ياسين الحديدي
تنبؤات ابن خلدون للعرب
مقدمة ابن خلدون وهو أحد الكتب التي ألفّها ابن خلدون في عام 1377 للميلاد، وقد ألّف الكتاب كمقدمة تمهيديّة لكتابه الضخم المعروف باسم كتاب العبر، ومع تقدم الزمان تم اعتبار كتاب مقدمة ابن خلدون مؤلفاً منفصلاً بحد ذاته بطابع موسوعيّ، وتناول ابن خلدون مختلف جوانب المعرفة في مقدمته، ومنها علوم الشريعة والجغرافيا والعمران والسياسة والاجتماع، كما اهتم بأحوال الناس والفروق في طبائعهم وأثر البيئة فيهم، كما احتوت المقدمة على توضيح كيفية تطوّر الأمم ونشوء الدول وأسباب انهيارها، وقد تمكّن ابن خلدون في مقدمته من عرض الكثير من الأفكار السابقة لعصرها، مما ساهم في اعتباره المؤسس الأول لعلم الاجتماع. تلخيص مقدمة ابن خلدون تم تلخيص مقدمة ابن خلدون في عدد من النظريّات والمعايير التي وضعها هو، ليكون بذلك المؤسّس الأول لعلم الاجتماع، خلافاً لما يدّعيه الغرب من أن أوغست كونت هو أول من أسس علم الاجتماع، ويمكن لقارئ مقدمة ابن خلدون والمتمعّن فيها أن يستخرج ثلاثة معايير تؤكد صحة ذلك، وهي: وضّح ابن خلدون في المقدمة أن المجتمعات الإنسانيّة تسير وتتطوّر تبعاً لقوانين وأسس معيّنة، كما يمكن استغلال هذه القوانين في التنبؤ بالمستقبل في حال فهمها ودراستها بشكل جيد. انعدام تأثر علم العمران بالحوادث الفردية، واقتصار تأثره بالمجتمعات كوحدة واحدة. إمكانية تطبيق القوانين ذاتها على مجموعة من المجتمعات الموجودة في أحقاب متباعدة، مع اشتراط كون البُنى موحدة فيها كلها.المقدمة اعلاه هو لااطلاع القارئ الكريم علي تنبؤ ابن خلدون قبل سبعة قرون علي حال العرب وكانه موجود بيننا وهو يصف الحال البائس للواقع:
((عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدعون والكتبة والقوالون والمغنون النشاز والشعراء والنظامون والمتصعلكون وضاربوا المندل وقارعوا الطبول والمتفيقهون وقارؤ الكف والطالع والنازل والمتسيسون والمداحون والهجائون وعابروا السبيل والانتهازيون ... وهنا تتكشف الاقنعة ويختلط مالايختلط ويضيع التقدير ويسود التدبير ويختلط المعاني والكلام ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتل .
وعندما تنهار الدول يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف وتظهر العجائب وتعم الاشاعة ويتحول الصديق الى عدو والعدو الى صديق ويعلو صوت الباطل ويخفق صوت الحق تظهر على السطح وجوهاً مريبة وتختفي وجوها مؤنسة وتشع الاحلام ويموت الامل وتزداد غربة العاقل وتضيع ملامح الوجوه ويصبح الانتماء الى القبيلة اشد التصاقا والى الاوطان ضرباً من ضروب الهذيان ويضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء والمزايدات على الانتماء ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة واصول الدين وتتقاذف اهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة وتسري الاشاعة عن هروب كبير وتحاك الدسائس والمؤامرات وتكثر النصائح من القاصي والداني وتطرح المبادرات من القريب والبعيد ويتدبر المقتدر امر رحيله والغني امر ثروته ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار ويتحول الوضع الى مشروعات مهاجرين ويتحول الوطن الى محطة سفر والمراتع التي نعيش فيها الى حقائب والبيوت الى ذكريات والذكريات الى حكايات )
1922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع