رسالة مفتوحة إلى سماحة المفتي أ.د رافع الرفاعي وسماحة العلامة أ.دعبد الملك السعدي

                                                      

                       د.محمد البرزنجي

رسالة مفتوحة إلى سماحة المفتي أ.د رافع الرفاعي وسماحة العلامة أ.دعبد الملك السعدي

                                     
بسم الله والحمد لله... أخي فضيلة العلامة رافع الرفاعي حفظك الله ورعاك ,لطالما تذكرت قول العلامة الراحل عبد الكريم بياره رحمه الله كل من أجزته يفقه العلم بعقل واحد الا رافع الرفاعي فقد أعطاه الله ما يعادل عقل رجلين ولطالما تذكرت قول العلامة الوالد البرزنجي رحمه الله وهو يقول  رافع عالم أهل للإفتاء .وأكتفي بثناء الشيخين الراحلين على علمك لأدخل الباب فأقول :- 

إن الجماهير المظلومة خرجت عن صمتها بعد ان ضاقت بها السبل وضاقت عنابر السجون بالشباب والولدان والنساء وأثخنت الجراحات في أهلناجلدا وذبحا وتهجيرا وهتكا للأعراض ومسخا لعقيدة الجيل الجديد وكل واحدة منها تشيب لها الولدان. والعراق اليوم بأمس الحاجة الى وحدة علمائنا الكبارعسى ان تقتدي بهم بقية شرائح المجتمع فالأمة تكابد محنة عصيبة كثر فيها سفك الدماء وهدر الطاقات ونهب الثروات في وقت تموج فيه المنطقة بتغيرات سريعة وهائلة
 ولا أقول بأن الأوضاع مناسبة جداً بل الضرورات ملحة جدا لمبادرة جريئة ومخلصة من فضيلتكم لإنشاء هيئة لكبار العلماء  (بعيدة تماما عن التحزب لجهة سياسية او التعصب لمدرسة علمية معينة) , تشمل الهيئة المرجوة كبار العلماء وفي مقدمتهم فضيلة العلامة الجليل عبد الملك السعدي فتبدأ بالتشاورمعه فبينكما احترام وتقارب وود واضح ثم تبدءآن معا بالتحاور مع الأستاذين الجليلين الشيخ محمود عبد العزيز العاني الأمين العام لمجلس علماء العراق ومن معه من العلماء الأجلاء من أمثال الدكتور حسين الحاج غازي السامرائي والشيخ احمد حسن ال طه من علماء سامراء وكذلك الأستاذ الجليل الشيخ عبد الوهاب الشماع  وبقية أهل الإفتاء كالشيخين الجليلين اكرم وريان والشيخ صالح وغيرهم من كبار علماء الموصل والبصرة وديالى وكركوك وصلاح الدين ورئيس هيئة العلماء الأستاذ حارث الضاري وثلاثة على الاقل من كبار علماء الكرد والتركمان من أمثال الشيخ الاستاذ عبد الحميد الريكاني من دهوك  والشيخ الاستاذ احمد الباليسان من أربيل  والشيخ الاستاذ محمد ملاعمرعبد العزيز من السليمانية  (بعد التشاور مع اتحاد العلماء في اقليم كردستان العراق ).
 بشرط ان تضم الهيئة علماء شباب برعوا في ساحة الصراع العقدي والفكري والدعوي وريادة الجماهير وتوجيهها من امثال الداعية العالم أحمد البرزنجي وأسد السنة الشيخ طه الدليمي وأمثال الشيخ المنظر محمد عياش الكبيسي والشيخ الداعية سامي الجنابي وكوكبة أخرى من العلماء برزوا في ساحات الاعتصام ولعل البعض يستغرب من هذا الشرط فأقول لا غرابة في ذلك  فإن فقيه الأمة وحبرها الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنهما لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا أحاديث معدودة بل جل رواياته عن الصحابة الكرام وكان شابا صغير السن مقارنة بكبار علماء الصحابة الكهول ولكن أمير المؤمنين الفاروق عمررضي الله عنه كان يجلسه معهم.
 ومثال آخر(على تكامل عمل العلماء بالرغم من اختلاف بعض مواقفهم)(عامر الشعبي وحسن البصري) فالامام التابعي الجليل الشعبي الذي صلى خلف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأخذ العلم عن عشرات الصحابة الكرام والذي قال في وصفه مكحول ما رأيت أعلم من الشعبي وقال عنه ابن سيرين مخاطبا صاحبه الهذلي إلزم الشعبي فلقد رأيته يستفتى وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون وقال عنه الذهبي علامة عصره .أقول الامام الشعبي هذا على جلالة قدره وغزارة علمه في الحديث انطلت عليه فتنة ابن الاشعث ودعوته وخرج معه مقاتلا ظنا منه انه بخروجه ذلك سينصر المظلومين حتى لو كانت الراية غير واضحة ثم ندم على فعلته بعد ذلك بينما لم ينجر صاحبه الامام حسن البصري وراء ابن الأشعث ولما أكرههه ابن الاشعث على الخروج استغل الحسن غفلة الناس عنه فرمى نفسه في الماء وكاد أن يهلك , ولم يكن هروبه من الفتنة جبنا بل علما منه بالاجتهاد الراجح في المسآلة ولقد عرف عنه الشجاعة والجلد في ساحات الجهاد ضد المشركين من عبدة النار والخوارج فقد كان صديقا للقائد الشجاع المهلب بن أبي صفرة حتى قال عنه هشام بن حسان كان الحسن من أشجع أهل زمانه وقال جعفر بن سليمان كان الحسن من أشد الناس وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه ولكنه رحمه الله كان كذلك عالما نافذ البصيرة وخاصة في مسائل السياسة والحكم والعمل أيام الفتن فقد قال عنه يونس كان من رؤوس العلماء في الفتن والدماء وقال عنه ابو قتادة ما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر من الحسن البصري وقال الامام الباقر رحمه الله ذاك الذي يشبه كلامه كلام الانبياء .
 خلاصة القول ان الشعبي على جلالة قدره وغزارة علمه لم يكن قراره راجحا في موقف معين من مواقف السياسة الشائكة أيام الفتن والمحن مقارنة بما كان عليه معاصره الحسن الصري,فجعل الله وجود اخيه الحسن إنقاذا لموقف جماهير االأمة وظل بعد ذلك كل واحد منهما صاحبا وأخا عزيزا للآخر وسبحان من لا يخطيء.وبيت القصيد هنا أن هيئة كبار العلماء لا يكتمل من دون العلماء الشباب العاملين في الميدان (على شاكلة الذين ذكرت ومن لم أذكر)وقد تعمقوا في مسائل الذب عن عقيدة اهل السنة و الجماعة ومواجهة المخططات الجهنمية لمحو أهل السنة وهويتهم وما يتعلق بذلك من أمور السياسة الشرعية وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن فضيلة الشيخ طه الدليمي قد ادرك خطر الطاعنين في عدالة الصحابة وأم المؤمنين وخطرالمشاريع الهدامة على الأمة قبل سقوط بغداد بزمن طويل وهو فارس هذا الميدان. ومعلوم لدى فضيلتكما( الرفاعي والسعدي) ان تعدد وجوه التفسير بركة ورحمة للامة ولقد كان الامام المفسر المحدث المؤرخ ابن جرير يرجح رأي الحسن البصري وغيره ممن رأو أن الفرقة النافرة هي االمعنية بالتفقه في الدين في تفسيرقوله تعالى( ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم  إذا رجعوا إليهم). ثم إن أمثال هؤلاءالعلماء الذين ذكرت اقرب الى وسط الشباب وواقعهم , وخبرتهم في هذا الباب تثري وتكمل خبرات كبار شيوخهم وأساتذتهم كما كان القاضي أبو يوسف لشيخه أبي حنيفة تلميذا وصاحبا في الوقت ذاته حتى كاد الامام ابو حنيفة لا يبت في مسائل السياسة الحادثة من دون أمثاله فلا ضير في ذلك ,بل هو التكامل والتكافل وولاية أهل العلم بعضهم لبعض في إرشاد الامة للأصوب والأحسن.
وشرط ثان لنجاح المشروع أن يكون لهيئة كبار العلماء لجنة استشارية من أناس مخلصين من أهل الحل والعقد,كرجال القضاء والسياسة والإعلام والمال ورؤساء العشائر والعسكريين كي يصوروا لكبار العلماء المسائل الحادثة كما هي في واقع الحال قبل إصدار فتاوى في مسائل مصيرية كالأقاليم وغيرها من المسائل التي يحتاج فيها الناس الى اجتهاد جماعي بعد طول مشاورة ومداولة .
ومن الحكمة أن تستعينوا بخبرة ومكانة كبارعلماء العالم الاسلامي كفضيلة الإمام يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وصاحبه الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فضيلة العلامة علي القرداغي فلهما باع طويل في التوفيق بين العلماء والدعاة وتوحيد جهودهم في أصقاع العالم الإسلامي.
وأخيرا يا سادتنا العلماء لطالما حثكم أئمتنا الاعلام الكبارالمعمرون (البنجويني وهاشم وزيدان)على وحدة الصف والكلمة ولو نجحتم ان شاء الله في تهيئة الظروف اللازمة  لإنشاء هيئة كبار العلماء لوجدتم من الثلاثة الكرام كل تأييد ومباركة ودعم. ورضي الله عن قارئ الامة الصحابي عبد الله ابن مسعود إذ قال ما تكرهون في الجماعة خيرمما تحبون في الفرقة وفي الحديث الحسن بمجموع طرقه (لا تجتمع أمتي على ضلالة )وفقكم الله يا سادتنا العلماء لتحقيق أمر الله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقو).       
أخوكم خادم العلم الشريف السيد محمد البرزنجي .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1050 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع