ومن وقتها تعلمنا انه لا يحق لنا ان نقوم بقتل العنكبوت بالبيت علما انه جدا محبوب من قبل الفرنسيين وهكذا للحشرات الأخرى فلا يحق لنا قتل الزنبور حتى لو انه ازعجك على المائده مثلا وهكذا للزواحف بالحديقه كالسلابيح اي دودة الأرض او الحلزون او الدعسوقه ومن وقتها بدأنا نأخذ الحذر اتجاه هذه الكائنات الحيه فكلها لها روح وهي من خلق الله جل جلاله ولا يحق لأي انسان ان يخنق او يقتل او يزهق الروح مهما كانت, الحچي بيناتنه هذا فقط بتواجدنا امامهم ولكني لا اتورع بعدم تواجد الأولاد معنا بسحب النعال تكرمون واكتل هذه
الحشرات كالزنبور الذي يزعجك كثيرا وانت تريد الأكل بالحديقه صيفا
هذا السياق وهذا التفكير هو الذي دفع غالبية دول العالم المتحضر الى تحريم الأعدام حتى ولو ان الجاني قتل العشرات او المئات, طبعا ما اقوله هنا لا أحد يؤمن به في بلداننا ولكن ما اريد الوصول اليه هو لتبيان حرمة هذه النفس او الروح الزكيه التي خلقها الله ولهذا يحرم القتل لأن قتل الروح الزكيه لأنسان محرمه عند الله ومن قتل انسانا واحدا كأنه قتل البشريه كلها اكرر هذا ما توصلت اليه الشعوب المتحضره وهذا هو ما نصبوا اليه ويا رب يأتي اليوم الذي نصل بتفكيرنا الى هذا المبتغى, والسمو بالخلق
لا أغالي بالكلام هنا لعمل الخلاصه فكلنا يعرف العداوة في مجتمعاتنا بين الكلب والقطه وبين القطه والفاره ولكن هنا في بيوتات الناس تتئالف هذه الحيوانات فيما بينها وتراهم يعيشونى تحت سقف واحد ويلعبون فيما بينهم ولا يوجد شجار او عراك بينهم ولا أغالي اكثر لأخبركم بأنه قديما كانت الناس من تمشي في مكانات تتواجد بها الطيور او الحمام فبأقتراب الناس منها ومن على بعد عشرة امتار او اكثر او اقل تراها تنهزم او تطير ولكن الآن تجد بعض الطيور تمشي بين ارجل السابله وفعلا تأخذ حذرك لكي لا تدوس عليها فتؤذيها اي انه حتى الطيور التي تهاب الانسان والتي هي حذره منه بدأت تتئالف معه طبعا هنا لا اتكلم عن كل المكانات بل عن اماكن معينه كحال اقترابك من حمام وطيور الجوامع والمساجد
طبعا ما أقوله هنا لا ينطبق على كل الطيور بل اتكلم عن طيور تتواجد بالمدينه وتتعايش مع الانسان وليس عن الطيور المتوحشه وللعلم في اكثر المدن العالميه التي تتواجد بها پاركات وساحات كلندن وباريس او اصطنبول او حتى في المساجد والكنائس ترى الناس تأتي بالحبوب
1235 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع