د. مؤيد عبد الستار
وسط ساحات الاعتصام ترتفع شعارات ورايات لا حاجة لامعان التفكير فيها كي نعرف انها معادية للمواطن العراقي ، اولها علم العصابة الصدامية المقبورة الذي يرفرف فوق الجموع ، رغم انه لا يحمل رمزا بغيضا وانما نجوما لا احد يكره شكلها او معناها ، وانما الايحاء الى ان العلم يمثل عصابة ذاق الشعب العراقي على يديها صنوف العذاب والاذلال ، عصابة اشعلت الحروب التي جعلت العراق بلدا معاقا لا يستطيع الشفاء من امراضه بعد مرور عقد من السنين على التغيير ، ولربما سيحتاج الى عقود اخرى ليخرج من ازمته التي وضعتها فيه اسوأ سلطة حكمت وقهرت البلاد ، هذه النجوم المرسومة في العلم الصدامي ، لا احد يريد ان تذكره بتلك الراية التي ذبح الشعب العراقي تحت لوائها .
ان اصرار المتظاهرين على رفع علم العصابة الصدامية يجعل الشك يلوح حول أهدافهم وشرعية مطالبهم .
الجميع يعلم رفض اقليم كوردستان رفع العلم العراقي ما لم يستبدل بعلم جديد ، بسبب الانفال التي راح ضحيتها الشعب الكردي والمجازر التي تعرض لها تحت تلك الراية التي لم تعد خفاقة لتمثل العراقيين وانما رفضها الشعب العراقي واستبدلها تحت قبة البرلمان بعلم جديد رغم انه لم يحذف منه سوى النجوم تلك التي كانت في العلم القديم وابدل الخط الذي كتبت به عبارة الله اكبر .
كما يرتفع شعار مخطوط على اللافتات الكبيرة نقرأ فيه : قادمون يابغداد .
ان هذا الشعار يمثل تهديدا لسكان العاصمة بغداد بمختلف اطيافهم والوانهم ، جميع سكان بغداد من العرب السنة والشيعة والكرد والمسيحيين والتركمان والصابئة والكلدان وغيرهم يشملهم هذا التهديد ، لذلك سيحاسب من يرفع مثل هذا الشعار مستقبلا امام المحاكم الجنائية الدولية التي تدافع عن حقوق الشعوب والطوائف وترفض تهديد المكونات والمجاميع البشرية ايا كان لونها وشكلها .
ان الخلاف مع الحكومة ، او المطالبة بالحقوق المشروعة يجب ان يكون بوسائل مشروعة لا تهدد مكونات الوطن الواحد ، او تنتقص من اطياف اجتماعية او دينية او مذهبية او عرقية ، فالهتافات والخطب التي تتهم المواطنين بوطنيتهم ، هتافات غير مسؤولة يخضع مطلقوها لقانون العقوبات الجنائية وفق تعاليم الامم المتحدة قبل قوانين الوطن الذي تنطلق فيه هذه التهديدات ، والجميع يعلم محاسبة المحاكم الدولية لمسؤولي النزاعات في دارفور ، بسبب تهديدهم واشعالهم فتيل النزاعات القبلية هناك بين القبائل .
ان حشـد الالاف من المواطنين بدعوى المطالبة بحقوقهم المشروعة امر لا غبار عليه ان كان حقا الهدف منه المطالبة بالحقوق، اما ان يكون الحشد والتحشيد والهتافات تهديدا لمدينة بحجم العاصمة بغداد التي تضم اكثر من سبعة ملايين نسمة فيه استهانة بحقوق المواطنة التي من واجب الجميع صيانتها .
لا احد يدعي ان الحكومة هي حكومة راضية مرضية ، ولا احد يعارض الحصول على جميع الحقوق المشروعة لجميع الطبقات والفئات من ابناء شعبنا دون النظر الى دينهم وعرقهم ومذهبهم ، ولكن ان يجرأ البعض على تهديد سكان العاصمة بغداد تحت شعار قادمون يابغداد امر فيه الكثير من الخطر الذي يهدد السلم الاجتماعي والامن الوطني .
نأمل من قادة التظاهرات والمراجع الوطنية المسؤولة في المدن التي تسود فيها الاعتصامات الاحتكام الى العقل، والتفكير مليا بمستقبل الوطن والمواطن العراقي ، فان تهشيم السلم الاهلي واشعال الحروب الطائفية لها نتائج وخيمة ، لا احد يستطيع التنبوء بعواقبها ، وامامنا مثال ما حدث في البوسنة وصربيا ، فهل تعملون على ايصال الامور الى تلك النتيجة !
ان الحكومة الحالية ستذهب او تتغير او تتشكل بصورة اخرى تحددها الانتخابات القادمة ، لذلك يجب العمل على كسب اصوات الناخبين والصعود الى قمة الحكم والسلطة ، وان كان تقسيم المناصب اليوم وفق المحاصصة والقرارت بالتوافق ، فان العمل على تعميم المساواة والكفاءة والمواطنة في المستقبل ليست من الامور المستحيلة ، ولكن يجب العمل على الوصول اليها باخلاص ونزاهة ، لا بالتهديد وارهاب المجتمع والمواطن ، واشاعة الفوضى في البلد وهدم الهيكل فوق رؤوس الجميع ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .
1124 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع