قاسم محمد داود
من تأريخ انتخابات المجالس النيابية في العراق:
" أنا لا أقول إقبلوا المعاهدة أو أرفضوها إنما أقول لكم إعملوا ما ترونه ألانفع لمصلحة البلاد ؛ فإذا أردتم رفضها فلا تتركوا فيصلا معلقا بين السماء والارض بل أوجدوا لنا طريقا غير المعاهدة ، فلا تضعوا ما في يدكم من وسيلة للمحافظة على كيانكم..."
بهذه الكلمات خاطب فيصل الأول بن الحسين ملك العراق أعضاء المجلس التأسيسي الأول الذي افتتح في 27 آذار 1924 في بناية مدرسة الصنايع ببغداد والذي يمكن اعتباره اول برلمان عراقي لما بعد الحكم العثماني وكان عدد أعضاءه 100 وكانت الجلسة مخصصة لمناقشة المعاهدة العراقية البريطانية التي رُبطَ استقلال العراق بأقرارها .
ولكن هذا لايعني ان تاريخ العراق كان خالياً من تشريع القوانين فالعراق بلد الحضارة والتراث الإنساني الخالد وفيه نشـأت أولى المحاولات الإنسانية لتنظيم الحياة بقوانين تحدد الحقوق والواجبات ،فصدرت اقدم الشرائع التي خلدتها الذاكرة الإنسانية ،(اشنونا 1930 ق.م ) و (لبث عشتار1934 ق.م) و(شريعة حمورابي 1792ق.م)وهكذا فأن على ارض الرافدين كانت أولى خطوات المجتمعات البشرية نحو تنظيم الحياة بقوانين .
كانت مهام المجلس التأسيسي محددة بالامور التالية :
كانت مهام المجلس التأسيسي محددة بالامور التالية :
وضع الدستور (القانون الأساسي )للمملكة العراقية .وضع قانون لانتخاب مجلس النواب .تصديق المعاهدة البريطانية العراقية . في 10 تموز 1924 اقر القانون الأساسي (الدستور) الا انه لم ينشر في الجريدة الرسمية الا في 21 آذار 1925 والذي حَددت المادة الثانية منه شكل الحكم في العراق بما يلي : (العراق دولة ذات سيادة مستقلة حرة. ملكها لا يتجزأ، ولا يتنازل عن شيء منه، وحكومته ملكية وراثية، وشكلها نيابي. )
وشرع المجلس في اعداد قانون انتخاب مجلس النواب وانتهى منه بتاريخ 2 آب 1924. وفق الدستور الجديد كلف مجلس الامة بمهام السلطة التشريعية والذي يتألف من مجلس الاعيان ومجلس النواب ويضم مجلس الاعيان 20 عضواً يعينهم الملك ومدة العضوية في المجلس 8 سنوات على ان يتبدل نصفهم كل اربع سنوات ،اما مجلس النواب فيتكون من عدد الأعضاء المنتخبين يكون عددهم نائب واحد لكل (29.000 )نسمة من الذكور وينتخب نواب أضافيون يمثلون الطائفتين المسيحية واليهودية في الوية بغداد والموصل والبصرة ،ويقسم العراق الى ثلاث مناطق انتخابية وكل لواء يعتبر دائرة انتخابية وتجري الانتخابات بالتصويت السري ،كان هذا القانون اول قانون انتخاب النواب في تأريخ العراق المعاصر .
في 22 تشرين الأول 1924 تمت المصادقة على القانون ونشر في الجريدة الرسمية ثم صدرت الإرادة الملكية بتحديد يوم 15 تشرين الثاني من العام نفسه موعداً لبدء الانتخابات .
شارك في هذه الانتخابات التي كانت حدث سياسي مهم الأحزاب التالية :حزب الامة بزعامة ياسين الهاشمي ،حزب النهضة بزعامة محمد امين الجرجفجي ،الحزب الوطني العراقي بزعامة جعفر أبو التمن،حزب الاستقلال في الموصل بزعامة عبد الله العمري الحزب الحر بزعامة محمود عبد الرحمن النقيب .
بعد ان انتهت الانتخابات أعلنت النتائج النهائية في 23 حزيران 1925 حيث فاز فيها 88 نائباً لأول برلمان في العهد الملكي في العراق بعد انتهاء عمل الجلس التأسيسي والذي عقد اجتماعه الأول في 16 تموز 1925 وانتخب رشيد عالي الكيلاني رئيساً للمجلس كذلك صدرت إرادة ملكية بتعيين أعضاء مجلس الاعيان وانتخب يوسف السويدي رئيساً له .في هذه الدورة الانتخابية الاولى تم تكليف عبد المحسن السعدون وكان يرأس الحكومة التي أشرفت على اجراء الانتخابات بتشكيل الحكومة الجديدة .
بلغ عدد دورات المجلس النيابي في العهد الملكي (16) دورة برلمانية حيث عقدت اول دورة في 16 تموز 1925 كما اسلفنا وآخر دورة انتهت في 14 تموز 1958 بعد انقلاب قادتهُ مجموعة من الضباط في 14 تموز 1958 والذي انهى الحكم الملكي وادخل العراق في العهد الجمهوري .عُقدَ خلال تلك الدورات (32 )أجتماعاً اعتيادياً و(15)اجتماعاً غير اعتيادي وكان في الحكم عند اجتماع اول مجلس نيابي وزارة عبد المحسن السعدون (ولدَ في 1879م وتوفي في 1929م )
التي قامت بعدها (52)وزارة كانت آخرها وزارة أحمد مختار بابان (ولدَ1900 -توفي1976م) .ساهمت المجالس النيابية في العهد الملكي في تخليص الشعب من التقاليد البالية التي كان يعيشها من خلال تشريع القوانين وكان للنواب الحقوقيين أي حملة شهادات القانون اسهامات بارزة خلال ثمانية دورات نيابية وكان عدد مساهماتهم (1412)مساهمة وجاء بعدهم رجال الدين ب(670)مساهمة كما ساهم أصحاب الثقافات العامة ب(520)مساهمة .يمكن تقسيم الدورات البرلمانية في العراق الملكي على اربع فترات حسب وجود ثلاث ملوك ووصي على العرش وهي :اولاً الانتخابات والدورات البرلمانية في عهد الملك فيصل الأول (ولد في 20مايس 1883م في مكة وتوفي في8 أيلول 1933 في برن ،سويسرا ودفن في بغداد).شهد العراق في فترة تولي الملك فيصل الأول عرش العراق من 1921م وحتى عام 1933م،اجراء خمس عمليات انتخابية نتج عنها مجلس تأسيسي وأربعة مجالس نواب .
ثانياً :الانتخابات والدورات البرلمانية في عهد الملك غازي بن فيصل الأول
(ولد في 2 مايس 1912م في مكة وتوفي ببغداد في 4 نيسان 1939م ودفن فيها ) شهد العراق في هذه الفترة التي بدأت في الثامن من أيلول 1933م حيث تولى فيها الملك غازي العرش بعد وفاة والده الملك فيصل الأول وانتهت في الرابع من نيسان 1939م بعد مقتل الملك الشاب في حادثة تحطم سيارته ،شهد العراق اجراء أربعة عمليات انتخابية نتج عنها أربعة مجالس نواب .
ثالثاً: الانتخابات والدورات البرلمانية في عهد الوصي على العرش الأمير عبد الآله بن الملك علي شقيق الملك فيصل الاول (ولد في مدينة الطائف في الحجازفي14 تشرين الاول 1913م وقتل في 14 تموز 1958م في بغداد ). وكان عبد الآله قد اختير وصياً على عرش العراق بعد مقتل الملك غازي في حادثة سيارة لان ابن اختهِ فيصل الثاني وريث العرش لم يبلغ سن الرشد .في هذه الفترة التي بدأت في 4 نيسان 1933م وانتهت بتتويج الملك فيصل الثاني في 2 مايس 1953م التي تم فيها تعديل قانون الانتخاب بجعل الدائرة الانتخابية اصغر مما كانت عليه في السابق كذلك تم رفع عدد النواب الى 138 نائباً ،وشهدت اجراء خمس عمليات انتخابية نتج عنها خمسة مجالس نواب .
رابعاً :الانتخابات والدورات البرلمانية في عهد الملك فيصل الثاني(ولد في 2مايس 1935م في بغداد وقتل فيها يوم 14 تموز 1958م ) شهد العراق في هذ الفترة التي بدأت في 2 مايس 1953م وانتهت بنهاية العهد الملكي في العراق اثر انقلاب عسكري في 14 تموز 1958م ثلاث عمليات انتخابية نتج عنها ثلاث مجالس نيابية كما زيد عدد أعضاء مجلس النواب الى 148 عضو نتيجة لزيادة عدد نفوس العراق .عند قيام النظام الجمهوري الغي القانون الأساسي (الدستور ) والمؤسسات القائمة عليه ومنها مجلس الامة بهيئتيه مجلس النواب والاعيان ولم يشهد العراق أي انتخابات برلمانية الا في عام 1980م .
1160 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع