بقلم :سليم عثمان
قلنا في مقالنا السابق أن نسب العنوسة في دولنا العربية والإسلامية أصبح مخيفا جدا وأنه علي كافة فئات المجتمع والحكومات والمنظمات ووسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والدينية العمل على إيجاد حلول لهذه الظاهرة المقلقة التي تهدد نسيج مجتمعاتنا وينذر بكارثة لا تحمد عقباها
ومعلوم أن مما أتت به الشريعة الغراء إباحة الزواج والحث على النكاح والترغيب فيه فكان الزواج سنَّة نبوية وهدياً محمديّاً لا يرغب عنه إلا عاجز أو فاجر وقد تكاثرت النصوص الشرعية في الندب إلى الزواج والتحذير من الرغبة عنها قال تعالى (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم) قال ابن كثير رحمه الله: “وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قدر عليه، واحتجوا بظاهر قوله عليه السلام: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” كما جاء في صحيح البخاري· وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي لم يجد عليه إلا إزاره ولم يقدر على خاتم ولو من حديد، ومع هذا فزوّجه بتلك المرأة وجعل صداقه عليها أن يعلّمها ما معه من القرآن لكننا نغالي في المهور بشكل يقعد شبابنا من الجنسين عن إحصان انفسهم بالزواج ونكلفهم ما فوق طاقتهم ،في السودان كانت حكومة الإنقاذ تتبني ما يسمي بالزواج الجماعي وكانت تزوج الشباب والشابات في اعراس تقام في ملاعب كرة القدم الكبيرة ومن مظاهر السخرية التي صاحبت تلك الأعراس رغم ما كان فيها من نفع عظيم أن إحداهن أختلفت مع عريسها في شهر العسل فقالت له حينما أحتدم بينهما الجدال رجعني الي بيت أهلي فقال لها : أنا ما أخذتك من بين أهلك بل من أستاد المريخ كون مراسم العرس تمت هناك، كانت الحكومة بمساعدة بعض المنظمات الإجتماعية تقدم شيلة (ملابس ، عطور الخ) وبوتجاز وما الي ذلك حتي يتم العرس لالاف الشباب ، الان أصبحت هذه المظاهر نادرة في السودان والأسباب عديدة. لا مجال لذكرها ، كم من إنسان تزوج وهو لا يملك شيئاً يذكر فكان الزواج فاتحة خير وسبب غنى له، ومن تأمل الواقع وجده ينطق بتأييد ذلك والله يقول وهو أصدق القائلين: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}· أنا شخصيا حينما تزوجت لم يكن حالي كما هو حالي اليوم بعد أن رزقت بالبنين والبنات بعد نحو 23 عاما من هذا الرباط المقدس ، ولو علم شبابنا أن الزواج يفتح عليهم أبواب رزق عديدة كانت مغلقة لما تأخروا ‘ن إحياء هذه السنة النبوية المكرمة، وأول فوائد النكاح: أنه يدعو إلى غضّ البصر وكفّ الطرف عن النظر إلى ما حرَّم الله عزَّ وجلَّ وكفى بهذا
مقصداً عظيم وبخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه صور الفتن والإغراء والزواج في الوقت ذاته خير معين على غض البصر؛ لأن كلا من الزوجين يجد ما يفرغ شهوة بصره في الحديث الصحيح (وفي بُضع أحدكم صدقة) فقال الصحابة (يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟) قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه بها وزر؟) قالوا: بلى، قال: (وكذلك إذا وضعها في حلال كان له بها أجر) لذا كان هدي الإسلام في تحريم الزنا والدعوة إلى الزواج، فالزنا هو من الفوضى الجنسية التي تفسد الضمائر وتضيع الأنساب وتهدم الأسر وتشيع الفواحش والأمراض والأوبئة، ولما حرمه الإسلام أباح في الوقت ذاته الزواج وندب إليه وحث عليه حتى لا يكون في ذلك معارضة بالفطرة ولا إساءة للنفس الإنسانية من ثمار الزواج التي لا يدركها إلا من أكرمهم الله بالزواج حصول المتعة والمحبة والسكن والمودة وطمأنينة النفس وهدوء البال وراحة الأعصاب والله سبحانه وتعالى يقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) والمغالاة في المهور والتكلف في مراسم الأعراس ليس عملا مستحبا في ديننا الحنيف فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب في الناس ويقول: ( ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإن ذلك لو كان مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله لكان أولاكم به نبي الله صلى الله عليه وسلم ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية) وليس قله المهر معناه بخسا لقيمة بناتنا وإهداراً لكرامتهن بل فيه البركة والخير الكثير(أقلهن مؤونة أكثرهن بركة) لكننا نحب الفشخرة والبوبار والمظاهر الكاذبة التي نقيد بها شبابنا من الجنسين مما يجعلهم يسعون في كثير من الأحيان الي تلبية حاجيات نفوسهم الطبيعية بطرق غير شرعية كاللجوء للزنا والإنغماس في عالم المخدرات ومعاقرة الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي للتسلية التي تكون محرمة في كثير من الاحيان حينما يتوهمون حبا مزيفا لا يمكن أن ينمو ويعيش بشكل طبيعي ،قال رسول الله صلي الله عليه وسلم((إِذَا جاءكم مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)· فكم من ولي أمر يرفض تزويج بناته لشبابنا المسلم بحجة أنهم فقراء ناسيا أن الله سيغنيهم، وكثيرًا ما يمنعها البعض بحجة إكمال تعليمها، وكأن مستقبل البنت رهين وظيفة، تقول فتاة مكلومة: كلما تقدَّم لنا خاطب أنا وأخواتي الأربع قال أبي: حتى يكملن تعليمهن· وأصبح الناس لا يطرقون باب منزلنا، واقتنعت الأُسر المجاورة لنا بذلك، ومع السنين كبرنا، فمن يرغب في فتيات تجاوزن الثلاثين؟! لقد فات القطار! صحيح أن التعليم سلاح مهم للمرأة لكنه يجب أن لا يمنع زواج فتياتنا في سن الدراسة،بمعني ان الزواج لا يتعارض مع الزواج أبدا،وكثيرات من أكملن تعليمهن بعد الزواج في سن العشرين وما دونها في
السودان وفي غيره،بل بعضهن أكملن تعليمهن وتخرجن في الجامعات مع اصغر ابنائهن وبناتهن.والله سبحانه وتعالى سمع شكاية المرأة من فوق سبع سماوات.
نظرة الرجل إلى العنوسة في مجتمعاتنا كلها تختلف عن نظرة المرأة إليها، كما أن وضع الرجل العازب يختلف عن وضع المتزوج، الرجل العازب لا يعاني من آثار العنوسة كما تعاني منها المرأة، بدليل أنه يستطيع متى شاء أن يتزوج الفتاة التي يريد وبالعمر الذي يريد فهو الطالب وليس المطلوب، بينما الفتاة لا تستطيع ذلك، لأنها محكومة بمدة زمنية معينة تنتهي أو تقل تدريجياً بانتهاء فترة الخصوبة.
في كتابها العنوسة في الخليج العربي المشكلة الاسباب والعلاج تقول الاستاذة هداية الخالدي ان العنوسة كلمة مريرة وتجربة اشد مرارة تحت انظار المتطلعين والعنوسة لفظ قد يخدش سمع اى فتاة وتقول ان هناك اجماعا عاما على نبذ العزوبة عند الشعوب البدائية واحتقار العنوسة بدءا من البابليين مرورا باليونانيين وصولا الي العرب المسلمين وتقول ان هناك اسبابا كثيرة لظاهرة العنوسة منها الاقتصادية وهجرة الشباب للدراسة وازدياد عدد الاناث في مجتمعاتنا والتفاوت الاجتماعي والثقافي وكل هذه الاسباب وغيرها تصب في بوتقة البعد عن تعاليم ديننا الحنيف وجهلنا لبعض احكامه وتقول ان من بين الاسباب التي تقف وراء ظاهرة العنوسة في الخليج عضل النساء اى منعها من الزواج بكفئها فضلا عن رفع المهور وشراء المصاغ الذهبية والمبالغة في تأثيث المنزل وبعض الاباء يقول بنتي لولد عمها ويمنعها من التزوج بغيره ثم تطرقت الي ذكر بعض اشهر عوانس التاريخ كرابعة العدوية التي تفرغت للعبادة والملكة اليزابيث الاولي ملكة انجلترا وماري عجمي رائدة الصحافة النسائية العربية والامبراطورة كاترينا الثانية امبراطورة روسيا في القرن الثامن عشروغيرهم كثيروتقول انه في دول البترول ارتفعت قيمة المهور الي حد التعجيز وساقت بعض الامثال الشعبية،منها الرجل رحمة ولو كان فحمة ، خديلك رجال بالليل غفير وبالنهار اجير،هم البنات للممات ،زوج من عود خير من عقود ،إذا بدى اصرف من كيسي ما بسويك عريسي ن اقعدي بعشك حتي يجي يلي ينشك.
850 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع