الدكتور محمود الحاج قاسم محمد
باحث في تاريخ الطب العربي الإسلامي
طبيب أطفال – الموصل / العراق
لماذا تأخر العرب والمسلمون وتقدم الآخرون
قبل أن ندخل في تفاصيل هذا الموضوع الشائك نتساءل مع الكثيرين ، هل العرب والمسلمون تأخروا فعلاً وتقدم الآخرون ؟ يجيب الدكتور عبد القادر حسين ياسين على ذلك بقوله:
(( المسلمون لم يتأخروا ولكن غيرهم تقـدم . وليس المقصود هنا التقدم الأخلاقي ، ولكن النجاح في تشييد نموذج للتنظيم الحضاري المدني والعملي والتقني ، أكثر قدرة على توليد القوة والطاقة ، وبالتالي تجديد الحاجات والقيم والمشاعر الإنسانية . ))
(( إن المشكلة التي تعاني منها المجتمعات العربية والإسلامية اليوم لا تنبع من أننا كنا متقدمين نملك ناصية العلم والمعرفة والخلق والإبداع ثم تأخرنا، وهو ما يشكل سنة تاريخية تنطبق علينا كما تنطبق على غيرنا .
ولكن المشكلة تنبع من بروز نمط جديد من التنظيمات المدنية والتقنية والصناعية والاجتماعية والسياسية ، أي نموذج حضارة جديد يتوجب علينا استيعابه والسيطرة عليه ))
ثم يقول (( وليس ما نعيشه اليوم هو استمرار للجمود أو التخلف أو التأخر الماضي، ولكن بالعكس تماما إنه التحول السريع والمتقلب في كل الميادين والمجالات. فقد تحولت المجتمعات العربية في أقل من قرن من مجتمعات تقليدية، أي قائمة على أساس النموذج العربي الإسلامي المتأخر، والذي استنفذ طاقته الحيوية ، إلى مجتمعات حديثة تماما. فنحن لا نتأخر أبداً ولكننا نتقدم ونتحول ونمتص كمية هائلة من المعلومات والنظم الجديدة تماما على مجتمعاتنا.))
بعد هذا ندخل في صميم الموضوع ضمن محاور أربعة :
المحورالأول : مقومات بزوغ الحضارة العربية الإسلامية :
1 - الإسلام سبب نهضة العرب وحضارتهم : إذا كان من أهم أسباب تقدم الغرب هو التخلص من الدين المحرف وإزاحته من طريق الفكر ، فإنه على العكس من ذلك ، قد كان من أهم أسباب تأخر المسلمين هو ضعفهم في أخذهم دينهم بقوة ، فكثرت فيهم البدع والخرافات والتواكل والتقصير وترك العمل .
يقول شكيب أرسلان عن أسباب ارتقاء المسلمين (( إن أسباب ارتقائهم الماضي إنما تَرجِع إلى الإسلام الذي كان قد ظهر في الجزيرة العربية فدانَ به قبائل العرب، وتحولوا بهدايته من الفُرقة إلى الوَحدة، ومن الجاهلية إلى المدنية، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد، وتبدَّلوا بأرواحهم الأولى أرواحًا جديدة، صيَّرتهم إلى ما صاروا عليه من عزٍّ ومنعة، ومجد وعرفان وثروة، وفتحوا نصف كرة الأرض في نصف قرن.
ثم ذكر أنَّ سبب تأخُّر أوروبا واليابان الماضي وسبب نهضتهما الحاضرة ليس هو الدِّين، فلا داعي لإدْخال الأديان في هذا المعترك، وجعلها هي وحدَها مِعيارَ التقدُّم والرقي والتردِّي، ليس من النَّصَفة في شيءٍ، فالله -عزَّ وجلَّ- يَنصُر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا يَنصُر الدولة الظالمة وإنْ كانت مسلمة. أمَّا الإسلام فلا جِدال في كونه سببَ نهضة العرب وفُتوحاتهم المدهشة ممَّا أجمَعَ على الاعتِراف به المؤرِّخون شرقًا وغربًا، لكنَّه لم يكن سببَ انحطاطهم فيما بعدُ، كما يَزعُم المُفتَرون الذين لا غرض لهم سوى نشر الثقافة الأوروبية بين المسلمين دون ثقافة الإسلام، وبسْط سِيادة أوروبا على بلدانهم، بل كان السبب في تردِّي المسلمين هو أنهم اكتفَوا في آخِر الأمر من الإسلام بمجرَّد الاسم، ولكنَّ الإسلام اسم وفعل.))
2 – الاهتمام بالعلم والبحث العلمي : من الحقائق الثابتة (( أنه لا يوجد دين إهتم بالعلم كاهتمام الإسلام . . وإن أول آية نزل بها جبريل على رسول الإسلام محمد )ص) هي" إقرأ " ثم نزلت الآيات تباعاً تؤكد أهمية العلم والبحث والتفكير العلمي ، وأن الرسول (ص) شجع على السعي وراء العلم وإدراكه أينما وجد ، قال (ص) (( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة )) .
ونضيف القول (( بإنه عندما تحرك المسلمون الأوائل في هذا الاتجاه وساروا على هذا النهج تمكنوا عن طريق البحث العلمي الجاد بناء حضارة شامخة أشعت على العالم كله بعطائها المتميز ، وقد بدأ كثير من روادها تطبيق مفاهيم التجريب منذ مرحلة مبكرة ، وبتملكهم أدوات التفكير العلمي ومعالجة قضايا الحياة العملية بمنهجية وفكر منظم حققوا نجاحات مذكورة في هذا المجال ))
3 – التسامح مع سكان البلاد التي فتحوها : إن ما فعله المسلمون على سبيل المثال عند فتحهم لصقلية والأندلس وغيرها من البلدان هو أنهم تركوا لأهلها الحرية الكاملة بل المطلقة لمزاولة عاداتهم وقوانينهم الدينية حتى أعتنق أكثرهم الإسلام طواعية ، وأسهم علماء العرب والمسلمون إسهاماً فعالاً في النهضة العلمية التي نبغت في كل من الأندلس وصقلية ، والكثير من المستشرقين المنصفين يعترفون بأن من مزايا الدين الإسلامي التسامح والعطف والحفاظ على العادات والتقاليد والإنتاج العلمي للبلدان التي فتحوها ، تقول زيغريد هونكه في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب (( لقد حول العرب الأندلس في مائتي عام حكموها من بلد فقير مستعبد إلى بلد عظيم مثقف مهذب يقدس العلم والفن والأدب ، قدموا لأوربا أعلى سبل الحضارة وقادوها في طريق النور )) .
المحور الثاني : مقومات تقدم الآخرين في العصر الحديث :
1 – التخلص من معوق الفكر ( الكنيسة ) : (( عاشت أوربا ظلاماً قروناً متطاولة ، اعتنقت خلاله النصرانية المحرفة ودانت بها شعوبها ، فلم تفد منه في محو التخلف عن نفسها ، بل زادها جهلاً وظلاماً ، حيث منعت من التفكير إلا من خلال الكنيسة وضمن الحدود التي ترسمها )) . ولذلك (( لم يتقدم الغرب إلا بعد أن نجح في التخلص من معوق الفكر ( الكنيسة ) ، وكان احتكاكهم بالمسلمين دافعاً لمثل هذه الثورة ، تعلموا فيه إنسانية الإنسان ، وزرع فيهم الأمل لإسترداد تلك الإنسانية ، التي فقدوها مع حكم الإقطاع والكنيسة . وعقلاء الغرب ومفكروه يشهدون بفضل المسلمين على أوربا في النهضة الحديثة ))
2- الحرية : (( الحرية هي التي جعلت من الغرب أمة تفكر وتبدع بينما غيابها لدينا صنعت أمة خائفة مترددة ، إذ الفارق بيننا وبين الآخرين- اليوم - أنهم اتفقوا على تداول سلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة بعد أن ضمنوا حرية الناس في الاختيار لهذا أو ذاك بلا ضغوط ولا تخويف ولا تكفير ولا تخوين ، الفارق إذاً أنهم تخلصوا وخلصوا شعوبهم من المخاوف بينما بقيت الشعوب العربية ترزح تحت ظل أنظمة مخيفة مستبدة قاهرة ))
3- المساواة في الحقوق أمام القانون: (( تعيش المجتمعات الغربية مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة ويكفل القانون لجميع الفئات حقوقهم وواجباتهم فلا سيادة لغير القانون الذي يطبق على جميع الناس بدون استثناء . . وأن المناصب الهامة في الغرب لا تحمي متقلديها من العقاب في حال خرقهم للقانون .
وتكفل حرية الصحافة والإعلام هذا الأمر فتجد الصحافيين يترصدون أصحاب المناصب والنفوذ ويسلطون الضوء بأقلامهم على أي تجاوز للسلطات أو خرق للقوانين .. والمسؤول يعيش حياته العادية بين الناس . . بالقانون الذي يطبق على جميع الناس سواسية ويضمن حقوقهم ويضبط ما لهم وما عليهم .. ((
4– التكامل والتطور في مجال التربية والتعليم : حيث تجد المناهج متطورة ، وتقدم العلوم والتكنولوجيا بشكل مواكب للعصر .. ينشأ الطفل هناك على حب العلم والمعرفة ويستعمل المدرسون وسائل حديثة ترغب التلميذ في الدراسة ... كما أنه لا مجال لقمع التلميذ واضطهاده ويجاب على كل أسئلتهم مهما كانت ، ويدرسون كل العلوم فليس هناك محظورات فكل شيء قابل للنقاش والمعرفة على أسس علمية دقيقة ومدروسة ... فيتعلم الطفل أساليب الحوار والديمقراطية وينشأ على السلوك الحضاري . . كما تشجع حكوماتهم البحث العلمي وترصد ميزانيات ضخمة .
المحور الثالث : الأسباب التي أدت لتأخر العرب والمسلمين :
إن الدولة الإسلامية بما كان لها من حضارة ومدنية وقوة مسيطرة في العالم أجمع طوال خمسمائة عام ، وظلت هي الرائدة في المجال العلمي حتى القرن الثالث عشر ولمدة مئتي سنة أخرى ، يعزى تأخرها وتشتتها وتفككها السياسي للأسباب التالية :
1 – ضعف القيادات وفسادها والمطامع الشخصية للأمراء وتنازعهم على الرئاسة والمناصب ،
وظهور الخلافات السياسية والعصبية والنزاعات القومية والقبلية . كل ذلك أدى إلى انقسام الدولة الإسلامية الواحدة الموحدة إلى إمارات صغيرة متناحرة تغير بعضها على بعض.
2 – الخلافات الدينية والمذهبية والتعصب الديني والطائفي وضعف إيمان المسلمين مع مرور السنين .
3– غزو المخربين المحترفين من المغول : (( فقد بدأ ( جنكيزخان ) حملته على خوارزم فأزال السلطة الإسلامية وخرب المراكز العلمية في بخارى وسمرقند وطشقند وهلك عام 627هـ / 1227م.
ثم جاء ( هولاكو) فأرسل جيشاً إلى بغداد عام 656هـ / 1258م نهب أموالها ودمر وحرق مكتباتها ودمر معالمها ومراكزها العلمية .
وبعد وفاته تبعه (أباقا ) الذي أرسل جيشاً إلى الشام ودخل حلب وخرب مكتباتها . ولكن قواته لم تلبث أن اصطدمت بقوات سيف الدين قلاوون سلطان مصر فانهزم جيشه سنة 680هـ/ 1281م ، وبعد ذلك انتهى دور المغول الذين حطموا معالم حضارة الدولة العربية والإسلامية ومؤسساتها العلمية والدينية والفكرية .
وفي النصف الثاني من القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي جاء تيمورلنك ، فقضى على أحفاد جنكيز خان الذين اعتنقوا الإسلام ، ثم دخل بغداد عام 795 ه / 1198م وأحل الإرهاب ، ودمر المكتبات العلمية نهائياً ))
وهكذا بقيت بلاد العرب والمسلمين مثقلة بالهموم يشيع فيها التخريب على مدى بضعة قرون ، دمرت المكتبات ومراكز التعليم فضاعت كنوز علماء العرب والمسلمين ولم يعد هناك من يواكب البحث العلمي من العلماء فعم الجهل ودخلت البلاد العربية والإسلامية عصر الظلام .
4– الإستعمار : لقد حكم الغرب المستعمر باعتباره القوة الأولى في الأرض على الأمة الإسلامية بالتخلف الدائم والتبعية المطلقة في كل شيء ، فخطط ولا زال يخطط لقمع كل حركة استرداد لتراث الأمة وحضارتها ، ويئد كل عمل للإرتقاء والتقدم ، ويستعمل لأجل ذلك وسائل كثيرة ، من أجل ضمان تفوق الغرب الدائم المطلق في كل الميادين الحيوية ، مهما كلف ذلك من ثمن ، ولوكان الثمن الإفساد والإفقار ، بل ولو كان الثمن إزهاق الأرواح وسفك الدماء بغير حق . ويمكن حصر دور المستعمرين في تخلف العرب والمسلمين عن ركب المدنية والحضارة الحديثة بالأمور التالية :
أ– تقسيم وتفتيت البلاد العربية والإسلامية : حاول المستعمر منذ أن وطئت قدمه أرض العرب والمسلمين تقسيمها وجعلها دولاً متشرذمة عدوها نفسها، فرق بينها بوضعه الحدود وخلق في تلك الحدود ثغرات تكون موضع خلاف دائم بينها ، ففرق بذلك ما كان بينها من القيم الوحدوية ومباديْ المصير المشترك .
كما أنه بين حين وآخر لم يأل جهداً في حياكة بعض المؤامرات في الدولة الواحدة نفسها التي تكون سبباً لحدوث حروب طاحنة بين أبنائها لا يعرف القاتل فيهم فيما يقتل ولا المقتول فيما قُتل
ب– الاستعمار الثقافي والغزو الفكري التبشيري : إن ما قام به ويقوم به المستعمر والسائرون في ركبه من محاولات سلخ الأمة عن ماضيها وعزلها عن واقعها وتهميش دورها الحضاري وإضعافها مستقبلاً كان تمهيداً لتدميرها . كما وأنه تبنى وشجع ألسنة وأقلام دعاة التغريب من أبناء جلدتنا إلى أن تنادي وتلوك عبارات مسمومة مثل أن سبب تخلفنا هو الإسلام ، منادين بمزيد من التبعية للغرب المستعمر ، والاستزادة من التخلص من تراثنا الفكري والتاريخي وأصالتنا الحضارية إذا كنا نروم التقدم .
ج – توكيل عملاء للاستعمار : الاستعمار عندما رحل عن بلاد العرب والمسلمين فرض بدائل استعمارية أخرى ، فعين أذنابا عملاء يدينون له بالتبعية والطاعة والحفاظ على ما أرسى ورسخ . ثبتهم أجيالاً وأجيالاً في المناصب الحساسة من أجل تحطيم كل محاولات الخروج من العبودية للغرب المحتل .
فقام هؤلاء العملاء بتدمير محاولات الاستقلال والإصلاح السياسي والاقتصادي ، وتلاعبوا بالإعلام لصالحهم فسمموا الأفكار وخربوا التعليم وشوهوا عقول أجيالنا وناشئتنا وحطموا معنوياتهم وزرعوا عقدة النقص فيهم ، وزعزعوا مبادئهم وثقتهم بالنفس والأسرة والمجتمع وسلخوهم عن أصالتهم الدينية والحضارية والتاريخية والفكرية .
د – حاول الاستعمار احتكار التقنيات في أغلب المجالات لدى الدول الغربية أو التي تدور في فلكها ، ولا تصدرها إلى الدول النامية ( الدول العربية والإسلامية منها ) إلا بشروط وبقدر ، وبما لا يتعارض مع مصالحها . كما أوصلت الدول العربية والإسلامية إلى أن تكتفي بنقل تقنيات الدول المتقدمة صناعياً دون أن يستثير ذلك حركة بحث علمي تطبيقي وتطوير عناصر الخبرة والمعرفة التقنية داخلها .
هـ - تبني العقول الذكية وأصحاب الكفاءات من العرب والمسلمين : (( فقد تبنى الغرب سياسة تبني العقول الذكية بفتح المجال لها أن تبدع وتنتج ، على العكس من سياسة الشرق _ خاصة بلاد الإسلام – إلا ما ندر ، الغارق في مشاكله الخاصة ، الذي لا يفكر في تبني العقول الموهوبة ، مما يدفع بكثير منها إلى الهجرة إلى حيث الإحتضان والرعاية العلمية في الغرب ، وليس من العسير أن نبحث عن أعداد ليست بالقليلة من العلماء العباقرة من المسلمين يديرون مراكز علمية غربية ، طبية وفلكية وصناعية وغير ذلك ))
المحور الرابع : الأسباب التي تحول دون تقدم العرب والمسلمين في العصر الحديث :
1– ترك الدين والخلافات الدينية والمذهبية والتعصب القومي والعرقى والطائفى :: من الأسباب التي تبقينا متخلفين هو تركنا ديننا وراء ظهورنا، فلا حدود تقام ولا شريعة تطبق ولا أخلاق تحترم ولا قيم تنير لنا دروب الحياة .
وإن تجذر الاختلافات الطائفية والمذهبية ، واستحكام النعرات العرقية والقومية أبقت الأمة في حالة من التشرذم عدوها نفسها ، زال بينهم ما يجب أن يكون من المودة والألفة والوحدة ، وحل محل ذلك التنافر والعداوة وربما حروب طاحنة ، يرفعون السلاح على بعضهم ولا يستطيعون رفعه على عدو يغتصب أراضيهم وينهب خيراتهم .
2– غياب الديمقراطية : (( في دول تفتقر لأبسط مقومات المجتمع المدني وتغيب فيها الحريات الفردية ويمارس على الناشطين الحقوقيين شتى أصناف التنكيل والقمع وتنتشر فيها البطالة والرشوة والبروقراطية وتهرب منها الأدمغة ويغامر فيها الشباب بحياتهم للهروب منها ... وفي دول تتوارث فيها الحكم فئة جاهلة ومستبدة تتلاعب بمصالح شعوبها الحيوية وتتاجر بقضايا الأمة وتركع أمام العدو .... وفي دول تهمش القضايا المصيرية وتهتم بالقضايا التافهة والمصطنعة ... فكيف ثم كيف لها أن تتقدم وتتطور وتواكب سير التقدم والحضارة ؟ ))
3– الحجر على الحريات وترسيخ الخوف في نفوس الشعب : إبقاء الحكومات المتنفذة في البلاد العربية والإسلامية شعوبها ترزح تحت ظل أنظمة مخيفة مستبدة قاهرة . إنه الخوف الذي حكمت به تلك الأنظمة ، الخوف على الحياة والوظيفة والأسرة ومستقبل الأولاد .
وحين ينشأ الناس على الخوف والكبت والحرمان فلا حريات مكفولة ولا حقوق مضمونة ولا قانون يسود بين جميع الناس ، يتعطل التفكير ويجمد الإبداع وترى الناس عاجزين عن إبداء آرائهم بكل حرية بل ويميلون للشعوذة والدجل ويخلطون بين الأمور ويستندون على أفكار موروثة خرافية ليسوا مقتنعين بها في حواراتهم ونقاشاتهم ، ويمررون جهلهم لأطفالهم وهكذا دواليك .
4- عدم المساواة : يعيش العرب والمسلمون اليوم في وحل التخلف الفكري والحضاري ... فلا مساواة بين الأفراد ولا قانون يسود على جميع الناس بل يسلط هذا القانون على رقاب الناس الضعفاء ويستثني أصحاب المناصب والنفوذ وتعيش المرأة تهميشا وإقصاء كبيرين في مجتمع ذكوري يحكمه التعصب والجهل والفوضى .
5– استشراء الرشوة والفساد في إدارات الدول العربية والإسلامية : لقد أدى ذلك إلى أن أصبح المواطن فيها لا يستطيع إكمال معاملة شخصية أو إدارية إلا بعد أن يدفع رشوة تسهل عليه أمره ، وأصبحت جل الإدارات العمومية مغلقة في وجه العموم ، إلا من رحم الله من موظفيها. كما بات المواطن غريباً في بلده، لا يفهم شيئا مما يحصل حوله، إذا قيد إلى مخفر الشرطة للتحقيق معه في مسألة هو بريء منها حتى يثبت إدانته فيها، شبعوا فيه ضربا ولطما وصفعا وركلا كأنه يأخذ عقوبةً على ذنب هو لم يقترفه.
6– عدم تجديد برامج التعليم والتربية وإهمال الإعداد الصحيح للنشىْ ، وانتشار الجهل والأمية بين أفراد الشعب ، وعدم إتباع الأسلوب العلمي التجريبي في حياة الأفراد وأعمالهم .
7- فقد الثقة بالنفس : إن إعجاب كثير من العرب والمسلمين بالغرب ، واعتبارهم القدوة الصالحة في كل الأمور الحسنة والسيئة هزيمة نفسية . كما وان ما يعانونه اليوم من كره الذات أصبح يشكل ظاهرة خطيرة في وسط أجيالنا الشابة ، والذي كان نتيجة طبيعية للإخفاق في السيطرة على نموذج الحضارة الجديدة وبالتالي لعدم قدرتنا على تلبية الحاجات الجديدة والمتبدلة أيضا في إطار ثقافتنا ولغتنا لهذه الأجيال .
وأخيراً نقول أننا إذا أردنا أن نتجاوز موقع الضعف والتبعية والتخلف وانعدام السيادة الذي نعيش فيه علينا الأخذ بكل مقومات تقدم الآخرين وأن نتجاوز الأسباب التي حالت دون تقدمنا والتي ذكرناها في الفقرات السابقة . ونؤكد على أنه على الأمة إذا كانت تروم التقدم ، عليها أن تقلد الغرب لا في التفاهات وثقافته العفنه وقيمه البالية وتخليه عن دينه الباطل، بل تقلده في توحده وانسجامه في احترامه للمواطن وإعطائه حقوقه، في العمل على ما يجمع الأمة لا على ما يفرقها، فإذا اجتمع ما عند الغرب مع ما عندنا من دين الحق والعمل به، هنا تستطيع الأمة أن تسود مرة أخرى إن شاء الله.
ولا يفوتنا أن نشير إلى للمحاولات الجادة من بعض الدول الإسلامية ، مثل ماليزيا وتركيا للتقدم وقد قطعوا أشواطاً مهمة في هذا المجال ، فتحرروا من هيمنة الغرب إلى حد ما، واستفادوا من الطاقات في الداخل ، فبدأت عملية التطوير عندهم تؤتي ثمارها ، فذلك ما يؤكد على أن التقدم الإسلامي غير محال ، وأن التحرر من الهيمنة الغربية ممكنة بحسن التخطيط للتقدم وحسن التخطيط للتصدي لكل ما يتخذه الغرب للحيلولة دون ذلك .
1- أوجزنا ذلك عن الدكتور عبد القادر حسين ياسين / مقال - الشبكة العنكبوتية .
2- أرسلان ، الأمير شكيب : لماذا تأخر المسلمون ؟ ولماذا تقدم غيرهم ، مطبوعات إدارة النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية ، الطبعة الجديدة .
3- أسباب تخلف المسلمين وتقدم الغرب وتراجع الحضارة العربية الإسلامية / مقال – الشبكة العنكبوتية
4-لماذا تأخر المسلمون وتقدم الآخرون ( مقال – الشبكة العنكبوتية )
5- مقال منشور على الشبكة العنكبوتية
6- أوجزنا ذلك عن ( الدفاع ، د. على عبد الله : أسباب ركود الحضارة العربية والإسلامية ، مجلة قافلة الزيت ،العدد 6 ، مجلد 30 ، ابريل 1982م .
7- أسباب تخلف المسلمين وتقدم الغرب وتراجع الحضارة العربية الإسلامية / مقال – الشبكة العنكبوتية – موقع أنصار السنة .
8- ما هي أسباب تخلف العرب وتقدم الغرب / مقال – الشبكة العنكبوتية .
773 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع