نزار هنودة
أشبعوني جوعا ، وألبسوني حزنا ، وعذابا مرّا أطعموني
كبّلوا بالحديد المزنجل جسدي المنهك ، وقيّدوا حتى تفكيري
وبالجمر أحرقوا رؤوس أصابعي .. عن لذّة الكتابة ليحرموني
وسرقوا مني إبتسامتي المعهودة ، وألبسوني ثوب الكآبة
ومن شدّة بؤسي وشقائي وحرماني ، نسيت تأريخ ميلادي
وأدخلوني في متاهات ، لا يستطيع النفاذ منها رجل صاح
فكيف وأنا المسلوب التفكير ، والمقيّد جسمه بالزنجيل
***
تعبرين المحيط مجنّحة ، وفجأة تظهرين كآلهة .. أمامي
وتقشعين الغيمة السوداء ، التي نسجتها أياديهم فوق أعيني
بأصابك تنتشيليني من أعماق البحر ، الذي فيه اسقطوني
عيناك الوديعتين تحنّ بنظراتها ، وماء الذهب تسقيني
ونظراتك تطفي النار الملتهبة ، في أحشائي وقلبي وبدني
***
عيناك الساحرتين أبحر فيهما ، أغوص حتى الأعماق
صدقيني.. أنا لا أجيد العوم ، ولست أبدا بالمجازف
لذا .. تسمرّت بالحافة ، فاذا بأرجلي تخونني وتسقطني
أغمضت عيناي رباه .. أرجوك عد بيّ الى ظلام دنيتي
فأبى الشعاع الصادر من عينيك ، فأسقط الجفن من أعيني
إنبهرت أمام نظرات عيناك الناعسة ، لا اقوى على شئ
فاحتضنتيني، وخوفك من لهيب الشمس ، بين أجفانك أسكنتني
***
يدك الصغيرة كالعصفور تتحرك ، ترنوا .. وتحط على كتفي
وبحنان تقلع الشعيرات البيض ، التي غرسوها في رأسي
فأستعيد على الفور شهية شبابي ، وآمالي الضائعة وعنفواني
وكالمجنون الفرح بأمه ، أمشي مهرولا .. والأمل بك يحدوني
أمل لقاء روحينا الغائبتين ، والعائمتين فوق سطح البحر
ومن كثرة إشتياقهما وتلهفهما الواحدة للأخرى .. تتوحدان
ومن شدة النشوة ، ترقصا فرحا .. ولا تغفوا حتى الفجر
***
بت أعيش حالما طوال نهاري ، وأنام ماشيا حتى الصباح
أنسيتيني العالم وكل أحبائي ، ولم أعد أصحوا حتى على نفسي
فخيالك يلازمني طوال الوقت ، ولا يحسّ بالتعب ولا بالضجر
وعقلي بدا يخذلني ، من شدة هيامي بك ، على مدار اليوم
ولست مصدقا فيما أرى هل أنا في صحوة .. أم في خيال
***
تتقاطر صورك الجميلة على مخيلتي ، فتنسيني كل همومي
ولا أحس بحلاوة الدنيا في شيئ .. سوى فتنتك ، وسحر عينيك
وبتّ أحبك ، بل أعشقك .. غدا أكثر من اليوم ، وأقوى من أمس
أحبك وأنت بعيدة عني ، وأموت شوقا فيك .. وأنت قريبة مني
والله .. سابقى أعشقك حدّ الثمالة ، ولحد ما يطفح منه مدمعي
1311 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع