موفق نيسكو
ندامة البطريرك النسطوري دنخا بتسمية كنيسته آشورية
ولد البطريرك السرياني الشرقي النسطوري دنخا الرابع سنة 1934م في قرية دربندوكي قرب منطقة ديانا شمال العراق بالقرب من إيران، ومعروف أن السريان النساطرة (الجبليين) الذين سَمَّاهم الانكليز حديثاً آشوريين لأغراض استعمارية وكذلك نساطرة السهول الذين سمتهم روما كلداناً هم من أصول إسرائيلية سباهم العراقيين القدماء، ثم اعتنقوا المسيحية وانتموا للكنيسة السريانية الأنطاكية واعتنقوا المذهب النسطوري وانفصلوا عن أنطاكية سنة 497م، فعاش نساطرة الجبال منعزلين وبقيت عندهم النظرة الإسرائيلية العبرية على مر التاريخ إلى أن جاءتهم الفرصة في الحرب الأولى منتحلين اسم أحد الحضارات القديمة، حيث وعدهم الكابتن كريسي في شباط 1918م بعد ثلاثة أشهر من وعد بلفور بإقامة كيان عبري بثوب يهو- مسيحي في العراق والأغلبية الساحقة من الآشوريين الجدد لم يكونوا من أصل عراقي، بل نزحوا من تركيا (هكاري) وإيران (أورميا) إلى العراق في الحرب الأولى وآواهم العراق، لكن زعمائهم نكروا الجميل واستغلوا الناس البسطاء لتحقيق مطامعهم السياسية العبرية.
بعد اغتيال البطريرك بنيامين سنة 1918م صعد الحس القومي للنساطرة وصدقوا فعلاً أنهم آشوريين، وبقي الانكليز يروَّجون لذلك عبر دوائرهم في العراق، وكان للانكليز قنصلية في ديانا قرب مقر ولادة البطرك دنحا تلعب دوراً سياسياً، وقد طلب العراق من انكلترا أكثر من مرة غلق هذه القنصلية التي تساند الآشوريون وتزودهم بالسلاح، لأنها تساعد على خلق مشاكل للعراق. (وسنتحدث عن هذا الموضع بالتفصيل مستقبلاً لكي لا نخرج عن الموضع)، وبمساندة الانكليز قام الآشوريين بتمرد على العراق الذي آواهم وأكرمهم وأنكروا الجميل فقاموا بحركة مسلحة فاشلة سنة 1933م، (شاركهم فيها بعض الكلدان أيضاَ)، ويُعلّق كاهن كاثوليكي التقى مع يوسف يزبك على موضوع الآشوريين قائلاً:
إن الإنكليز جعلوا من هؤلاء المسيحيين البسطاء حطباً لموقد مطامعهم، وصوروا للعالم تلك القبائل التيارية النسطورية بأنها أُمة ذات تاريخ، في حين لم تكن تلك القبائل يوماً من الأيام بوارثة الأمة الآشورية، وفي إشارة إلى المذابح التي ارتكبت بحق النساطرة جراء قيام الإنكليز بتسميتهم أثوريين يضيف الكاهن قائلاً ليزبك: إن الإنكليز " أثَّروها حتى ثوَّروها "، أي أن الإنكليز جعلوا من النساطرة أثوريين إلى أن ثاروا. (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص 232–240). وهناك عرائض كثيرة من بعض الآشوريين أنفسهم ومن الشق الآخر للكنيسة الذي انفصل سنة 1968م ويرفض التسمية الآشورية تصف البطرك ايشاي ومن قاموا بالحركة أنهم خونة. (سننشر الوثائق مستقبلاً).
كان الشاب دنخا قد تربَّى على الأفكار القومية التي خلقها الانكليز بتسمية السريان النساطرة آشوريين، ولم يكن لديه أية ثقافة دينية شأنه شأن كل رجال الدين النساطرة التي تجمع كل المصادر على أن الجهل يعم بينهم ورجال دينهم سياسيين وهم أعرف بأقسام البندقية من أقسام الكتاب المقدس كما قالت بعثة كارنتربري (كان أحد شباب أولاد عمومتي الذين يستضيفونه في الأردن يكتب للبطرك النسطوري دنخا عرائض، أمَّا البطرك الحالي كوركيس فعند لقائه بحيدر العبادي، نادى العبادي، السيد المحافظ، إلا أن نبهه احدهم أنه رئيس وزراء وليس محافظ).
إن رجال دين النساطرة هم بالحقيقة رؤساء أحزاب أكثر من رجال دين، ويريدون دائماً ملئ الفراغ الديني والجهل بالخطاب القومي ليغشوا ويكسبوا شعبهم، لأن كنيسته غير رسولية وتعتبر هرطوقية ومحرومة من جميع كنائس العالم التقليدية، وأتت الفرصة البطرك النسطوري دنخا عندما تم تعينه وليس انتخابه بطريركاً فسمَّى كنيستهُ من لندن في 17 تشرين أول 1976م بالآشورية، وهذه أول مرة في التاريخ يقترن الاسم الآشوري بهذه الكنيسة رسمياً، وبقي مقر كرسيه في شيكاغو إلى وفاته سنة 1915م، وظن البطرك دنحا أنه بتغير اسم كنيسته من نسطورية إلى آشورية سيخلص من المشكلة، فذهب إلى روما وخرج ببيان معهم سنة 1994م حاول تروجيه لشعبه أنه حقق شيئاً ما، علماً أنه لم يحقق أي تقدم ولم يخلص من النسطورية كعقيدة، والبيان الموقع مع روما لا يعني شيئاً، بل العكس يقول البيان ناسف لعدم الاحتفال سوياً، والمباحثات مع روما شبه متوقفة لأن البيان المذكور يتطلب توقيع المذكرة الثانية والمصادقة عليها وتعلن فيهما بصراحة أنها تخلت عن الهرطقة النسطورية، وهو ما لم تفعله الكنيسة النسطورية، وقد أنذرت روما الكنيسة بذلك عبر الكاردينال كاسبار، أن بيان 1994م لا معنى له ما لم تصادق الكنيسة على المذكرات، وإذا كان البطرك دنخا قد حاول التخلص من الاسم النسطورية كمناورة، لكنه وقع بالآشورية كما قال لي أكثر من شخص من كنيستهم بين رجل دين ومثقف وسياسي (خلصنا من النسطورية وقعنا بالآشورية).
بعد أن قام البطرك النسطوري دنحا بتسمية كنيسته آشورية شعر بالندم وأنه حول كنيسته إلى حزب سياسي، ولو أنها أصلاً مسيحية بالاسم، كما تجمع كل المصادر ومنهم الدكتور ويكرام، مهد البشرية، ص 257م.
وفي الكتاب الذي ألَّفه كرستوف باومر وباركه البطريرك نفسه في 9 كانون أول 2004م، تندم البطرك النسطوري دنخا على إطلاق التسمية الآشورية على كنيسته وفي ص 223-224، وتحت عنوان "هوية كنيسة المشرق" التي أنقلها كما هي، يقول:
https://e.top4top.net/p_578u34ue1.png
وشكراً
موفق نيسكو
2965 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع