سرور ميرزا محمود
(البرادعي وبليكس في كفة الميزان لما حصل على العراق)
جاء القرار 687 الذي أتخذه مجلس الامن في 3 نيسان/ابريل1991 في الفقرة 12 من الجزء 2 ما نصه " يتوجب على العراق أن يلتزم دون قيد أو شرط بعدم تطوير أو بناء أو استخدام أسلحة نووية، وعدم إنتاج مواد تصلح لتصنيع قنابل نووية وعدم إجراء أية بحوث أو تطوير أو بناء منظومات أو ورش يمكن استخدامها لهذا الغرض" وأشترط أن يضع العراق جميع ما له علاقة بالامور المذكورة أعلاه تحت تصرف الوكالة الدولية للطاقة الذرية للقيام بتدمير أو نقل أو إبطال مفعول جميع هذه المواد و المعدات و المنظومات.
وعند اكتمال تدمير كل ما لدى العراق من اسلحة الدمار الشامل و ما له علاقة بها والتي على العراق أن يعلن عنها بالكامل خلال خمسة عشر يوما من تأريخ القرارو بقناعة مجلس الامن من تحقق ذلك يتم ألغاء إجراءات الحصار الواردة في القرار 661 لسنة 1990. و بذلك يكون العراق قد وضع تحت وصاية مجلس الأمن الى أن يقتنع بخلوه من الآسلحة الممنوعة وهو ما لم يحصل حتى غزت القوات العسكرية الأمريكية و البريطانية و أحتلالها العراق في ربيع 2003 . و قد تناولت ذلك في مقالات عديدة الحديث عن تلك الفترة العصيبة من الحصار و عمليات التفتيش التي قامت بها فرق الوكالة الدولية للطاقة الذرية واللجنة الخاصة للتفتيش المعروفة بالاونسكوم.
سألني كثير من زملائي لمذا تكتب عن معايشة مؤلمة لتجربة حزينة لما مر به العراق وانه يكفيه من تجارب ما يحصل الان وضعته حد الضياع، كان جوابي وفق مفهومي المهني واطلاعي السياسي ان معايشة وسرد الحدث اشبه بمقارنة بين مجتمع العراق الحضاري والانساني ومجتمع ممثلاً باليات معقدة وقاتله فرضت على بلدي العزيز من خلال قرارات اممية كان الهدف ومايزال سحق انسانية وطبائع واعمال جيل تحلى باعلى اساليب المعرفة والعمل والاخلاص والتفاني ليجعل منه شعبا مفتتا تجره رياح التفرقة والتناحر لابعاده عن مجتمعه العربي الاصيل، وقلت ايضا الم يخططو لقتل وشل العلم والعمل العراقي وذكرتهم لما كتب اثناء الحصار من مقالات بضروره ان يبتعد العالم عن علميته وذلك بغرض الحصار عليهم بل الاكثر من ذلك ابعاد او عدم حصولهم على ايه تقارير ومطبوعات ومحاولة ابعادهم عن عملهم العلمي والفني لمدة لا تقل عن خمسة عشر عاما بحيث تتناقص علميتهم للحد الذي يصبحون فيه عاجزين عن تنشاة جيل علمي لما بعدهم؟ فالجواب يعرفة القارى والمحلل للاوضاع.
وفيها ايضا سألني الكثير لماذا لم تتطرق الى رؤساء الوكالة وانت تعرفهم عندما كنت في فينا او لاشتراكك مع فرق التفتيش منذ عام 1991 ولغاية غزو العراق عام2003 وهل كانوا بمستوى المهنية وهل كان لهم دور فيما حصل للعراق؟ وانت لم تذكرهم الا بسطور قليلة، أسترجعت ذكرياتي وبعض من الأوراق التي كنت أدون فيها أمور التفتيش وراجعت عن ما كتبه قادة البرنامج النووي العراقي وبعض من كوادره من مؤلفات أضافة لما كتبه بلكس والبرادعي في كتابيهما بعد ان غادروا مواقعهم وما كتبه بعض المحللين، سطرت مقالتي عنهما وها انا اعبر عن ذلك عسى أن أكون قد وفقت بسرد الحقيقة عنهما.
*- الدكتور محمد البرادعي: دبلماسي مصري ويقال من مصادر موثوقة انه يحمل جنسية مزدوجة اي مصرية ونمساوية, عمل في ممثلية مصر في جنيف ونيويورك واصبح فترة مساعد وزير الخارجيه المصري ويحمل شهادة الدكتوراة في القانون من مصر وجنيف وامريكا، في عام 1984 اصبح مستشارا قانونيا في الوكالة الدولية للطاقة وتعرفت عليه في حينه عندما كنت اعمل مستشارا علميا هناك، يمتاز بالقدرة على المراوغة والالتفاف المقنع وصاحب رؤيا مكنته من تحديد مسارات عمله بالطرق التي سيرته، فكانت بداياته في العمل تقديم النصيحة وابداء الراي فيما يتعلق بالبنود التي تهم الدول العربية التي تقربه منهم في الوكالة، وكان كثير التردد الي الوفود العربية ليستمع لأرائهم وخاصة بالبند الذي يناقش القرارات النووية الاسرائيلة وتهديدها بموجب الولاية التي اعطاها مجلس الامن للوكالة بضوء ضرب المفاعل النووي العراقي من قبل اسرائيل أستناداً للقرار المرقم (487)، وكانت توصيته بان يبقى موضوع البند مناقشا باستمرار وذلك لاحراج الدول الداعمه لاسرائيل وجعل هذه المسألة حية تاتي نتائجها لاحقا، لكن صبر الدول العربية بدا ينفذ وطلبت ان تخضع اسرائيل فوريا لمنشاتها تحت ضمانات الوكالة مما ادى الى فشل الاجراء وانتهى البند من المناقشة، ومن السخرية بان بعض من الدول ومنها مصر بدأت تثير أعادة الموضوع الان اي بعد عشرون سنه من تركه.
في عام 1993 رقي الى منصب نائب المدير العام للعلاقات الخارجية وهنا يجب ان نشير بانه زار العراق مع د. بلكس عام 1991 وكان في حينه مستشارا قانونيا وكنت مرافقا لهم، ووجدته لم يبدي اي وجهة نظر قد تفيد الجانب العراقي مع فرق التفتيش لم اعرف السبب في حينه ولكنها ستظهر لاحقاً.
مصرلم ترشح الدكتور محمدالبرادعي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ، أنما رشحته أمريكا ضد مرشح مصر السفير الدكتور محمد شاكر لتولي منصب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 1ديسمبر 1997 خلفًا لهانز بليكس، وتحايلت أمريكا بدفع المجموعة الأفريقية لترشيحه، ودخل البرادعي في مواجهته وكان المطلوب هو 24 صوت للوصول إلى منصب مدير الوكالة وبأغلبية الثلثين، ودارت الانتخابات وفاز في الجولة الأولى الدكتور شاكر وحصل على 18 صوت من ال 24صوت التي تؤهله للفوز اي انه لم يحصل على أغلبية الثلثين . طلبت أمريكا من الدول الأعضاء في مجلس المحافظين تأييد مرشحها بطرقها المعروفة وعدم تأييد المرشح المصري فحصل البرادعي على 33 صوتًا من إجمالي 34 صوتًا في اقتراع سري لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث كانت مصممة على أن ينجح الدكتور البرادعي في مواجهة المرشح المصرى الدكتور محمد شاكر، وهنا بدأت المسؤولية فاصبح مديرا عاما للوكالة عام 1997 في نفس الفترة تم اقرار البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية فاعطاه زخما قويا يتمثل بان الوكالة الدولية للطاقة خير دليل لاثبات عدم التسلح النووي.
وهنا نبدا الحديث عن مرحلة المسؤولية وما كان يجب ان يتحلى بها ضمن اسس كشف الحقيقة واعطاء التوجيهات بشانها وكمايلي وصولا الى الحرب على العراق ليجعل المحلل والقارى حكما له:
*- في عام 1998 والازمة الي افتعلها بتلر عن طريق لجنته مما سبب مغادرة المفتشون للعراق وانضم اليهم مفتشوا الوكالة بالرغم ان ما يجري في الجانب النووي يسير بشكل جيد وبدون معوق الا ان تضامن الوكالة معهم يوحي بابعاد النهج التقني عن مساره الصحيح فلماذا لم يتخذ الدكتور البرادعي موقفا شجاعا بالأيعاز ببقاء فريق العمل في العراق؟
*- في ضوء سياسة الخرق المادي (Material breaches) والتي أتخذتها أمريكة حجة لضرب العراق حيث قامت بضربات جوية واطلاق صواريخ للمنشات العراقية عام 1998 لم يصرح الدكتور البرادعي غير مقولة ضرورة تعاون العراق مع متطلبات القرارات الدولية ذات الشان، وكان يطالب بضرورة مقابلة العلماء العراقين لفرق التفتيش دون ايه عائق.
*- لم يصرح بموقف شجاع كما عمله الراحل زينريدو حول ماوصل اليه البرنامج النووي ومرحلته الصفرية بل صرح بأن هناك ثغرات كثيرة رغم ماقدمه العراق من سلسله من التقارير اخرها التقرير الشامل والكامل لانشتطته.
*- عند تنفيذ القرار 1441 والذي يعتبر قمة قرارات مجلس الامن على العراق بما يتعلق بانشتطه للتفتيش واجراء المقابلات والسماح باستخدام القوة حتى مايشاء وفق مبدا الخرق المادي، فجائت فبركة محاولة العراق لشراء اليورانيوم من النيجر عام 2002 بمبادرة عنكبوتية ايطالية، انكليزية، امريكية حيث استمر التعامل معها ثمانية اشهر بالرغم ان الوكالة الدولية للطاقة وبأعتراف احد منتسبيها بان عملية التحري لم تستغرق الاساعات معينه وانهم كشفوا التزوير بعدما علموا بان الموقعين على الرسالة ليسو مسؤولين رسمين للنيجر، بالأضافة لعلمهم عن طريق اللقاء مع الاستاذ الزهاوي من قبل فرق التفتيش عن سبب وغرض الزيارة في حينها اي عام 1999، خرج البرادعي في اذار 2003 وطبول الحرب بدات تظهر للعيان امام مجلس الامن على ان الوثائق غير صحيحة وليست اصلية وخلصت ان هذه الادعاءات لا اساس لها فلماذا لم يصرح بها عام 2002 وانتظر لمدة سنة ليصرح بذلك؟
*- امام مجلس الامن ايضا تكلم وننقل نص ما قاله " لاندعي اليقين المطلق من استنتاجنا بانه تم أحتواء العراق في برنامج الاسلحة النووية، انه لا توجد مؤشرات على ان العراق يحتفظ بقدرة مادية على انتاج مواد يمكن استخدامها للاسلحة النووية، وانه يريد وقتا اضافيا للتفتيش" دون أن يحدد أفق زمني لعمليات التفتيش يجداول زمنية محددة بحيث يمنع العدوان أو يؤخره.
*- كان البرادعي يتدخل في اختصاصات د.بلكس بعد صدور قرار مجلس الامن 1441بحيث كان يتطرق النشاطات البايولوجية والكيمياوية الى ان أعترض على ذلك بشدة نائب رئيس الجمهورية طه ياسين رمضان في احد الاجتماعات معه في بغداد. فلماذا يا د.البرادعي فهذا التصرف انما يخدم اعداء العراق ويتماشى ما كان يخططون له.
*- لماذ يا سيد محمد البرادعي عدم إعلام مجلس الامن بما خلصت اليه الوكالة نهاية 1998 "أن هناك عددا قليلا من المسائل المتبقية و التي يمكن حلها خلال مرحلة الرقابة والتحقق الدائمة. و إن هذه المسائل لا تتصل بعملية نزع السلاح معتبرا أن العراق قد أنجز ذلك". وكان ممثل الوكالة قد أبلغ الجانب العراقي بأنه سيبلغ مجلس الامن بذلك في حينه، الامر الذي يدل على إن الوكالة قد ماطلت في الامر تحت الضغط الامريكي، وقد زادت على ذلك بإبلاغ مجلس الامن "لا يمكن للوكالة أن تعطي تأكيدا مطلقا عن خلو العراق من المواد المحظورة"، وقدم البرادعي لدعاة العدوان مادة جديدة لقرع طبول الحرب بنشره ملفا بعشرات الأسئلة التي يدعي بأن العراق لم يجب عليها. وبالطبع فقد جاء ذلك متناغما مع ما ادعته امريكا و بريطانيا بأن التقرير النهائي لم يفي بالمتطلبات التي أكدها المجلس في قراره اعلاه، وهكذا بقي الملف العراقي مفتوحا دون سبيل الى أغلاقه.. فالسؤال لماذا خانته الشجاعه لان يطلق نداء لمنع وقوع الحرب وهو يعلم ماذا كان يخطط له الامريكان والانكليز وهو يعلم علم اليقين ماذا وصلت اليه قدرات العراق النووية، لنقول منذ ان صرح زيفيريرو بان البرنامج النووي العراقي وصل مرحلة الصفر.
لقد امسك البرادعي العصا من المنتصف فاعطى مبررا ضمنيا اذا صح التعبير وهو المعروف بايمانه بنظرية التفاوض بدلا من استخدام القوة فلا يوجد له تصريح قوي حتى بعد الاحتلال سوى مقولة قالها بان الحرب لا مبرر لها وكان التفتيش واستمراره هو الخطوة الصحيحه ولم يدن سياسه بوش وكان هذا عام 2005 بالاضافه لدوره المتساهل مع ايران . حاولت امريكا ان تجمع حلفاء لها بغية عدم تمديد ولايته للمرة الثالثه الا انها فشلت بسبب دعم المانيا وروسيا والصين وحتى فرنسا لسياسه عمله.
*- لم يتورع عن إصدار تقرير ضد مصر زعم فيه اكتشاف يورانيوم عالي التخصيب وهو ما تسبب في ممارسة ضغوط أمريكية وأوربية على مصر
لمنع مصر من دخول المجال النووي للأغراض السلمية، وكتب البرادعي تقريرا قال فيه ان مصر تفتقر إلى الكوادر الفنية اللازمة لذلك، فضغط الغرب على مبارك فتوقف البرنامج. أي أن البرادعي كان خصما لمصر ولم يكن عونا لها، لقد فضح الدكتورالمصري يسري أبو شادي كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق والذي عمل مع فريق الوكالة في العراق مواقف البرادعي الموالية للسياسة الأمريكية ودورها في ما حصل للعراق بسببها.
لم تتطرق الوكالة في عهده لأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها إسرائيل، ولم يصدر أي تقرير عن ترسانة الأسلحة الاسرائيلية.
*- خير من فضح البرادعي وأرتباطاته المشبوهة جاءت عن لسان العالم النووي(عبد القدير خان) صاحب القنبلة النووية إلباكستانية وكأنه يحذر الشعب المصري من مغبة عدم أعتمادهم للبرادعي لقيادة مصر في ظروفها الآن ومستقبلاً، عندما كتب مقاله خطيرة بصحيفة “ذى نيوز” الإنجليزية الباكستانية يوم 9 تموزالماضى 2012 تحت عنوان (Danger to Egypt…Random thoughts) أى (الأفكار العشوائية.. خطر يحيق بمصر)، يقول فيها إن البرادعى عميل زرعه الغرب فى مصر!، وقال إن سياسة الغرب بتأهيل الخونة ليصلوا للسلطة بعد سنوات وفى الوقت المناسب سياسة متبعة مع الدول التى لا يوجد جدوى من العدوان المباشر عليها مثل مصر وغيرها، وضرب أمثلة بمن استعانت بهم المخابرات الأمريكية أيضا فى إيران والجزائر ومصر وباكستان نفسها وضربت بعضهم ببعض، ولآن الدكتور محمد البرادعى هو آخر وأحدث ألعوبة تلعبها القوى الغربية فى مصر لحماية وتعزيز المصالح الغربية- الإسرائيلية، حسب ما يقول!.
*- الدكتور هانز بليكس: دببلوماسي سويدي درس القانون في السويد وأكملها في أمريكا تدرج في مجال عمله وأصبح وزيرا للخارجية عام 1978,أصبح المدير العام للوكالة عام 1981 حتى عام 1987, معرفتي به أمتدت طيلة بقائي في فينا وبعدها مع فرق التفتيش, يتميز بالهدوء ومفاوض ومستمع جيد ويتمتع بذكاء يجعله ذا تأثير في القرار لو أستعمله،علاقته مع الممثليات في فينا مشهود بها بحيث جعل كل يوم ثلاثاء من الاسبوع لقاء معهم و بمعيته رؤوساء دوائره لتبادل وجهات النظر، كان يولي مسألة الضمانات باهتمام، وذلك لأنه من المتشددين الذين يؤمنون بمنعة حصول أية دولة نامية على السلاح النووي.
عند تطبيق قرار مجلس الأمن 687 بشأن العراق أعطى المسؤولية للسيد زيفيريرو الذي يتمتع بالمكانة العلمية لأدارة ذلك الملف، وبما ان د.بليكس هو المشرف بأعتباره المدير العام فأن قضية العراق كانت تتماشى مع تصوراته لسياسة الردع بغية تقوية نظام الضمانات لمنع أية دولة نامية من الولوج في امتلاك السلاح النووي وهي خاضعة لنظام ضماناته فبدأ بالتفكير بأنشاء البروتوكول الاضافي الذي طبق بعدة رحيله من عمله.
زار العراق عام1991 أثر حادثة كشف الأجهزة والمعدات العائدة لبرنامج التخصيب غير المعلنة في حينها ,وتمت مرافقته لأحدى المواقع التي دفنت فيها الأجهزة والمعدات وبحظور السيد رئيس المنظمة الدكتور همام عبد الخالق شهد د.بليكس تصرف أحد المفتشين لأستفسارات وأسئلة بعيدة عن المهنية وبطريقة أستفزازية كانت موجهة الى عالم من علمائنا رحمه الله الدكتور طالب كصب الجنديل مما أثاره الأندفاع والشعور الوطني الى رد يليق بالمقابل وبحجج علمية لايعرفها المقابل، لهذا فأن د.بليكس عندما حلل ماطرحه احد المفتشين وأجابة العالم العراقي اقتنع بالاجابة وتبينت امامه نوعية المفتش غير المهنية وسلوكه الشائن البعيد عن العلمية المنشودة، ولحسن الصدف بأن د.بليكس أعترف عام 2009 لصحيفة الكارديان ان فرق التفتيش كانت تضم عناصر من المخابرات.
في فترة وجوده على رأس الوكالة الدولية للطاقة توضحت صورة متكاملة عن البرنامج النووي العراقي وأن نظام الرصد والتحقق الجوي والارضي تفي بما هو مطلوب منها لرصد اية محاولة لمعاودة العراق العمل بأنشطة محظورة، اذاً كانت لديه صورة واضحة، وبموت البروفيسور زيفيريرو وأستلام الدكتور البرادعي للوكالة، ترك موقعه وهو حزين لأنه لم يكمل مشواره ففي عهده استكمل مناقشة وضع تظام صارم للضمانات وهو البروتوكول الاضافي اللذي وضع قيد التنفيذ بعد مغادرته بشهرين وملف العراق ما زال مستمرا وتفكيره بتطبيق نزع السلاح لم تكتمل بعد.
عاد عام 2000 عندما رشحه السيد كوفي عنان رئيسا للجنة المراقبة والتحقق والتفتيش(انمفوبيك) بعد ألغاء اللجنة الخاصة التي ترأسها السيد يتلر مثير المشاكل دون اعطاءالحلول اللازمة,فجاءت فرصة د.بليكس للوصول الى مبتغاه.
أمضى د.بليكس ثلاث سنوات في البحث عن ما يسمى عن الاسلحة الكيميائية والبايولوجية والصواريخ وفق نطرية الشك والمعلومات الاستخبارية والدخول في تفاصيل ليست اساسية ولا تضيف من طبيعة ما تم أكتشافه من قبل فرق التفتيش أوما أعطاه وسلمه العراق من معلومات ومقابلات على المستوى الفني والسياسي، وهو الرجل السياسي والفني ةالاستراتيجي فلم تخرج تصريحاته او ماتقدم من بيانات لمجلس الامن غير:_
*- ان من نافلة القول انه لا يؤمن بسياسة الحرب الا انه لم يدلي بأي تصريح فيما يتعلق بضرب المنشات المدنية والعسكرية العراقية في التسعينات وما تلاها مما يدلل بأيمانه بسياسة الفعل ونظرية الخرق المادي(اعاقة التفتيش مثلا).
*- الطلب بمقابلة العلماء العراقين بعيدا عن حضور أي من الجانب العراقي ,مفضلا لقائهم خارج العراق.
*- اصبح يتمسك بالخوض في مسائل صغيرة لا تشكل بمجملها أهمية على ما أنجز، وما حصلوا عليه,فتارة يطلب وثائق تثبت تدمير الجانب العراقي لبعض مكونات برامجه، وتارة اخرى يطلب مقابلة كل من ساهم بذلك بالرغم من زيارة المفتشين لمواقع التدمير واخذ العينات من هناك بالاضافة لمقابلتهم لمسؤولي التدمير.
*- توجد فجوات كبيرة في برامج العراق لاسلحة الدمار يجب ملأها.
*- اني لا ارى أية مصداقية لدى العراق ولا يوجد دليل يمكن الوثوق به.
*- اعطاءه فرصة للتفتيش مع توفير ميزانية مالية اضافية تتيح له الاستعانة بخبراء اضافين اخذين بنظر الاعتبار بقاء الرصد والتحقق مستمرا ظمانا لعدم عودة العراق لاحياء برامجه وأنشطته المحظورة.
أن د.بليكس كان ملما بما جرى للبرنامج اللنووي بحكم مسؤولياته السابقة ومسؤولياته الاحقة للرصد والتفتيش للانشطة الاخرى اي بما معناه يملك تصورا كاملا مع ذلك لم يتجرأ حتى بالتوصية لرفع جزئي للحصار أو تحديد نسبة انجاز ما حققوه وهو يعلم علم اليقين ما اثره الحصارعلى برامج العراق التنموية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية.
بطبيعة عمله السياسي كوزير خارجية والفني لترؤسه الوكالة والأنموفيك كان مدركا لمسير رياح الحرب على العراق وانها ليست على اساس وجود اسلحة دمار بل هو المستهدف النظام وموارده النفطية وشعبه، فمسك د.بليكس العصا من وسطها بدلا من ان يفكر بصوت عالي لمنع حصولها لما يتمتع به من امكانيات تاثيرية لاقناع الدول بفائدة التفتيش بدلا من الحرب او حتى الاستقالة وذلك لاحراج امريكا وبريطانيا.
في عام 2004 اصدر كتابا بعنوان((نزع سلاح العراق)) اتهم فيه الولايات المتحدة والحكومات البريطانية للتهويل من اسلحة الدمار الشامل في العراق من اجل تعزيز حالة الحرب وما مفاده ان الحرب كانت غير شرعية، وانه من الواضح انه ليس في العراق مخزونات من اسلحة الدمار الشامل وان الحرب كانت خطأ كبيرا، وفي نفس كتابه المنشور يحاول هانس بليكس تبريرعدم تقديمه إقرارا صريحا بتعاون العراق وتوفيره كافة البيانات والوثائق المطلوبة بأدعائه بأنه عانى من محاولة التملص من الضغط الامريكي بالظهور في موقف المحايد؟.
في كانون اول 2009 صرح في الصحيفة البريطانية ديلي ميل أنه حذر بلير بعدم غزو العراق وانه حزين لما حدث على العراق وانه مستعد لتقديم شهادته ضد بلير وبوش اذا ماتقررت مقاضاتهما من قبل المحكمة الجنائية، ومؤخرا حضر جلسات في مجلس اللوردات البريطاني وأدلي بشهادته ضد بلير وتورطه مع الأمريكان امام لجنة التحقيق البريطانية متطوعاّ وهو أول شخص غير بريطاني يمتثل للأجابة حول الظروف الموضوعية لغزو العراق، ماذا يفيد الحزن يا دكتور بليكس وكان المفروض ان ترفع صوتك امام مجلس الامن الذي شابه النفاق فالندم الندم مطلوب فهل ندمت يا د.بليكس؟
في صحيفة الكارديان كانون اول 2009 اكد ايضا ان احتلال العراق ليس بسبب اسلحة الدمار الشامل بل لتغير نظام صدام حسين,وأكد ايضا بتعاون العراق مع فرق التفتيش.نكرر لماذا جائت الصحوة الان فلماذا لم تقل ذلك قبل الحرب.
لا زال يعمل د.بليكس في مجال نزع السلاح وله مركز في ستوكهولم، نتمنى أن يدرس ويقدم توصيات بشأن ترسانة اسرائيل النووية.
مما تقدم أعلاه يتبين تحيز أو تخوف هانس بليكس، رئيس الامنوفيك، و محمد البرادعي، مدير عام الوكالة، في مماطلتهما المتكررة أمام مجلس الامن للاقرار بتعاون العراق مع المفتشين و اعلامه إن التقرير الذي قدمه العراق في كانون الاول 2002 جاء متوافقا مع ما طلبه المجلس، صدر تقرير الوكالة الدولية لطاقة الذرية المنشور في 20 آذار 2003، أي بعد ثلاثة أيام من بدء العدوان، ما يفيد ( لم تعثر الوكالة حتى 17 آذار/مارس 2003 على أي دليل عن معاودة العراق العمل بأنشطة محظورة وفق ما ورد في القرار 687 لسنة 1991).
في الختام يمكن القول بان الوكالة والأنموفيك وقبلها اللجنة الخاصة لم تكن ضالعة في الحرب على العراق بصورة مباشرة ولكن ماقدموه من افعال واجرائات واطالة للحصار وممطالتهم بعدم كشف حقيقة ما توصلوأ اليه لبرامج العراق لأنشطته التسليحية وتضليلهم العالم لسنوات عديدة كما أنهم لم يقدموا حلولا جوهرية، مما يعني انهم مساهمين في ما حصل للعراق ولشعبه، فسوف لاينسى شعب العراق ذلك كما ان التاريخ سيدون ذلك آجلاً أو لاحقاً وقد بدأت بوادره منذ فترة، ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود.
1728 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع