خزين ذاكرتي وطريف الحكايات - تأديب الزوج لزوجته

                                             

                 المحامي / محي الدين محمد يونس

خزين ذاكرتي وطريف الحكايات - تأديب الزوج لزوجته

كانت الدكتورة (واثبة السعدي) مكلفة بتدريسنا مادة قانون العقوبات عندما كنا طلاباً دارسين في المعهد العالي لضباط قوى الأمن الداخلي في العاصمة بغداد في السنة الدراسية 1984/1985 لنيل شهادة الدبلوم العالي في العلوم الأمنية وكانت أستاذة مقتدرة كفوءة يتسم شرحها بالإسهاب والسهولة والتقبل لدى الضباط الدارسين البالغ عددنا واحد وأربعون دارساً من مختلف صنوف ومحافظات العراق، وفي أحد أيام دراستنا كان موضوع الحصة الدراسية لذلك اليوم والذي تناولت شرحه لنا هو أسباب الإباحة ضمن أحكام قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل والذي تناول البحث فيه في ثلاث أقسام:-

القسم الأول كان يتحدث عن أداء الواجب:
المادة 39: ((لا جريمة إذا وقع الفعل قياماً بواجب يفرضه القانون))
المادة 40: ((لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أو شخص مكلف بخدمة عامة في الحالات التالية: -
1- إذا قام بسلامة نية بفعل تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجراءه من اختصاصه.
2- إذا وقع الفعل منه تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس تجب عليه إطاعته أو اعتقد أن طاعته واجبه عليه، ويجب في الحالتين أن يثبت أن اعتقاد الفاعل بمشروعية الفعل كان مبنياً على أسباب معقولة وأنه لم يرتكبه إلا بعد اتخاذ الحيطة المناسبة ومع ذلك فلا عقاب في الحالة الثانية إذا كان القانون لا يسمح للموظف بمناقشة الأمر الصادر إليه))
وعند انتهاء شرحها للقسم الأول انتقلت للقسم الثاني حول (استعمال) الحق بموجب المادة (41) والذي جاء في مقدمته بأنه: ((لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالاً للحق:
1- تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً.
2- عمليات الجراحة والعلاج على أصول الفن متى أجريت برضاء المريض أو ممثله الشرعي أو أجريت بغير رضاء أيهما في الحالات العلاجية
3- أعمال العنف التي تقع أثناء الألعاب الرياضية متى كانت قواعد اللعب قد روعيت.
4- أعمال العنف التي تقع على من ارتكب جناية أو جنحة مشهودة بقصد ضبطه.))

بدأت بشرح فقرات هذه المادة ابتداءً من الفقرة (1) حيث تجاهلت ذكر كل مفردات هذه الفقرة وبدأت بالشرح فيما يخص حق الآباء والمعلمين ومن في حكمهم تأديب الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً.

               

                     الدكتورة واثبة السعدي

ثم انتقلت بعد ذلك لشرح الفقرة (2) والفقرة (3) واخيراً الفقرة (4) ثم انتقلت إلى القسم الثالث حول حق الدفاع الشرعي.
عندها نهض الضابط الدارس الرائد (حميد) وهو يردد: ((دكتورة... دكتورة))
ردت الدكتورة (واثبة السعدي) عليه: ((ها شرايد))
أجابها الرائد (حميد): ((دكتورة نسيتي حالة))
أجابته الدكتورة (واثبة السعدي): ((لا ما نسيت حالة أكَعد))
رد عليها الرائد (حميد): ((نسيتي تأديب الزوج لزوجته))
أجابته الدكتورة (واثبة السعدي) بغضب: ((كَتلك أكَعد آني ما اعترف بهاي الحالة وما أشرحها ... هاي مو مرة اللي تقبل زوجها يهينها ويضربها... ليش هي طفلة حتى تتأدب... كَتلك أكَعد ولا أطولها))
ختم الرائد (حميد) كلامه مع الدكتورة (واثبة السعدي) قائلاً: ((والله دكتورة آني مرتي ما ترتاح إذا ما أبسطها بالأسبوع مرة))
فما كان من الدكتورة إلا وتترك حصة الدرس وتخرج غاضبة بعد أن قررت عدم تدريسنا مرة أخرى... إلا أنها عاودت التدريس بعد اقناعها من قبل عميد المعهد (الدكتور حكمت موسى) بكونها محقة عندما غضبت والرائد (حميد) محقاً عندما لفت انتباهها في عدم شرحها لهذه الحالة.
ويظهر أن المجلس الوطني لكردستان العراق قد تأثر بما ذهبت إليه الدكتورة (واثبة السعدي) في هذا المنحى عندما قرر بموجب القانون رقم (7) لسنة 2001 والصادر بتاريخ 30/6/2001 استثناء الزوجة من أحكام الفقرة (1) من المادة (41) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل.
في الختام أملي ومبتغاي في القراء الأعزاء في أن أكون قد حققت الفائدة العلمية لهم وأدخلت السرور إلى نفوسهم... ومن الله التوفيق.

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

734 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع