الذكرى ٣٧ لرد العدوان الفارسي ضد العراق - الجزء الأول

                                                          

                          الدكتور علوان العبوسي
                          22 / 9 / 2018

    

الذكرى ٣٧ لرد العدوان الفارسي ضد العراق -الجزء الأول

   

تمر علينا هذه الأيام الذكرة 37 لرد العدوان الإيراني على العراق، هذا العدوان الذي خططت له الدوائر الاستعمارية الامريكية والإسرائيلية ضد العراق وشعبه وقواته المسلحة، بعد ان ايقنت هذه الدوائر أهمية هذا البلد في أي صراع عربي مع إسرائيل للحط من قدراتنا العربية فكانت إيران هي السبيل والبداية من العراق لتحريك هذا الموضوع.

مقالي سيكون على عدد من الأجزاء لتسليط الضوء لما جرى بعد الثورة الإيرانية في شباط 1979 وما هو الدور المرسوم الذي اختطه خميني في سبيل اخضاع العراق للنهج الإيراني الطائفي وجعله جسرا للعبور الى باقي دولنا العربية في تصدير ثورته المزعومة للحط من قيمنا العربية والإسلامية.
الثورة الايرانية واستلام خميني
شهدت المرحلة بعد الثورة الإيرانية و تولي الخميني حكم إيران وحتى أيلول 1980 سلسلة من التحرشات والاعتداءات ضد العراق لكنها لم تتخذ في بداياتها صفة الحرب وكان العراق يحاول أن يحل المشاكل بالطرق الدبلوماسية والقوانين الدولية وكمثال على الاعتداءات( منذ الثورة الايرانية وحتى 22/9/1980) قام سلاح الجو الايراني بخرق الاجواء العراقية ( 249 )مره وبَلغ عدد حوادث أطلاق النار على المخافر الحدودية العراقية والقصف المدفعي وعرقلة الملاحة في شط العرب وقصف الاهداف المدنية(244 )حادثاً ، أما عدد مذكرات الاحتجاج الرسمية فبلغت ( 147 )مذكره ناهيك عن التجاوزات من قبل الاعلام الايراني بغرض أثارت الفوضى داخل العراق . في الرابع من ايلول (سبتمبر) 1980 وما بعدها قصف الجيش الايراني بشده مناطق خانقين ومندلي وزرباطية ونفط خانه مستخدماً المدفعية الثقيلة عيار 175 ملم والطائرات مسبباً أضرار بالغه بالأرواح والممتلكات، وفق هذه المعطيات وما سبقها كما اشرت ان الحرب قد بدأت فعلا وانه لا سبيل أمام العراق الا الدفاع عن أرضه وشعبه.
في صباح يوم 7 /9/1980 استدعت وزارة الخارجية العراقية القائم بالأعمال الايراني في بغداد وسلمته مذكره حول تجاوزات القوات الايرانية المشار اليها آنفاً و المناطق المحتلة من قبل ايران مؤخراً متجاوزه لخط الحدود الدولية ومطالبته بردود فعل عملية من إيران ، بالنظر لتسارع الاحداث وعدم اتخاذ اي رد فعل رسمي او عملي من قبل إيران ففي الساعة 1500 من يوم 7 ايلول 1980 قامت القوات العراقية بعملية عسكرية لتحرير الاراضي العراقية المستولى عليها من ايران وتمكنت من استعادة مناطق ( زين القوس ، الشكرة ، وبير علي ، وسربنت ) وفي يوم 10 أيلول 1980 شرعت القوات العراقية تحرير واستعادة مخفري ( هيله و ماي خضر ) ، وفي يوم 16 ايلول 1980 حررت مخافر ( الطاووس والرشيدة والسفرية القديم والجديد في نفس القاطع ) في يوم 17 ايلول 1980 باشرت القوات العراقية بالتقدم نحو مخفري ( شور شيرين وهنجيرة )في قاطع مندلي ...اما عمليات القوة الجوية في هذه الفترة اقتصرت على مهام الاستطلاع التصويري والبصري المسلح بطائرات السوخوي/ 22 والميج/ 21 الاستطلاعية اضافه الى الدوريات القتالية بطائرات الميج/ 21 و23 تحسباً لأي خرق جوي ايراني متوقع يبدأ من الساعة السادسة صباحاً وحتى السادسة مساءً .
في 17 ايلول (سبتمبر) 1980 ونتيجة لعدم اتخاذ اي رد فعل ايجابي من ايران واستمرارها التدخل بشؤون العراق الداخلية وقصفها الشديد للمناطق الحدودية في زرباطية، نفط خانه وخانقين ومندلي بشكل متكرر وتعرضها للسفن العراقية في الخليج العربي وشط العرب قرر العراق الغاء اتفاقية الجزائر لعام 1975 واعادة السيادة الكاملة على شط العرب.

إيران ترفض الوساطة قبل اندلاع الحرب وبعدها كما ترفض وقف القتال قبل اندلاع الحرب
أدناه نماذج لبعض التصريحات من أقطاب النظام الايراني:
• كشف ألرئيس أبو الحسن بني صدر الذي كان يتحدث بصفته رئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة النقاب من ان حكومة بغداد ارسلت مبعوثين اليه في ثلاث مناسبات ،راجية إجراء مباحثات حول القضايا المختلف عليها بين الشعبين وقال (انه ابلغ هؤلاء المبعوثين انه لن يعمل لمصلحة الحكومة العراقية ضد الشعب العراقي).
• رفض قطب زاده وزير خارجية إيران دعوة رئيس الوزراء التركي بولند اجويد الموجهة الى ياسر عرفات للقيام بوساطة بين العراق وإيران وقال (انه لا يوجد اي مخرج لهذه المشكلة سوى إنهاء نظام الحكم في العراق).
• رفضت ايران على لسان وزير خارجيتها صادق قطب زاده قبول اية وساطة بين إيران والعراق ، وذلك في مؤتمر صحفي عقده زاده في ابو ظبي قال فيه (ليس هناك اية وساطة ، كلا اننا لا نقبل اية وساطة او حوار مع هذا النظام المجرم ، وانه يجب ان يزول.
• ذكر الخميني بان إيران ستطالب بفرض سيادتها على بغداد ، اذا ما اصر العراق على مطالبته بتخلي إيران عن الجزر العربية الثلاث ، وفي نفس الوقت وجه خميني نداء للشعب العراقي وأفراد القوات المسلحة يحرضهم فيه على الثورة ، وقلب نظام الحكم في العراق.
• نشرت صحيفة اطلاعاك الإيرانية في 19 /6/1979 حديثا مطولا ًللدكتور صادق طبطبائي الناطق الرسمي باسم الحكومة الايرانية جاء في ختامه (لقد تغيرت المسالة الان ، اذ ان الحكومة المركزية الايرانية الان لا تتمسك باتفاقية الجزائر 1975) .
بعد اندلاع الحرب
لقد أصر النظام الايراني بشدة رفض اية مبادرة سلمية من جانب العراق وأية محاولة تجعل من الحل السياسي للمسائل المختلف عليها بديلا عن المواجهة العسكرية وراح رئيس النظام ابو الحسن بني صدر يتبجح بانه رفض مهام مبعوثين ووسطاء بغرض حل الامور دون الحرب ، عليه كان النظام الايراني يدفع الامور بقوة نحو الحرب التي بدأت رسمياً في 4/9/1980 حينما اعلنت ايران النفير العام واغلقت أجوائها بوجه الملاحة الجوية وعززت موقف قواتها العسكرية المرابطة على الحدود مع العراق كما حشدت قواتها البحرية في مياه شط العرب والخليج العربي ، إذن ما هو الاستنتاج الذي يمكن التوصل إليه من كل ذلك غير ان إيران وضعت العراق أمام خيار واحد وهو الحرب التي دخلها مضطراً للدفاع عن ترابه الوطني وحقوقه التاريخية....بعد صدور قرار مجلس الامن المرقم 479 في 28 /9/1980 الذي طالب إيران والعراق إيقاف القتال بينهما ، وبعد مسك زمام المبادأة بيد العراق القى الرئيس صدام حسين في الساعة 2355 خطاباً موجها الى الشعبين العراقي والايراني والامه العربية شرح فيه مجريات الحرب واسبابها واعلن (استعداد العراق لا يقاف القتال اذا التزم الجانب الايراني بهذا النداء على ان تعترف الحكومة الايرانية اعترافاً صريحا ًوقانونيا وفعلياً بحقوق العراق التاريخية المشروعة في ارضه ومياهه وان تتمسك بسياسة حسن الجوار والتخلي عن اتجاهاتها العنصرية والعدوانية والتوسعية وعن محاولاتها في التدخل بالشؤون الداخلية لبلدان المنطقة وان تعيد كل شبر اغتصبته الى ارض الوطن وان تحترم القوانين والاعراف والمواثيق الدولية) ....واعلن في نهاية خطابه إيقاف القتال من جانب واحد لأثبات صدق نوايا العراق تجاه هذه المسالة ، وفعلا اوقف القتال ليومي 29 /30 ولكن كان الرد الايراني عن طريق العميد فلاحي نائب رئيس اركان الجيش الايراني بعد لقائه مع الخميني ( انه كمسؤول عسكري لا يرضى بوقف القتال وإنهاء الحرب الدائرة مع العراق ) كما صرح هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى ( رفض أيران وقف القتال مع العراق حتى تنسحب القوات العراقية ) اما الحسن بني صدر فقد صرح ( ان العدو العراقي سيواجه حرباً متواصلة صباحاً ومساء ) اما خميني فقد صرح ( ان العراق الذي يمد يده لمصالحتنا وعدوانه لازال قائماً، فلا صلح معه ونحن لا نستطيع المصالحة معه وانما نحارب حتى اللحظة الأخيرة .
ادناه تصريحات اخرى للمسؤولين الايرانيين:
• قال بني صدر في مقابله مع مجلة نوفل الفرنسية (إن إيران لن توقف الحرب إلا بعد سقوط نظام صدام حسين، ومن اجل ذلك انا على استعداد لنقل المعركة داخل العراق.
• قال خميني في كلمه القاها ظهر يوم ٢٨ - ١٠ - ١٩٨٠ امام اعضاء مجلس الشورى أثناء زيارتهم له (ما الذي دعا صدام لهذا العمل حتى يقع الان متوسلا بهذا وذاك قائلا تعالوا أصلحوا بيننا كيف يمكن ان نتصالح؟ ومع من نتصالح، ان هذا شبيه بان يطالب من رسول الله التصالح مع ابي جهل على انه لا تصالح في هذا الامر ...).
• كما صرح محمد علي رجائي رئيس الحكومة الايرانية آنذاك (إن إيران لن توقع على معاهدة سلام مع الرئيس العراقي صدام حسين حتى لو استمرت الحرب عشر سنوات) (1). كما اعلن في مناسبه اخرى (ان بلاده تعمل في اطالة أمد الحرب مع العراق لان ذلك سيؤدي الى قطع الصلة بين الشعب العراقي ونظامه الحاكم).
المصادر
كتاب القدرات والادوار الاستراتيجية لسلاح الجو العراقي في الفترة 1931- 2003.دار نشر الاكاديميون ، عمان ، الأردن ، الطبعة الأولى 2014.

يتبع...

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع