بقلم / اسماعيل مصطفى
الأصمعي الجديد "الومبي" / الجزء السابع
نتطرق في هذا الجزء إلى بعض الطرائف التي شهدتها منطقة الأصمعي الجديد "الومبي" والتي حصلت على يد أشخاص تميزوا بخفّة الدم والظرافة في تحقيق أمور غير اعتيادية:
عبد الله وقاسم گزگوز
كان في الومبي شخص نحيف وطويل جداً اسمه عبد الله، وكان لا يعرف شيء عن لعبة كرة القدم ولا يهتم بها مطلقاً والشيء الوحيد الذي يعرفه عن هذه اللعبة هو إنه يتمكن من ضرب الكرة بقدمه إلى الأعلى "نحو السماء" بحيث ترتفع إلى مسافات عالية جداً وتبدو وكأنها كرة منضدة "كرة تنس". وفي إحدى المرّات ضرب عبد الله الكرة نحو السماء وبدت صغيرة جدّاً وعندما نزلت نحو الأرض تمزقت وتحوّلت إلى أشلاء لأنّها وكما يبدو لم تعد تتحمل ضرباته وفضّلت أن تضع حدّاً لهذه المأساة وأن تتمزق ولا تُضرب مرة أخرى من قبل عبد الله والناس ينظرون إليها ولا يفعلوا لها شيئا.
من الأمور الأخرى التي تميز بها عبد الله هي إنه كان لا يحب سماع الأغاني خصوصاً وإنه كان يفضل أن ينام مبكراً لينهض مبكراً إلى عمله في إحدى الشركات. وفي إحدى المرّات وعندما كان عبد الله غاطّاً في نومٍ عميق سمع صوت أغاني يأتي من مكان قريب جداً إلى بيته وبنبرات مرتفة جداً، فنهض فزعاً وخرج إلى الشارع فوجد شخص أسود اللون واضعاً على عينيه نظّارات سوادء اللون أيضاً وهو يغني بصوت عالٍ جداً، فسأله عبد الله: من أنت؟ لأن هذا الشخص كان وافداً إلى المنطقة من مكان آخر، فأجابه على الفور: اسمي "قاسم گزگوز" وكنيتي "أبو قمبر"، فباغته عبد الله بضربة واحدة قوية جداً وقعت على عينيه فأسقطته أرضاً وكّسرت نظّاراته ونُقل على أثرها إلى مستوصف الأصمعي "الومبي" القريب جداً من مكان الحادث وبقي هذا الشخص طريح الفراش عدّة أيام ولم تره المنطقة مرة أخرى إلى الأبد.
ومن الطريف أن نذكر هنا أن والد أبو عبد الله كان يربي الأبقار "الهوش" وصادف أن جاء شخص اسمه "سيد طاهر " وهو أخ الشاعر المعروف أحمد مطر بقطّتين جميلتين جداً من الكويت إحداهما شاميّة "نسبة إلى الشام" والأخرى شيرازية "نسبة إلى مدينة شيراز الإيرانية" وكان هدفه من جلب هاتين القطّتين تسلية أطفال المنطقة. وفي يوم من الأيام ذهبت القطّتان قرب "هوايش" أبو عبد الله فقام بضربهما بكرك "مسحاة" فماتتا على الفور، وحزن جميع أهالي المنطقة، وعندما عاتبه "سيد طاهر" على هذا الفعل الشنيع أجابه على الفور "أنا ما عندي هنا بزّونة "قطّة" شامية وبزّونة شيرازية، أنا المهم عندي هوايشي وبس".
گنّو إبن چوكه
كان في منطقة الومبي رجل كنيته "أبو انتظار" ولم يرزق بغير هذه البنت التي ماتت عندما كبرت. وكان أبو انتظار يهتم كثيراً بتربية الدواجن والمواشي لاسيّما الدجاج والديكة ودجاج خيبر "الفسيفس" على وجه التحديد، بالإضافة إلى الماعز وكان يطلق على هذه الحيوانات أسماء لطيفة ومنتخبة، ويهيئ لها أفضل الظروف المعيشية كالإنارة والتهوية والأكل الجيد.
في إحدى المرّات اشترى هذا الرجل معزة "صخلة" وأطلق عليها اسم "چوكه" وهي شقراء اللون وجميلة ومتميزة، وبعد فترة ولدت چوكه بماعز ذكر أطلق عليه أبو انتظار اسم "گنّو"، وبعد مدّة ولدت ماعزين آخرين أحدهما ذكر أسماه أبو انتظار "كشمش" والآخر "أنثى" أسماها "مشمش"، وبعد مدّة ولدت "چوكة" ماعزين آخرين أيضاً الذكر أسماه ابو انتظار "مطر" والأنثى أسماها "مطرة" لأن هذين الماعزين ولدا في يوم شتوي غزير المطر.
وكان أبو انتظار يهتم كذلك بقراءة الكتب ومطالعة الصحف والمجلّات، ويفضّل أن يجلس "لغرض القراءة" في الهواء الطلق على كرسي مخصوص أمام المارّة في الشارع العام وأمامه معزاته "چوكه وگنّو ومطرة ومطر وكشمش ومشمش" لكي يلعبوا ويمرحوا ما شاء لهم اللعب والمرح خصوصاً گنّو الذي كان أسود اللون "أشد سواداً من القير" وليس فيه نقطه بيضاء "لكن قلبه أبيض" بينما كانت أمّه شقراء اللون "سبحان الله يخلق ما يشاء".
وفي إحدى المرّات تجرأ احد أطفال المنطقة وضرب گنّو بحجارة صغيرة لم تؤذيه لكن أبو انتظار استشاط غضباً على الطفل وذهب إلى مركز الشرطة وجلب معه شرطياً ليشتكي على هذا الطفل عند أبيه وطلب منه أن يمنعه من التعرض مرّة أخرى بسوء لگنّو "بقصد أو دون قصد" على الرغم من أن الأخير كان حرك جداً "شاگ الگاع وطالع" على عكس أمّه المسالمة "چوكه".
وبعد أن هرِمت الأم "چوكة" سقطت من أعلى السطح وماتت على الفور، فحزن جميع أهل المنطقة. وأقام أبو انتظار مجلساً للعزاء لتقبل التعازي من أهالي المنطقة وكان يقدم لهم الشاي والقهوة تعبيراً عن شكره لهم وحزنه العميق على صختله التي عاشت معه دهراً طويلاً دون أن تؤذي أحدا. ولا يفوتني هنا أن أذكر أن أحد أقرباء أبو انتظار أهدى له خروفاً صغيراً "حمل" أبيض اللون وجميل جداً أطلق عليه أبو انتظار اسم "مبارك" وعاش هذا الخروف مع الصخلات عيشة مباركة وسعيدة.
797 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع