هناك حكمة إيطالية تقول أن كل مترجم خائن،وهي حكمة يقصد بها أن المترجم مهما أوتي من قوة البيان ومن الفهم الدقيق ومن امتلاك أدوات التعبير ومفردات اللغة التي يترجم منها والتي يترجم إليها،فإنه لا يستطيع أن ينقل المعنى الكامل بنفس تأثيره وظلاله الموجودة في لغة المصدر.
ولكن هذه الحكمة لا تنطبق على المترجم الإيراني الذي قام بترجمة كلمة الرئيس المصري محمد مرسي أمام مؤتمر قمة دول عدم الانحياز الذي عقد في طهران،لأن خيانة هذا المترجم لا ترجع للأسباب المذكورة حول خصوصية كل لغة،ولكنها خيانة مقصودة ومدبرة من قبل المترجم ومن قبل أولي الأمر في مجال عمل هذا المترجم ومن قبل مسئولين كبار في الدولة الإيرانية.
المترجم الايراني لم يخطيء في كلمة أو قاعدة نحوية ولكنه ارتكب جريمة في حق نزاهته المهنية،عندما قرر حذف كل ما يتعلق بالهجوم الذي شنه مرسي على النظام السوري في كلمته،وقرر إقحام اسم البحرين ضمن ثورات الربيع العربي على عكس ما قال الرئيس المصري!فهل هذه تعد ترجمة ؟أم أن مترجم نسي وقام بقراءة كلمة الرئيس الايراني أحمدي نجاد بدلا من ترجمة كلمة مرسي.
وإلى جانب الحذف والاضافة اللذان مارسهما المترجم الهمام فقد تطوع أيضا بتحريف المفردات واستخدم وصف “الصحوة”بدلا من وصف “الربيع العربي”للتعبير عن ما حدث في الدول العربية.
إيران تريد أن تقنع الرأي العام الايراني وتقنع من يدورون في الفلك الايراني بان الثورات العربية امتداد للثورة الايرانية وأن الرئيس المصري نفسه يحمل الفكر الايراني وأن الثورة المصرية برمتها جزء مما أسماه المحرف الايراني الذي تولى ترجمة الخطاب جزء من الصحوة الاسلامية التي تعتبر إيران نفسها القائد والزعيم لها.
ما حدث إذن رغم أنه يسمى ترجمة ليس إلا امتدادا للأيدولوجية الاعلامية الايرانية المزيفة التي تنصب إيران زعيمة للعالم الاسلامي وتوحي تصريحا أو تلميحا أن الثورة الايرانية هي الثورة الأم وأن ما حدث في الدول العربية ليس إلا صحوات تأخرت عن ثورتها الأم بسبب ظروف الدول التي أصابتها هذه الصحوة.
والطريف أن أول من فضح هذا المسلك العجيب هي وسائل إعلام إيرانية قليلة رفضت المشاركة في هذه الفضيحة المدوية التي شاركت فيها وكالة الأنباء الايرانية الرسمية وغيرها من صحف النظام الايراني،وقالت دون تردد أن اسم البحرين لم يرد بتاتا ضمن كلمة الرئيس المصري الذي تحدث عن ثورات مصر وتونس وليبيا وسوريا،ولكن المترجم ومن خلفه وسائل إعلام إيرانية رسمية قررت – في سابقة ليس لها مثيل – أن تضع اسم البحرين بدلا من سوريا في قائمة الثورات العربية.أليس هذا حقدا واضحا وكراهية معلنة للبحرين وأهلها؟
922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع