موفق نيسكو
الأمم المتحدة تصفع مُنتحلي اسم الآشوريين ومطرانهم ميلس بعد سنتين من مقالي
قبل سنتين وفي مثل هذه الأيام كتبتُ (مطران استراليا ميلس يُزوِّر اسم لغته الأم في اليوم العالمي للغة الأم)، واليوم الأمم المتحدة تؤكد كلامي.
من المعروف أن اللغة السريانية هي الآرامية إلى سنة 280 ق.م.، وسُمي الألف الأول قبل الميلاد عصر اللغة الآرامية، وبعد سنة 280 ق.م. وخاصة بعد الميلاد اسمها السريانية التي طورتها واعتمدتها مملكة الرها السريانية، والآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهم مطلقاً بالقدماء، بل هم من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، وكانت لغة اليهود هي الآرامية، لأن الآرامية أقصت العبرية منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وعندما جاءت المسيحية أعتنق غالبية اليهود المسيحية، وانضووا تحت الكنيسة السريانية الأنطاكية، وسنة 300م أصبح مقرهم الرئيس في مدينة قطسيفون، ساليق، المدائن (سلمان باك)، وخضعت لسلطة الفرس سياسياً إلى مجئ الإسلام، ولذلك تُسمى الكنيسة الفارسية في كثير من المصادر، واعتنقت المذهب النسطوري وانفصلت عن أنطاكية سنة 497م، ولذلك اسمها المشهور الآخر في ضل الدولة الإسلامية هو النساطرة، وعاشوا طول عمرهم سريان، ورغم اعتناقهم المسيحية بقيت النظرة العبرية عندهم متأصلة كل الوقت.
نتيجة الحروب الصليبية، والمغول استقر قسم من العراقيين النساطرة في قبرص، فحاولت روما كسبهم، وأصدر البابا أوجين الرابع في 7/ أيلول/ 1445م مرسوماً بتسمية كنيسة السريان النساطرة المتكثلكين (كلدان)، لكن المحاولة فشلت ومات الاسم، وسنة 1553م، انتمى غالبية نساطرة السهول لروما والكثلكة، فعاد اسم الكلدان للظهور مرة أخرى، لكنه لم يثبت رسمياً إلى في 5 تموز 1830م، ونكايةً بروما قام الانكليز بإرسال بعثات تبشيرية إلى القسم الذي بقي نسطورياً في الجبال، وسنة 1876م سمَّى كامبل تايت رئيس أساقفة كارنتربري هؤلاء النساطرة، آشوريين، لأغراض سياسية عبرية استعمارية، وسنة 1912م، اخترع المطران الكلداني السياسي المتعصب أدي شير اسم كلدو وأثور لتقاسم الكعكعة المرتقبة مع أخوته النساطرة السابقين، والحقيقة إن كلمة متكلدان ومتأشور هي الصحية، وليس كلداني وآشوري، علماً أن كلمتي كلدان وآشوريين هي صيغتين عبريتين.
إن النساطرة الجبلين الذين سمَّاهم الإنكليز آشوريين كان الجهل يعم بينهم ومتعصبين للقومية العبرية أكثر من السهول لأنهم عاشوا منعزلين، ونزح غالبيتهم في الحرب الأولى من تركيا وإيران إلى العراق الذي آواهم، لكنهم نكروا المعروف وخانوه، ووعدهم الكابتن كريسي بعد ثلاثة أشهر من وعد بلفور، في 28 كانون الثاني 1918م، بإعطائهم كيان سياسي عبري بثوب مسيحي باسم دولة آشور، واستغلهم الإنكليز وكونوا منهم جيش مرتزقة باسم الليفي وسموهم حليفنا الصغير (اشترك معهم بعض الكلدان أيضاً)، وتمردوا على العراق، وفشلت مؤامرتهم سنة 1933م، ونفي بطريركهم أيشاي إلى أمريكا، وخف العمل السياسي الآشوري، ورغم تعصبهم لم يجرءوا عموماً على تزوير اسم اللغة السريانية إلى 1968م، فبطريركهم أيشاي في مطالبه للحكومة العراقية، طالب بدولة آشور، لكن لغتها سريانية، ومدارسهم كانت باسم آشورية كاسم جغرافي أو تاريخي مثل مدرسة سومر، بابل..إلخ، لكنها تمنح شهادة لغة سريانية، وحتى اسم الكنيسة لم يكن آشورية بل المشرق، أو المشرق السريانية، (نرفق مطلب البطريرك أيشاي، عربي، انكليزي، وشهادة من المدرسة الآشورية 1928م، بثلاث لغات عربي، إنكليزي، سرياني، تقول لغة سريانية).
https://e.top4top.net/p_788q1xy33.png
https://f.top4top.net/p_7884qgr04.jpg
سنة 1968م، تأسس حزب الاتحاد الآشوري في استراليا (uau)، بمساندة آشوريّ أمريكا، وبدعم من مطران إيران النسطوري دنحا الذي أصبح بطريركاً خلفاً لايشاي الذي اُغتيل في أمريكا 1975م، بسبب زواجه من خادمته إمامة شمعون (24 سنة)، وبين الآشوريين من يتهم الحزب الآشوري باغتياله لأنه لم يخضع لكل توجهات الحزب المتعصبة، ومنذ 1968م بدأ العمل السياسي الآشوري بشكل منظم وقوي هذه المرة، ولما كان العمل السياسي لإقامة كيان جغرافي يتطلب عدة عناصر كالعَلَم والشعار وأيام تاريخية وأعياد وأناشيد، وغيرها، فتم سنة 1970 الاحتفال لأول مرة بعيد أكيتو السومري (ا نيسان) بعد اقتناصه من التاريخ كعيد قومي، علماً أن الآشوريون القدماء أنفسهم سرقوا العيد ورموزه من البابليين الذين كانوا قد أخذوه بدورهم من السومريين، وسنة 1974م قام جورج أتانوس وهو نسطوري من طهران بتصميم علم آشوري مقتبسه من العلم البريطاني، وفي 17 تشرين أول 1976م تم تعيين دنخا الرابع مطران إيران بطريركاً في مجمع صغير شكلي عُقد في لندن، وكان هذا سياسياً تربى على يد الإنكليز فأعلن ولأول في التاريخ ومن لندن، اسم كنيسته آشورية. (أرفق العلم).
https://c.top4top.net/p_7889fwrj1.png
إن اللغة السريانية (الآرامية) أشهر من علم، ليس لدى السريان فحسب، بل لدى العالم ومنهم العرب المسلمين، وهي شقيقة العربية التوأم، فقلما يوجد كتاب لمؤرخ مسلم لا يذكر السريانية، وهي محترمة من المسلمين أكثر من بعض ناطقيها كالآشوريين، ونختصر بما ورد في الحديث من أن رسول الإسلام محمد أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية، فتعلّمها، وكان يقرأ للرسول ويجيب عنه إذا كَتبْ (الترمذي كتاب الاستئذان، باب تعليم السريانية ص730)، وكل جامعات وكليات العالم اسمها الرسمي، السريانية (الآرامية)، وفي مصر أكثر من مئة مسلم متخصص بينهم دكتوراه في اللغة السريانية رجالاً ونساء، منهم يُدرِّسون اللغة السريانية في جامعة الأزهر الإسلامية كالأستاذ أحمد محمد علي الجمل لقسم البنين، وزمزم سعد هلال وبسيمة مغيث سلطان لقسم البنات.
ولأن عنصر اللغة هو أهم عناصر القومية إن لم تكن هي القومية بعينها، لتكوين كيان سياسي، وكل الأقوام تُعرف هويتها بلغتها، والآشوريين سريان ولغتهم سريانية، لذلك شرعت الأحزاب الآشورية، بحملة منظمة وقوية لتزوير اسم اللغة السريانية، من سريانية إلى آشورية، والأمر المضحك أنهم برروا ذلك باللغة الانكليزية فقط، فقالوا إن كلمة syriac أو syrian، السريان، هي بالحقيقة assyrian، بإضافة as، ثم تسقطيها على اللغة العربية، أو أنها تعني آسور..إلخ من هذه التخريجات والخزعبلات، علماً أن كلمة آسور باللغة السريانية في قاموسهم أنفسهم تعني خشبة تُعلَّق في عنق الكلب، قاموس أوجين منا، ص34)، واسمهم بالسرياني (اتور)، والسريان هو (سورييا)، وكاهن كنيسة الآشوريون يقول: الأصل في تسمية شعب، ما يُسمِّي نفسه في لغته، وشعبنا لم يُطلق على نفسه يوما بلغته تسمية آشوري، والاسم الآشوري بدعة قائلاً: أعطوني كتاباً واحداً، مصدراً واحداً، مخطوط واحد، وريقة واحدة، بل جملة واحدة تُسمِّي هذا الشعب آشوري، أعطوني قاموساً واحداً أو كتاباً قواعدياً واحداً يتضمن هذا التنسيب الذي تبتدعونه، أعطوني إنساناً واحداً عبر آلاف السنين لقب نفسه بآشوري.(القس المهندس عمانؤيل بيتو يوخنا، حربنا الأهلية حرب التسميات ص18). وعندما صدر قانون الناطقين بالسريانية 1972م في العراق أرسل المطران الاشوري يوسف حنا يشوع في العراق، ورئيس الكنيسة الإنجيلية الآشورية برقيات ثناء للحكومة، وخرجوا بمظاهرات فرح في 28/4/1972م، وتم افتتاح قسم اللغة السريانية في إذاعة بغداد، يقول: (لخا إيلي برث قالا دبغدد بلشانا سوريايا) أي (هنا صوت بغداد باللسان السرياني)، وفي محاضرة للأديب جميل روفائيل بطي في النادي الآثوري 16/5/1971م بعنوان "دور اللغة السريانية في الحضارة الإنسانية"، قال: إن الآثوريين والكلدان المعاصرين يتكلمون السريانية وليس الآشورية أو الكلدانية التي كانت إحدى اللهجات الأكدية وانقرضت قبل أكثر من 2500 سنة، مثبتاً ذلك بالأدلة اللغوية والتاريخية ومن مصادرهم، فنهض أحد الحاضرين من الآشوريين المتعصبين، وأصر على أن لغته اليوم هي الآشورية القديمة، وعدّدَ له بعض الكلمات، فأجابه بطي: إن علاقة هذه الكلمات بالآشورية هو كعلاقة اللغات السامية ببعضها، وفي نفس الوقت نهض أحد الأثوريين الحاضرين وكان طالباً في قسم الآثار بكلية الآداب، وبدأ يقرأ في ورقة بيده، ثم طلب من السائل الآشوري الأول (المتعصب) أن يُبيّن له إن كان قد فهمها أم لا؟، فرَّدَ "لم أفهمها"، فقال له: هذه هي اللغة الآشورية، ولو كانت لغتنا، لفَهِمتَ ما ورد فيها. (أضواء على قرار منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين بالسريانية ص 64).
والمهم إن المتعصبين الآشوريين منذ 1968م بالذات شرعوا بتزوير اسم وقواميس اللغة السريانية والآرامية إلى آشورية، وطبع قواميس سريانية قديمة باسم آشوري، وتأليف جديدة، وقاموا بمحاولات مضنية فاشلة لكتابة مقالات لربط السريانية الآرامية بالآشورية القديمة، علماً حتى الآشوريين القدماء لم تكن لديهم لغة، فلغتهم كانت أكدية بأبجدية مسمارية، وعندما اكتُشفت الآثار شمال العراق في القرن التاسع عشر، احتار العلماء ماذا يُسمُّون اللغة، فسَمُّوها لغة العصر الشبيه بالكتابي (Literate Proto)، ثم سَمَّوها الأسفينية (Cuneiform)، لأنها تشبه الأسفين (الوتد)، ومن الطبيعي أن يطلق العلماء اسماً علمياً لها، ولأن أغلب الكتابات اكتشفت في البداية في بلاد آشور القديمة، لذلك سمَّوها آشورية، لكن بعد اكتشاف آثار بابل لاحظوا تشابهاً كبيراً بين اللهجتين، واتضح لهم أن لفظة آشور لا تفي بالغرض، فسمَّوها الآشورية–البابلية، ثم لاحظ العلماء أن منطقة بابل كانت تُعرف بأرض أكد وملوكهم لُقِّبوا بملوك أكد وسومر، وأهل بابل سَمَّوا لغتهم أكدية، وبذلك استقرت التسمية الأكدية على اللغة (أ. ولفنسون، تاريخ اللغات السامية ص22، هامش1). والقاموس المسماري الآشوري المطبوع في شيكاغو بين (1921-1964م) assyrian dictionary هو لتلك اللغة الأكدية، وسُمي آشوري قبل أن يستقر اسمها (الأكدية) نهائياً، ويضيف البرفسور I.J.Geleb في ص7 من مقدمة القاموس وبعدها سبباً آخر ويقول: رغم إني استعلت اسم الآشورية المتداول قبل 1921م لكن اسمها الصحيح هو الأكدية، والسبب الآخر هو لكي لا يختلط الأمر بين كلمة Akkadian أو Accadian (الأكديين في العراق) وبين اسم الكنديين من أصل فرنسي في مقاطعة نوفا سكوتيا، ومقاطعة لويزيانا الأمريكية المتداول شعبياً، وهو Acadian، أكديين أيضاً، (والمهم، حسناً تم تسمية القاموس آشوري لكي نوجه السؤال للمطران ميلس والآشوريين، لماذا لا تستعملون تلك اللغة، أليس من المعيب على أمة تدعي أنها عظيمة وتستعمل لغة غيرها، بل لغة عدوها؟، فالسريان الآراميون هم أعداء الآشوريون في الكتاب المقدس والتاريخ).
منذ سنة 1970م بدأ المثقفون والأدباء السريان والمهتمين باللغة والتراث من العرب المسلمين أيضاً التصدي لهؤلاء المزورين، وأن هذه اللغة هي السريانية (الآرامية) واسم سرياني مرادف لآرامي مثل هنكاريا المجر أو فرنسا وبلاد الغال..إلخ، وقد أفلح الأدباء إلى حدٍ كبير في ذلك، ودخلتُ أنا شخصياً هذا المعترك معهم بمئات الوثائق وبمختلف اللغات أهمها لغتهم وقواميسهم البالغ عددها أكثر من 150 في التاريخ والمؤلفة أغلبها منهم، وكلها اسمها سرياني أو آرامي، ولا وجود لوثيقة واحدة مطلقاً في التاريخ المسيحي باسم قوم أو لغة اسمها آشوري، ومن ضمن هؤلاء المتعصبين عن جهل وعمد ولأغراض سياسية، السياسي بثوب رجل دين، مطران استراليا زيا ميلس الذي فتح مدرسة محلية باسم المعهد الآشوري، وجلب أساتذة كانوا في العراق أساتذة لغة سريانية، وفجأة في اليوم التالي أصبحوا أساتذة لغة آشورية. (قسم منهم أعرفهم) وهذا المطران يخدع شعبه فهذه المدرسة اسمها آشوري كسابقتها، لكنها تدرس لغة سريانية، وقطعاً لا تستطيع إعطاء شهادة رسمية باللغة الآشورية لمن يريد إكمال دراسته العليا. (ربما يعطي بعض الأطفال شهادات وهمية للضحك عليهم).
وفي 21 شباط الجاري وجهة اليونيسكو ضربة قاصة لهؤلاء المزورين وعلى رأسهم هذا المطران، ففي بيان اليونسكو التابع للأمم المتحدة حول الحفاظ على اللغة الأم قالت، من بين 7000 لغة مهددة هي الآرامية التي يتحدث بها قسم من سكان سوريا والعراق وسهل نينوى، ولا يوجد بين تلك 7000 لغة أسمها آشورية، ومنذ أسبوع المتعصبين الآشوريون مصابين بالصدمة، إذا لا يمكن تزوير وتحريف كلمة آرامي إلى آشوري، فبدأوا يعترفون مرغمين أن السريانية هي الآرامية وليست الآشورية، خاصة أن مواقعهم جلبت الخبر مع وثيقة مكتوب عليها سريانية، وبذلك سقط زيف ادعائهم.
أمَّا الكلدان فالحق يُقال، لم يزوّروا إلى سنة 2003م سوى قاموس واحد سنة 1975م وعلى الغلاف فقط (سأنشره لاحقاً بالتفصيل)، بل العكس فقد ساهموا في إغناء اللغة، ولكن للأسف بعد 2003م، ونتيجة الصراع مع الآشوريون سياسياً، بدأ قسم قليل منهم بالتزوير أيضاً، فهذا يريد إقامة دولة آشور بانيبال، وذاك يسعى ليكون نبوخذ نصر، ونفس القاموس القديم السرياني يطبعه الآشوريين باسم قاموس آشوري، والكلدان باسم كلداني (أُرفق قاموس سرياني-سرياني واسمه، (كنز اللغة السريانية) لمطران الكلدان العلامة توما أودو 1897م، وكيف زوَّرهُ كلٌ لصالحه، مع ملاحظة طبعات الغرب الإنكليزية الصحيحة).
https://d.top4top.net/p_788rmqdq2.png
والمهم، إن القرار الأخير للأمم المتحدة صفعهم لتنطبق مقولة البطريرك الكلداني عمانوئيل دلي سنة 2005م (إن عبارة كلدو وأثور ستجعلنا أضحوكة للعالم)، والبطريرك دلي نفسه قدم عريضة لمجلس الحكم سنة 2004م يقول إن لغة كلدو وأثور هي السريانية، ومطران بغداد الآشوري كوركيس (البطريرك الحالي) قدم عريضة لبريمر سنة 2003م يقول لغتنا آرامية. (أُرفق عريضتي كوركيس ودلي).
https://e.top4top.net/p_78808a581.png
https://f.top4top.net/p_788n6pdl2.png
وشكراً/ موفق نيسكو
2642 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع