د.صلاح رشيد الصالحي
معالم اثرية في بلاد الرافدين قديما
شكل(1) شكل(2)
شكل (1) : يعتبر موقع برده بلكه ميلاد أول مستوطن بشري في العصر الحجري القديم والوسيط على التوالي على مسافة 3 كلم شرق مدينة جمجمال في محافظة كركوك وعلى مسافة )200( متر عن طريق كركوك –سليمانية ، وعلى ارتفاع (740) متر عن مستوى سطح البحر، حيث عثر على صخرة كبيرة من قبل أعضاء من المديرية العامة للأثار عندما كانوا في رحلة استطلاع للمناطق الاثرية عام (1949)، ارتفاع الصخرة ثلاثة امتار ونصف متر، وعثر حولها على أدوات كثيرة من الحجر المحلي معظمها بهيئة فؤوس يدوية، وهي تعتبر تاريخياً من أقدم ما عرف من أدوات العصر الحجري القديم في العراق، كما عثر على عظام حيوانات واسنان، واجرى الآثاري (Howe) دراسة عن الموقع فتوصل إلى ان المستوطن اقيم بشكل فصلي وليس دائمي من قبل صيادي العصور الحجرية القديمة، وعند هذه الصخرة يتم صناعة ادواتهم من الحصى الكبيرة وذبح حيواناتهم وربما طقوس دينية بدائية حول الصخرة وقدر تاريخ الموقع إلى العصر الحجري الوسيط (10.000) عام قبل الميلاد، ونتيجة للتطور السكاني والحضاري في برده بلكه توسع الإنسان القديم واتجه نحو الرقعة الواقعة الشمال الشرقي من مستوطنة وعلى بعد (2) كم منه فاستوطن منطقة جديدة عرفت بـ(كريم شهر) وتعني محلياً ( مدينة كريم) وقد عثرت فيها بعثة اثارية على لقى أثريه يعود تاريخها إلى العصر الحجري الوسيط أما الأدوات التي عثر عليها فكانت على نمط ما وجد في موقع (برده بلكه)، على العموم أخذت الصورة من قبل الآثاري (Howe) عام (1960) م، وتعرضت الصخرة للتدمير الكامل في فترة الحرب العراقية-الايرانية وانتهى وجودها نهائيا.
شكل (2):من الاثار التي اختفت الجسر الروماني على وادي المر شمال الموصل والذي شيده الرومان في عهد الامبراطور سيبتيموس سيفيروس وباللاتينية لوسيوس سيبتيموس سيفيروس اوغسطس (145-211) ميلادي، ولد في ليبتيس ماجنا (لبدة في ليبيا حاليا) وكانت مقاطعة رومانية افريقية وعرف أيضا باسم الامبراطور الأسمر، في أوائل عام (197) ميلادي غادر الامبراطور روما متجها إلى الشرق لقتال الدولة الفرثية فوصل سوريا، وعبر نهر الفرات ليضم ممالك نصيبين (Nisibis) وأرمينيا (Armenia) ثم عاد إلى سوريا لفترة من الوقت ولتخطيط حملة اكثر طموحا، وفعلا في العام التالي قاد حملة عبر الفرات حقق انتصارات ضد الجيش الفرثي واحتل سنكارا (Singara) (سنجار الحالية) ، كما فرض سيطرته على مدن وبلدات شمال الموصل، ولأجل تقدم قواته نحو جنوب بلاد الرافدين وعلى طول نهر دجلة ولأجل التخلص من العوائق المائية لمسيرة جنوده شيد الجسر الروماني على وادي المر، وكان الوادي اكثر اتساعا مما كان عليه عام (1920) عندما أخذت الصورة أعلاه، والجسر كما يظهر على شكل قوس او ما يعرف بـ (اقواس النصر الرومانية) فقد شيد سيبتيموس سيفيروس اقواس النصر في (Latakia Tetraporticus) ( اللاذقية في سوريا حاليا)، وقوس النصر في ليبتيس ماجنا(Leptis Magna) وكما شيد ولده كاراكلا (Caracalla) قوس النصر في مدينة تيبازا في الجزائر، وبذلك أراد الامبراطور الروماني ان يكون جسرا وقوس النصر معا تخلد انتصاراته في منطقة شمال العراق، ومن حيث شكل القوس بسيط خلافا للأقواس أعلاه التي تتميز بالضخامة وروعة البناء ربما من شيده جنوده المنتصرين وبدون سابق تخطيط هذا مجرد احتمال، ثم توجه بقواته نحو مدينة الحضر الحصينة وفشل في احتلالها وعوض فشله بدخوله مدينة طيسفون (المدائن) على نهر دجلة جنوب بغداد، ولكن هذه الانتصارات لم تكن حاسمة فقد عاد الفرثيين واستعادوا المناطق المفقودة، على العموم لا نعرف متى ازيل الجسر الذي يقع حاليا ضمن حوض مياه سد الموصل، وقد زار الرحالة الاجانب المنطقة والتقطوا صورا أحدهما الآثاري الألماني ماكس فون اوبينهايم (1860-1946) م عام 1920، وعالم الآثار الهنغاري البريطاني ِمارك أوريل شتاين (Marc Aurel Stein) (1862-1943) م، في عشرينيات القرن الماضي، ويلاحظ وقوف شرطي على قمة الجسر مما يدل على متانته رغم مرور اكثر من سبعة قرون على بنائه.
1230 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع