بدري نوئيل يوسف
من حكايات جدتي ... الستون
لصوص بشهادات عليا
حدثتنا جدتي:كان هناك حرامي متخصص بسرقة الهوش (البقر) وحرامي أخر يعمل في نفس المنطقة متخصص بسرقة الدواب (الجاموس) أراد حرامي الهوش أن يوسع عمله، ويدخل ضمن اختصاص الحرامي الأخر، أي أن يباشر في سرقة الدواب، هذا العمل أثار حفيظة الحرامي سارق الدواب و فشل في إقناع الحرامي سارق الهوش، بأن هذا العمل لا يدخل ضمن اختصاصه المهني.
في يوم من الأيام كان حرامي الدواب يسير قرب احد المستنقعات، لاحظ أن هناك بقرة قد غاصت أقدامها في الوحل، ولأنه متخصص بسرقة الدواب فهو يعرف طبيعة الأرض الهشّة التي لا يمكن اخراجها من الوحل إلا بمساعدة، على اعتبار أن الدواب أي الجاموس تعيش معظم حياتها في الماء والطين فكّر قليلاً ثم أسرع للحرامي الأخر حالما عثر عليه قال له: أنا لست مثلك، فانا ارفض أن أتدخل في اختصاصك، و قد عثرت على بقرة شاردة ليس معها احد، و سأدلك عليها، فرح حرامي الهوش كثيراً وانطلق مع الحرامي الأخر حالما، وصلا الى الارض الهشة وأشار له عليها، فأنطلق يسير في الوحل باتجاه البقرة قبل أن يصل لاحظ انه بدأ يشعر بصعوبة إخراج قدمه من الطين، فألتفت للحرامي الأخر وقال: (هاي طين ما ينمشي بيها)، فقال له: اصبر شويه راح توصل وقبل أن يصل للبقرة بخطوات قليلة علقت أقدامه في الطين تماماً، ولم يعد بمقدوره تخليص نفسه، عندها التفت الى صاحبه وقال له (هاي اكلان تبن) فقال له (لا خويه مو هسه تأكل تبن، راح اوكلك تبن من أروح هسه أصيح أهل الهايشة)! وعليه ضرب المثل (حرامي الهوش يعرف حرامي الدواب).
ويقال ايضا: وفي يوم من الأيام، رفع احدھم قضیة وادعى ان جاموسته سرقت، بحثت الشرطة وبحث اعضاء المحكمة، وعن طريق البحث والتقصي، استطاعت الشرطة من التعرف على لص، وحین استجوبه القاضي علم انه متخصص بسرقة الأبقار، ظن القاضي انه ربما قد سرق (الجاموسة) ايضا. سأله عنھا فقال: يا سیادة القاضي انا متخصص بسرقة الابقار (اما الجاموس) (الدواب) فھي من تخصص فلان الفلاني ، عندھا ضحك القاضي وقال:(حرامي الھوش يعرف حرامي الدواب).
اما حكايتنا لهذه الليلة، خلال عملية سطو في احدى المدن صرخ اللص موجها كلامه الى الأشخاص الموجودين داخل البنك، لا تتحركوا فالمال ملك الدولة وحياتكم ملك لكم، فأستلقى الجميع على الأرض بكل هدوء وعندما انتهى اللصوص من السرقة قال اللص الأصغر عمرا، والذي يحمل شهادة ماجستير في ادارة الاعمال لزعيم اللصوص وكان أكبرهم سنا وكان قد أنهى ستة سنوات تعليم في المدرسة الأبتدائية :يا زعيم دعنا نحصي كم من الأموال أخذنا.
قال له الزعيم بعصبية: أنت غبي، هذه كمية كبيرة من الأموال وتأخذ منا وقتا طويلا لعدها، الليلة سوف نعرف من نشرات الأخبار كم سرقنا من الأموال؟ وهذه خبرة رئيس العصابة في هذه الايام الخبرة اكثر اهمية من المؤهلات الورقية. بعد أن غادر اللصوص البنك، قال مدير البنك لمدير الفرع: اتصل بالشرطة بسرعة ، ولكن مدير الفرع قال له: أنتظر دعنا نأخذ عشرة ملايين دولار ونحتفظ بها لأنفسنا ونضيفها الى السبعين مليون دولار التي قمنا باختلاسها سابقا ، "وهذا يسمى السباحة مع التيار تحويل وضع موات لصالحك "
قال مدير البنك : اذن سيكون الأمر رائعا اذا كان هناك سرقة كل شهر " وهذا ما يسمى ب قتل الملل "
وفي اليوم التالي ذكرت وكالات الأخبار ان مائة مليون دولار تمت سرقتها من البنك .
قام اللصوص بعد النقود المرة تلو المرة، وفي كل مرة كانوا يجدوا ان المبلغ هو عشرين مليون دولار فقط، غضب اللصوص كثيرا وقال رئيس اللصوص: نحن خاطرنا بحياتنا من أجل عشرين مليون دولار ومدير البنك حصل على ثمانون مليون دولار من دون أن تتسخ ملابسه، يبدو ان من الافضل ان تكون متعلما بدلا من ان تكون لصا.
"وهذا ما يسمى المعرفة تساوي قيمتها ذهبا "
كان مدير البنك يبتسم سعيدا لان خسائره في سوق الأسهم تمت تغطيتها بهذه السرقة.
" وهذا ما يسمى اقتناص الفرصة "
فاللصوص الحقيقيون هم غالبا ذوي المناصب والمدراء الماليين وغيرهم كثيرا لكنهم لصوص بشهادات عليا.
2253 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع