زيد الحلي
مقدمو برامج الحوارات العراقية .. أعتذر منكم !
الخميس الماضي ، زارني إعلامي ، يعمل في احدى الفضائيات ، عُرف باستضافته شخصيات تتحدث بشتى امور الحياة ، في كافة ألوانها واشكالها ومسمياتها ، ولأن الرجل يعرف انني اعمل في مجال الاعلام ، فإن خيوط النقاش ، تلاقت بموضوعية حول برامج الحوارات التلفزيونية ، التي تشغل مساحة واسعة من بث جميع الفضائيات ، وللأمانة خرجتُ بانطباع ، غيّر الكثير من مفاهيمي وملاحظاتي وانتقاداتي السابقة لآلية ونمطية، تلك البرامج المستحوذة على الساعات الذهبية للمشاهدة التي تبدأ عادة بين الساعة الثامنة وحتى العاشرة مساءً، وقد خلص النقاش الى تعاطفي التام مع الاخوة مقدمي تلك البرامج ، كونهم يمرون بحالة ولادة قيصرية كل يوم ، من اجل ان ( يحظوا ) باستضافة شخصية مقبولة ذات ثقل معرفي بما يريدون مناقشته ، وحين يفشلون ( حالة الفشل يبدو انها دائمة ) فأنهم يتجهون الى وجوه مكررة من البرلمان او مؤسسات المجتمع المدني او الاعلام ، اولئك الذين يلوكون ذات الكلمات ، ويعيدون ذات الرؤى في كل لقاء ، وفي كل القنوات … يتصدرون مرة مشهد التحليل السياسي ، وفي مرات اخرى تراهم يتناولون موضوعات اقتصادية وقانونية واجتماعية … وشخصيا ، شاهدتُ برلمانية قبل مدة قريبة من الزمن في اربعة برامج تلفزيونية في يوم واحد … احدهم كان بثاً مباشراً ، والاخرى مسجلة .. والغريب ، انها ظهرت في كل تلك البرامج بذات الزي ، ما يدل على ان استضافتها تمت في يوم واحد !ّ
لمدمني الظهور التلفزيوني ، ومحبي الثرثرة الاعلامية ، اقول : ان تعرف شيئا من كل شيء ، لا يعني انك دخلت بوابة المعرفة ، لأنها ليست بابا واحدة ، أو زقاقا معينا واضح المعالم ، بل هي ذات اهمية جوهرية للحياة وتنطوي على قيمة شاسعة المدى ، ومن الخطأ بمكان ان يجهر احدنا بالقول انه يدرك الحقيقة وانه سابر غور كل الاشياء ،وحين يتمعن المرء بطروحات “بعض” من نراهم على شاشات الفضائيات ، يجد انهم ، يشرقون و يغربون في شتى الاتجاهات ، ويدعون انهم (بوابة علم واستشراف ) فيما هم اقرب الى سراب الحقيقة ، يتذبذبون في الرؤى والمواقف .ولم يسحبوا الأفكار السوداء من تفكيرهم ، ويكررون عبارات ذات معان لا يقصدونها، تشوش على قدرات تفكير من يتابعهم وتضعفه.
لستُ هنا بموقع النصح ، فأنا اعلامي ، ربما اخطأ مرة وانجح مرة اخرى ، لكني اشير الى ظاهرة ( كثرة ) ظهور اسماء ووجوه معينة في البرامج الحوارية في الفضائيات ، فلقد وجدتُ بعضهم يتحدث بأسلوب سوداوي يشجع على الانطوائية والنكوص ، فهم اقرب الى اليأس منه الى الأمل ، ويدعون دون ان يدركوا الى التردد والشك ، وعدم القدرة على ضبط النفس، وضعف العزيمة ..
اليكم اعزائي مقدمي برامج الحوارات ، اقدم اعتذاراتي ، عن كل الملاحظات النقدية التي اشّرتها عليكم سابقا خلال السنوات المنصرمة حول برامجكم ، فأنتم كما فهمتُ بالتفصيل الدقيق ، بين سندان التقديم اليومي ، ومطرقة توجهات القنوات المختلفة ومتطلبات المعيشة ، فكان الله في عونكم وعوننا وعون المشاهدين
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
2244 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع