اسم (الله) قديما وفي الديانات السماوية

                                                            

                            الأستاذ المساعد الدكتور
                            صلاح رشيد الصالحي
                           تخصص تاريخ قديم


اسم (الله) قديما وفي الديانات السماوية

يطلق اسم (الله) (عز وجل) على الإله في الإسلام، وهو اسم مشتق في اللغة العربية من الإله ( إل: إله) (al il- lah)) (الله)، اصلها من السامية القديمة (إل) (El) وهذا المقطع يشير إلى الإلوهية، ورد اسم (الله) على رأس قائمة آلهة مكة قبل الإسلام، ولا بد من التأكيد على أن (الله) في الإسلام ليس هو نفس الإله المكي القديم، ففي الإسلام هو الواحد (أحد) الغير مرئي، (خالق كل شيء)، (ولا شريك له فهو الوحيد الذي يجب أن يعبد)، (ولم يلد ولم يولد وليس له نظير) مكانه في السماء، كما كان يعتقد سكان بلاد الرافدين قديما بان كل الآلهة مسكنها في السماء عدا إله العالم الاسفل (الموت) مقره تحت الأرض، ولهذا عندما نرفع أيدينا بالدعاء ننظر إلى الأعلى (السماء)، وعندما نسب أحدا نشير إلى الأرض ونقول (وبئس المصير) (نقصد الموت له)، أما عدد اسمائه الحسنى (99) اسم وهي أسماء وصفية (العليم، الفتاح، الملك، المتكبر، الجبار ...). 

في العراق القديم كانت الأسماء الوصفية شائعة تطلق على الآلهة أيضا فمثلا الإله مردوخ (بالسومرية ماروتُ dAMAR.UTU) لدية (50) اسم منها (السيد، والعجل الثور لإله الشمس اوتو، والملك، والقوي ...)، وبالمناسبة وردت آية كريمة (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت...) من المحتمل ماروت الاسم السومري للإله مردوخ، وهاروت يطابق خاروت أو قريبا جدا من هذا الاسم وهو أحد الآلهة في مدينة سـﭙار، ومن وجهة نظر الباحث (عبد اللطيف محمد علي) في كتابة (العصر الهللاردي) فان الأسماء التي ترد في الأساطير القديمة حتما أصولها حقيقية، وتاريخها قديم، وتعرضت تلك الأسماء للتحريف بسبب طول الفترة الزمنية، وتحولت شخصياتها إلى آلهة تعبد تدعمها القصص والأساطير، اما اسم الإله آشور فانه يكتب بالعلامات المسمارية (AN.ŠAR2) ، وتعني من أجل (السماء كلها)، وصور بهيئة رجل ومن خلفه (شمس مجنحة)، ولدية الكثير من الأسماء ذكرت في نصوص الاشورية، واحتل اسمه مكانه في أسماء ملوك اشور، ووصف بانه خلق نفسه، وليس له زوجة ولا أولاد، فهو (توحيد وثني) بإله واحد ذو قدرة جبارة في تدمير أعداء الدولة الاشورية، وحماية المملكة، ويحقق الانتصارات العسكرية إلى جانب نائبة على الأرض الملك الاشوري، وقد عرفت مصر القديمة (التوحيد الوثني) في محاولة امنحتب الرابع ( اخناتون ) نشر عبادة الإله (آتون) الذي وصف بانه (قرص الشمس) ومن اسمائه الوصفية (آتون الحي) و (رمز الوجود)، وانه خلق نفسه وليس له زوجة ولا أولاد، وحاول اخناتون نبذ الآلهة الأخرى مثل الإله آمون ولكن محاولته بائت بالفشل.
على العموم أن الله (يهوه) بصفاته هو نفس الإله الغير مرئي في اليهودية مع اختلاف ففي الدين اليهودي يحمل الضد دائما فهو (رحيم ويبكي، ولكنه قاسي ويدمر، ويتكلم مع الأنبياء (الإباء)، والقضاة، والملوك وجها لوجه كما ورد في اسفارهم، وهو القوي ولكنه دخل في مصارعة لاختبار القوة مع يعقوب وخسر، وهو الدليل الذي يسير أمام شعبه المختار يرشدهم للطريق على شكل غيمة أو ريح ....)، وقد ذكر الاخباريون العرب بان الرسول (ص) خرج في تجارة مع عمه (أبو طالب) وكانت هناك غيمة تضلله من اشعة الشمس الحارقة ربما هذه الفكرة مقتبسة من التوراة، اما الله (أو الرب) في المسيحية (فقد ضحى بابنه المسيح من اجل البشرية، فهو رحيم، ومتسامح، ويحب السلام، والمحبة، ولكنه ترك ابنه للعذاب والموت مصلوبا وهو يصرخ ( إلهي إلهي لماذا تركتني؟..) ويقول القديس اوغسطين (القرن الرابع الميلادي) بان الجنة هي ان تكون قريبا من الله، أما في الإسلام فان الجنة تعني الفاكهة والطعام اللذيذ ونساء لا حصر لهن، وفي اليهودية لا توجد جنة ولا جهنم .
يبقى اشتقاق كلمة (إل) أو (إيل) (El) وهو إله قديم عند الكنعانيين سكان فلسطين ولبنان قديما، وزوجة الإله (إيل) هي الإلهة عشتار (أو عشيرا)، ويقابل (إيل) في العراق القديم الإله (آنو) ( إله السماء، وأبو الآلهة، وخالق الكون، وحيوانه المفضل هو الثور)، وعند الاغريق يعادل الإله كرونوس والد الإله زيوس مقره جبل اولمبوس باليونان، ويقابله الإله جوبيتر عند الرومان ومقره السماء وكوكبه المفضل المشتري، ولدينا نص من اوغاريت (على الساحل المتوسطي في سوريا يعرف الموقع حاليا رأس شمرا) ورد فيه اسطورة (إيل) وصف بانه (الخالق) و(ابو الآلهة) وهو بذلك يجمع السماء والأرض معا وبيده كل شيء، وفي التوراة اطلق عليه إلوهيم (Elohim) بمعنى (الإله) وهي مشتقة من (إيل) فهو إله إبراهيم (أبو الأنبياء)، ونصوص العراق القديم فان (إيل) تعني الإله وتسبق اسم الإله (آنو) (إله السماء) فيقال (إيل آنو)، ودخل (إيل) في الأسماء فيقال (جبرائيل) بمعنى (الإله الجبار) و (إسماعيل) (بالعبري اشماعيل) بمعنى (الإله يسمع)، وعزرائيل (الذي يساعد الإله ) (بالقرآن ملك الموت)، و (ميخائيل) اسم مركب من ثلاث كلمات: مي: من؟، و ك: حرف تشبيه، و "إيل: الإله، والمعنى: (من يشبه اله؟) ، و(خليل) (الإله قريبي أو حبيبي) ، وبذلك فأن (إيل) يشير أساسا إلى مفهوم الإله وعلى هذا النحو يرتبط (إيل) بالعربية بمعنى (الإله) أو (آل) الإله• حرفيا (الله) ، وبالعبرية (إلوهيم) وتعني الإله يهوه واسمه يدل على أنه هوائي .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1990 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع