د.مؤيد عبدالستار
منذ اعلان اعتصام سكان الرمادي تصاعدت الاحداث والمطالب حتى اصبحت اليوم شعارا يهدد بالزحف الى بغداد ، مرة من أجل الصلاة واخرى من أجل اسقاط الحكومة .
وبين هذا وذاك تتعالى شعارات ما انزل الله بها من سلطان كأن القوم يعدون العدة لفتوحات اسلامية جديدة لفتح بلاد الكفار.
ان الاصرار على اشعال فتنة طائفية ، والتعامل مع الاحداث السياسية من زاوية مذهبية او قومية ستجعل البلاد في مهب الريح . والغريب ان أغلب من ركب موجة الزحف الى بغداد من الساسة هم من المشاركين في الحكومة ، ولا نعلم كيف تجري اهواءهم خلف دعوات عزت الدوري الذي لا نعرف له أي عمل خير في بلاد الرافدين ، بل لم يكن هو وامثاله سوى ادوات للتسلية عند هرم السلطة، وآلة لتنفيذ المهام القذرة التي كانت توكل اليهم من قبل رأس العصابة .
اما سكوت بعض كبار الساسة المعارضين للحكومة و المشاركين فيها على شعار الزحف الى بغداد فيعد اجحافا بحق المدينة التي يتربعون على أعلى المناصب فيها ويدعون انهم يحكمون باسم الشعب من دواوينها وقصورها .
وما يدعو للاسف حقا تحالف العديد من الساسة في الحكومة مع جهات أجنبية من أجل تقويض بنية الحكومة في سبيل الوصول الى قمة الفوضى التي تؤدي الى ضياع الوطن بالكامل ، فلا يكفيهم انهم يتعاملون مع المواطنين العزل بكواتم الصوت والمفخخات والسيارات الملغومة ومدافع الهاون ، بدلا من توفير الخدمات للمواطنين وتلبية حاجاتهم الضرورية ، حتى البطاقة التموينية اصبحت هدفا للساسة الذين ارادوا سلبها من فم المواطن ليشبعوا بطونهم النهمة .
ان تفكيك الارهاب المسلط على رقاب ابناء العاصمة بغداد بحاجة الى معالجة سريعة كي لا تسير الامور باتجاه اقصى التوتر الذي يسبب انفجار الاوضاع في أية لحظة ، وهو ما تخطط له العديد من القوى الشريرة لتطيح بالتوافق الهش بين القوى السياسية والاجتماعية المختلفة في العراق .
لقد شهدت بغداد في تاريخها القديم والحديث هجمات لا تعد ولاتحصى ، كان اشدها هجوم جحافل المغول والتتر التي اعملت السيف في رقاب الناس ودمرت حضارة وثقافة ومكتبات بغداد حتى اصبحت مياه دجلة سوداء من الدماء وحبر الكتب كما يروي الرواة ، وشهدت هجوم الطاعون الذي قضى على حياة الالاف من سكان بغداد حتى سمي بالطاعون الاسود ، وفي العصر الحديث شهدت بغداد هجوم الحرس القومي عام 1963 على سكانها وكيف نظمت المذابح والمسالخ بحق المواطنين ، ولكنها في كل مرة تنهض من رمادها كما ينهض طائر العنقاء وتحاول اللحاق بركب التقدم والحضارة الا ان عواصف البادية والتطرف والارهاب ما زالت تمسك بخناقها ، وما لم يعي سكان العراق جميعا بعربهم وكوردهم وتركمانهم وكلدانهم ، من مسلمين ومسيحيين وصابئة وايزديين ان بغداد هي عنوان كرامتهم والحفاظ عليها وعلى سكانها من اي اعتداء هو واجبهم جميعا لن تقوم لهم قائمة ، وسيبقى التاريخ يلعن من رفع اليوم شعار الزحف الى بغداد وروع سكانها الآمنين .
1221 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع