الى الغالي وليد يوسف عطو/الكلي الاحترام
بعد ان قرات مقالكم الذي اعددتموه ونشرتموه عن بابل والذي كان
بعنوان/التعليم والمكتبات في سومر و بابل الرابط :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=314888
غادرنا مكان سكننا عند احد اولادي في منطقة القريبة من الحدود الفرنسية الإيطالية السويسرية والتي تحوي في ثناياها الطبيعية الخلابة جبال ألآلب كان وبالصدفة برنامجنا للصعود على اعلى قمة في اوربا والتي تسمى الجبل الابيض والذي تغطيها الثلوج على مدار العام
بالإضافة الى الطبيعة الخلابة من جبال وسهول ووديان واعمار وعناية واهتمام ...كان البشر الذين تلتقيهم او تحتك بهم.... تحتار فيه... هل انه اضاف من جماله على الطبيعة او جماله مأخوذ من الطبيعة؟! قد تحتار وتبقى تعيد هل جماله من الطبيعة او الطبيعة انعكاس لجماله هل اخلاقه انعكاس لأخلاق الطبيعة او العكس...سيتعبك التفكير بذلك ولكنه لا يلهيك عن الاثنين
وقفنا في محطة التلفريك التي ستقلنا وتقل الالاف يومياً(500)الف زائر سنوياً...اطلعنا على النشرة التعريفية تاريخا وحاضرا عن المكان والذين فكروا به وحاولوا وما يجري فيه اليوم من فعاليات تثير الاعجاب والعجب قلت لأولادي انكم لن تجدوا معلم حضاري او سياحي في العراق يحمل لوحة تعريف لمن ساهم به او انجزه او ساعد في ذلك حتى لأقل من قرن واحد
اخذتنا العربة صاعده وانحن امام الدهشة والعجب و تصيد ما يظهر امامنا فهناك خيم على قمم الجبال وسط الثلوج اكيد انها مسكونه وهناك من يتسلق القمم باتجاه صعود العربة للأعلى وهناك مجاميع ممن يسيرون صاعدين على الثلوج وهناك المنظر العجيب من الارتفاع لما تركته على الارض ومحيطها وهناك ما لم تتمكن من رؤيته وانت على سطح الارض
تأخذ العربة الثانية بعد ان اقلتك الاولى الى ارتفاع اكثر من ثلاثة الاف متر لترتفع بك ومن معك من الركاب(لحدود الاربعين راكب) الى المرحلة الثانية اي الى ارتفاع اكثر من اربعة الالاف متر والصعود في المرحلتين عمودي تقريباً
تصل هناك لتجد العالم في شبابه وشاباته من فرق التسلق من كل الجنسيات الا العربية تقريبا و ما جاورهم ومن هم بحالهم...تسمع اللغات والضحكات وتشعر بالفرح والانشراح والتعجب عند الجميع وبالذات من هم مثلنا...تلعب فوق السحاب وتجد السماء التي كانت مقطوعه عنك ببعض الغيوم انها صافيه لأنك فوق الغيوم...يضيق عندك النفس لقلة الاوكسجين وعدم التعود على مثل هذه الارتفاعات
هنا تذكرت ورغم الفارق في الارتفاع كيف لعبنا كرة القدم عام 1982 فوق السحاب في العراق وفوق رابع اعلى قمة جبل هناك (جبل باكرمان)حيث كنا نمضي خدمة الاحتياط في حماية الشركة اليوغسلافية المنفذة لمشروع سد باكرمان الذي توقف العمل فيه بعد اشتداد المعارك مع ايران
يأخذ الالم محله في ناظريك وتفكيرك عن تلك الطبيعة الخلابة وكيف احرقت الرعونة والحروب تلك الجبال والوديان والسهول...قلت لعائلتي انها المرة الثانية التي اضع فيها قدمي فوق السحاب
تنقلنا بين الأماكن وصعدنا السلالم الى اعلى القمه لنفاجاء بأن احد المتسلقين يقف على اعلاها و يلوح بيديه
لمسنا ما كنا لا نعرف تفاصيله عن المتسلقين واساليب الحماية والامان التي يرتدونها وتحيط بهم ليجد المرء نفسة انه مع بعض التدريب والجراءة يمكن لأي من الشباب ان يكون كما هم
كان الملفت للنظر وهو العادي عندهم ان هذه المجاميع فيها من الشابات الرائعات ثقتاً وجمالاً الكثير حيث لا يخلو فريق او مجموعه منهن...تجدهم يتقاسمون الحياة والجمال والمخاطر والثقة بالنفس ونشوة الانتصار وجمال الطبيعة وقضاء العطلة الصيفية بين تلك الربوع الخلابة
اقامت لهم ادارة السياحة اماكن للراحة و مطاعم وكازينو ومحلات بيع الهدايا والتذكارات فوق السحاب وعلمنا ان هناك من الشباب والشابات من يقضي الليل هناك ليتسنى له ممارسة هواياته عند الفجر بعكس ما عند النيام المتثائبين من الشعوب التي حرمت نفسها من لذة الحياة والمجازفة والنجاح والرفقة الجميلة البريئة النقية
ما ليس بغريب تواجد البعض من اصحاب المحرمات والممنوعات من متحجبين ومتحجبات و ملثمين باللحى و منقبات وهم يسجلون تواجدهم بالصور
وبعد اكثر من ساعة فوق السحاب وبين الطهر والطاهرين...طهر الطبيعة وجمالها وروعتها ورقتها وقساوتها التي تغلبوا عليها بالجهد والعلم والتفكير ليقدموها لنا متعه بثمن قليل...كان وقت النزول الى حيث الجمال الاخر والروعة المتدفقة مع شلالات المياه التي تتساقط في ذلك المحيط لتجد نفسك فوق جامع تلك المياه نهر هادر يصل صوت هدير الارجاء ليكمل السمفونية الرائعة التي تسمعها وتراها وتحسها وتلمسها وتشمها وتتذوقها
زقزقة المتنططات والهدير والهديل والورود والفراشات والنحل والناس من اهل المنطقة والوافدين شابات وشباب ومن هم في العمر الثاني والثالث والاطفال...الجميع مرتدين ما اجمله وارقه واقله واروعه لتأخذك المطاعم والكازينوهات والمحلات والبنوك والقطارات السياحية التي تقل راكبيها بين طرق وازقة المدينة الجميلة لتمر على المركز الرياضي المفتوح لكل الراغبين بممارسة كل الرياضات فمضمار التارتان وملاعب السلة وكرة القدم والتنس هذا المركز غير مسيج ودخوله من اي مكان في محيطه و مجاناً و للجميع...وانت هكذا لا تنقطع عن ناظريك مجاميع او افراد راكبي الدراجات التي تجوب كل مكان بما فيها الطرق الخارجية ولكل الاعمار و من الجنسين وكذلك افراد او مجاميع راكبي الموتوسيكل الذين يجوبون الأرجاء كل مدة الإجازة محملين باحتياجاتهم الشخصية و (كارت البنك) ليجد له مكان امين اينما حل او ترحل ليلا ونهاراً...يلتقون من مختلف البلدان ليتعارفوا في الطرقات والساحات واماكن تخييمهم ان كانوا على موعد او اتفاق او بدون ذلك.
هناك فوق السُحُبْ تذكرت ما كتبه وليد عن بابل وكيف وَثَّقَهُ الاولين وعن برج بابل الذي كان من عجائب الدنيا قبل ان يتمكن اهل هذه المنطقة من اكتشاف قمم الجبال الصقيعية وكيف تغنى بها من زارها او نقب عنها واظهرها لنا ليحتار العالم كيف كانوا يسقون تلك الجنائن التي سموها من ارتفاعها بانها معلقه ويعنون انها معلقه بالسماء حتى ان صدام حسين طلب من امانة بغداد نشر مسابقة بقيمة ماليه خياليه لمن يفوز بطريقه تشابه طريقة سقي الجنائن المعلقة للجبال الترابية الحدائقيه التي بناها صدام حسين في محيط مدينة بابل التاريخية ولم يتمكن احد من الفوز بها وسيبقى سر سقي تلك الجنائن المعلقة لغز من الغاز تجسد عظمة ابناء وادي الرافدين.
يقال من زار أوربا ولم يزور فرنسا لا تحسب له زيارة.... واليوم اقول من زار فرنسا ولم يعتلي قمة الجيل الابيض/جبال الالب زيارته غير مقبولة لا يحصل منها على ثواب ... فقط المشقة...المشكلة ان زيارتنا هذه ترافقت مع زيارة الشعبانية في العراق.
الى اللقاء في الحلقة الثانية وعنوانها على ضفاف بحيرة جنيف
866 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع