مثنى عبيدة
كم جميل ٌ أن تستقبل َ البشرية َ جمعاء قدوم فصلُ الربيع الرائع وما يحمله من نسمات ٍ ندية ٍ تـُنعش الروحَ وتجدد الحيوية والطاقة في الجسد ِ بعد فصل الشتاء القارص وأمطاره الغزيرة وثلوجه البيضاء.
وكم جميل ٌ جداً أن يكون شهر ُ آذار فاتحة طيبة لفصل الربيع وأن يتضمن يوماً خالداً مشرقاً للإنسانية يتوافق ُ مع أجمل َ ما في الربيع بل الوجود كله أنه يوم المرأة الذي يتم الاحتفال به للفترة من 4 ـ 8 آذار من كل عام.
نعم إنها سر الوجود الأم .. الأخت .. الزوجة .. البنت أنهن المصابيح المتلألئة التي تـُنير ُ لنا الطريق بكل حب ٍ وإيثار ٍ وتضحية يحترقن لهفة حنين عطاء حب من اجل هذا الكائن الحبيب الرجل .. الأب .. الأخ .. الزوج .. الابن
المرأة التي كرمها الله تعالى بفيض ٍ من الحنان ِ والعطاء لم يمتلكه كائن ٌ أخر على وجه هذه البسيطة وبهذا الكمال والرقي .
تـُعطي وتعطي ولا تنتظر من يجازيها ألا الرحمن بظل عرشه يؤويها
هذه الأم الرائعة الصابرة المحتسبة ومن منا ينسى أمه التي حملته وهناً على وهن ، ضعف ٌ على ضعف
تمشي متحاملة وهي تحملنا بين أحشاءها ونحن عندها أثمن من كل الجواهر.. تـُفني حياتها لأجل أن ترى هذه الجوهرة النور ومهما فعلنا وكتبنا وقدمنا فلن ولن نستطيع أن نرد جزءً يسيراً لأمهاتنا وماذا نرد ؟
فضلهن .. كرمهن .. دموعهن ..
ولا طلقة من طلقات ولادة تشقيها .. لتـُسعد برؤية وليدها بيديه يلاعبها يـُدنيها
نعم تموت الأم لحظة ولادتنا ويحيها ربُ السموات ِ بفضله وكرمه لكي ترى هذا الكائن الصغير يلاعبها ويـُحرك أصابعه لتتشابك مع يديها الكريمتين التي تحيطنا طوال عمرنا وتفدينا بصحتها وشبابها وعمرها كله
فماذا يكتب القلم في حق الأم التي جعل الله رضوانه من رضاها عنا وجنته ندخلها بجوده ورحمته من تحت قدم أمهاتنا ..
هي الأم التي مهما صغرتَ أو كبرت َ تبقى ترعاكَ وتمدك بدعاءً لن تحصل عليه لو ملكت الأرض كلها دعاء يخرج من قلب أم ...
يا الله ما أكرمه وما أجمله من دعاء ( يمه أني راضيه عليك الله يرضى عليك ) الله ..
هل نعرف سر بركة هذا الدعاء .. أنظر من حولك وفتش في ثنايا وجودك ستتلمس أثر هذا الدعاء أن لم يكن في هذه الدنيا فإنك ستجده عن الرب الرحيم عفواً وغفراناً من ذنوب ٍ لو أوقفك عندها ستخرُ من الهلع والخوف ولكنه الأمان المطلق فهذه أمك قد توسلت ربها أن يعفو عنك ويفغر لك فهي قد سامحتك حتى لو كنت مخطئاً بحقها ..
أمي وما أحلاها من كلمة لو فقدتها والله ستفقد طعم أخر للحياة كنت تعيش بظله ... فلا تدع هذا الظل وتنصرف عنه إلى حر قائظ وصيف ٌ لأهب وبردٌ قاتل .. أستظل بهذه الخيمة الكريمة ولا تترك نفسك للعراء
فلا تدع الشيطان لنفسك يغويها ..
المرأة الأخت التي طالما كبرنا ولعبنا سوية فكانت أم ٌ بعد أم ، وكم أخت كريمة رعت وربت أخواتها بكل محبة وإيثار ٍ وكم أخت ضحت بأجمل أيام وسنين عمرها لأجل أخوتها حتى نسيت أنها امرأة تحب ُ وتتزوج وتلد .. فكان أخوتها هم أولادها الذين ترى فيهم كل معاني الأم تجاه أبناءها...
الأخت التي تركض خلف خطوات أخيها حينما تـُغيبه الحروب والسجون والمنافي.. حتى تجدها تناجي الطيور وهي تبكي وتنشدُ ( وينك يا حزام الظهر )..
الأخت وان تزوجت تبقى تقول ( إنا أختك يا فلان ) ولسان حالها أفديك بروحي وأولادي يا خويه ..
الأخت الطاهرة الطيبة التي نحفظ قصتها البدوية يوم أراد القاضي أن يحكم على زوجها وولدها وأخيها وحين خيرها القاضي على من يحكم بالموت ويبرىْ واحداً فقط فقالت بلهجتها البدوية وفطرتها السليمة
( الزوج ماجود ـ والولد مالولد ـ والأخ مفقود ) نعم فضلت الأخ على الزوج لأنها ممكن أن تتزوج مرة أخرى وتلد ولدا أخراً ولكن الأخ وآه ماذا يعني الأخ ...
الأخ الذي عليه دوماً أن يتذكر أن له أختاً تبقى عينها على الباب تنتظر ُطرقات أخيها لتقول لأبنها هذا خالك يا ولدي هذا ( اللي بيه رفعة الرأس )
المرأة الزوجة الصالحة المخلصة المعطاءة التي تشاركنا رحلة الحياة بكل تقلباتها من يسر ٍ وعسر ٍ
الزوجة التي أكرمنا الله بها فجعلها شريكة العمر والروح فكانت الشجرة المثمرة بكل الخير ..
الزوجة الصالحة هي متاع الدنيا أن نظرت إليها سرتك بمنظرها وابتسامتها وحضورها البهي في حياتك وإن غبت عنها حفظتك وحفظة سرك وبيتك وربت ولدك ..
الزوجة كم جميل ٌ أن تكون لك زوجة بمعنى الكلمة تلك المرأة التي إن جئتها غاضباً متجهماً متعباً تفهمت وضعك وخففت عنك عناء يوم العمل المثقل بالتحديات والمؤامرات .. حتى تنسى بعطفها وحُسن تعاملها ما وجدتهُ في يومك هذا وتعلم حينها أن الحياة حلوة جميلة ..
الزوجة التي أن حصلت على أرث مالي أو وظيفة تسارع لوضع ما حصلت عليه بين يدي زوجها لا أن تطلب الطلاق لتتزوج من هو بمستواها الجديد كما يفعل بعض الرجال أن أصابه الثراء
الزوجة التي ترقد ُ بجانب سريرك وفراشك أن مرضت ً لتخدمك وتسهر على راحتك وليس تذهب لتتركك وتطلب الطلاق لتتزوج كما يفعل بعض ُ الرجال ...
الزوجة التي تحتاج ُ منك َ أن تتفهم وضعها وما تعانيه في البيت والعمل فتكون أيها الزوج بلسماً ودواءً لها ولكل ما تعانيه يوم تجدك بقربها تـُعينها على شؤون البيت وتربية الأولاد الذين هم أولادك وسيحملون أسمك
لذا ليس عيباً أو انتقاصا من كرامة الرجل أن يـُعين زوجته ويساعدها ويصبر عليها وأخص بالذكر النساء المغتربات عن أوطانهن وأهلهن اللواتي لا يجدن أختاً أو أماً أ صديقة تتكلم معهن نعم لتكن أنت لها الأب .. الأخ.. الزوج والولد لزوجتك
وأني في عجب من أمر رجل ٌ يعمل طوال النهار ثم تجده يخرج ليلاً ليسهر مع أصدقاءه أو ليقضي مشاغله وهو تارك زوجته في البيت وحيدة ٌ تتحدث مع الجدران مع أن بإمكانه اصطحابها معه إلى زيارات عائلية اجتماعية تحققُ الهدفَ المنشود من تقوية روابط العائلة والجالية والمجتمع ( وهنا اخص المغتربين بهذا الأمر ) . ذلك لان المسؤولية الأخلاقية والشرعية والإنسانية تدعونا الى أن نُـحسن تدبير شؤوننا وحياتنا المشتركة .
مهما قلنا في حق الزوجة كريمة التربية والخلق والتصرف والعمل الحميد فإننا لن نستطيع أن نجزيها حقها وأهمس ُ في آذنِ كل رجل وأساله
يوم تتعرض زوجتك لوعكة صحية أو مرض ٍ أو ولادة ٍ وتتركك في البيت وسط الأطفال ومتطلباتهم هل تشعر حينها كم تتعب وتجتهد هذه الزوجة طوال اليوم وعلى مر السنين والأعوام ؟
وأهمس ُ ثانية وأقول أذا أردتها دوماً كما تحب ُ وتحلم بها عروساً في كل يوم وعلى أجمل هيئة .. هل جربتَ أن تأخذ بيديها وتتحدث معها قبل أن تشكو وتخرج ضارباً الباب ؟
هل جربتَ راحة البصل والثوم وغيرهما أم أنك تأكل فقط وتطلب أن يكون العطر عطر ُ الياسمين ؟
المرأة الصغيرة البنتُ الجميلة التي تستقبلك سعيدة مرحبة ضاحكة لتركض نحوك تأخذك بالأحضان وهي تنطقها بابا بابا وتعطيك من رحيق العسل ِ قبلات ٍ وتقفز أمامك كالفراشة ِ
البنت التي يقولون عنها إنها ( الحنينه ) بمعنى أن الحنان كله قد تجسد فيها والله إنها كذلك حتى الطفلة الصغيرة تجدها تُقدم أخاها على نفسها في الطعام وتذهب مسرعة أن سمعت أنه ذاهب للمدرسة تحمل حقيبته وتصر على أن تـُلبسه الحذاء .
البنت التي هي زينة الحياة الدنيا وبهجتها ورقيُها وجمالها .. التي تحرص ُ على أن تشمك وتنام على ذراعيك وكم طفلة تشتاق لك شوقاً كبيراً فتطلبك على الهاتف لتسمع َ منها أحلى وأرق الكلمات وهي تغني وتنشدُ وهي بالكاد تنطق الحروف والكلمات ..
البنت التي أن كبرت بقيت وفية ٌ لأمها وأبيها تبرهما وترعاهما وتعتني بهما تخرج ُ مسرعة من عملها أو بيتها لتذهب لهما تطبخ وتكنس وتنظف ملابسهما ناسية تعبها وآلامها
هل قلت ُ كل شيئاً في حق المرأة ؟؟؟
أقولها وبالخط العريض لا
فعذراً أماه عذراً
أن لم أعفر وجهي بتراب نعليك ِ
عذراً سيدتي المرأة الكريمة
أقول لكل رجل ليكن احتفالنا بيوم المرأة احتفالا مستمراً طوال العمر كله
احتفال مشاركة حقيقية وحب حقيقي وتضحية وإيثار
احتفال شموعه أيامنا المضيئة بهن وليس احتفالا شموعه من احتراقهن لأجلنا
احتفالاً الوردة ٌ فيه كلمة ٌ طيبة ٌ ولمسة حانية وليس احتفالا شكليا بتقديم وردة من أجل الشكل الاجتماعي وردة مصيرها الذبول لأنها لم تسقى بالحب الحقيقي والمشاركة الوجدانية الصادقة
ليكن احتفالنا هو احتفال بهذه الهدية الربانية العظيمة أنها المرأة التي هي أجمل بشرى منحنا الله إياها في حياتنا ...
نحتفلُ من خلال التصالح ونبذ الخلافات والسعي نحو أهلنا بالحب وطلب العفو والصفح ونسيان كل ما يعكر علاقاتنا الاجتماعية والإنسانية وأعلم أنك َ ستجد المرأة ودموعها وحنانها تحتفل بك قبل يديها الكريمتين فلا تتأخر وبادر الى
أمك.. أختك.. زوجتك .. أبنتك .. وخذهم بالأحضان والمحبة وبثهم شوقك وحنانك .. بادر واستعجل الخطوات قبل فوات الأوان يوم تُحمل على الأكتاف وقد تركت الدنيا وأنت محروم من دعاء ٍ صادق ٍ طيب ٍ
يستجيب له رب العباد
أنه دعاء امرأة
وحتى في تلك اللحظات ستجد دموع المرأة هي أخر من يودعك بالحب والشوق والحنان ...
فهل ستحتفلُ حقاً أم تنتظر ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ختاماً
رحم الله أمهاتنا الكريمات وحفظ من تبقى منهن على قيد الحياة
بارك الله بأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا الجميلات
وكل يوم وهن بإلف خير وسعادة وهناء
تحية أقدمها الى كل النساء
آسف لتأخري بالكتابة بسبب تعرض زوجتي الغالية لوعكة صحية
أرجو الله لها ولكل النساء الصحة والسلامة والخير كله
13 / آذار / 2013 م
834 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع