موفق نيسكو
لأول مرة، ترجمة مقدمة قاموس المطران توما أودو للعربية
لاحظنا أن مجلة الگاردينيا الغرَّاء فيها عدد كبير من المثقفين والأساتذة المهتمين بالشأن المسيحي، ويسرنا أن ننشر ترجمة مقدمة المطران توما أودو إلى العربية لأول مرة، والتي تمت قبل خمسة أشهر، وزفيَّناها في عيد الميلاد السابق بعنوان (هدية الميلاد لروح العلاَّمة المثلث الرحمة المطران توما أودو)، آملاً أن تكون مرجعاً للباحثين والمهتمين والمحبين للتاريخ والحقيقة، ومنهم أبناء المطران أودو من الأمة السريانية التي يحلو له أن يُسمِّيها، ويفتخر بهذا الاسم، وأن تكون المقدمة غذاءً إيمانياً، روحياً، تاريخياً، لغوياً لهم، ففي هذه المقدمة حلَّقَ المطران أودو عالياً كالصقر بين النجوم، بقامةٍ سريانيةٍ شامخة، بأسقفية مسيحية إيمانية، مؤمناً بمعلمه السيد المسيح الذي أتمنهُ على إيمانه وتراثه ولغته، وعلَّمهُ أن يقول الحق، ويلتزم بوصية، لا تشهد بالزور، هذا الإنسان اللغوي والمؤرخ الأمين الصادق الذي سَجَّل لنفسه أسماً بين عظماء الأمة السريانية، وسفراً خالداً بين الخالدين، وذكراً طيباً بين الطيبين، وعملاً رائداً يشهد له على مر السنين، وذكرت حينها، أن لا خوفاً على تراث السريان، طالما أنهم أنجبوا هكذا إنسان.
يعتبر المطران العلامة توما أودو (1855-1918م) مطران كنيسة الكلدان في أورميا / إيران سنة 1892م من أهم أعلام الأمة السريانية ولغتها في العصر الحديث، وله مؤلفات وترجمات كثيرة، فقد نقل من اللآتينية إلى السريانية كتاب التعليم المسيحي حسب روح المجمع التريدنتيني، وكتاب التعليم للحائزين على الدرجات الكنسية، ونقَّح كتاب مرشد الكهنة للأب دميانس الراهب الذي ترجمه من العربية إلى السريانية، وترجم من العربية إلى السريانية كتاب كليلة ودمنة، وله كتاب نحو اللغة السوادية، ونظَّم طقساً لعيد قلب يسوع، وغيرها، وأهم ما تميز به هو قاموسه الشهير (ܣܝܡܬܐ ܕܠܫܢܐ ܣܘܪܝܝܐ ، كنز اللغة السريانية)، الذي صدر سنة 1897م، وهو أول قاموس سرياني- سرياني في التاريخ، (أحد المطارنة السريان قال لي يوجد واحد آخر فقط، لكنه لم يذكر لي اسمه، وجميع أسماء القواميس موجودة عندي وعددها حوالي 150)، والمهم في هذا المعجم قام المطران أودو بكتابة مقدمة مهمة جداً، تعتبر تاريخاً كاملاً لا يمكن الاستغناء عنه للباحثين والمهتمين بالشأن المسيحي عموماً، والسرياني بشكل خاص، فهو بحق كنز، صدر من مخزن كنوز.
رغم قيام كثير من الآباء والمثقفين والمترجمين السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين الحاليين) الذين لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريين القدماء، بل الغرب انتحل لهم حديثاً اسمين مشهورين من حضارات العراق القديم والكتاب المقدس، لأغراض سياسية، عبرية، طائفية، فقد فقاموا بترجمة كتب كثيرة أقل أهمية من هذه المقدمة، لكنهم لم يُترجموا المقدمة تحت ضغط القوميين، لان توما أودو يسمي أمته السريانية (لا كلدانية ولا آشورية)، ويقول العلامة والمطران الكلداني توما أودو شأنه شأن جميع القواميس في التاريخ: إن كلمة كلداني تعني كهَّانة ومتنبئ المستقبل (فَتَّاح فأل، قارئ البخت divination، قاموس كوستاف)، واسمهم هو السريان الشرقيين، وأسم كلدان، هو أسم أمة قديمة، عُرفوا به الآن، اليوم، وتسمية اللغة السريانية بالكلدانية هو، وهمٌ (خطأ)، مقدمة ص10، سرياني، ص4 في الترجمة العربية المرفقة أسفل المقال، والصفحات التالية من القاموس. (وناقل الكفر ليس بكافر).
خلال حديثي مع الأديب والباحث السرياني والأستاذ في اللغتين السريانية والعربية جوزيف اسمر ملكي عن أهمية هذه المقدمة كثيراً، واستشهادي بعدة مقاطع منها بها في كتابي ومقالاتي، أُعجب فيها الأستاذ جوزيف ورغبَ مشكوراً ترجمتها كاملةً لأول مرة بالعربية، والأستاذ جوزيف هو أستاذ اللغة السريانية في جامعة أرتقلو في ماردين / تركيا ومدرس اللغة العربية في القامشلي، وحاصل على بكاليورس في اللغة العربية، وله عشرات المؤلفات السريانية، تاريخية وتراثية ولغوية، وعمل في العديد من الهيئات السريانية في سوريا ولبنان وتركيا، وخبيراً للغة السريانية في وزارة السياحة السورية، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي تهتم بالسريانية وتراثها، وغيرها.
1: تمت الترجمة من مقدمة القاموس وهي عشرة صفحات ونيف من النوع الكبير، تقريباً A4، طبعة هولندا التي طبعها سنة 1985م المطران السرياني الراحل عيسى جيجك، الذي قام بحذف الهامش الوحيد في المقدمة ص 9 من طبعة 1897م، لأن الهامش ليس كلام العلامة أودو، بل مُقحم (مزوَّر)، أقحمه شخص مجهول يدَّعي أنه محقق أو مدقق، وقد وضع الهامش بعد قول أودو: (إن الذين آمنوا بالمسيح من الآراميين دعوا سرياناً، والآراميون كأمة قبل الكل تبعوا المسيحية، واحتضنوا علومها، وشيئاً فشيئاً اختفى الاسم الآرامي، والأمة الآرامية بكل أسباط فروعها دُعيت سريانية، ولغتها سميت سريانية حتى يومنا هذا)، ثم وضع الهامش بعد كلمة، هذا، ص9 سرياني، عربي ص4، وهي إضافة لغرض سياسي، طائفي، وهذا التزوير بالحقيقة هو ثُنائي، أي أن الهامش مزوَّر، وما في الهامش من معلومة، أيضاً مُزوَّرة، وقد اكتشفتُ أنا كيف تم التزوير، وهدفه، ومن قام به سنة 1897م، وسأنشر ذلك بالوثائق الأصلية مستقبلاً.
2: تمت الترجمة من قِبل الأستاذ جوزيف أسمر، وقمتُ أنا فقط في صفحة 3، بعد أخذ موافقة الأستاذ جوزيف بكتابة أسماء الحركات كالفتحة والكسرة والضمة باللغة العربية لتكون أوضح للمهتم، وسيتم طبعها مستقبلاً ككتاب مستقل، باسم الأستاذ جوزيف واسمي، وباللغتين العربية والسريانية، وسأقوم بتقديم المقدمة تاريخياً، وإضافة فصول متعلقة بمواضيعها، وهذه المقدمة مكتوبة بالحرف السرياني الشرقي، وكان بودنا طبعها، لكن نظراً لأهميتها وإعجاب الكثيرون بها، خاصةً من المثقفين السريان الذين طلبوا كتابتها بالحرف السرياني الغربي، وهو ما سيقوم به الأستاذ جوزيف أيضاً، ثم ستُطبع (الخط السرياني الشرقي والغربي، مثلاً، الديواني والرقعة)، وعدد صفحات الترجمة، سبعة، وأرفقها كملف بي دي أف، وفي حال وجود ملاحظات لدى الأخوة والأساتذة المهتمين، مشكورين، أرجو كتابتها، وسندرسها قبل الطبع، علماً أن القاموس الذي طُبع سنة 1897م موجود على الانترنيت بجزئين، والمقدمة في الجزء الأول.
https://ia801403.us.archive.org/20/items/TreasureOfTheSyriacLanguage01/TreasureOfTheSyriacLanguage01.pdf
3- لقد قام المتكلدنين والمتأشورين بنشر القاموس باسم قاموس كلداني، وآشوري، وهو تزوير صارخ لكل ذي بصيرة، مثلما يقوم شخص بطبع لسان العرب لابن منظور، باسم لسان الفرس، أو لسان الترك، وأُدرج وثيقة تُبيِّن التزوير، فقناة عشتار لأنها شبه رسمية وملتزمة علمياً ودستورياً باسم اللغة السريانية، نشرته باسمه الصحيح، قاموس سرياني- سرياني، أمَّا بطريركية الكلدان زوَّرت اسمه إلى قاموس كلداني، وطبعه المتأشورون في شيكاغو 1978م، وفي السويد 1979م باسم، قاموس آشوري، أمَّا الأجانب فالتزموا الدقة والأمانة العلمية وطبعوه باسمه الحقيقي الصحيح (كنز اللغة السريانية، Treasure Of The SyriacLanguage).
ونحن ربما نستبعد إلى الآن على الأقل أن تقوم جهة أخرى من المُتكلدنين والمُتأشورين بطبعه مثلاً، نسبة لاسم مدينة، قاموس تلكيفي، أو نسبة لعشيرة تياري، قاموس تياري، لكننا لا نستبعد أن يُطبع باسم، قاموس أشيتي، فهناك من يدَّعي من الآشوريين الجدد (المتأشورون)، أنهم أمة مستقلة اسمها الأشوتية، ونحن قطعاً نرى أن التزوير عمل مُشين، ولكن على الأقل إن قام أحد بطبعه باسم، قاموس عربي، ربما فيها وجهة نظر لدى البعض، لسببين، الأول، من المعروف علمياً أن اللغة السريانية والعربية والعبرية والكنعانية والحبشية لغات شقيقه (عائلة السامية الغربية)، ونظراً لقرب العربية والسريانية بشكل كبير جداً، فأنا استعمل في كتاباتي لغتان شقيقتان تؤامان، والسبب الثاني، أن المطران أودو يقول: معروف أن اللغة السريانية هي من اللغات السامية التي كان يتكلمها أبناء سام، والأشهر في تلك اللغات التي تكلمها أبناء سام هي: العبرية والسريانية والعربية والحبشية وفروعها، لكن الأغنى والأفضل والمستخدم، وقواعدها جيدة بين هذه اللغات، هي اللغة العربية، ومعرفة هذه اللغة ضرورية لكل من يريد أن يتعلم اللغات الأخرى بالتمام والكمال. (ص9، سرياني، ص4، عربي).
الترجمة في الرابط أدناه:
وشكراً/ موفق نيسكو
1009 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع