ياسين الحديدي
ظاهرة المستشارين
تاريخيا وفي الموروث الاجتماعي القبلي قبل الاسلام كان هناك من ذوي الخبرة والحكمة حاليا يطلق عليهم في الجنوب (الفريضة) وهو مستشار شيخ العشيرة او القبيلة عصريا وهم من يستئنس برأيهم الشيخ في المنازاعات العشائرية والامور التي تخص برنامج ونهج القبيلة وعلاقتها بالمحيط التي تعيش به مع القبائل المتجاورة معها عشائر تكون حليفة بعضها وبعضها في عداء ومنازاعات مستمرة وخاصة فيما يخص الرعي وهي المهنة الاساسية حيث كانت الزراعة محدودة بسبب عدم استقرار حياة البدواة وبعد ظهور رسالة الاسلام وبدء الدعوة حافظ الاسلام وعزز وثبت بعض القيم والمبادئ المتواترة عن الجاهلية والمجتمع القبلي ومنها الشوري واخذ الرأي وقد عمل به الرسول الكريم وجسده عمليا في مواقف كثيرة وخاصة مايتعلق بردع الاعداء من احلاف العشائر الذي ابغظتهم رسالة محمد صل الله عليه وسلم بنشر دعوته التي اطاحت بعنجهيتهم وتعاليهم وتفردهم بالقرارات ومن اهم الشواهد التاريخية استشارته وقبول مشورة ابسط اصحابه الصحابي الجليل سليمان الفارسي والاخذ برأيه في غزوة الخندق واستمرت المشورة من قبل الخلفاء الراشدين فيما يتعلق بحروب الردة وحروب واعداد الجيوش لنشر الاسلام خارج الجزيرة كما حصل في مشورة علي ابن ابي طالب رض الله عنه للخليفة عمر رض الله عنه ومنعه من الخروج مع جيش فتح العراق واستمرالمبداء سائدا في زمن الدولة الاموية والعباسية والعثمانية ولكن اخذ منحى اخر مغاير ومنحرف حيث تحول من مبداء الكفائة والحكمة والولاء للدين الي مبداء الولاء الشخصي للخليفة والدولة والحاكم وهكذا تعمق الظلم والجور وظهر الاستبداد بكل قوته واصبح المستشار وباء للمجتمع واحد الاسباب في صناعة الاستبداد والخروج علي المبادي والقيم الاصيلة للحكم واصبح يحمل فيروس كل ماهو سيئ من اجل الحفاظ علي استمراريته بهذا المنصب والتمتع بمزايه وبمرور الزمن اصبح هو صاحب القرار من خلف الستار والتاريخ يعيد نفسه حيث نشاهد ونسمع اليوم عن ظاهرة المستشارين المنتشرة في جميع مفاصل الدولة السلطات الثلاث والوزراء والمدراء العامون والمحافظين ونوابهم ومجالس المحافظات والاقضية ووصل الي النواحي ومدراء الدوائر واصبح سنة موجبة ومن ضمن البروتوكلات والاتيكيت وانتهت كلمة السكرتير ويعني وجودها التخلف وعدم مواكبة التطور والحضارة وهي ظاهرة يتميز بها العراق بطبعته العراقية المتميزه ان معظمهم من الاقرباء او الاصدقاء المقربيين ومن الكتل التي ينتمي اليها صاحب القرار وعادة مايكونون من غير ذوي الاختصاص او الكفائة مما ينعكس ذلك سلبا علي ايداء المسئول وموؤسسسته التي هي بالاساس متخلفة عن تقديم الخدمات للمواطن وان الكثير منهم لم تعلن اسمائهم ولم يتم تعيينهم وفق ا لسياقات العامة المعروفة الاعلان والاختبار واختيار الاكفاء انما تجري بسرية تامة وبدائرة ضيقة ويكون الاختيار للمبرمج في خدمة راعي الدائرة وهم عادة يعملون بصمت وبدون ضجيج اعلامي بداية ويتحولون بمرور الزمن هم الذين يتحكمون بكل الامور المادية والادارية لصالح كتلهم اولا واخيرا من اجل الحفاظ علي موقعه وجهدهم ينصب في تصفير الدائرة من الكفوء والمخلص وترتيب وتنظيم العقود التي يجنونون منها الانتفاع وبتقسيم متساوي وبارغم من اعلان التقشف في الموازنة العامة وتوجيهات رئيس الوزراء بتقليص اعداد المستشارين منخلال حديثه الاسبوعي الا ان عدم تنفيذ هذه التوجيهات لايعني غير ضعف الالتزام وعدم الجدية في تنفيذ برامج الدولة في تنفيذ الاصلاح ومحاربة الفساد الاداري والمالي ومعالجة الترهل الثقيل ولازال العمل بتعيين مستشارين جدد الي حد اسبوعين من نشر المقال مما يثقل الدولة والميزانية ولو تم تدقيق اسماء المعنين لتأكد للجميع ان معظمهم من الذين فشلوا بالوصول الي قاعة البرلمان ومن شيوخ العشائر لغايات اساسها انتخابية وضمان اصوات العشيرة من خلال زعيمها وهي هدايا مجانية علي حساب قوة الشعب ياتري الي متي تبقي التوجيهات والتعليمات معلقة ولا يعمل بها والي متي يستمر هذا النهج من عدم ضبط النفقات والمصروفات وحصرها في الموظف والمتقاعد وتوقف المشاريع حي يصل راتب المستشار في البرلمان الي تسعة ملايين واصبحت وظيفة شرف متميزة وليست تكليف لخدمة الصالح العام مطلوب ان تتحرك الدولة وتقوم بقطع الريش من الاجنحة لمنع طيران ورادات العراق وان تقوم بسن وتشريع قانون للمستشارين وتحديد اعدادها علي ضوء الحاجة وليس علي ضوء الانتفاع الفردي والغايات الانتخابية وتقليص هذا الجيش الجرار الذي اقتحم الدولة بقوة واصبح هو الامر والناهي بصمت
ياسين الحديدي
988 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع